أعد الملف ـ دعاء حسنى وعمر سالم
أكد عدد من المستثمرين بقطاعات صناعية متنوعة، استمرار معاناتهم من حزمة تحديات تعرقل وصولهم لمعدلات النمو الصناعى الحكومية المستهدفة والمقدرة بـ %8 بحلول عام 2020، وفقًا للخطط المعلَنة من قِبل وزارة التجارة والصناعة.
وحدّد المستثمرون 5 أزمات أساسية تُحاصر القطاع الصناعى منذ عدة سنوات، عجز صُنّاع القرار عن التوصل لحلول جذرية لها إلى الآن، تمثلت فى مشاكل تخصيص الأراضى الصناعية المُرفَقة للمشروعات الكبرى أو الصغيرة والمتوسطة بأسعارٍ تتناسب وتكلفة تشغيلها، والبيروقراطية فى إصدار التراخيص، ونقص إمدادات الطاقة ببعض القطاعات، وأزمة نقص الدولار، وضعف التشريعات المحفِّزة للاستثمار، وعلى رأسها المشاكل التى شابت آخِر تعديلٍ تمّ على قانون الاستثمار، فى ظل غياب السياسات الحكومية والتعديلات التشريعية المطلوبة للحد من معاناة المجتمع الصناعى.
ورغم تنوع القطاعات من صناعات غذائية ونسيجية ومواد بناء وكيماويات وهندسية، فإن المشاكل نفسها عدّدها بعض المستثمرين بكل تلك الأنشطة، مؤكدين أن صانع القرار لم يفِ بوعوده حتى الآن فى إدخال تعديلات على مناخ الاستثمار، حيث لم يُطبَّق بعدُ نظام الشباك الواحد للمستثمرين لتسهيل إجراءات مشروعاتهم، بما يخدم المشروعات الصناعية القائمة الراغبة فى التوسع، أو تلك التى تدرس الدخول للسوق المصرية لأول مرة، ولم يوفر صانع القرار حلًّا لمشاكل نقص الدولار التى تتسبب فى توقفات جزئية وكلية لبعض القطاعات لنقص الخامات أو صعوبة استيراد خطوط الإنتاج، كما استمرت مشاكل نقص الطاقة لتهدد بعض القطاعات الإنتاجية القائمة.
عقبات تواجه «الغذائية»
يقول محمد شكرى، الرئيس السابق لغرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات، إن المشاكل التى تواجه القطاع ما زالت هى القائمة منذ 5 سنوات، والتى تعذَّر على صانع القرار إيجاد حلول لها، وأهمُّها عدم جاذبية بيئة الأعمال لاستقبال مستثمرين جدد، مما نتج عن ذلك غياب تنفيذ أىٍّ من المشروعات الكبرى فى القطاع.
وذكر شكرى معاناة القطاع من غياب تشريعات مهمة، منها الذى لم يُفعَّل كقانون الاستثمار، وأخرى لم تطور خاصة بقوانين الاستصلاح الزراعى باعتبار أن تشريعاته تصب فى توفير الخامات الرئيسية اللازمة للصناعات الغذائية، فضلًا عن وضع حلول جذرية وتشريعات تحدد الجهة المنوط بها تخصيص الأرض الصناعية المُرفَقة وسرعة إصدار التراخيص بما يجنِّب المستثمرين البيروقراطية فى تنقيذ مشروعاتهم، بالإضافة إلى عدم إقرار قانون سلامة الغذاء اللازم لتطوير الصناعة.
وأضاف: «بالرغم من العقبات الأخرى التى تواجه الصناعة كأزمة الدولار، فإنها تعد مشكلة عارضة، وهناك مشاكل أخرى يجب أن يتم وضع أسس لحلِّها بقطاع كالصناعات الغذائية، ومن بينها عدم تأهل العديد من مصانع الصناعات الغذائية المحلية للتصدير للأسواق الخارجية، فضلًا عن جهل بعضها بالمواصفات المطلوبة بتلك الأسواق، ومجهود لا بد أن يُبذل للتغلب على تلك العقبة».
«الأجور والخامات والتمويل» تهدد نمو «النسيج»
ويذكر حمادة القليوبى، عضو المجلس الأعلى للصناعات النسيجية، رئيس جمعية مستثمرى ومصدرى المحلة الكبرى، أن مشاكل الغزل والنسيج تناقش فى ورقة عمل منظورة حاليًا أمام كلٍّ من عبد الفتاح السيسى رئيس الجمهورية، وشريف إسماعيل رئيس الوزراء، وأهم المطالب سرعة صرف متأخرات المساندة التصديرية، والنظر فى ضريبة القيمة المضافة على القطاع، وإعادة هيكلة الأجور، وتقليص فوائد تمويل مشروعات القطاع، وحل مشكلة نقص العملة، وتوافر الخامات ومُعِدّات الصناعة.
وأكد القليوبى أن أبرز مشاكل القطاع النسيجى تتركز حاليًا فى تفاقم مستويات الأجور، مقارنة بالتكلفة، حيث تتراوح بين 35 و%40 فى القطاع الخاص، وتصل لما بين 92 و% 107 فى شركات قطاع الأعمال، بينما تدور المستويات العالمية لتمكين تلك الصناعة من التنافس عالميًّا حول 6 و%7 من التكلفة.
وأضاف: “مشكلة ارتفاع مستويات الأجور لا تتناسب مع الإنتاجية الحالية للقطاع، ويجب أن ترتبط بمعدلات الإنتاج وليس بمستويات التضخم، والطاقات التشغيلية للمصانع الحالية تتسبب فى خسائر للمنتجين بسبب المغالاة فى احتساب تكلفة الغاز على المصانع التى لا تعمل بطاقاتها القصوى البالغة 3 ورديات يوميًّا، فى ظل أن تنافسية صناعة النسيج تعتمد على الطاقات التشغيلية القصوى للمصانع، وقد تسبب خفض طاقات الإنتاج وتقليص دوريات العمل لورديتين فقط فى تحويل مصنع ما من حالة الربحية للتعادل أو الخسارة، فى ظل أن القطاع هامش ربحه لا يتخطى %5 وفقًا للمستويات العالمية”.
وتابع أن مشكلة ارتفاع فوائد التمويل الصناعى، ومنها القطاع النسيجى ليصل إلى %16 حاليًا، بالإضافة إلى المشاكل السابقة من شأنها أن تجعل القطاع خارج التنافسية العالمية، سواء لمبيعاته الموجهة السوق الداخلية أو التصديرية.
وأوضح أن قطاع الغزل والنسيج يشهد برامج دعم منتنوعة من كل الدول التى تشهد تمركزًا لتلك الصناعة، ومنها الهند وباكستان وكوريا، فى ظل طبيعة تلك الصناعة التى تعد لها طابعًا اجتماعيًّا باعتباره كثيف العمالة ويستوعب جزءًا كبيرًا من الوظائف خلاله، وفى حال استمرار تواجد تلك الصناعة بالسوق المصرية يجب تقديم برامج داعمة لها.
وتابع: شركات قطاع الأعمال العاملة بالقطاع أيضًا تعانى من خسائر متراكمة، وليس من البطولة الإبقاء على شركات “خسرانة”، وقطاع الأعمال كله “مفلّس” وفقًا لصحيح القانون، والعديد من شركات القطاع الخاص، ولا يوجد خروج آمن حاليًا وفقًا للتشريعات القائمة من السوق، ولا يَصدر أمر تفليس واحد للشركات المتعثرة بالقطاع.
وأضاف: من بين المشاكل التى يعانى منها القطاع النسيجى، غياب طروحات الأراضى الصناعية المُرفَقة بمساحات كبيرة تتلاءم مع طبيعة المشروعات الكبرى فى القطاع النسيجى، والتى تتطلب ما بين 25 و30 فدانًا، فى ظل طروحات الأراضى التى لا تتعدى حاليًا مئات الأمتار فقط، قد تستفيد منها المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
وأشار إلى أن أزمة نقص الدولار تتسبب فى مشاكل أيضًا فى استيراد الخامات وارتفاع تكلفتها، وصعوبة استيراد الماكينات اللازمة للصناعة، حيث يعانى القطاع من صعوبة استيراد ماكينات منذ عام ونصف العام تقريبًا، مما يغير من تكلفة دراسات الجدوى للمشروعات الراغبة فى ضخ استثمارات جديدة لها محليًّا، قائلًا: «إذا لم نتمكن من الاستيراد فمصير أى مشروع الفشل».
نقص الغاز يعرقل «الكيماويات»
يقول محمد الخشن، رئيس الشعبة العامة للأسمدة بالاتحاد العام للغرف التجارية، إن السوق المحلية تشهد حاليًا وفرة بمعروض الأسمدة، فى ظل حل مشاكل نقص الطاقة التى عانى منها القطاع العام الماضى، فضلًا عن انتهاء موسم زراعة عددٍ من المحاصيل الاستراتيجية التى يرتفع خلالها الطلب.
وشهدت أزمة نقص إمدادات الطاقة تحسنًا ملحوظًا، ولا تتجاوز نسب النقص بإمدادات توريد الغاز الطبيعى لقرابة 9 شركات عاملة بالقطاع، ما بين 10 و%20، مقابل 50 و%60 نسبتها العام الماضى، وفقًا للخشن.
وتبلغ الطاقات الإنتاجية لـ8 شركات قرابة 20 مليون طن سنويًّا، يتم استهلاك ما بين 8.5 و9 ملايين طن محليًّا، وتصدير الكميات الأخرى للأسواق الخارجية، ومن أبرز المنتجين شركات أبو قير والدلتا بالقطاع الحكومى، أما القطاع الخاص فمن أبرز شركاته موبكو، والمصرية وإسكندرية وحلوان ومصر للأسمدة، وكيما.
وفى الوقت الذى يشير فيه رئيس الشعبة العامة للأسمدة لحل جزء كبير من مشاكل نقص الطاقة لمصانع القطاع القائمة، يؤكد استمرار تجميد الحكومة إصدار تراخيص لمشروعات جديدة بالقطاع، باعتبارها من القطاعات كثيفة الاستهلاك للطاقة.
وأضاف أن الحكومة ترهن إصدار الموافقات بتأسيس بمصانع جديدة، باكتشافات جديدة تُعلَن من قِبل شركات التنقيب عن البترول حاليًا بالبحر المتوسط.
«سعر الصرف» و«الطاقة».. صداع مزمن لـ«مواد البناء»
قال المهندس رفيق الضو، العضو المنتدب لمجموعة السويس للصلب، إن قطاع الصناعة يعانى العديد من الأزمات التى تعوق زيادة النمو الصناعى وتتسبب فى توقف بعض المشروعات، ومنها مشاكل توفير العملة الأجنبية “الدولار” ونقصه بشكل كبير فى الفترة الماضية، وعدم القدرة على فتح اعتمادات مستندية، بالإضافة إلى وجود أكثر من سعر للدولار، وتغير سعره بشكل شبه يومى، مما يزيد أعباء الشركات، كما يقلل من ربحيتها أو قدرتها على المنافسة خارجيًّا ومحليًّا نتيجة وجود منتجات مستوردة بأسعار أقل من المحلية.
وأضاف الضو أن أزمة الطاقة الخاصة بالمصانع تعد صداعًا مزمنًا بشكل مستمر منذ سنوات؛ نتيجة ارتفاع استهلاك مصر من الطاقة، كما أن الحكومة تقوم برفع أسعار الطاقة بشكل مستمر، مما يرفع من تكلفة مدخلات الإنتاج، ومن ثم يرفع سعر المنتج النهائى ويقلل القوة الشرائية للمنتجات ويعانى منه الجميع نتيجة الظروف الاجتماعية والاقتصادية الصعبة فى الوقت الحالى، مما يستدعى قيام الشركات بتخفيض الطاقة الإنتاجية لها، لمواجهة الأعباء الخاصة بها، موضحًا أن الطاقة الإنتاجية لمصنعه لا تتعدى حاجز الـ %40.
وأشار إلى أن هناك نقصًا بكميات الوقود التى يتم توريدها للمصانع، خاصة فى شهور الصيف؛ نتيجة قيام الحكومة بزيادة إمدادات الوقود لمحطات الكهرباء؛ لمواجهة استهلاك الطاقة المرتفع خلال شهور الصيف، موضحًا أن قرار خفض أسعار الغاز المورَّد للمصانع لم يتم تطبيقه حتى الآن، فى الوقت الذى تعانى فيه الشركات من عدم قدرتها على تدبير الدولار لاستيراد الخامات، وفى حال توفير الغاز لن تحتاج المصانع للدولار بشكل كبير.
من جانبه قال سمير نعمان، المدير التجارى لشركة حديد عز، إن صناعة الحديد تواجه العديد من الأزمات، التى خفّضت فرص المنافسة خارجيًّا، وأبرزها الطاقة، بالإضافة إلى مشكلة توفير الأراضى الصناعية للمشروعات، والتشريعات الخاصة بالتجارة والصناعة، وأخيرًا تذبذب سعر الصرف، وعدم توافر الدولار، ما يهدد الصناعة بشكل كامل- ولا سيما الحديد- إذا لم يتم وضع حلول لتلك التحديات التى تواجه الاقتصاد المصرى.
وأوضح أن القوانين والتشريعات تحتاج لتنقية، وبعضها يحتاج لتفعيل، أبرزها الشباك الواحد، والنظم الضريبية والمحاسبية، والتسجيل والترخيص بالإصدار، وأن البعض يعانى من أزمات إصدار التراخيص، ولا سيما بعد إعلان الحكومة عن إمكانية الترخيص بالإخطار والتى لم تصدر حتى الآن، مطالبًا بضرورة الاهتمام بشكل أكبر بهذه المنظومة، كما أن المصانع تعانى صعوبة توفير الدولار لاستيراد الخامات، مما يتسبب فى تراجع القدرة الإنتاجية لها.
وذكر أن أزمة الطاقة صداع مُزمن فى رأس الصناعة، ولا سيما بعد تخلى الحكومة عن ضرورة توفيره للمصانع وتوجيهه لمحطات الكهرباء، بما يؤثر على الطاقة الإنتاجة للمصانع، لافتًا إلى أن توجيه الغاز للكهرباء من أبرز الأزمات التى تعانى منه المصانع فى الوقت الحالى، كما تواجه المصانع تحديات فى توفير الأراضى الصناعية وتخصيصها بمزايا وحوافز وأسعار مناسبة، والعمل على تحفيز المستثمرين وتشجيعهم على مزيد من التوسعات وجذب الاستثمارات الأجنبية.
وقال فاروق مصطفى، العضو المنتدب لشركات «فينسيا» و«مصر الدولية للسيراميك»، إن الصناعات بشكل عام تواجه أزمتين هما توفير الدولار والطاقة، بالإضافة إلى أزمات أخرى مثل توفير العمالة المدرَّبة، وتوفير الأراضى الصناعية التى يتم ترفيقها وبأسعار مناسبة وليس مُغالَى فيها، وذلك من أجل المساهمة فى نهضة الصناعة خلال الفترة المقبلة، ولا سيما أن الصناعة تعدُّ عصب الاقتصاد، ومن أجل زيادة نسبة التصدير خلال الفترة المقبلة.
وأشار إلى أن التحدى الأكبر هو دعم الحكومة للصناعة؛ من أجل التوسع فى العديد من الأسواق خلال الفترة المقبلة؛ لجذب العملة الأجنبية وتوفير احتياجات المصانع من الدولار عن طريق التصدير، مطالبًا بضرورة خفض سعر الغاز للمصانع؛ لأن ذلك يسهم فى زيادة القيمة المضافة من الغاز بدلًا من حرقه بمحطات الكهرباء والمنازل وغيرها، كما طالب بضرورة العمل للقضاء على الروتين والبطء فى إصدار القرارات والتشريعات، والعمل على تنقيتها من أجل تشجيع المستثمرين.
تغيير أسعار الخامات تأثرًا بتذبذبات «الأخضر» أخطر ما تواجهه «المعدنية»
قال محمد سيد حنفى، مدير غرفة الصناعات المعدنية، إن كل معاناة المستثمرين تتمثل فى تدبير التمويل الخاص بمشروعاتهم لاستيراد الخامات، بالإضافة إلى أن المستثمر كان يتعاقد على الخامات، وعند تسديد قيمتها يتغير السعر مما يزيد من تحمل المستثمرين لخسائر نتيجة فرق سعر العملة المتغير، كما أنه يرفع من تكلفة الإنتاج التى يتحملها المستثمر ويحاول أيضًا خفض الأسعار من أجل بيع المنتجات أولًا بأول، كما أن الطاقة الإنتاجية للمصانع لا تتعدى %30 نتيجة الأزمات التى تواجههم بشكل مستمر مما يحدُّ من طاقتهم، فى الوقت الذى تطالبهم فيه الحكومة بطاقة إنتاجية %100.
وطالب حنفى ﺍﻟﺠﻬﺎﺕ ﺍﻟﻤﻌﻨﻴﺔ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺩﻋﻢ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻭﺯﻳﺎﺩﺓ ﺍﻹﻧﺘﺎﺝ؛ ﺣﺘﻰ يمكن للمصانع منافسة المنتجات التركية والأوكرانية، والعمل على التصدير خلال الفترة المقبلة، مما يسهِّل دخول العملة الصعبة وزيادة موارد الدولة، كما طالب بأهمية العمل على سرعه إنهاء التراخيص والقوانين الخاصة بالاستثمار خلال الفترة المقبلة، وأهمُّها قانون الاستثمار، مشيرًا إلى أن أزمة الطاقة أبرز العوائق أمام المستثمرين، موضحًا أن نسبة توريد الغاز للمصانع لا تتعدى %25، ووعدت الحكومة بتحسين التوريد خلال الشهور المقبلة، مؤكدًا أهمية قيام الحكومة بتوفير التمويل لتسهيل عودة المصانع المتوقفة عن العمل.
مجتمع الأعمال: «الحكومة لم تفِ بوعودها»
ويرى الدكتور هشام العشماوى، رئيس جمعية رجال الأعمال المصرية الأمريكية، أنه لن تشهد السوق المصرية أى استثمارات جديدة، أجنبية أو محلية، فى ظل عدم تفعيل الدولة قراراتها وتشريعاتها لضبط مناخ الاستثمار بمصر، وفى ظل غياب «الهارمونى» أو الاتفاق بين الوزراء فى الحكومة، مما يتسبب فى صدور قرارت متخبطة تصب فى النهاية بالسلب على المواطن.
وأوضح أن الحكومة فشلت حتى الآن فى تطبيق نظام الشباك الواحد، رغم تعديلاتها الأخيرة لقانون الاستثمار، ولم تضع حلولًا لمشكلة نقص الدولار، أو عقبات بطء وبيروقراطية إصدار التراخيص الصناعية.
وتابع: «الحكومة أيضًا لم تنجح فى وضع خطة تمكِّن السوق المصرية من المنافسة عالميًّا فى منتجات أو أصناف بعينها تتخصص فيها السوق المصرية، فرغم امتلاك مصر بعض الخامات التى تشتهر بها كالقطن المصرى، فإن الآلات “المجنزرة” تخرج منتجًا رديئًا لا يمكن أن ينافس سعره منتجًا عالميًّا مصنوعًا من خامات أقلّ جودة».
ردود الحكومة حول أزمات تخصيص الأراضى
فيما كشف مصدر بهيئة التنمية الصناعية، فضّل عدم الإفصاح عن اسمه، أن الهيئة تطرح الأراضى وفقًا لـلمناطق الصناعية المرفقة “الشاغرة” التى تمدُّها بها هيئة المجتمعات العمرانية.
“تحدد التنمية الصناعية، وفقًا لقائمة الأراضى التى تريدها، الأنشطة المتاحة فى القطاعات الصناعية المتنوعة لطرحها على المستثمرين، بناء على الصناعات القائمة فى تلك المناطق، وتكون الأولوية لتوسعات المشروعات القائمة فى منطقة الطرح، ثم “القرعة” للمفاضلة بين المستثمرين الراغبين فى الاستثمار فى مشروعات جديدة بالمناطق الصناعية، فى حال تقدم أكثر من مستثمر لها”، وفقًا للمصدر.
كان العديد من المستثمرين قد تقدموا بشكاوى وانتقادات حول نظام طروحات الأراضى، مؤكدين أن الطروحات تتم لمساحات صغيرة تناسب طبيعة المشروعات الصغيرة والمتوسطة فقط، ولا تلائم الكبيرة منها، فيما لم تَسلم الطروحات من شكوى صغار المستثمرين أنفسهم؛ نظرًا لحظر بعض الأنشطة فى المناطق الصناعية.
ومن بين نماذج الأنشطة المحظورة فى القطاع الغذائى، المشروبات الكحولية ومنتجات الدخان والمجازر والسماد العضوى، وتصنيع عش الغراب.
وفى قطاع الكيماويات من الأنشطة المحظورة فى المناطق الصناعية الأسمنت، والأسمدة الآزوتية والفوسفاتية، والسيراميك والبورسلين، والمنتجات الزجاجية. وفى المعدنية نشاط حديد التسليح، ومربعات الصلب والحديد الإسفنجى. وفى الدوائية نشاط التعبئة والتغليف لمنتجات الأدوية والمستلزمات الطبية ومستحضرات التجميل والمبيدات الحشرية. وفى الغزل والنسيج حياكة البطاطين والفوط والبشاكير. وفى القطاع الهندسى مشروعات الموتوسيكلات ثنائية الشوط.
فيما برّرت هيئة التنمية الصناعية اقتصار الطروحات على أنشطة محددة، لتناسب ذلك وطبيعة المنطقة الصناعية التى يجرى طرح الأراضى بها.
وعلّلت حظر إقامة أنشطة صناعية محددة إلى كونها مشروعات كثيفة الاستهلاك للطاقة تخضع لموافقات المجلس الأعلى للطاقة، أو أنها مشروعات ضارّة بالصحة كالكحول والسجائر، أو مشروعات طروحاتها تقتصر على سياسات محددة كطروحات الأسمنت والحديد، أو كونها مشروعات تخضع لتنظيم جهات أخرى، كقطاع البترول أو وزارة الزراعة.
فيما أكد اللواء إسماعيل جابر، رئيس هيئة التنمية الصناعية، أن الهيئة طرحت العديد من الأراضى خلال الشهور الماضية بمناطق صناعية فى مدن بدر، وقويسنا، والعاشر من رمضان، وجنوب الرسوة ببورسعيد، وذلك ضِمن خطة تستهدف طرح نحو 40 مليون متر مربع للمستثمرين بعدد من المحافظات؛ لتوسيع الأنشطة الصناعية وتشجيع المستثمرين، ولا سيما أن طرح الأراضى كان أحد أبرز الأسباب التى تسبب أزمات للمستثمرين.
وأوضح جابر أن التأخر فى طرح الأراضى او ارتفاع أسعارها يرجع إلى عدة أسباب، منها ترفيق الأراضى، ومساحة قطعة الأرض ومكان الأرض، بالإضافة إلى النشاط الذى ستتم إقامته، والهيئة ليست هى المسئولة عن تحديد أسعار الأراضى، لافتًا إلى أنه يتم طرح أراضٍ بنظام حق الانتفاع، وأخرى بنظام التمليك؛ من أجل مساعدة صغار المستثمرين على التقدم للمشروعات، بالإضافة إلى أنه يتم سداد قيمة الأراضى على فترات مختلفة، كما أن الهيئة تسعى لتوحيد جهات تخصيص الأراضى وغيرها من الأمور التى تساعد على التوسع الصناعى وإزالة العوائق أمام المستثمرين.
وأشار إلى أن الدولة تحرص على حل مشكلات الأراضى من خلال قرارها الأخير، والمتعلق بإمكانية تخصيص الأراضى للمستثمرين بالمناطق النائية مثل الصعيد وسيناء، بأسعار رمزية، منوهًا بأنه لا يزال أغلب المستثمرين يعزفون عن الاستثمار بمناطق الصعيد، لافتًا إلى أن الهيئة بدأت خلال المرحلة الماضية أولى خطوات طرح 14 رخصة جديدة بقطاع الأسمنت، وكذلك رخص توسعية فى صناعة الحديد لإضافة نحو 2.5 مليون طن، مضيفًا أن الهيئة لم تتوقف طيلة الأعوام الماضية من طرح أى رخص بصناعة السيراميك، طبقًا لطبيعة أماكن الرخص، ومدى توافر احتياجاتها من الطاقة.