وفى هذا السياق، يقول الدكتور حسام لطفى، أستاذ القانون بكلية الحقوق، المحامى بمحكمة النقض، إن مناخ الاستثمار فى مجال القنوات الفضائية يواجه العديد من التحديات، أبرزها صعوبة الحصول على التراخيص الخاصة بمزاولة النشاط، على الرغم من السهولة فى إجراءات تأسيس الشركة الخاصة بإطلاق القنوات الفضائية.
وأكد أن مزاولة نشاط الإعلام المرئى يخضع لمعايير معقدة، نظراً لتدخل كل الجهات الحكومية، وكذلك الجهات الأمنية والمخابراتية فى وضع معايير لم ينص عليها القانون، وبالتالى ليست محددة بالشكل الكافى، حيث تخضع معظمها لأهواء العاملين بهذه الجهات.
فيما يقول الدكتور فاروق أبوزيد، بكلية إعلام القاهرة، إن القانون فى البداية كان يكرس سيطرة اتحاد الإذاعة والتليفزيون على حركة البث، ولكن عندما ظهرت القنوات الفضائية بدأت الحكومة فى السعى لتسهيل الإجراءات أمام الشركات، بهدف تغطية التكاليف المالية التى تحملتها الدولة عند تشغيل النايل سات، والتى تقدر وقتها بحوالى 150 مليون جنيه، من خلال إنشاء المنطقة الإعلامية الحرة التابعة لوزارة الاستثمار، أى أن الهدف من الموضوع التجارة وتحقيق الأرباح بالدرجة الأولى.
وأكد أبوزيد، أن النظام السابق كان يعتمد على هيئة الاستثمار من أجل تغطية تدخله فى شئون القنوات الخاصة، سواء عبر وزارة الإعلام أو الجهات الأمنية، حيث كانت الأوامر تأتى للهيئة بإغلاق القناة فى أى وقت.
وأضاف أنه كان ضمن المشاركين فى وضع اللائحة الحاكمة لآليات عمل القنوات الفضائية، و كانت تشترط 3 محددات رئيسية ممثلة ألا تكون القناة حزبية أو جنسية أو دينية، مشيراً إلى أن الجميع التزم، إلى أن جاءت الثورة وبدأ الجميع يعمل على خدمة مصالح أحزاب بعينها، وكذلك أصبحت القنوات الدينية لا حصر لها الآن.
ومن جانبه قال محسن راضى، القيادى بجماعة الإخوان المسلمين، رئيس لجنة الثقافة والإعلام بالحزب، إن المنظومة الإعلامية فى مصر تفتقد 3 ركائز أساسية، تتمثل فى البنية التشريعية المناسبة وميثاق الشرف الحاكم للمهنة ونقابة تدافع عن مصالح العاملين بها.
وقال إنه بمجرد انتهاء الانتخابات البرلمانية سيكون من أبرز أولويات لجنة الإعلام والثقافة بمجلس النواب تفعيل مواد الدستور، فيما يتعلق بإنشاء مجلس وطنى للإعلام، ويتم على أساسه إلغاء وزارة الإعلام وتحرير سلطة الإعلام من قبضة الدولة وسن التشريعات اللازمة لذلك.
وعن تقييمه للوضع الحالى للبيئة التشريعية الخاصة بالإعلامى، يرى القيادى بجماعة الإخوان المسلمين، أن التشريعات الحالية ساعدت على حدوث فوضى فى القنوات الفضائية دون أى ضوابط، كما أنها أعطت دوراً للهيئة العامة للاستثمار فى إصدار التراخيص للشركات للبث داخل المنطقة الإعلامية الحرة.
وعن سبب تأخر جماعة الإخوان وحزب الحرية والعدالة فى تمرير مشروع قانون ينظم عمل المجلس الجديد ويلغى وزارة الإعلام، يرى «راضى» أن الوضع الاقتصادى أولى حالياً من الاهتمام بالصحافة والإعلام.
ويرى أنه لا يمكن اسناد مثل هذا المشروع المهم لمجلس الشورى الذى يشكك كثيرون فى شرعيته.
وعن تقييمه للقنوات العاملة بالسوق حالياً، قال إن جميع القنوات تفتقد للمصداقية والمهنية بما فيها القنوات المحسوبة على تيار الإسلام السياسى.
وتقول الدكتورة ميرفت الطربشى، عميد كلية الإعلام بـ6 أكتوبر، إن وضع الإعلام المرئى يعانى مأزقاً حاداً فى الوقت الحالى نظراً لرغبة جماعة الإخوان المسلمين عبر رئيسها الدكتور محمد مرسى فى السيطرة على جميع مفاصل الدولة.
وأوضحت أنه خلال الفترة الماضية قام أعوان «مرسى» بمحاصرة مدينة الإنتاج الإعلامى، فى حين نجد أن قنوات أخرى تفتى بقتل المعارضة دون أن يعاقبها أحد أو يخرج أحد ويجرمها.
وعن رأيها فى المجلس الوطنى للإعلام، قالت ميرفت الطربشى، إن هذا المجلس يستند إلى دستور اثار قلقاً داخل المجتمع بالكامل واستحوذ فصيل بعينه على تشكيله، ليؤكد أن تشكيله سيكون لخدمة النظام أيضاً.
وقال الدكتور صلاح جودة، رئيس مركز الدراسات الاقتصادية، إن الهيئة العامة للاستثمار تخالف القانون عند قيامها بفحص مستوى البث، مشيراً إلى أن الوظيفة الرئيسية للهيئة هى الإشراف الإدارى للشركات القائمة على البث وليس محتوى البث نفسه.
وأشار جودة إلى أن الإشراف الإدارى للهيئة يتمثل فى تحديد مدى التزام الشركة بعقد اجتماع جمعية عمومية ومجالس الإدارة واستدعاء مراقب المحاسبات ومراجعة الميزانيات، وفقاً لقانون رقم 8 لسنة 1997 الخاص بحوافز الاستثمار.
وأكد جودة أن الأزمة الحالية تتمثل فى عدم التزام الهيئة العامة للاستثمار بالبنود التى ينص عليها القانون.
وتقول الدكتورة ليلى عبدالمجيد، العميد السابق لكلية إعلام القاهرة، إن القوانين الحاكمة لمنظومة البث الفضائى منها قانون اتحاد الإذاعة والتليفزيون الذى يكرس للاحتكار، وعندما قامت الدولة بإتاحة الفرصة للقطاع الخاص بالبث الفضائى، تم إصدار قرار بإنشاء المنطقة الإعلامية الحرة تحت تبعية ولاية الهيئة العامة للاستثمار بهدف «الجباية» فقط، حسب تعبيرها دون تعديل القانون الخاص باتحاد الإذاعة والتليفزيون.
وقالت إن قرار إنشاء المنطقة الإعلامية الحرة سمح للشركات بتملك القنوات الفضائية، ولكنه لم يعط لها الحق فى تملك الأراضى التى يتم البث منها.
وأوضحت أن الإعلام المرئى والمسموع بعد الثورة تعرض لفوضى كبيرة، نظراً لاستمرار حالة الانفلات الأمنى والاحتقان السياسى، حيث ظهرت قنوات حزبية مثل قناة مصر 25 بما يخالف القانون، ولم نجد رد فعل من السلطات القائمة، رغم تضييق الخناق على القنوات الأخرى مثل «دريم» و«التحرير» وغيرهما من القنوات.
وقالت للأسف انتشرت القنوات الدينية بشكل كبيرة سواء كانت تنتمى للدين الإسلامى أو المسيحى، مما أدى إلى حدوث أزمات طائفية لم تكن موجودة من قبل.
وترى ليلى عبدالمجيد أن أزمة الإعلام فى مصر ستظل مستمرة لفترات طويلة، خاصة أن وضع الإعلام فى الدستور الجديد لم يرض كثيراً من القوى السياسية بعد اصرار الحزب الحاكم على تمريره بالرغم من الانقسام الحاد بشأنه.
وقالت بصرف النظر عن عدم وجود توافق على الدستور إلا أن النص الخاص بالمجلس الوطنى للإعلام لم يحدد الضوابط الخاصة بالمجلس الجديد وأدواره بالتحديد.
وعن تصورها لكيفية إصلاح هذه المنظومة قالت ليلى عبدالمجيد، على القيادة السياسية أن تنظر للمقترح القانونى الذى وضعه الخبراء خلال عهد النظام السابق، بحيث لا يتم البدء من جديد على أن تتولى دراسة هذه المقترحات لجنة محايدة معلنة لجميع القوى السياسية، وأن يتم رفعها لنقاش مجتمعى كامل وجاد يراعى فيه جميع الروى بحيث يشارك فيه كل المصريين وليس الإعلاميين فقط.