أعلن مكتب إحصاءات الاتحاد الأوروبى «يوروستات» أن التوترات التجارية التى بدأتها واشنطن مع الصين، ثم مع الاتحاد الأوروبى وتهديد الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية على الواردات، ولاسيما السيارات تهدد بتباطؤ نمو اقتصاد منطقة اليورو التى تضم 19 دولة خلال العام الحالى، برغم أنه ارتفع بأكثر من %0.4 خلال الربع الأول، ليتفق مع توقعات المحللين، مقابل نمو نسبته %0.2 خلال الربع نفسه من العام الماضى.
وأكد مكتب الإحصاءات أن اقتصاد منطقة اليورو انتعش نسبيا خلال الشهور الثلاثة الأولى من هذا العام بفضل انتعاش اقتصاد ألمانيا، الأكبر فى أوروبا، والذى سجل نموا %0.4 خلال نفس الشهور بدعم من زيادة إنفاق الأسر وانتعاش قطاع الإنشاء غير أنه يقل عن نموها الذى بلغ %0.7 خلال الفترة نفسها من العام الماضى.
وقالت وكالة رويترز إن اقتصاد منطقة اليورو انتعش قليلا فى الربع الأول بفضل ألمانيا وأيضا إيطاليا التى بذلت تدابير لخروج اقتصادها من ركود فنى دام لفصلين متتاليين عندما انكمش الاقتصاد %0.1 خلال النصف الثانى من العام الماضى، ثم صعد بحوالى 0.2 % فى الربع الأول من عام 2019.
واستطاع الاقتصاد الألمانى أن يحافظ خلال السنوات الأخيرة على نمو ثابت تقريبا مع استمرار زيادة المرتبات وانخفاض فى معدل البطالة إلى مستويات غير مسبوقة، مما ساعد على ارتفاع العوائد الضريبية وبالتالى تسجيل الموازنة فوائض متتالية عاما بعد عام لدرجة أن الفائض فى الموازنة الألمانية بلغ 36.6 مليار يورو عام 2017 على عكس غالبية دول الاتحاد الأوروبي.
ومع ذلك فإن الصادرات التى تعتمد على القدرة الشرائية للأفراد شهدت تباطؤا فى الأشهر الأخيرة بسبب عدة عوامل منها الحرب التجارية الدائرة بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، وكذلك المشكلات التى يتعرض لها قطاع صناعة السيارات البالغ الأهمية والمخاوف المرتبطة بالتداعيات التى قد تنجم عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى والمعروفة بأزمة «البريكسيت».
و كان الاقتصاد الألمانى انكمش خلال الربع الثالث من العام الماضى للمرة الأولى منذ أكثر من ثلاث سنوات لدرجة أن الحكومة خفضت توقعاتها للنمو فى العام الماضى من 2.2 إلى ما بين %1.5 و %1.6.
وتتعرض ألمانيا التى يسجل ميزانها التجارى فائضا ضخما مع بقية دول العالم لانتقادات باستمرار من الحكومة الأمريكية ومن شركائها الأوروبيين والمؤسسات الدولية، لعدم إنفاقها أو استثمارها بما يكفى من عائدات ثرواتها.
وكان وزير المالية أولاف شولتز الذى تسلم حقيبة وزارة المالية من سلفه فولفجانج شويبله فى مارس الماضى تعهد بالالتزام بسياسة «الصفر الأسود»، التى وضعها سلفه والقائمة على عدم تحميل الخزينة أى ديون جديدة، وفى الوقت نفسه السعى لخفض الدين العام للبلاد إلى ما دون %60 من الناتج المحلى الإجمالى، وهو الحد الأقصى للدين العام الذى حددته قواعد الانضمام للاتحاد الأوروبي.
ومن ناحية أخرى، خفضت وزارة المالية الألمانية تقديراتها لإيرادات الضرائب للعام الحالى إلى 793.7 مليار يورو (892.28 مليار دولار)، من تقديراتها السابقة البالغة 804.6 مليار يورو بسبب تباطؤ النمو عن العام الماضى، وهذا يعنى عدم القدرة على تنفيذ إجراءات مالية إضافية للتصدى لتباطؤ النمو فى أكبر اقتصاد فى أوروبا.
وتوقعت وزارة المالية هبوط الإيرادات الضريبية فى ألمانيا بحوالى 124.3 مليار يورو عن التوقعات السابقة التى صدرت فى نوفمبر الماضى، كما تتوقع على مدار الفترة من 2019 إلى 2023 انخفاض إيرادات الضرائب عن التوقعات السابقة بحوالى 70.6 مليار يورو، وهذا يعنى أن الميزانية ستواجه عجزا 10.5 مليار يورو حتى عام 2023 غير أن الاقتصاد إذا كان يواجه تراجعا فى النمو لكنه لا يتجه نحو أزمة ولا يحتاج إلى تحفيز مالى إضافى.