أوصي المنتدي الإقليمي الأول لتنمية الثروة الحيوانية الذي عقد بمركز المؤتمرات نهاية الأسبوع الماضي بمشاركة 7 دول عربية، بالإضافة إلي 3 دول افريقية وكذلك ممثلون من جامعة الدول العربية والمنظمات الدولية، بالإضافة إلي عدد من الشركات العاملة في مجال الإتجار بالحيوانات الحية، بإنشاء منتدي إقليمي للصحة الحيوانية لدول الشرق الأوسط وافريقيا وتعاون جامعة الدول العربية والاتحاد الافريقي ودول الاتحاد الخليجي في إنشاء معمل مركزي لإنتاج اللقاحات وإنشاء شبكة لمراقبة وتقصي ومكافحة أمراض الحيوان المتوطنة والعابرة للحدود، فضلا عن إنشاء بنك للأصول الوارثية المحلية لجميع سلالات الماشية بالمنطقة والحفاظ علي التنوع الحيوي للثروة الحيوانية، وتناول المؤتمر عدة محاور أهمها التكامل الزراعي والحيواني في المنطقتين العربية والافريقية والثروة الحيوانية في دول حوض النيل وتحديات الإنتاج الحيواني في المنطقتين العربية والافريقية.
وفي هذا السياق قال الدكتور محمد الجارحي، رئيس الهيئة العامة للخدمات البيطرية، إنه من أبرز التحديات التي تواجه الثروة الحيوانية في العالم العربي والدول الافريقية يتمثل في تنامي ظاهرة الاحتباس الحراري وارتفاع درجات الحرارة والذي أدي إلي خلق مناطق جديدة جاذبة للعوائل والنواقل المرضية التي تهدد بانتشار أكبر للأمراض العابرة للحدود، وفيما يتعلق بالمستوي المحلي، تمثل الأمراض المتوطنة أكبر التحديات التي تواجه الثروة الحيوانية، خاصة بعد ظهور انفلونزا الطيور مروراً بالعديد من الأمراض العابرة للحدود مثل حمي الوادي المتصدع الذي سجل بالسودان العام الماضي والعترات المختلفة للحمي القلاعية الموجودة في العديد من الدول وأقربها بجنوب غرب قارة آسيا.
وأشار الجارحي إلي أن هيئة الخدمات البيطرية بدأت منذ أربع سنوات في استخدام تكنولوجيا المعلومات لإدارة وتطوير ومراقبة برامج مكافحة أمراض الحيوان من خلال استخدام نظم المعلومات الجغرافية والخرائط الرقمية والاستشعار عن بعد، علاوة علي الربط الإلكتروني بين الإدارات البيطرية علي مستوي المراكز ومديريات الطب البيطري والهيئة العامة للخدمات البيطرية.
ودعا الجارحي إلي إعداد الكوادر البشرية لتكون علي كفاءة عالية لإدارة التقنيات الحديثة وتسخيرها في خدمة برامج مكافحة أمراض الحيوان.
الدسوقي: “الشفافية في تبادل المعلومات” تعتبر الطريقة الوحيدة في التعامل مع مشكلة انتشار الأمراض
فيما أوضح الدكتور فاروق الدسوقي، المستشار بمنظمة الأغذية والزراعة “الفاو” بهيئة الأمم المتحدة، أن الطريقة الوحيدة في التعامل مع مشكلة انتشار الأمراض في الدول العربية والافريقية، تتمثل في الشفافية في تبادل المعلومات بين هذه الدول حول الصحة الحيوانية من خلال وجود آلية للإبلاغ عن الأمراض المنتشرة في هذه الدول، وإعطاء دورات للأطباء البيطريين بصورة مستمرة ودورية لرفع كفاءتهم من أجل اكتشاف الأمراض المستحدثة، فضلاً عن رفع كفاءة المعامل البيطرية بالمحاجر لتحقيق الأمان الصحي المتكامل في هذه المحاجر.
فيما أوضح محمد سعيد، المدير العام بالمحجر الإقليمي بجمهورية جيبوتي، أن أكبر المشاكل التي تواجه الثروة الحيوانية في الدول الافريقية والعربية، يتمثل في زيادة عدد السكان ونزوح الفلاحين إلي المدن بعيداً عن الحقول والمراعي والجفاف الذي أصاب المناطق الزراعية، بالإضافة إلي اتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء.
سعيد: نسبة الفرد من المنتجات الحيوانية يتراوح ما بين الخمس والثلث مما يحصل عليه نظيره في أوروبا وأمريكا
وأشار سعيد إلي أن نسبة ما يحصل عليه الفرد من المنتجات الحيوانية خاصة من اللحوم يتراوح ما بين الخمس والثلث مما يحصل عليه نظيره في أوروبا والولايات المتحدة، كما يوجد تباين شديد في هذه النسبة داخل المجتمعات الشرق أوسطية، مما يتطلب بذل المزيد من الجهد لسد هذه الفجوة، خاصة أن منطقة القرن الافريقي تمتلك 10% من الثروة الحيوانية في العالم، بل تتميز بأنها تعتمد اعتماداً كلياً علي المراعي الطبيعية، الأمر الذي يجعلها أكثر جودة وأقل سعراً، ويتطلب الأمر ضرورة رفع الخدمات البيطرية للتأكد من سلامة هذه الحيوانات.
فيما أوضح الدكتور ماجد الخميسي، رئيس مكتب الاستشارات الزراعية بالسعودية، أن أهم مقومات التكامل الإقليمي بين الدول العربية والافريقية، يتمثل في القرب الجغرافي لدول شرق افريقيا من الخليج وهو ما يمثل ميزة نسبية لما يتطلبه نقل المواشي من مسافات بعيدة عن بعض الاحتياطات البيطرية، ومنها عدم التعرض للتغيرات المناخية المختلفة والفجائية، وعدم تدهور صحة الحيوان نتيجة الإجهاد وطول السفر وبعد المسافة، فضلاً عن ملاءمة وسيلة النقل للسفر في رحلات طويلة، بالإضافة إلي المزايا النسبية لأغلب دول منطقة شرق افريقيا والتي تتمثل في أن مواشيها تتغذي علي المراعي الطبيعية التي تذخر بها المنطقة.
فالماشية في تنزانيا وكينيا وجنوب الصومال ترعي معظم السنة علي المراعي الطبيعية وكذلك في مساحات واسعة من السودان وأوغندا في مراعي السافنا الغنية.
أبوالنصر: محدودية رأس المال تعد من أكبر المشاكل التي تواجه الثروة الحيوانية في الدول العربية والافريقية
فيما أوضح الدكتور بهجت أبوالنصر، رئيس قسم البحوث بجامعة الدول العربية، أن محدودية رأس المال الثابت المخصص لتنمية الثروة الحيوانية والزراعية، تعد من أكبر المشاكل التي تواجه الثروة الحيوانية في الدول العربية والافريقية، ففي مصر علي سبيل المثال يصل نصيب الزراعة والثروة الحيوانية إلي 7.5% من رأس المال الثابت، وفي سوريا يصل إلي 16.4% والأردن 2.2% وتونس 13% والإمارات 2.1% والعراق 13.2%، وهو ما يتطلب ضرورة إجراء اصلاحات تشريعية تهدف لجذب المزيد من الاستثمارات للقطاع الزراعي وقطاع الثروة الحيوانية، وكذلك زيادة نصيب الزراعة من موازنات الدول العربية، وإنشاء هيئات بالدول العربية لضمان المخاطر في قطاع الزراعة، فضلاً عن زيادة رأسمال بنوك الائتمان الزراعي وإلزامها بتخصيص جزء لتنمية الثروة الحيوانية، وإنشاء مؤسسات للتمويل الأصغر لتقديم التمويل للمشروعات الصغيرة في مجال الزراعة والإنتاج الحيواني.
عجوة: الثروة الحيوانية في الدول العربية تعاني من مشاكل وإهمال كبيرين
بينما أشار الدكتور أحمد عجوة، رئيس قسم الجغرافيا بكلية الأداب جامعة عين شمس، إلي أن الثروة الحيوانية في الدول العربية تعاني من مشاكل وإهمال كبيرين، حيث يتدني نصيب الفرد من الثروة الحيوانية، حيث يصل متوسط نصيب الفرد في مصر إلي 8.527 رأس من كل ألف رأس أبقار وجاموس، فيما يصل إلى 30 رأساً من كل ألف رأس من الخنازير و9.986 رأس من كل ألف رأس أغنام وماعز ويصل إلي 95 بالمليون رأس أي حوالي 0.223 كمتوسط نصيب الفرد في مصر من “الثروة الحيوانية”، بينما يصل إلي 3.294 رأس في السودان و1.027 رأس في ارتيريا و0.939 في كينيا و0.592 في أوغندا و30.168 رأس في الصومال، فيما يصل متوسط نصيب الفرد من الثروة الحيوانية في العالم إلي 655 رأس الأمر الذي يدل علي وجود مشاكل جوهرية في الثروة الحيوانية في الدول العربية.
التوصيات
في حين رصد عادل عبدالعظيم رئيس المنتدي الإقليمي لتنمية الثروة الحيوانية مجموعة من التوصيات لتنمية الثروة الحيوانية في الوطن العربي، منها إنشاء منتدي إقليمي للصحة الحيوانية لدول الشرق الأوسط وافريقيا يعمل علي التنسيق بين الدول المشاركة في تبادل المعلومات والخبرات، وتصميم قاعدة بيانات دقيقة خاصة بالإنتاج الحيواني وصحة الحيوان، فضلاً عن تشجيع التجارة البينية بين دول المنطقة في الحيوانات الحية والمنتجات الحيوانية، وتعاون جامعة الدول العربية والاتحاد الافريقي ودول الاتحاد الخليجي في إنشاء معمل مركزي للقاحات، وتنسيق لوائح الحجر البيطري بين دول المنطقة.
وكذلك تبادل المعلومات وتشجيع دول الإقليم علي إنشاء شبكة لمراقبة وتقصي ومكافحة أمراض الحيوان المتوطنة والعابرة للحدود والعمل علي الارتقاء بالمحاجر البيطرية وتحديث قوانينها ولوائحها ورفع كفاءة المعامل البيطرية الشخصية، وأيضاً تشجيع الاستثمار في مجال الثروة الحيوانية في بلدان المنطقة والتعاون في مجال تدريب العاملين بالثروة الحيوانية وتنظيم زيارة لبعض المحاجر البيطرية الحديثة في المنطقة للاطلاع علي نشاطاتها وامكانياتها وتشجيع تجارة اللحوم المبردة والمجمدة من مناطق الإنتاج وإزالة المعوقات لها.
بالإضافة إلي إنشاء بنك للأصول الوراثية المحلية لجميع سلالات الماشية بالمنطقة، والحفاظ علي التنوع الحيوي للثروة الحيوانية ومنع العوامل المهددة للانقراض، وذلك من خلال السيطرة علي الأمراض ومنع ذبح الإناث مع عدم ذبح العجول الصغيرة أقل من 300 كيلو جرام.
وكذلك تضمنت توصيات تنمية الثروة الحيوانية منع الخلط العشوائي للسلالات المحلية مع نظيرتها المستوردة، وتطبيق برامج التحسين الوراثي للماشية والإكثار، والاستفادة من المخلفات الزراعية لتغطية النقص في الأعلاف الناتج عن التغيرات المناخية، وتكرار الجفاف عن طريق الاستفادة من خبرات المركز العربي “أكساد” في تنمية الثروة الحيوانية، خاصة في مجال التحسين الوراثي ونقل الأجنة وتصنيع المخلفات الزراعية بالتنسيق بين مراكز البحوث الزراعية والمركز العربي “اكساد”.