شهدت سوق المال المحلية خلال العام الجارى، إقدام العديد من الشركات على إرجاء خطط الطرح فى ، التى كانت أعلنتها فى السابق، فى خطوات غامضة تُثير التساؤل بشأن الأسباب التى دفعتها لذلك.
مع بداية 2019 أعلنت مجموعة من الشركات رغبتها فى طرح جزء من أسهمها على رأسها «حسن علام القابضة» التى أعلنت مؤخرًا تجميد خُطة الطرح، بشكل نهائى، عقب تأجيلها الخطوة لعدة مرات.
الفترة الماضية شهدت موجة إرجاء لخطط القيد
حاولت «المال» رصد الأسباب التى دفعت الشركات لاتخاذ قرار التأجيل، ومحاولة معرفة الفرق بين وضع السوق المحلية خلال العام الراهن، عن سابقه المُنقضى، الذى شهد 4 طروحات رغم تدهور أوضاع البورصة بسبب أزمة الأسواق الناشئة طوال النصف الثانى من العام.
قال محمد قنديل، الرئيس التنفيذى بشركة «رميد للصناعات الغذائية الرشيدى الأصلى سابقًا»، إن شركتهُ تبحث خلال الربع الأخير من العام الجارى، وضع طرح جزء من أسهمها فى.
أعرب قنديل عن آماله أن يتم تنفيذ الطرح خلال العام المقبل، مع عدم التوضيح بشكل مباشر إرجاء الطرح، فيما أكدت «مصر إيطاليا» لـ«المال» سابقًا تأجيل خطة الطرح فى البورصة إلى الربع الأول من العام المقبل.
كشف مصدر لـ«المال»، عن أن شركة الجيزة للغزل والنسيج لم تُجزم حتى الوقت الراهن بتوقيت طرحها، فيما كان محددًا سابقًا أن يتم خلال الربع الثالث من العام الجارى، وعلى صعيد آخر رفض محمد عكاشة العضو، المنتدب بشركة «فوري» التعليق على خطة للإدراج ببورصة مصر.
سليم: السوق قادرة على استيعاب اكتتابات جديدة.. ولكن ماذا بعد الطرح
وتابع مصدر بالشركة أنه لم يتم بعد تحديد التوقيت النهائى للطرح، ويتوقف ذلك على أوضاع السوق، علما أن الشركة بدأت السير بالخطوات التجهيزية المبدئية للقيد.
قال محمود سليم، رئيس قطاع بنوك الاستثمار بشركة «إتش سي» للاستثمارات المالية، إن إقبال الشركات على تأجيل طرح أسهمها بالبورصة خلال الفترة الحالية، هو قرار منطقى وصائب.
أضاف أن البورصة المصرية يمكنها خلال الفترة الحالية استقبال طروحات، لكن الأهم ماذا بعد الطرح؛ أى وضع السهم عقب بدء التداول عليه، موضحًا أن الوضع الحالى لا يساعد المستثمرون على تحقيق المكاسب المرغوبة نظرًا لتذبذب الأوضاع.
■ «رميد» تأمل أن تكون خلال 2020.. وأنباء عن تأجيل «الجيزة»
■ ماهر: وضع السوق لا يكفل للمستثمر تحركات جيدة لسهم شركتهُ عقب الطرح
■ مصدر: أزمة ثروة كابيتال أثارت تخوفات المستثمرين
أوضح أن المستثمر يرغب فى سوق نشطة، يطرح بها أسهمهُ، وهو ما لا تعكسه قيم التداول اليومية للسوق المحلية مقارنة بباقى البورصات الأخرى.
تجدر الإشارة إلى أن متوسطات التداول اليومية للبورصة المصرية تصل إلى 400 مليون جنيه منذ بداية العام فيما عادت بنهاية الاسبوع المنقدي للخانة المليارية عقب إنفراج أزمة جلوبال تيليكوم.
لفت إلى أن المتعاملين والأفراد منهم خاصة واجهوا خلال الفترات المنقضية خسائر متتالية، ما دفعهم لتوخى الحذر قليلاً، كما أن المتعاملين الأجانب متأثرين بالوضع الاقتصادى العالمى والحروب التجارية.
قال إن الأشهر الأولى من العام الحالى غير مبشرة، بالنسبة لتحركات البورصة، لافتًا إلى أن أحجام التداول المتدنية تكشف عن ضعف السيولة بالسوق.
توقع سليم أن يستمر الوضع قليلاً خلال الفترات المقبلة، على أن يشهد تحسن فى وقت لاحق، مشيرًا إلى أن جميع الأسواق وتحديدًا الناشئة تمر خلال الوقت الراهن بتقلبات وهى طبيعة البورصات بشكل عام.
قال الرئيس التنفيذى لأحد كبرى بنوك الاستثمار بالسوق المحلية، إن الأسباب التى أجبرت الشركات على تأجيل خطط طرحها متعددة على الصعيد الداخلى والخارجى.
أوضح أن العامل الأهم والمؤثر بشكل أكبر هو أزمة الطرح الأخير بالبورصة المصرية وما تلاها من قرارات مُنظمة للطروحات العامة والخاصة أصدرتها الهيئة العامة للرقابة المالية خلال تلك الفترة بهدف ضبط الأمور.
لفت إلى أن قرارات الهيئة جاءت متحفظة بشكل كبير، إلى جانب نزول سهم أخر طرح أول أيام التداول عليه، موضحًا أن تلك العوامل أثارت تخوفات المتعاملين.
بدأت الأزمة عندما تم طرح شركة ثروة مطلع أكتوبر الماضى، التى تراجع سهمها بقوة منذ أول يوم تداول، وعقب ذلك أجرت الهيئة تحقيقات تتعلق بالطرح، أفضت إلى توقف بمعاقبة مدير طرح بلتون للترويج والتغطية لمدة 6 أشهر، ورفع قيمة تأمين بلتون للسمسرة 50 مليون جنيه.
خلال أبريل المنقضى من العام الجارى، أصدرت الهيئة العامة للرقابة المالية ضوابط متكاملة للطروحات العامة والخاصة للشركات بالبورصة بعدما استغرقت أكثر من 6 أشهر فى دراسة التعديلات اللازمة منذ طرح «ثروة».
جاءت القرارات بهدف حماية الأقلية، وألزمت الهيئة الشركات محل الطرح بإبرام عقد مع مدير الإصدار يضع آلية واضحة لتحديد السعر النهائى، سواء عبر آلية البناء السعرى book building أو عبر السعر المحدد بين الطرفين، على أن يتم الإفصاح عن الآلية فى نشرة الطرح العام، إضافة إلى إلزام مدير الطرح بالتحقق والاحتفاظ بالمستندات لبيان الملاءة المالیة لعملاء الطرح الخاص، ما یفید كون العمیل من عملاء التسلیم مقابل الدفع من عدمه، فضلا عن وسيلة وتوقيت السداد النقدى للعملاء المشترین، والتحصيل النقدى للبائعين.
أكد أن باقى الأسباب الداخلية، على رأسها وضع السيولة بالسوق المحلية، إضافة إلى انخفاض مضاعفات ربحية الأسهم، فيما يتمثل العامل الثالث فى أن البضاعة المعروضة متداولة وغير جاذبة، وأخيرًا أسعار الفائدة المرتفعة، لا سيما على أذون الخزانة والتى جذبت الكثير من رؤوس الأموال.
فيما يتعلق بالوضع الخارجى قال إن غالبية دول العالم أجلت بعض خططها الاستثمارية بشكل عام، بسبب وضع الاقتصاد العالمى، نتيجة الصراعات المستمرة خلال الفترات الحالية بين أمريكا والصين وغيرها.
لفت إلى أن المؤشرات توضح أن أصول صناديق الاستثمار المباشر انخفضت منذ بداية العام بشكل كبير، وأرباح بعض البورصات.
فيما توقع أن تشهد السوق المحلية مرحلة رائعة ولكن خلال عام من الآن، وتستمر المعاناة إلى حد ما الفترة الحالية.
فيما يتعلق بأوجه الاختلاف بين العام الجارى وسابقه، قال إن البورصة المصرية شهدت خلال 2018 ارتفاعات تاريخية، حتى عندما فقدت المؤشرات توازنها ظلت قيم التداول متماسكة بمتوسطات قاربت المليار جنيه، ما شجع عددًا من الشركات على طرح أسهمها.
استقبلت البورصة المصرية خلال العام المُنقضى 4 طروحات خاصة، هى بى إنفستمنت و سى آى كابيتال والقاهرة للاستثمار والتنمية العقارية وثروة كابيتال، ومنذُ أكتوبر 2018 وحتى الوقت الراهن لم تشهد البورصة أى من الطروحات الخاصة الجديدة.
تُجدر الإشارة إلى أن رئيس البورصة المصرية أعلن مستهل العام الجارى قائمة شركات القطاع الخاص المحتمل قيدها خلاله، وشملت 6 شركات بالسوق الرئيسية وهى رؤية القابضة للاستثمارات، وحسن علام القابضة، وشركة التجارة والاستثمار العربى وتجارة القطن، وشركة مصر إيطاليا القابضة للاستثمارات المالية، وجيزة للغزل والنسيج، والشرق لصناعة السيراميك والبورسلين «سيراميكا جلوريا».
قال محمد ماهر، نائب رئيس مجلس الإدارة بشركة «برايم القابضة»، إن تكاليف القيد مرتفعة على الشركات سواء على صعيد الالتزامات السنوية أو غير ذلك، أو الغرامات المتعلقه بالإفصاحات.
تابع: «ما يوضح ضرورة تركيز المتعاملين على وضع تحرك سهم شركتهُ بشكل جيد عقب الطرح، وأن السوق لم تكفل ذلك الضمان خلال الوقت الراهن بسبب تدنى وضع السيولة منذ فترة».
لفت إلى أن هناك عامل آخر وهو استمرار ارتفاع معدلات الفائدة، ما يجعلها عنصر جذب تضاهى جاذبية البورصة المصرية.
أشار إلى أن راغبى الطرح كانت رؤيتهم للعام الجارى مختلفة عن ما يحدث خلال الفترة الحالية، وكانوا ينتظرون تخفيض الفائدة أو أن التوقعات كانت تُنذر بذلك، إضافة إلى حل أزمة الضرائب».
فيما يتعلق بأزمة الطرح الأخير التى شهدتها البورصة المصرية والقرارات المنظمة للطروحات العامة والخاصة، التى أصدرتها الهيئة العامة للرقابة المالية مؤخرًا، استبعد أن يكون لها علاقة باضمحلال وضح الطروحات حاليًا، مشيرًا إلى أن القرارات كانت تمس مدير الطرح وطريقة التسعير فقط، دون التضييق على الشركات نفسها.
قال عمر رضوان، رئيس المسؤلين التنفيذين بشركة «مصر للاستثمارات المالية» التابعة لبنك مصر، إن البورصة المصرية شهدت فترات صعود وصلت خلالها لمستويات تاريخية للمرة الأولى، وارتفاع قيم التداول لقيم قاربت المليون جنيه.
أوضح أن فترات الصعود دفعت بعدد كبير من الشركات لتعليق آمالها بتنفيذ خطهها المستقبلية على الطرح فى البورصة، لكن عقب الأزمات التى شهدتها السوق المحلية من تراجع المؤشرات وانخفاض قيم التداول جعل الشركات تُعيد النظر مرة آخرى فى الفكرة.
رأى أن موضوع تأجيل الطرح فكرة صحية، حتى تأخذ السوق وقتها فى استيعاب التراجعات، ومن ثم استعادة مسارها الصاعد، مشيرًا إلى أن العامل الأساسى وراء تأجيل الطرح هو وضع السيولة محليًا.
أوضح أن العام الجارى من المفترض أن يشهد طروحات حكومية وهذا كافيًا لحجم السوق والسيولة المتاحة به، مرجحًا أن تتعافى البورصة المصرية بشكل سريع خلال الفترات المقبلة.
تجدُر الإشارة إلى أن سوق المال يشهد اتجاها لزيادة عدد الشركات المقيدة سواء خاصة أو حكومية، ومتوقع إضافة 35 شركة جديدة، ليصل إجمالى المقيد إلى 275 بالبورصة، يصاحبها ارتفاع القيمة السوقية إلى 1.6 تريليون جنيه نهاية 2022.