بين هذه المجموعة من الشباب٫ شعرت لأول مرة أنني قد أصبحت كهلا٫ رغبت أن أعود شابا يافعا من جديد٫ فأصبحت٫ أو هكذا خيل لي.
توليفة من الشبان المتحمسين، جاءوا يحملون معهم٫ تباين ثقافات وأفكار الشرائح الاجتماعية المختلفة٫ التي ينتمون إليها، واختلاف أنواع التعليم والخبرات٫ التي حصلوا عليها.
بدوا من فرط حماسهم متنافرين، لا يجمع شملهم٫ سوي جدران هذا المشروع الجديد، غير محدد المعالم، لدى الغالبية منهم، خضعوا لاختبار -نزعم أنه دقيق-، قبل أن يقع الاختيار عليهم، للولوج إلي غمار دورة تدريبية متخصصة، حاضرهم فيها مجموعة من المتخصصين، قبلوا الحضور تطوعا، ربما لإشباع فضولهم في التعرف علي هذه التجربة الفريدة.
ومع تصاعد رزاز المعارك الكلامية٫ وتفجر حدة التباينات٫ وصعوبة لغة الاقتصاد والأرقام٫ صمد منهم من صمد٫ بعضهم تعرض للحظات انهيار سرعان ما تغلبوا عليها ، وآخرون وقع اختيارهم علي الطريق السهل٫ خرجوا إلي غير رجعة.
حاولنا أن نخلق منهم مجتمعا ليبراليا مصغرا٫ يقوم علي معرفة واحترام الآخر٫ ويوجل أهمية المعلومات في بناء الآراء والقرارات٫ شرط أن تكون هذه المعلومات٫ مدققة ومنقحة٫ بعيدا عن الأفكار والتصورات المسبقة.
العنصر البشري٫ التدريب٫ القدرة علي الوصول إلي المعلومات٫ الدقة٫ موضوعية التحليل٫ الإلمام بطبيعة القضايا المثارة تمهيدا للاختيار الصحيح للمصادر٫ فصل الإعلان عن التحرير٫ توفير خدمات جديدة لشريحة القراء المستهدفة٫ مراقبة الجودة والاهتمام بالتفاصيل الصغيرة٫ التطوير المستمر والتفاعل مع احتياجات القراء٫هذه باختصارالعناصر اللازمة -من وجهة نظرنا- لتوفير الحد الأدني من متطلبات النجاح لأي مطبوعة اقتصادية.
ومن البداية .. نحن واضحون
– صحفيونا ليسوا مندوبي اعلانات متنكرين في هيئة محررين ٫ ونتصور أن هذه الصرامة المهنية٫ لا تعكس حالة من السذاجة المفرطة من جانبنا٫ وإنما إيمانا بأهمية التخصص في جميع المجالات، فكما للصحافة الاقتصادية دروبها ورجالها، فإن التسويق فن آخر لا يقل أهمية، ينبغي أن يقوم علي فريق من المحترفين.
– نحن لا نسأل أستاذا في علوم الإدارة في الموضوعات المتعلقة بالسياسات النقدية٫ ولا محللا ماليا متخصصا في قطاع البنوك في قضايا الاقتصاد الكلي ، ولا نخلط -عامدين أو غير عامدين- بحسن النية أو بسوئها٫ بين التحليل المالي الأساسي للأسهم والتحليل الفني.
– عندما نتعرض بالتحليل لأوضاع إحدى الشركات٫ فنحن لا نهدف إلي ابتزاز أصحابها٫ ولا لنيل رضاهم٫ للحصول علي اعلاناتهم علي الجانب المقابل ، وانما نسعي إلي خدمة جمهور المستثمرين وحملة الأسهم٫ بوضع أيديهم علي نقاط الضعف والقوة٫ ومساعدتهم علي اتخاذ القرار الاستثماري السليم٫ ولا تنس -كما لا ننسى-٫ ان كل رجل أعمال يمتلك ويدير مشروعه الخاص٫ هو في نفس الوقت مستثمر في مشروعات يديرها الآخرون.
– نحن مع القطاع الخاص٫ ليس بالزمر و«التطبيل»٫ ولكن بتوفير ما نعتقد انه يخدم مصالحه في النمو والإنتعاش٫ المعلومة الدقيقة٫ والتحليل الموضوعي٫ والمطالبة بإزالة المعوقات التي تعرقل انطلاقته إلي الأمام.
وفي نفس الوقت لن نألو جهدا ، في التعرض بالنقد٫ لبعض الممارسات الخاطئة٫ التي قد ترتكز علي مصالح فردية ضيقة٫ وتتعارض مع أسس ومبادئ الإقتصاد الحر٫ التي يكاد يتفق الجميع -حكومة وقطاع خاص بل ومعارضة- علي تطبيقه بدرجات متفاوتة ، تعكس أطياف الآراء والتوجهات والمنطلقات الفكرية السائدة بين القوي الإجتماعية والسياسية المختلفة.
وأخيرا٫ لا ندعي أننا أفضل من أحد٫ كما نكن كل التقدير والاحترام للآخرين٫ فقط نحاول أن نستفيد من تجاربهم٫ فننهل من محاسنها٫ قبل أن نسعى إلى تلافي مساوئها -إن وجدت- وقد نوفق أولا نوفق، و في الحالتين٫ لن يكفينا ويشبعنا مجرد شرف المحاولة.
هل نحن رومانسيون ؟ هل قررنا أن نعمل بالأسلوب الصحيح في السوق الخاطئة ؟ أو بالأسلوب الخاطئ في السوق الصحيحة؟.
بصراحة لا نعلم٫ كل ما نأمله ألا نكون رومانسيين أكثر من اللازم.