جاء رفع دعم المحروقات الذى أقر مؤخرًا ليُلقى بظلالهُ على شركات الأدوية الحكومية المدرجة والتابعة للشركة القابضة للأدوية، فى ظل معانتها القائمة فعليًا من وجود أصناف خاسرة وارتفاع تكاليف، وتسعيرات جبرية للمنتجات .
ورفعت الحكومة أسعار الوقود منذ عدة أيام للمرة الخامسة منذ يوليو 2014، وارتفعت أسعار المحروقات بمختلف أنواعها بما فيها البنزين والسولار والغاز البوتاجاز والمازوت، بمتوسط يتراوح بين 16 و%30 خلال العام المالي الحالي.
مطالبات للعربية بمراجعة موازنتها الجديدة بعد رفع الدعم
وأكد عددًا من مسؤلي الشركات على وجود تأثيرات، بأرتفاع في التكلفة، من خلال لجوء الموردين لرفع أسعار بيع الخامات سواء المستورة أو المحلية، أو تكلفة النقل والتوزيع، ما يدفعهم لدراسة أوضاعهم خلال الفترة المقبلة، من بينها توصية صدرت فعليًا لـ«العربية»، بإعادة النظر في موازنة 2019 – 2020 بناء على التغيرات الأخيرة الخاصة برفع دفع الوقود
عمر: تأثيرات غير مباشرة بصعود أسعار المواد الخام المحلية والمستوردة
قال محسن عمر، مدير علاقات المستثمرين بشركة «العربية للأدوية»، إن تقرير لجنة المراجعة الصادر مؤخرًا نوه لشركتهُ على أن تُعيد النظر فى موازنتها التقديرية للعام المالى الجديد 2019 – 2020 .
أضاف أن التوصية جاءت بناء على طلب بمراعاة التغيرات الأخيرة التى شهدتها السوق المحلية والخاصة، برفع الدعم عن المحرقات، ودراسة وضع توفير المواد الخام اللازمة للعملية الإنتاجية .
تجدُر الإشارة إلى أنهُ يوم الأربعاء المُنقضى، جاء ضمن ملاحظات تقرير لجنة المراجعة أن تُعيد الشركة النظر فى دراسة مستهدفات موازنة العام المالى الجارى فى ضوء قرار زيادة أسعار الوقود والطاقة الاخيرة.
طالبت الشركة بوضع خطة مستقبلية لتوفير المواد الخام اللازمة للخطة الإنتاجية المستهدفة، وأيضًا وضع رؤية واضحة للتغلب على مشاكل نقص الخامات ومستلزمات بعض المستحضرات حتى تتمكن الشركة من تحقيق أهدافها، حتى لا تتعرض لغرامات تأخير توريد مستحضرات المناقصات .
أوضح أن رفع الدعم عن الوقود يضيف المزيد من الضغط على شركتهُ، ويؤدى إلى زيادة التكاليف، فى ظل ارتفاعها الطبيعى كمحاكاة للأوضاع العامة بالسوق المحلية .
أوضح أن مصنع الشركة يعمل بالكهرباء، عدا غلاية تتصل بخطوط الإنتاج وتعمل بالسولار، وأيضًا سيارات النقل والتوزيع، مشيرًا إلى أن تكلفة الطاقة إجمالاً تمثل %2.5 من تكلفة الشركة الإجمالية .
لفت إلى أن وجود تأثيرات غير مباشرة تساهم فى زيادة التكاليف تتمثل فى أرتفاع اسعار المواد الخام بشكل أكبر مما عليه فى الوقت الراهن، سواء المحلية أو المستوردة .
أوضح أن شركات الأدوية تعتمد بشكل أساسى على إستيراد المواد الخام اللأزمة للإنتاج من الخارج، إضافة إلى مواد محلية لازمة لإتمام عملية الإنتاج كالسكر والنشا، أو مواد التعبئة والتغليف الورقية والزجاجية.
نوه إلى أن شركتهُ تدرس خلال الوقت الراهن وضعها الحالى، والنظر للمستهدفات، مرجحًا أن تقوم الشركة بزيادة إنتاجها لمواجهة تلك التحديات، إضافة إلى التقدم بطلبات زيادات سعرية لوزارة الصحة .
قال إن شركات الأدوية وتحديدًا التابعة للقابضة، تواجه عدم المرونة فى زيادة أسعارها إذ تخضع بشكل أساسى لبيروقراطية موافقات وزارة الصحة، مشيرًا إلى أن الشركة تتقدم سنويًا بطلبات زيادة 10 أصناف .
تابع أن إجمالى الأصناف التى تُنتجها الشركة تصل إلى 100 : 120 منتجا، من بينهم أصناف تتكبد خسائر 10 ملايين جنيه سنويًا .
ارتفعت «العربية للأدوية»، بمستهدفات العام المالى الجارى بقيمة 22 مليون جنيه عن المحقق العام المالى السابق لهُ، وأيضًا قيمة الإيرادات لتصل 498 مليون جنيه مقابل 383 مليون جنيه العام السابق، فيما أستهدفت ضخ استثمارات بقيمة 40 مليون جنيه .
يُذكر أن أرباح الشركة خلال العام المالى المُنقضى قبل خصم الضرائب بلغت 50.2 مليون جنيه، مقابل 44.2 مليون جنيه خلال العام المالى السابق لهُ، كما حققت الشركة مبيعات بلغت 406.6 مليون جنيه مقابل 358 مليون جنيه العام المناظر .
فؤاد: ندرس التدابير المتاحة لتفادى عوامل ارتفاع التكلفة
قال مجدى فؤاد، مدير علاقات المستثمرين بشركة «الإسكندرية للأدوية» إحدى الشركات التابعة للقابضة، إن رفع الدعم عن الوقود سيؤدى إلى زيادة فى التكاليف خلال الفترة المقبلة .
لفت إلى أن شركات الأدوية تتحمل تكلفة توزيع المنتجات ونقل الخامات اللازمة لإتمام عمليتها الإنتاجية، وفى ظل الأوضاع الحالية سترتفع التكلفة الخاصة بذلك البند وبتضمينها لباقى التكاليف سيظهر الفارق.
أضاف أن الشركات وتحديدًا شركتهُ تدرس التدابير المتاحة خلال الفترات الحالية لتفادى ارتفاع التكاليف، إما بترشيد بعض المصاريف الأخرى للحفاظ على نفس مستوى التكلفة أو الارتفاع بنسب معقولة .
عبد النبى: توقعات أن تقوم الادارات باعادة النظر فى ميزانياتها مراعاةً لبند التكاليف
قال أحمد عبد النبى، نائب رئيس قسم البحوث بشركة «شعاع لتداول الأوراق المالية مصر» ومحلل قطاع الرعاية الصحية، إن قرار رفع الدعم سيؤثر على كافة شركات الأدوية من خلال رفع التكلفة، ويأتى بند النقل والتوزيع ضمن عناصر التكلفة.
أوضح أن الشركات إما أن تمتلك أسطول توزيع تابع لها، أو تقوم بتوزيع منتجاتها من خلال إحدى شركات التوزيع.
أشار عبد النبى إلى أن الشركات الحكومية تحديدًا تتأثر بشكل أكبر، نظرًا لمعاناتها المستمرة من مجموعة من العوامل الأخرى الخاصة بزيادة أسعار المواد الخام وعدم المرونة فى تحريك أسعار البيع.
لفت إلى أن التأثير سيكون أولا من خلال تكلفة التوزيع، موضحًا أن بعض توابع القابضة، تتعاقد مع الشركة «المصرية لتجارة الأدوية» لتوزيع منتجاتها لبعض الموزعين الأخرين، ومن المتوقع أن ترفع تلك الشركات أسعار خدماتها عاجلاً أو أجلاً.
أشار إلى أن العامل الأهم فى ارتفاع تكلفة التصنيع يتمثل فى ارتفاع أسعار المواد الخام التى تمثل المكون الأكبر من العملية الإنتاجية، سواء المواد الفعالة والتى يتم استيرادها بالكامل أو المواد غير الفعالة والتى يتم توفيرها من السوق المحلية والتى ستكون عرضة لزيادة أسعارها ايضاً لارتفاع تكاليف نقلها.
تابع: «رغم من وجود تأثير أكيد، إلا أنهُ يأتى طفيفًا مقارنة بالعوامل الآخرى التى تعانى منها الشركات بالفعل، بشكل عام، وأن شركات الأدوية تعانى من إرتفاع أسعار المواد الخام التى ترتبط بالسعر العالمي» .
توقع أن تُعيد الشركات النظر فى موازناتها للأعوام القادمة، لضرورة تقدير التكاليف وتغيراتها التى تحدث بناء على المستجدات التى تشهدها الساحة .
ارتفعت الشركات بمستهدفاتها للعام المالى الجديد، واستهدفت «النيل للأدوية» إيرادات بقيمة 740 مليون جنيه، مقابل 481 مليون جنيه معتمدة خلال العام المالى السابق، ومبيعات بقيمة 730 مليون جنيه مقابل 257 مليون جنيه، وصافى ربحية شاملة الضريبة بقيمة 50 مليون جنيه مقابل 8.5 مليون جنيه .
فيما استهدفت «ممفيس للأدوية»، أرباحا بقيمة 12.4 مليون جنيه للعام المالى الجارى، مقابل خسائر بلغت قيمتها 16.8 مليون جنيه خلال 9 شهور الأولى من العام المالى السابق، وعلى صعيد «القاهرة للأدوية» فقد أستهدفت 118 مليون جنيه مقابل فيما حققت الشركة أرباحًا بقيمة 44 مليون جنيه النصف الأول من العام المالى السابق .
فيما يتعلق بشركة «الإسكندرية للأدوية»، فقد أرتفعت الشركة بمستهدفاتها الربحية أيضًا لتصل 147 مليون جنيه، مقابل 109 ملايين جنيه، علمًا بأن المحقق فعليًا خلال العام المالى المُنقضى 118 مليون جنيه .
حمزة: الطاقة تمثل %7 من التكلفة الإجمالية
قال محمد حمزة، محلل قطاع الرعاية الصحية بشركة «فاروس»، إن قرار رفع الدعم عن المحروقات، يؤثر على شركات الأدوية المدرجة بالبورصة، وتحديدًا التابعة للقابضة .
أضاف أن تكاليف النقل والتوزيع سترتفع بالتبعية ما يضغط على بند التكاليف إجمالاً، موضحًا أن تكلفة الوقود تمثل %7 من التكلفة الإجمالية لكل شركة .
أوضح أن تلك الشركات تعانى من خسائر أو أرباح محدودة، نظرًا لعدم قدرتها على رفع أسعارها بصفة دورية تماشيًا مع زيادة التكاليف، التى تشهدها المواد الخام وغيرها من العوامل الأخرى .
تجدر الإشارة إلى أن وزير قطاع الأعمال العام هشام توفيق، كشف مؤخرًا عن الاتجاه لرفع أسعار الادوية التى يتم بيعها بأقل من التكلفة، وهناك 360 صنف دواء تتكبد خسائر، إضافة إلى وجود رؤية لتطوير خطوط الإنتاج المتعلقة بشركات الأدوية التابعة للشركة القابضة.
قال إنه تم الاتفاق مع وزارة الصحة لرفع أسعار باقى الأصناف الخاسرة للتحول إلى الربحية، بهدف استمرارية الشركات الحكومية على منافسة.
أعلنت وزارة قطاع الأعمال العام، فى الفترة الماضية عن خطة شاملة لتطوير شركاتها التابعة، من أجل تعظيم أرباح الشركات الرابحة وإيجاد حلول لوقف نزيف الشركات الخاسرة، وضمت آليات لزيادة أرباح 73 شركة رابحة، وتطوير 26 شركة خاسرة خلال العام المالى 2016-2017.
كما تشمل الخطة، إعداد قائمة ثانية من شركات قطاع الأعمال العام، التى تتميز بربحية معقولة وجاهزية للطرح فى البورصة خلال العام 2019، لمناقشتها مع لجنة الطروحات الحكومية، وزيادة النسبة المطروحة من أسهم بعض الشركات، لزيادة مساهمة القطاع الخاص فى مجالس الإدارة لتطوير الشركات.