ليس كافيًا أن تمتلك خدمة-بغض النظر عن جودتها أو ما دون ذلك- ولن أقول ليس “مهمًا” ، فالأحكام الكلية والحدية كلاهما يفتقد الصواب، لكن الأهم هو كيف تروج لتلك الخدمة وتسوق لها.
فالتسويق بات رهانًا رابحًا-بالطبع لابد من دراسة آلياته وأدواته-، ولن أغالي إن قلت ، إن التسويق أصبح حصان طروادة ، كما صورته إلياذة هوميروس، خاصة في الأنشطة المالية بشكل عام وفي صناعة بصورة خاصة.
نجاح شركة -أيا كان طبيعة نشاطها سواء في أو في ، وكذلك بغض النظر عن نظام عملها سواء تجاريًا أو تكافليا-، لايقتصر فقط علي توافر الخدمة التأمينية ، -أقصد هنا التغطية او ما يستساغ تسميته بالوثائق التأمينية-، ولا يرتبط فقط بملائمة سعر التغطية لمستوي الجمهور المستهدف، او حتي توفيرها في شبكات التوزيع الجغرافية المنتشرة هنا وهناك.
نجاح شركة التأمين، بات مرتبطًا بكيفية استثمار التطور التكنولوجي الهائل، الذي تتسارع وتيرته ليس يوما بعد الأخر بل لحظة بعد الأخري، والاستفادة من هذا التطور للتواصل بالعملاء ، وتعريفهم بالخدمات المقدمة ومواصفاتها، وكيفية الحصول عليها.
والتسويق الإلكتروني-السوشيال ميديا أحد قنواته وتفريعاته- ، بات تحديًا ،-رغم أنه فرصة في الوقت ذاته- يواجه قطاع التأمين، علي اللاعبين فيه-أقصد الشركات- الإستفادة منه لتعزيز القدرة التنافسية ، في خطوة إستباقية تستهدف جذب شريحة جديدة من العملاء ، وعدم الاكتفاء بالحاليين بمنطق ، الاكتفاء بالذات والانكفاء علي النفس أنجع وسيلة لدرء المخاطر .
النسبة الغالبة في المجتمع المصري تمتلك هواتف ذكية ، وتسعي لإنجاز خدماتها من خلاله او ما يًعرف بالتعامل الإلكتروني ، وإنجاز الخدمات عبر تلك الهواتف”الذكية”.
لن أتطرق كثيرا الي شرح مفهوم التكنولوجيا الرقمية-فلا الوقت ولا المساحة تسمح بذلك حاليًا-، لكن ما يجب التطرق إليه والتركيز عليه ، هو أن التكنولوجيا الرقمية ، تعمل علي تعزيز الكفاءة والسرعة في مجال ، وتعد أحد بدائل الدعاية ، أقصد هنا التسويق الرقمي أو الالكتروني، او ما يًعرف إصطلاحا بالـ e –marketing ، مثل المواقع الالكترونية للشركات والتواصل مع العملاء بطريقة مباشرة، عن طريق مواقع التواصل الاجتماعى، كالفيس بوك وتويتر وأنستجرام وغيرها ، بدلا من طرق الدعاية الثابتة مثل التليفزيون والصحف، والتي تمثل تكلفة إضافية تؤثرعلي هامش الربح المستهدف- من وجهة نظري التي قد تكون صوابًا أو خطأ-.
من هنا وجب القول، أن الاستفادة من البرامج والتطبيقات الالكترونية لتسويق الخدمات ، لم يعد رفاهية ، بل كما قلت بات ضرورة تحتمها ظروف هائلة من التطور المتسارع، لابد من استثمارها ليس فقط لتسويق الخدمة ، وهو هام وضروري ، ولكن لتحسين مستوي الخدمة نفسها، عبر ما يسمي بـ “المسح أو الاستقصاء “، لضمان سرعة تلبية الخدمة بأفضل جودة ممكنة ، بالاضافة الي دعم صانع القرار في التعرف مواطن الخلل حينًا ومعالجته أثاره أحيانا.
ولابد من الاشادة في هذه النقطة-أقصد التسويق الرقمي- للقائمين علي الجهاز الرقابي في صناعة التامين ، أقصد، والتي نجحت في مواكبة التطور وتدخلت بموجب إختصاصاتها التي كفلها لها القانون، بالسماح لشركات التأمين بإصدار بعض التأمينية ألكترونيا، وكان نتيجة ذلك حصول 60% من الشركات العاملة في السوق ، علي موافقات لإصدار بعض تغطياتها ألكترونيا ، وهو ما كان له أثر كبير للوصول إلى قاعدة عريضة من العملاء، خاصة في التأمين متناهي الصغر ، بإعتباره الفرع التأميني الأكثر أهمية خلال المرحلة المقبلة ، ومعدلات خسائره ضعيفة ،وأثاره السلبية علي محفظة العمليات الكلية غير مرئية-بشرط حُسن التعامل معها إكتواريًا-، ناهيك عن توافر مولدات النمو فيه خاصة عدد عملاء هذا النشاط ، الذي يربو عددهم علي 3 ملايين، ومن المتوقع ان يرتفع الي 3.5 او 4 ملايين بنهاية العامة.
أخيرا وليس أخرا، يجب الاستفادة من التطور التكنولوجي ، واستثمار الإصلاح التشريعي ، الذي تقوم به الرقابة المالية، من خلال إعداد قانونًا جديدا للتأمين في توسعة رئة قطاع ، وتحقيق أفضل معدلات نمو ممكنة ، ليتمكن هذا النشاط من الوصول بمساهماته في إجمالي الناتج القومي ، للنسبة التي تلائم خصوصيته ، ودوره في ترويض المخاطر التي تواجه الإقتصاد الكلي ، والممتد الي البشر قبل الحجر.