■ رغم مخاوف تتعلق بصعود البترول تأثراً بالصراعات الإقليمية
توقع البنك الدولى أن يواصل النمو الاقتصادى المصرى ارتفاعه خلال العامين المقبلين، ليصل إلى %6 مقارنة %5.3 فى 2018، وانخفاض العجز إلى %7 خلال نفس الفترة .
توقع البنك فى تقرير مرصد الاقتصاد المصري، أن تواصل الاستثمارات الخاصة ارتفاعها مع تطبيق الإصلاحات المتعلقة بتهيئة مناخ الأعمال، وأن تسير الاستثمارات العامة فى نفس الاتجاه مع تنفيذ مشاريع البنية التحتية، والأشغال العامة.
أطلق البنك التقرير فى مؤتمر صحفى مساء الثلاثاء نظمته سحر نصر، وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي، فى حضور أمارينا ويس مدير مكتب البنك الدولى وهدى يوسف، خبير اقتصادى أول بالبنك الدولى.
ذكرالتقرير أن الحكومة المصرية قامت منذ 2016، بتنفيذ برنامج إصلاح اقتصادى شديد الأهمية لتحقيق الاستقرار الاقتصادى واستعادة الثقة، وكانت أهم الإصلاحات تحسين مناخ الأعمال، وجذب الاستثمارات الخاصة، لا سيما الإصلاحات التشريعية التى تمثلت فى إقرار قوانين الاستثمار، وإعادة الهيكلة والصلح الواقى والإفلاس.
ذكر التقرير أن الموجة التالية من الإصلاحات الاقتصادية تكون ركائزها استقرار الاقتصاد الكلي، وإتاحة المزيد من الفرص لمشاركة أوسع للقطاع الخاص فى الاقتصاد، وتزويد القوى العاملة بالمهارات اللازمة لممارسة النشاط الاقتصادى بشكل أفضل، ما ينعكس بالإيجاب على القدرة التنافسية للبلاد وخلق المزيد من فرص العمل، وتحسين ظروف معيشة السكان.
قال التقرير إن برنامج الإصلاح الاقتصادى تسبب فى أن تكون الاستثمارات وصافى الصادرات المحركان الأساسيان للنمو، بدلًا من الاستهلاك، الذى كان المحرك الأساسى للنمو فى أعوام ما قبل الإصلاح الاقتصادي، والنتيجة هى نمو الاقتصاد المصرى بمعدل %5.3 فى العام المالى 2017/ 2018، مقارنة بمعدل نمو %4.2 فى 2016/ 2017، ومتوسط نمو %3.5 فى الفترة 2013- 2016، كما استمر معدل النمو فى الزيادة ليبلغ %5.4 فى النصف الأول من العام المالى الماضى 2018/ 2019.
أكد البنك أن قطاع الصناعات التحويلية كان أكبر مساهم فى نمو إجمالى الناتج المحلي، كما كانت أنشطة التشييد وتجارةالجملة والتجزئة والاتصالات، والأنشطة العقارية من العوامل المحركة الرئيسية للنمو رغم أن القطاع العقارى تراجع ما يشير إلى بطء نسبى فى السوق بالرغم من المشروعات الضخمة الجارى تنفيذها.
فيما يخص الاستثمارات، قال التقرير إن القطاع الخاص أصبح المحرك الرئيسى للاستثمار فى مصر فى 2017/ 2018، لأول مرة منذ العام المالى 2008/ 2009، أى منذ الأزمة المالية العالمية، وقد ساهم القطاع الخاص فى نمو الناتج المحلى الإجمالى بمعدل %1.3 بينما ساهمت الاستثمارات الكلية بنمو الناتج بمعدل %2.4 من إجمالى النمو البالغ %5.3.
تشير التوقعات إلى نمو الصادرات تدريجيا على أساس استمرار الانتعاش فى عائدات السياحة وقناة السويس، إلى جانب الزيادة الكبيرة فى الصادرات النفطية، ومن المتوقع أن يستأنف الاستثمار الأجنبى المباشر ارتفاعه مع توقع وصول التدفقات إلى %3 من إجمالى الناتج المحلى بحلول السنة المالية 2021، تماشيا مع نسبته فى العام المالى 2018.
أكد التقرير أنه مازالت هناك فرص نمو غير مستغلة حتى الآن للاقتصاد المصرى، لا سيما فى قطاع التصدير، وأن الاتفاقات التجارية وتهيئة بيئة الأعمال يساهمان بشكل كبير فى نمو الصادرات، وبالتالى نمو الاقتصاد المصرى ككل.
أكدت سحر نصر، وزيرة الاستثمار والتعاون الدولى، على قوة العلاقة مع البنك الدولى خاصة خلال الفترة الماضية، مشيرا إلى أن الشراكات مع البنك الدولى فى الإصلاح الاقتصادى وتطوير التعليم والرعاية الصحية.
أوضحت أن البنك يساهم فى دعم مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسى، للاستثمار فى رأس المال البشرى، ودعم مجال البنية الأساسية، مؤكدة أن هذا التقرير يعرض الإنجازات التى قامت بها الحكومة فى مجال الإصلاح الاقتصادى.
ذكرت أن هناك مناقشات مع البنك الدولى فيما يتعلق بتقرير ممارسة الأعمال الذى يصدره البنك خلال الأشهر المقبلة، إلى جانب كيفية جذب المزيد من الاستثمارات إلى مصر، والاستفادة من أراء المؤسسات الدولية من تحسين مناخ الاستثمار، والمشاركة مع القطاع الخاص فى مشروعات مختلفة، مثل مشروع بنبان للطاقة الشمسية، أول مشروع يحصل على جائزة البنك الدولى كأفضل مشروع على مستوى العالم، مؤكدة أن البنك الدولى يدعم المرحلة الثانية من الإصلاح الاقتصادى.
قالت مارينا ويس، مدير مكتب البنك الدولى فى مصر، إن البنك يستمر فى العمل مع وزارة الاستثمار والتعاون الدولى من أجل تعزيز الشراكة مع مصر.
ذكرت أن التقرير يعرض الإنجازات التى قامت بها الحكومة المصرية، ويستعرض رؤية البنك لاستمرار تحقيق الإنجازات.
أكدت أن مصر حققت الكثير من الإنجازات لا سيما فيما يتعلق بالتنمية المستدامة، والنمو الاقتصادي، الذى هو ضمن أعلى معدلات النمو فى العالم، مشيرة إلى أن التقرير يركز على عرض الفرص المتاحة لاستمرار النمو الاقتصادي، وزيادة الصادرات.
قامت هدى يوسف، خبير اقتصادى أول بالبنك الدولى، بعرض التقرير انخفض معدل البطالة فى مصر، واستجابة المؤشرات الاقتصادية لعملية الإصلاح الاقتصادى، وانعكس التحسن فى الاقتصاد الكلى بشكل إيجابى على تصورات المستثمرين، ورفعت وكالات التصنيف الائتمانى تصنيفها وتوقعاتها للاقتصاد المصري.
على الجانب الاجتماعى نجحت الحكومة فى تخفيف العبء المالى على الأسر الفقيرة، عن طريق برامج الدعم، كما قامت الحكومة بجهود كبيرة لتحقيق الشمول المالي، وتم وضع السياسات التنفيذية والبرامج الاجتماعية لتحقيق المفهوم الواسع لشبكة الأمان الاجتماعى.
أكد أن الاستثمار فى العنصر البشرى أمر فى غاية الأهمية، لافتة إلى أنه تم توجيه جزء من الموارد المالية، التى تم توفيرها بفضل الإجراءات المالية الإصلاحية لصالح مساهمة الخزانة العامة فى صناديق التأمينات الاجتماعية، وإجراءات الحماية الاجتماعية الأخرى، لكن على الجانب الآخر انخفضت مخصصات الرعاية الصحية والتعليم والموازنة بالقيمة الحقيقية، وتراجع الناتج المحلى من %3.5 فى 2016 إلى %2.5 فى 2018، ومقرر لها %2.2 فى 2019، وبلغ الإنفاق على الصحة %1.6 فى 2018.
تابع تقرير البنك الدولى أن التضخم تراجع، لكنه ما زال مرتفعا، ما أدى إلى آثار سلبية على الظروف الاجتماعية والاقتصادية وقرارات الاستثمار، بلغ %23.3و %21.6 خلال العامين 2017 و2018 على التوالي، لكنه انخفض لأدنى مستوياته خلال 3 أعوام فى يونيو الماضي .
فيما يتعلق بالديون المصرية ذكر التقرير أنها ترتبط ببعض المخاطر، وتسببت السياسات المالية المتساهلة فى تراكم الدين العام، كما تزايد الدين الخارجى فى الأعوام الأخيرة، نتيجة ارتفاع قيمته بالجنيه المصري، بعد الانخفاض الكبير الذى شهدته العملة المحلى فى 2016، وزيادة الاقتراض الخارجى من مؤسسات التمويل الدولية وإصدارات السندات الدولارية .
أوضح التقرير أن الدين المحلى الحكومى هيكل استحقاق حافل بالتحديات، وأن نصف الديون القائمة قصيرة الأجل، ومن شأن هيكل استحقاق آجال الديون زيادة كبيرة فى معدل تعرض الحكومة لمخاطر إعادة التمويل، حال تشديد السياسة النقدية أو حدوث تغيرات فى اتجاهات السوق .
تابع البنك أنه رغم تراجع نسبة الدين إلى إجمالى الناتج المحلى فى مصر تظل تلك النسبة مرتفعة، ومعرضة للمخاطر وتمثل الالتزامات المحتملة مصدرا إضافيا لمخاطر المالية العامة .
توقع البنك أن تتراجع نسبة الدين إلى إجمالى الناتج المحلى إلى حوالى %89 فى نهاية العام 2021 مع افتراض تحسن تدريجى فى النمو الاقتصادى واستمرار تعافى الاقتصاد .
أكد البنك على نظرته المتفائلة، لكنه أشار إلى أن مصر لا تزال معرضة لتأثيرات تباطؤ وتيرة النمو العالمى والصدمات الإقليمية، وما يرتبط به من تذبذب نفقات رأس المال .
قال البنك إن هناك احتمال لزيادة التوترات الجيوسياسية الإقليمية، وما يرتبط بها من زعزعة الاستقرار بالمنطقة يهدد زيادة الضغوط السعودية لأسعار النفط العالمية ما يمثل ضغوطا إضافية على أهداف المالية العامة.