يواجه ترامب العديد من المصاعب التي تعوق قدرته على حسم الصراع لصالحه باستخدام قوة الدولار الأمريكي في مواجهة إيران وفنزويلا وكوريا الشمالية، مما قد يفرض عليه اللجوء لخيارات أخرى، حسب تقرير نشره موقع ديلي بيست.
لحسن الحظ يبدو الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مفتونًا بقوة الدولار الأمريكي ومستعدًّا لاستخدامه في حسم صراعاته الخارجية بدلًا من استخدام القوة العسكرية. وبرز هذا في استخدامه سلاح العقوبات بفرضها على العديد من الخصوم العالميين مثل إيران وفنزويلا، وفرض التعريفات الجمركية وشن الحروب التجارية على الصين والاتحاد الأوربي وكندا.
لكن قادة هذه الدول لم يرضخوا لهذه الضغوط الأمريكية حتى الآن. واستمر الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورا ممسكًا بتلابيب السلطة في بلاده رغم الأضرار التي لحقت ببلاده اقتصاديًّا. وينطبق الأمر نفسه على إيران وكوريا الشمالية والصين.
سر قوة الدولار الأمريكي
تكمن قوة الدولار الأمريكي في استخدامه الواسع عالميًّا كعملة احتياطي استنادًا إلى قوة الاقتصاد الأمريكي. ويستخدم الدولار حاليًّا في بناء وإبرام نصف احتياطيات العملة والصفقات التجارية عالميًّا. وتحقق هذا بموجب اتفاقية بريتون وودز بعد الحرب العالمية الثانية. وتقر هذه الاتفاقية تحديد سعر صرف جميع العملات العالمية مقابل الدولار.
وألزمت هذه الاتفاقية الولايات المتحدة بتزويد الدول المستحوذة على أية مبالغ دولارية بالذهب. وعندما عجزت الولايات المتحدة عن هذا في مطلع السبعينات عندما تزايدت حاجة الكثير من الدول لاستبدال الدولار بالذهب لمواجهة التضخم المرتفع قرر الرئيس الأمريكي نيكسون وقف ارتباط الدولار بالذهب. أصبح الدولار منذ ذلك الحين هو عملة الاحتياط العالمية.
الدولار يحل محل الذهب
يتم استخدام الدولار في إبرام معظم عقود البترول. وتقوم الكثير من الاقتصادات الكبرى مثل الصين وهونج كونج وماليزيا وسنغافورا بربط عملتها بالدولار. وعندما تهبط قيمة الدولار تتراجع من ثم أرباح صادراتها. وتحتفظ هذه الدول كذلك بكميات كبيرة من أدوات الدين التي تصدرها الخزانة الأمريكية. وتستطيع هذه الدول التسبب نظريا في انهيار الدولار عن طريق بيع ممتلكاتها من أدوات دين الخزانة لكن الأضرار التي ستلحق بها جراء هذا تتجاوز كثيرًا مكاسبها عند انهيار الدولار.
عدم وجود بديل للدولار
تراجعت قيمة الدولار خلال السبعينيات ومطلع الثمانينيات وخلال الفترة من 1991 إلى 1993. وبرزت توقعات رجحت انهيار الدولار خلال تلك الفترات. وبدأت العديد من الدول تدرس فك ارتباط عملاتها بالدولار. ولم ينهار الدولار كعملة احتياط عالمي في كل مرة من تلك المرات بسبب انعدام وجود عملة قادرة على أن تحل محله، وفقًا لموقع بالانس.
أوباما أول رئيس أمريكي يستخدم الدولار كسلاح
يعد الرئيس السابق باراك أوباما أول رئيس أمريكي يستخدم الدولار كسلاح سياسي، ففي عام 2014 عاقبت إدارته بنك بي إن بي باريبا الفرنسي. وتم إجبار البنك على سداد غرامة باهظة بقيمة 9 مليارات دولار بحجة مخالفة العقوبات المفروضة على السودان وكوبا وإيران.
فنزويلا وإيران وكوريا الشمالية تواصل تحدي ترامب
حرصت فنزويلا وإيران وكوريا الشمالية على اتخاذ تدابير محسوبة بعناية لمواجهة العقوبات الأمريكية، حيث تمكنت بفضل ذلك في تحدي الإدارة الأمريكية دون تخطّي الخطوط الحمراء. قام الرئيس الفنزويلي نيقولاس مادورو باعتقال إدجار زامبرانو نائب المجلس القومي الذي تهيمن عليه المعارضة الفنزويلية المدعومة أمريكيًّا، بينما ظل زعيم المعارضة جوان جودو مطلق السراح. أما إيران فقد صعّدت من دعمها للقوى المتحالفة معها في العراق بشكل يجعلها قادرة على مهاجمة القوات الأمريكية. وأعلنت كذلك أنها ستبدأ تخزين المواد النووية مجددًا. وبدأ الرئيس الكوري الشمالي كيم جونج إطلاق الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى.
ويقول كريستوفر ديكي، في مقالة نشرها موقع ديلي بيست، إن الخطوة الأخيرة تسهم في دعم موقف الصين- حليفة كوريا الشمالية- في الحرب التجارية مع الولايات المتحدة.
وتابع: “إطلاق هذه الصواريخ مجرد حيلة لإبراز مدى احتياج ترامب للصين لنزع فتيل الأزمة في شبه الجزيرة الكورية”.
تلاشي البدائل يدفع ترامب لاستخدام القوة العسكرية
قام مستشار الأمن القومي جون بولتون بتزويد ترامب بخيارات وبدائل تحت مسمى “الطريق الثالث” حال فشل سلاح العقوبات. شملت هذه البدائل تفجير الأنظمة المعادية من الداخل باستخدام سلاح المؤامرات والمظاهرات الشعبية.
ويرى ديكي أن هذه البدائل ليست واضحة الملامح للحد الذي يجعلها غير قابلة للتطبيق مما قد يجبر ترامب في نهاية المطاف على استخدام القوة العسكرية.
وأضاف: “رأينا مثيلًا لهذا الكلام عن البدائل سابقًا، فقد أدّت إلى ضرب سوريا وليبيا بالصوايخ أيام حكم الرئيس دونالد ريجان وإلى زرع موانئ نيكارجوا بالألغام”.
ترامب يرغب في التعاون مع زعيم روسيا
لم ترضخ روسيا لإرادة الولايات المتحدة برغم العقوبات القاسية التي فرضتها الأخيرة عليها ردًّا على غزو روسيا لشبه جزيرة القرم وشن هجوم ضد الانفصاليين في أوكرانيا عام 2014. تم فرض المزيد منها على روسيا بعد اتهامها بتقويض أسس الديمقراطية الأمريكية بالتدخل في الانتخابات الرئاسية الأخيرة عام 2016.
يرغب الرئيس الروسي في رفع العقوبات الأمريكية لكنه ما زال يملك الكثير من النفوذ عالميًَّا للحد الذي ربما يجعل ترامب في حاجة للحصول على مساعدته في حل مشاكل العالم، حسب ديكي.
ظهر النفوذ الروسي واضحًا في فنزويلا مؤخرًا. في يناير الماضي أعلن زعيم المعارضة جوان جودو المدعوم من الولايات المتحدة عزل مادورو وتنصيب نفسه رئيسًا للبلاد. وبحلول أبريل الماضي اتضح فشل مخطط جودو وظل مادورو رئيسًا للبلاد.
وقال وزير الخارجية الأمريكية بومبيو ومصادر مطلعة في فنزويلا إن مادورو كان مستعدًّا لاعتزال السلطة لكن الروس منعوه من ذلك.
لماذا يعجز اليورو أن يحل محل الدولار؟
قال محافظ البنك المركزي الأمريكي السابق آلان جريسبان عام 2007 إن اليورو سيحل محل الدولار كعملة عالمية. وتشير البيانات إلى أنه بنهاية 2006 أصبحت 25% من احتياطيات الصرف الأجنبي المودَعة في البنوك المركزية العالمية مقوَّمة باليورو. وتم كذلك استخدام اليورو في إبرام 39% من الصفقات التجارية العالمية.
وفقًا لتقرير موقع بالانس، سيحل اليورو محل الدولار ببطء؛ لأن جميع دول العالم ستتضرر جراء انهيار الدولار بشكل مفاجئ. وحتى في حال تخلّي العالم عن الدولار ستظل الولايات المتحدة أكبر اقتصاد عالمي وأفضل عميل في العالم، مما يعني أن الدول التي تمتلك القدرة على دفع الدولار للانهيار هي نفسها التي تحتاج بشدة لبيع منتجاتها للزبائن الأمريكيين.