أثبتت دراسة ميدانية حديثة أن الشركات الصينية التي تستثمر في أفريقيا لا تستغل البلدان الأفريقية التي تعمل فيها وأنها بريئة من تهمة تكبيلها بالديون ومن تهمة تشغيل الصينيين على حساب العمال المحليين.
وفي إشارة إلى تزايد توغل الشركات الصينية هناك، أكدت الدراسة حصول المقاولين الصينيين على نسبة 60% من جميع أعمال الإنشاءات الأفريقية خلال عام 2017.
وكشف تقرير نشرته صحيفة الفاينانشال تايمز أن الكثير من الأوربيين والأمريكيين بمن فيهم مسئولوون كبار قد اعتادوا رسم صورة قاتمة لممارسات استغلالية تمارسها الشركات الصينية العاملة في أفريقيا.
وشاركهم في هذا الأمر الكثير من العمالة الأفريقية في العاصمة الكينية نيروبي أو من المدراء التنفيذيين في مدينة أكرا عاصمة غانا.
الدراسة رسمت صورة أقرب إلى الواقع
الدراسة التي استغرقت أربعة سنوات وصفها التقرير بأنها الأكثر مصداقية وشمولا.
واهتم الباحثون في الدراسة التي نفذتها كلية الدراسات الشرقية والأفريقية في لندن بمقارنة شركات التصنيع والانشاءات الصينية وغير الصينية في أنجولا وأثيوبيا اللتين تعدان الأكثر استقبالا للاستثمارات الصينية المباشرة.
وقام الباحثون بإجراء الدراسة بشكل ميداني، حيث شملت فحص 76 شركة، منها 31 شركة صينية. كما أجرى الباحثون حوارات مع عمال انجوليين وأثيوبيين يصل عددهم الى 1,500 شخص.
الصورة السلبية عن الصينيين غير صحيحة
توصلت الدراسة الى أن الصورة السلبية عن الشركات الصينية تعد غير صحيحة في أغلب الحالات.
كما أثبتت أن الشركات الصينية تقوم بتشغيل أعداد من العمالة المحلية تعادل تلك التي تقوم بتشغيلها الشركات غير الصينية. كما يحصلون على أجور تناظر تلك التي تقدمها الشركات غير الصينية.
وتتولى الشركات الصينية كذلك تدريب العمالة وفقا لمعايير تناظر تلك التي يتم وفقها تدريب العمالة بواسطة الشركات غير الصينية.
الصينيون يعملون في وظائف تتطلب مهارات عالية
توصلت الدراسة إلى أن الشركات الصينية في أثيوبيا تقوم بتشغيل عمالة محلية بنسبة 90%.
ويعمل الموظفون الصينيون في أشغال تشمل الإدارة أو التمويل أو الوظائف التي تتطلب مهارات عالية والتي تعاني من ندرة العمالة الأثيوبية مثل النجارة أو مراقبة خطوط الانتاج.
ويتم مقابل هذا تشغيل الأثيوبيين في الوظائف التي لا تتطلب مهارات عالية.
نقص أكبر للعمالة الماهرة في أنجولا
تعاني أنجولا من نقص أكبر في العمالة الماهرة بسبب تعرضها طيلة العقدين الماضيين الى حرب أهلية طاحنة انتهت عام 2002.
وتسبب هذا في فشل جميع الشركات الأجنبية، بما فيها الصينية، في تشغيل الأنجوليين في هذه الوظائف.
ونجحت الشركات الصينية – برغم هذا – في رفع معدلات تشغيل العمالة المحلية إلى 74% حاليا صعودا من 50% في العقد السابق.
المهارة هي المعيار الأهم في تحديد الأجور
توصلت الدراسة إلى أن الخبرة والمهارة كانتا هما المعيار الأكثر حسما في تحديد الأجور، بمعنى أن الشركات الصينية دفعت أجورا متساوية للعمالة الصينية والمحلية من أصحاب المهارات الواحدة.
وعلى الرغم من أن شركات الإنشاءات الصينية دفعت أجورا أقل بنسبة 20% في أنجولا، لكنها توفر مقابل هذا مساكن وأطعمة مجانية. وفي أثيوبيا يدفع العمال نصف أجورهم لشراء الطعام.
على الحكومات الأفريقية تجنب الأمر المباشر عند طرح المشروعات
قالت الدراسة إن الحكومات الأفريقية ينبغي أن تتجنب طرح المشروعات بالأمر المباشر، كما ينبغي التركيز على نقل التكنولوجيا من الشركات الأجنبية العاملة في أراضيها.
ولفتت إلى تفشي ترسية تنفيذ المشروعات على شركات معينة بالأمر المباشر في أنجولا التي تشهد تنفيذ مشروعات البنية التحتية المطلوبة شعبيا في وقت زمني قصير، خصوصا في أوقات الانتخابات.
وأشارت الدراسة إلى شبهة فساد في ترسية العقود في أنجولا تشمل التربح من الصفقات.
ونصحت الدراسة الحكومة الأثيوبية التي تمتلك استراتيجية تنموية صناعية أكثر جدية بالمحافظة على العمالة المحلية عن طريق وضع حدود دنيا للأجور للعاملين في صناعة الملابس أو في قطاع الانشاءات.
الصين تمول 3 آلاف مشروع بنية تحتية في أفريقيا
بدوره، قال موقع بروكينجز البحثي أن الصين تمول ما يزيد على 3 آلاف مشروع بنية تحتية في أفريقيا.
وقدمت الصين قروضا تجارية بقيمة 86 مليار دولار للحكومات الأفريقية والكيانات المملوكة للدولة خلال الفترة من 2000 إلى 2014، بمتوسط يصل إلى 6 مليار دولار سنويا.
وفي عام 2015، تعهد الرئيس الصيني اكس جينبانج أثناء حضوره المنتدى السادس للتعاون الصيني الأفريقي بضخ قروض تجارية بقيمة 60 مليار دولار في أفريقيا. ويعني هذا زيادة حجم التمويل السنوي إلى 20 مليار دولار على أقل تقدير.
الصين أكبر دائن لأفريقيا
أصبحت الصين أكبر دائن لدول القارة الأفريقية، حيث تسهم بنسبة 14% من إجمالي ديون دول القارة باستثناء دول شمال أفريقيا، وفقا لتقرير فارسايت أفريقيا 2018.
وتتفوق الصين على فرنسا التي تشغل المرتبة الثانية كأكبر دائن للحكومة الكينية من حيث حجم القروض، حيث تتجاوزها بنحو ست مرات.
الشركات الصينية تنقل التكنولوجيا الجديدة
وتوصلت دراسة نشرتها وكالة مكانزي عام 2017 إلى أن 10 آلاف شركة مملوكة للحكومة الصينية تعمل في الصين، ويعمل ثلثها في التصنيع.
وقالت مكانزي إن الاستثمارات الصينية في أفريقيا تسهم لحد كبير في خلق المزيد من فرص العمل وتنمية المهارات ونقل التكنولوجيا الجديدة.