كنت أهُمّ مسرعًا إلى سلالم صحيفة “العالم اليوم”، سمعته ينادى باسمى، التفتُّ.. وجدته.. حازم شريف، طلب منى رقم تليفونى وأن أستعد لأشاركه تجربة صحفية جديدة، وبالفعل كانت جديدة حيث إن غالبية ما سبقها من إصدارات صحفية كانت تعتمد على فكرة (الممول) الذى يقع عليه عبء تمويل الجريدة وسداد كافة التزاماتها، لكن وجدنا مع حازم مفهوم الشركات المساهمة الحقيقية.
حازم.. مثلما يناديه جميع الصحفيين بـ«المال» حتى صغار السن، كان لديه حلم واسع بإصدار صحيفة اقتصادية مهنية تفصل بين الملكية والإدارة، وبين الإدارة والتحرير، ثم بين التحرير والإعلان، أظنه قد نجح هو وكتيبة «المال»، يكفى أن أقول لحضرتك أن أثناء قراءتك لتلك النسخة من “المال”، يكون قد مضى على إصدار الصحيفة 15 عامًا بالتمام والكمال.
عندما دخلت إلى مقر الصحيفة فى شارع أحمد عرابى بالمهندسين، وبينما الجميع مشغولون بدهان الحوائط وتركيب أجهزة الكمبيوتر استعدادا للصدور، بحثت عنه، وجدته فى ركن بعيد بصالة التحرير ممسكا سيجارته سارحا فى ملكوت الله، قلت له.. ابسط يا عم، أيام وتصدر «المال»، لم تنفرج أساريره، قلت: مالك؟ أجابنى: أفكر فى نفس اليوم من العام المقبل، هل ستكون «المال» موجودة أم لا؟ اليوم نحتفل بمرور سنوات طويلة على إصدارها.
«المال» لم تكن يوما ما مجرد فكرة فى رأس شخص، بل أيضا تجربة أسهم فى إصدارها للنور كفاءات عظيمة، لا يمكن ونحن نحتفل بـ«لمال» ألا نذكرهم، منهم من رحل عن دنيانا مثل الراحلين المدير الإدارى «دينامو» الجريدة الأستاذ حسام حسنى، ورئيس إدارة البحوث الأستاذ فريد عبد اللطيف، ولا ننسى الصحفيين الكبيرين محمد بركة ومصطفى صقر.
أضافت الصحيفة عشرات الكوادر الصحفية الشابة المتخصصة فى الصحافة الاقتصادية، والتى كانت السوق الصحفية تعانى نقصا حادا فيها منذ سنوات بعيدة، ثم كانت الباكورة فى صحيفة “العالم اليوم”، لكن التأكيد والتجسيد كان لصحيفة «المال».
ظنّى أنه لولا المتغيرات السياسية والاقتصادية الحادة التى مرت بها مصر خلال السنوات العشر الماضية والتى ألقت بظلالها الكثيفة على الحياة بشكل عام، مما أثر بدرجة كبيرة على الصحف بشكل عام دون استثناء، ومنها طبعا جريدة «المال»، لكانت الأخيرة قد قطعت شوطا كبيرا فى تحقيق أهدافها وطموحاتها.
الاحتفالات المتعددة بمناسبة مرور 15 عامًا على إصدار «المال»، والتى حدثنى عنها الصديق حازم شريف، ينبغى ألا تنسينا العوائق الصعبة التى تمر بها الصحافة المصرية، والتى تحتاج إلى روشتة علاج يسهم فيها المختصون، لذا أطالب جريدة “المال” بالدعوة إلى عقد مؤتمر موسع يضم كل المعنيين بقضية الصحافة المصرية وأزمتها، يشارك فيه عدد من الأعضاء الحكوميين.
وأثق أن «المال» برئاسة تحريرها وبكافة أعضائها قادرة على الإعداد الجيد لهذا المؤتمر وإدارته لأن المهنة بحق فى خطر كبير ولا أجد من يلقي بالا إلى تلك القضية الخطيرة.
«المال».. وحدها كانت أبرز محطة صحفية فى مشوارى المهنى، رغم مشاركتى فى إصدار وتأسيس عشرات الصحف والمجلات، تبقى وحدها التجربة الأقرب إلى نفسى.
تحية حب واحترام لكتيبة «المال» فردًا فردًا وهنيئًا للصديق العزيز الأستاذ حازم شريف على نجاحه فى تحقيق حلمه بإصدار صحيفة اقتصادية (محترمة)، كان يخشى ألا تستمر أكثر من عام، والمفاجأة أنه قد مر من عمرها 15 عامًا، ولا يزال أمامها الكثير.