مذبحة أطفال «نيو تاون» تفتح ملف الرقابة على حمل السلاح فى أمريكا

مذبحة أطفال «نيو تاون» تفتح ملف الرقابة على حمل السلاح فى أمريكا
جريدة المال

المال - خاص

5:28 م, الثلاثاء, 18 ديسمبر 12

إعداد – رجب عزالدين

أثارت مجزرة نيوتاون، التى وقعت فى إحدى المدارس الابتدائية بولاية كونكتيكت مؤخرًا، وأسفرت عن سقوط 26 قتيلاً، بينهم 20 طفلاً، الجدل من جديد حول الرقابة على الأسلحة فى الولايات المتحدة، بعد أن ماطلت واشنطن منذ شهور فى الانضمام لاتفاقية دولية لتنظيم تجارة السلاح كانت الأمم المتحدة قد دعت إليها.

 
أوباما

وقال أوباما فى تعليقه على الحادث، سيتعين علينا الاتحاد معًا، والقيام بعمل جاد لمنع تكرار مثل هذه المآسى بغض النظر عن السياسة، فى إشارة واضحة إلى تأثير الجمعية الوطنية للبنادق على أعضاء الكونجرس، وفقًا لما نشرته وكالة رويترز مؤخرًا.

يشار إلى أن أوباما لم يتعرض لقضية حمل السلاح فى حملته الانتخابية الأخيرة بشكل واضح، رغم مطالبات العديد من الجهات المعنية بحقوق الإنسان ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان مستعدًا لاتخاذ نهج أكثر حزمًا الآن، بعد أن فاز بفترة ولاية ثانية، نظرًا لما تمارسه جماعات الضغط القوية التى تدافع عن الحق فى حمل السلاح، مما يثنى معظم السياسيين عن أى جهود كبيرة للتعامل مع سهولة توافر الأسلحة النارية.

وأضاف أوباما: لقد مررنا بمثل هذه الحوادث مرارًا فى مدرسة ابتدائية، وفى مجمع تجارى فى ويسكونسن، وفى صالة للسينما فى كولورادو، وكل هذه المدن والأحياء هى مدننا وهؤلاء هم أولادنا، وعلينا أن نتضامن معًا من أجل وضع تدابير صارمة تمنع تكرار هذه الحوادث، دون النظر إلى أى اعتبارات سياسية.

بينما علق حاكم ولاية كونكتيكت، دان مالوى، على الهجوم بقوله: إن الشيطان قام بزيارة لهذا المجتمع اليوم، بينما قال رينيه بورن، وهو معلم يعمل بمدرسة أخرى، إن مثل هذه الأمور لا تحدث فى نيوتاون، مشيرًا إلى أنه على مدار السنوات العشر الماضية، لم يتم تسجيل سوى جريمة قتل واحدة.

وكان أحد المسلحين قد داهم مدرسة للأطفال فاتحًا النيران على الأطفال بشكل هيستيرى مؤخرًا، مما أدى إلى سقوط 26 قتيلاً منهم 20 طفلاً، ثم قتل نفسه، فى حادث غريب لم يتضح بعد أسبابه، لكنه أسوأ حادث إطلاق نار حدث فى تاريخ الولايات المتحدة، وثانى أسوأ إطلاق نار يقع داخل مدرسة أمريكية بعد المجزرة التى وقعت بجامعة فرجينيا تك عام 2007، والتى أسفرت عن سقوط 32 قتيلاً.

لكن محللين فى الشئون الأمنية أرجعوا سبب الظاهرة إلى تراخى السلطات فى تشديد القوانين الخاصة بمراقبة السلاح فى الولايات المتحدة، وقال بيل بوند، أحد خبراء الأمن فى المدارس، إن الأحياء الأمريكية التى بها مدارس أنفقت ملايين الدولارات على أجهزة رصد المعادن وكاميرات الأمن وخطط واضحة لرد الفعل فى حالات الطوارئ منذ مذبحة عام 1999، فى مدرسة كولومبين الثانوية، لكن الحوادث ربما تتكرر، طالما أن قوانين مراقبة السلاح لم يتم تشديدها وانتقد أوباما لعدم مطالبته على وجه التحديد بقوانين أكثر صرامة للرقابة على الأسلحة، وفقًا لتصريحاته لوكالة رويترز مؤخرًا.

يشار إلى أن الولايات المتحدة وبعض الدول الكبرى فى مجلس الأمن قد ماطلوا فى اجتماع الجمعية العامة فى 26 يوليو الماضى، فى التوقيع على الشكل النهائى لاتفاقية تنظيم تجارة الأسلحة التقليدية «ATT »، بزعم أن هناك بعض المشكلات الصغيرة التى تحتاج إلى توضيح، رغم موافقة المسئولين من حوالى 170 دولة حضروا هذا الاجتماع، وطلبت استكمال المفاوضات فى عام 2013.

وتركزت انتقادات الولايات المتحدة على تضمين الاتفاقية بندًا يطالب بالتصريح عن الذخائر التى يجرى بيعها، بينما اعترضت الصين على شمول اتفاقية الأسلحة الصغيرة، كما طالبت روسيا والصين بألا تتضمن الاتفاقية إشارة إلى حقوق الإنسان، بينما أبدت دول أخرى منها سوريا وكوريا الشمالية، وإيران، وتركيا، وكوبا، والجزائر، تحفظات على الاتفاقية، بينما أبدت مصر رفضها من منطلق أن الأولى استكمال المفاوضات مع الدول غير الموقعة على اتفاقية منع انتشار الأسلحة النووية.

الغريب فى الأمر أن الولايات المتحدة كانت من أشد المؤيدين لهذه الاتفاقية فى عام 2009، لكنها الآن أصبحت من أشد المعارضين لها، الأمر الذى يفسره البعض بتزايد نفوذ لوبى تجار السلاح فى الولايات المتحدة، والذى يحقق أرباحًا مهولة من تجارة الأسلحة سنويًا، علمًا بأن أكبر عشر شركات لإنتاج الأسلحة فى العالم هى شركات أمريكية، وفقًا لبيانات معهد استكهولم للسلام الدولى.

ويشير محللون إلى أن هناك أكثر من جهة داخل الولايات المتحدة ما زالت تمارس ضغوطها لعدم الموافقة على الاتفاقية، حتى وصل الأمر إلى مستويات رسمية تحرض على الرفض، منها الجمعية القومية الأمريكية للأسلحة التى نجحت فى إقناع مجلس الشيوخ الأمريكى فى جلسة الاستماع التى عقدها فى يوليو الماضى، وكانت نتيجة اللقاء أن أرسل 51 سيناتورًا خطابًا للرئيس أوباما يؤكدون فيه أن اتفاقية تنظيم الأسلحة تخالف الدستور الأمريكى وتمنع الأمريكيين من التمتع بحقهم فى امتلاك سلاح، وفقًا لما نشرته مجلة الأيكونومست مؤخرًا.

وتشير تقديرات المعهد الذى يتخذ من السويد مقرًا له، إلى أن قائمة أكبر مائة شركة مصنعة للسلاح فى العالم تضم من بينها 45 شركة، تتخذ من الولايات المتحدة مقرًا له، و33 شركة فى أوروبا الغربية، بحجم مبيعات بلغ 704 مليارات دولار خلال العام الماضى، بينما تضم قائمة أكبر عشر شركات لإنتاج السلاح فى العالم، سبع شركات أمريكية وثلاثًا أخرى أوروبية.

جريدة المال

المال - خاص

5:28 م, الثلاثاء, 18 ديسمبر 12