◗❙ نمو الصادرات والسياحة دليل تعافى الاقتصاد.. والفترة المقبلة دقيقة لجذب الاستثمار
مصطفى طلعت
أكدت نيفين الطاهرى، رئيس مجلس إدارة شركة «دلتا شيلد» للاستثمارات والخبيرة البارزة بسوق المال، أن ضم قطاع المشروعات الصغيرة المتوسطة «SMEs» تحت المظلة العامة للاقتصاد، أصبح ضرورة للغاية، مؤكدة أن الدولة بدأت الاهتمام فعليا بهذه الجزئية عبر إطلاق البنك المركزى مبادرة لتمويل شركات القطاع، والتى أعادت الروح إلى الكيانات العاملة به .
جاء ذلك ضمن حوار «المال» مع «الطاهرى» للكشف عن رؤيتها لمسيرة الاقتصاد المحلى والبورصة والبنوك فى ضوء برنامج الإصلاح الذى تنفذه الدولة، والذى استحوذ فيه قطاع «SMEs» على الجانب الأكبر من اللقاء باعتباره يمثل الجزء الأكبر من الاقتصاد والحصان الرابح لتحويل مصر إلى منصة كبيرة إذا تم استغلاله بالشكل الأمثل .
وكان “المركزى” قد ألزم البنوك المحلية مطلع 2016 بتخصيص نحو %20 من محافظها الائتمانية؛ لتمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، وبلغ حجم التمويل المقدم لهذه الشركات حتى ديسمبر 2018، نحو 115.5 مليار جنيه، استفاد منها نحو 491 ألف عميل على مستوى الجمهورية .
وقالت نيفين الطاهرى إن قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة قد تأثر سلبا بشكل كبير بسبب تحرير سعر الصرف، موضحة أنه فيما يخص “دلتا شيلد” فقد تأثرت الشركات المدارة خاصة التى تعمل فى القطاع الغذائى والموضة، بالإضافة إلى القطاع الخدمى الذى تأثر لكن بشكل نسبى بسبب القدرة على تمرير الزيادات للمستهلك النهائى .
وشددت على ضرورة تدقيق منظومة الضرائب المطبقة على القطاع ليتم على سبل المثال إعفاء كياناته من الضريبة لفترة معينة كآلية للتشجيع باعتباره قطاع مهم لجذب للعمالة، مؤكدة أن هذه الشركات فى حاجة كبيرة للدعم، خاصة فى مراحل التشغيل الأولية .
وأوضحت أن أصعب مرحلة لأى مشروع هى التمويل بعد التشغيل وقدرته على الاستمرار، وهو الدور الذى يعول عليه البنك المركزى عبر مبادرة الـ%5 فائدة على 5 سنوات للمشروعات الصغيرة والمتوسطة .
وأضافت أنه ليس من المنطقى أن تتحمل الشركات الصغيرة تكلفة أكبر فى بداية عملها بالسوق، خاصة أن الملاءة المالية الخاصة بها تكون ضعيفة وتحتاج إلى دعم مالى مستمر، كما أنها قد تكون معرضة للخسائر أثناء مراحل عمل المشروع، موضحة أنه على سبيل المثال يتم تطبيق ضريبة تأمين صحى، بما يعادل 2.5 فى الألف من رأس مال المشروع قبل إطلاقه وهو شيئ غير واقعى ومكبل .
وأوضحت أن الدولة مضطرة إلى زيادة معدلات الضريبة بغرض تدبير سيولة تمكنها من تنفيذ بنية تحتية قوية للمشروعات الكبرى لكنها طالبت بألا يتم تعميم الضرائب على كل القطاعات فالظروف مختلفة بين قطاع وآخر .
وأشارت إلى أن هناك دولا كثيرة تدير قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة عبر إدارات حكومية متخصصة، وبعض الدول الأخرى تقدم حوافز تشجيعية كفترة إعفاء محددة للضرائب مقابل توظيف إعداد من العمالة ولاتزال مصر تتعلم جديد فى هذا القطاع .
وعلى صعيد الوضع الاقتصادى العام، قالت إن المواطن تحمل الآثار الناتجة عن الإصلاح الاقتصادى والمتمثلة فى ارتفاع معدلات التضخم لكن الدولة اتخذت على الجانب الآخر بعض الآليات للتخفيف من حدة التضخم منها إطلاق وزارة التضامن الاجتماعى برنامج “تكافل وكرامة” للتخفيف على الأسر الأكثر احتياجًا .
وأكدت أن إجراءات الإصلاح الاقتصادى والهيكلة لكل القطاعات مستمرة خلال الفترة المقبلة بالتزامن مع قيام الدولة بإنجاز عدد من المشروعات القومية المهمة، خاصة البنية التحتية المتمثلة فى الطرق والكبارى، ووصفت الأخيرة بأنها مهمة للغاية .
وترى أن معدلات الاستثمار المباشر لاتزال متواضعة، موضحة أن هذا التذبذب يؤثر فى النهاية على عملية تدفق الأموال للسوق المحلية نتيجة صعوبة المستثمر فى تسعير منتجاته وتحديد سعر الصرف الذى يدخل ويخرج به من السوق .
وتابعت: “الشكل العام للاقتصاد جيد خاصة مع الثورة التشريعية والقانونية فيما يتعلق بالعملية الاستثمارية، مؤكدة أن المستثمر لا يهتم كثيرا بقيمة سعر الصرف لكنه يهتم بمدى توافره بالسوق فى أى وقت وخروجه بسهولة من السوق ”.
وأشارت إلى أن هناك دلائل على التحسن فى الوضع الاقتصادى تمثلت فى نمو حجم الصادرات إلى الأسواق الخارجية نتيجة تنافسية المنتج المصرى بعد تحرير سعر الصرف، كما بدأ التحسن فى مجال السياحة مما انعكس على زيادة عدد الوفود القادمة إلى مصر مستفيدة من حصول مصر على مركز متقدم بين الدول الأكثر أمنًا بين دول العالم .
يذكر أن التقرير السنوى لمؤسسة “جلوبال جلوب” الدولية المتخصصة فى البحوث الإحصائية ويغطى 135 دولة، قد كشف عن تقدم مصر إلى المركز الـ16 على مستوى العالم، وصنفت على أنها الأكثر أمانا فى أفريقيا وتفوقت على دول مثل الولايات المتحدة وبريطانيا .
وترى نيفين الطاهرى أن الفترة المقبلة دقيقة للغاية لجذب مزيد من الاستثمارات إلى السوق، خاصة مع الاكتشافات الضخمة لحقول الغاز الطبيعى التى تؤمن إيقاف الاستيراد والاتجاه للتصدير، كذلك ارتفاع الاحتياطى النقدى الذى يخفف من الضغط على العملة الأجنبية ما قد يدفع البنك المركزى إلى مزيد من خفض للفائدة الأمر الذى يستتبعه ضخ استثمارات جديدة .
وأوضحت أن دول العالم تمر حاليًا بأزمات كبيرة وحالة من التخبط وعدم الاستقرار بسبب الصراع الاقتصادى “الأمريكى الصيني” فضلًا عن التوترات السياسية فى فرنسا، وكذلك أزمة العملات التى واجهت الأسواق الناشئة، فكل هذه الأمور جعلت القرار الاستثمارى فى كل الدول المحيطة صعب، موضحة أن مصر استبقت غالبية الدول بتخفيض العملة مما جعل تأثير هذه الأزمات عليها أقل .
وأكدت أن مصر سوق جاذبة مع وجود عدد من المعطيات على رأسها التعداد السكانى الكبير وتوافر عنصر الأمان بالإضافة إلى العمالة التى من السهل جدا تدريبها وقدرتها العمل تحت ظروف صعبة .
وقالت إن صناديق الاستثمار الكبرى حول العالم بدأت تلتف إلى السوق المحلية باعتبارها سوقا كبيرة، بخلاف فترات سابقة لم تكن مصر على خريطة تلك الجهات، مما يؤكد أن مصر على الطريق الصحيح لكنها تحتاج إلى تمرير هذه الفترة .
وفيما يتعلق بأسعار الفائدة، أكدت نيفين الطاهرى أن قرار البنك المركزى الأخير بخفضها بمعدل %1 خطوة مهمة، خاصة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة التى لا يمكنها العمل تحت مستويات الفائدة الحالية، موضحة أن السوق تحتاج إلى مزيد من الخفض فى أسعار الفائدة خلال الفترة المقبلة لتشجيع كل الكيانات على ضخ استثمارات بالسوق المحلية .
وعلى صعيد الديون التى تتكبدها ميزانية الدولة، قالت إن المستوى الحالى للديون مرتفع وخطير وتكلفتها كبيرة وتتحملها أجيال بأكملها لكنها أضافت: « أنا على يقين بأن القائمين على إدارة الشأن الاقتصادى لديهم حسابات محددة فى كيفية سدادها والعمل على تقليصها ».
وتابعت: “مستوى الديون إشارة قلق ويجب أن يكون لدينا الوعى الكامل بحجم الديون وكيفية سدادها لكن بلا شك القائمين على ادارة البلاد لديهم الآليات التى تمكنهم من سدادها شريطة أن تكون هناك ألية للثواب والعقاب ”.
وطالبت بضرورة تحديد أولويات إنفاق المال العام، التى وصفته بالمحدود فى الوقت الحالى، مؤكدة أن الإنفاق على التصنيع وتشغيل المصانع والبنية التحتية أهم بكثير من إنفاقات أخرى، موضحة أن اتجاه الدولة للاستدانة بغرض تنفيذ هذه المشروعات هو إنفاق فى محله مضيفة : “الكم المحدود من المال يجب أن نحدد أوجه إنفاقه ”.
أما فيما يتعلق برؤيتها للبورصة، قالت إن سوق المال دائمًا مرآة لتحرك الاقتصاد وأن البورصة انتعشت بعد اتخاذ قرار التعويم مشددة على ضرورة اختيار التوقيت المناسب للطرح، والذى يختلف من شركة إلى أخرى ومن قطاع إلى آخر .
وترى أن إدراج أحد الكيانات فى السوق فى توقت غير مناسب يعد ظلما للشركة والمستثمر الذى يرغب فى الشراء، موضحة أن اختيار توقيت خاطئ قد يدفع إلى طرح أحد الكيانات بسعر أقل بسبب انكماش السوق وتذبذب مؤشرات الاقتصاد الكلى .
وأضافت: “يجب إدراج الشركة فى الوقت المناسب، فعلى سبيل المثال تحتاج بعض الشركات إلى بيعها لمستثمر إستراتيجى أولا قبل الطرح بالبورصة ليقوم بهيكلتها وتدعيمها وتجهيزها على صعيد الحكومة وغيرها من الإجراءات المطلوبة، فالمستثمر الإستراتيحى يستهدف قطاعا بعينه كما أن الرؤية تكون أوضح بالنسبة له .”
وطالبت بآليات واضحة تجعل من بورصة المشروعات الصغيرة والمتوسطة «بورصة النيل» وسيلة للهيكلة وتحقيق النمو والتمويل بحيث لا تكون جهة للتخارج فقط كما كان معمولا بها مؤخرا .
وعلى صعيد عمل «دلتا شيلد» أشارت إلى أنها الشركة تتخصص فى القطاع العائلى، وتهتم بخلق فرص للتوظيف وغالبية عملها فى الوقت الحالى، يتجه نحو القطاع الصناعى بشكل كبير مؤكدة تضمن بقاء الكيانات والشركات العائلية الكبيرة من خلال الربط بين الجيل المؤسس للشركة من الجد وبين الجيل الحالى .
ولفتت إلى أن طبيعة عمل الشركة تتمثل فى دخول شركة عائلية والقيام بعملية هيكلة وحل أى مشكلات مالية أو اقتصادية تواجهها سواء كان ذلك عن طريق دخول مستثمر إستراتيجى أو بيع جزء من الشركة أو فصل الأنشطة عن بعضها من خلال الحكومة وفصل الملكية عن الإدارة، عبر الاستعانة بخبرات قانونية ومالية معروفة .
وأوضحت أنها تمتلك شركة أخرى تسمى “دلتا إنسبير” لإدارة المشروعات وتدير صندوق “138 بيراميدز” وهى كيان متخصص فى قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة والناشئة، لافتة إلى أن دور هذه الشركة الدخول فى الكيانات بملكية تصل إلى %20 بهدف تعظيمها وتكبيرها وبدأت تتخصص فى الاستثمار فى قطاعات الغذاء والموضة، كما أن الشركة اقتربت من الدخول فى أحد الكيانات التى تعمل فى قطاع البترول .
وأشارت إلى أن حجم الصندوق الحالى يصل إلى 10 ملايين دولار، وهناك خطة لمضاعفته ليصل إلى 20 مليون دولار ويستثمر فيه رجال أعمال مشهورين، على رأسهم الشيخ صالح كامل عبر شركة “شان” للاستثمارات والشيخ صالح التركى .