كتب- ماهر أبو الفضل ومحمد كمال وأحمد عاشور
تعد وزارة التضامن الاجتماعى من أهم الوزارات الحكومية التى يرتبط عملها مباشرة بقضية العدالة الاجتماعية، حيث تضم الوزارة الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى التى تنظم صرف المعاشات والتأمينات لملايين من موظفى القطاعات الحكومية، كما يتبعها بنك ناصر الاجتماعى الذى كان يقدم قروضا صغيرة ومتناهية الصغير وإعانات للأسر الفقيرة كغرض أساسى لتأسيسه فى أواخر الستينيات من القرن الماضي.
ويتناول الدكتور أحمد البرعى وزير التضامن الاجتماعى خلال الجزء الثانى من حواره مع “المال” أزمة حل جمعية الإخوان وسبل تطبيق الحد الأدنى والأقصى للأجور وقانون الجمعيات الأهلية وتمويلها من جانب بعض الدول والجهات الأجنبية، وغير من الأمور التى ستتضح
خلال الأسطر التالية…
«المال»: تأخر صدور قانون جديد للجمعيات الأهلية بديل عن القانون الحالى رقم 84 لسنة 2002 رغم أنك أعلنت أكثر من مرة أن المسودة الأولى للقانون أوشكت على الانتهاء؟
وزير التضامن الاجتماعى: الإطار العام لقانون الجمعيات الأهلية الجديد هو التأسيس بالإخطار، وقيام الجمعيات بوضع لوائحها الخاص بما لا يتعارض مع النظام العام، فضلا عن الرقابة المالية الذاتية، والحل القضائى، هناك لجنة مشكلة من خبراء وممثلى منظمات المجتمع المدنى يشارك فيها بهى الدين حسن، ومنى ذو الفقار، وسعد الدين ابراهيم، ونجاد البرعى، وحافظ أبوسعدة، تعقد اجتماعات أسبوعية وتتولى إعداد مسودة القانون.
نقطتان أساسيتان تعطلان الانتهاء من مسودة قانون الجمعيات الأهلية
هناك نقطتان أساسيتان تعطلان الانتهاء من مسودة القانون حتى الآن، الأولى مرتبطة بضوابط عمل منظمات المجتمع المدنى الأجنبية الموجودة فى مصر، والثانية طريقة مراقبة التمويل الأجنبى المقدم للجمعيات ومنظمات المجتمع المدنى، وكنت فى السابق من أنصار الرقابة اللاحقة على التمويل الأجنبى الممنوح للجمعيات الأهلية، ولكن نظرًا لتهديدات الأمن القومى التى نتعرض لها حاليا فأنا من أنصار الرقابة السابقة.
«المال»: هل منصب الوزير يتسبب فى تغيير المواقف والآراء للباحث باعتبارك أستاذًا جامعيًا فى الأساس؟
وزير التضامن الاجتماعى: لم يتغير رأيى قبل الوزارة ولا بعدها، حين كتبت عن فلسفة الرقابة اللاحقة على التمويل الأجنبى للجمعيات ومنظمات المجتمع المدنى عام 2010 كنت أتحدث عن ضرورة وجود قانون مجرد يتفق مع المعايير الدولية، تلك المعايير حين نطبقها على المنظومة المصرية فى الوقت الحالى لن تصلح، ودفاعا عن الأمن القومى يجب وجود رقابة سابقة.
يوجد ما يزيد على 45 ألف جمعية مشهرة
أيضا هناك ما يزيد على 45 ألف جمعية مشهرة، بخلاف الجمعيات غير المشهرة، نظام مراقبة هذه الجمعيات تحتاج لإعادة نظر، والإمكانيات البشرية لدى وزارة التضامن ضعيفة جدا، صحيح أن قانون الجمعيات الأهلية الجديد سيضع قواعد لحصول الجمعيات الأهلية على تمويل أجنبى وسبل مراقبة هذا التمويل، ولكن حتى بعد صدور القانون سنظل بحاجة لإجراء حصر لتلك الجمعيات ووضع نظام متابعة دقيق لكل ما تحصل عليه من تمويل أجنبي.
«المال»: لم نعرف حتى الآن إلى ماذا انتهت قضية تمويل بعض الدول الأجنبية لجمعيات ومنظمات مجتمع مدنى فى مصر اوائل العام الماضى وهى القضية التى أثارت توترا كبيرا فى العلاقات الدبلوماسية مع الولايات المتحدة الأمريكية؟
وزير التضامن الاجتماعى: القضية المشار إليها كانت تتعلق بجمعيات غير مشهرة حصلت على تمويل من جهات أجنبية كالولايات المتحدة، ولم تكن هناك أى جمعية مشهرة لدينا متهمة فى تلك القضية، واعتقد أن كل المتهمين فى تلك القضية حصلوا على براءات بجانب سفر المتهمين الأجانب فيها، ذلك الوقت كانت وزارة التعاون الدولى هى الطرف الحكومى الذى يتم إخطاره بأى تمويل أجنبى تحصل عليه منظمات للمجتمع المدنى، وكانت الوزارة تتولى توزيع التمويل الأجنبى على الجمعيات وفقا لاتفاقات ثنائية مع الدول المانحة، فجأة أصرت الولايات المتحدة على مخالفة تلك الضوابط وتعاملت مباشرة مع الجمعيات دون الرجوع إلى الحكومة المصرية.
«المال»: ماذا عن مراقبة التمويل الأجنبى الذى حصلت عليه منظمات المجتمع المدنى فى عهد الرئيس المعزول مرسى وحجم المنح التى وجهتها دول غربية لصالح جمعيات أهلية مصرية على مدار العام الماضى؟
وزير التضامن الاجتماعى: بعض الدول تجيز حصول منظمات المجتمع المدنى لديها على تمويل أجنبى مباشر دون أن تكون حكومات تلك الدول طرفا فى ذلك، ولكن تلك الدول لديها حالة من الأمن المستقر بحيث تسمح بهذا، وهو ما لا يتوافر لدينا حاليا، والحكومة الحالية قررت تولى وزارة التضامن الاجتماعى أى اتفاق بين جمعيات ومنظمات المجتمع المدنى المحلية والجهات الخارجية المانحة، وتبحث الوزارة مدى توافق هذا التمويل مع متطلبات الأمن القومى.
512 جمعية حصلت على تمويل خارجى خلال 2012
بالنسبة لآخر حصر لدينا بالتمويل الأجنبى لمنظمات المجتمع المدنى والجمعيات الأهلية خلال العام الماضى 2012، تشير إلى أن 512 جمعية فقط حصلت على تمويل خارجى فى حدود 420 مليون جنيه من جهات مانحة، أبرزها الوكالة الأمريكية للتنمية «USAID» والوكالة الألمانية للتنمية «GIZ» وكذلك الوكالة الكندية للتنمية «SIDA»، بدأنا إعداد قاعدة بيانات لجميع الجمعيات المشهرة لدينا، وهناك فريق عمل يتدرب حاليا على إدخال البيانات والخروج بمؤشرات منها.
«المال»: ما الضوابط القانونية لحصول أى منظمة أهلية على تمويل خارجي؟
وزير التضامن الاجتماعى: هناك ضوابط يحددها القانون رقم 84 لحصول أى جمعية أهلية على تمويل أجنبى، تشترط الحصول على موافقة صريحة من وزارة التضامن الاجتماعى، كما يلزم القانون الجمعيات بالحصول على موافقات من الجهات المعنية التى يتم إنفاق التمويل فى أى غرض يتعلق بها، مثلا وزارة التربية والتعليم أو الصحة، ومخالفة تلك الضوابط تترتب عليها عقوبات كبيرة تصل إلى حل مجالس إدارات الجمعيات أو حل الجمعيات بالكامل.
ويمكن أن تقوم الجمعية الأهلية بعمل بروتوكول مع جهة مانحة خارجية، ولا يتم توقيع البروتوكول إلا بعد تصديق وزير التضامن شخصيا، وتقوم الجمعية بإرسال عرض إلى الوزارة تقول فيها إنها تتفاوض مع جهة مانحة معينة، وهناك جمعيات تصيغ عقودًا مباشرة مع الجهات المانحة وترسلها لنا قبل التوقيع، ونحن كوزارة نطلب تفاصيل إضافية إذا ما ارتأينا أن مبلغ المنحة موجه لغير الغرض من نشاط الجمعية.
أى طلب للحصول على تمويل من جهة خارجية يجب أن يكون مركزيا، بمعنى أن يتم عرضه على مقر الوزارة حتى وإن كانت الجمعية موجودة فى الأقاليم، وتشترط الوزارة قبل الموافقة على التمويل أن تكون نتيجة التفتيش على الجمعية ماليا وإداريا جيدة ولا تشوبها مخالفات.
«المال»: بعد أن أصبحت وزارة التضامن الاجتماعى طرفًا رئيسيًا لمرور أى تمويل أجنبى لجمعيات أهلية مصرية، هل لمستم أى تضييق من الجهات المانحة للجمعيات المحلية بعد الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي؟
لا توجد مؤشرات تدل على أن الجانب الأمريكى بصدد تضييق مصادر التمويل المتاحة للمنظمات الأهلية المحلية المشهرة
وزير التضامن الاجتماعى: إذا كنا نقصد دولا مثل الولايات المتحدة، فإن خطاب المعونات لم يصلنا بعد من وكالة التنمية الأمريكية «USAID»، مضى نحو 3 شهور من بداية السنة المالية الحالية، ولا توجد مؤشرات تدل على أن الجانب الامريكى بصدد تضييق مصادر التمويل المتاحة للمنظمات الاهلية المحلية المشهرة.
وبالنسبة لدولة مثل تركيا، فإن التمويل الأجنبى الذى كان يأتى منها لصالح جمعيات أهلية محلية محدود للغاية ويكاد لا يذكر، أريد أن أشير هنا إلى وجود منظمات أجنبية تعمل على أرض مصر وتحصل على تمويلات أجنبية أخرى لا علاقة لها بتمويل الجمعيات الاهلية، تلك المنظمات تحصل على تراخيصها من وزارة الخارجية.
«المال»: هل حققت وزارة التضامن الاجتماعى بالحكومة الحالية فى الاتهامات الموجهة لبعض الجمعيات السلفية مثل جمعية أنصار السنة بشأن تلقى أموال من الخارج بهدف دعم تيار سياسى معين؟
وزير التضامن الاجتماعى: حينما قمنا بالتفتيش على أوراق ومستندات تلك الجمعيات وجدنا أن جميعها حصل على موافقات رسمية بتلقى تمويل من الخارج.
«المال»: ما وضعية التمويل المحلى للجمعيات الأهلية وطرق الحصول عليه طالما أن الحكومة الحالية لديها تخوفات من التمويل الأجنبى؟
وزير التضامن الاجتماعى: غالبية الجمعيات الاهلية تعتمد على التمويل المحلى فى المقام الأول وفقا لمتابعة المراكز المالية للجمعيات وقدراتها، وجزء ضئيل منها هو الذى يحصل على تمويلات خارجية، منذ اوائل سبتمبر أعلنا عن صرف مساعدات بقيمة 320 مليون جنيه لصالح الجمعيات الأهلية خلال العام المالى الحالى، وهناك فائص فى حدود 620 مليون جنيه بصندوق إعانة الجمعيات سيتم صرفها لصالح الجمعيات الأهلية بالمحافظات، وتمت مخاطبة مديريات الوزارة بالمحافظات لتحديد المطالب المالية لتلك الجمعيات.
والتمويل المحلى يتم من خلال طريقتين، إما عبر وزارة التضامن مباشرة بعد عمل تقييم للجمعيات التى بحاجة إلى إعانات، أو عبر جمع التبرعات من جهات محلية عن طريق الإعلان بوسائل الإعلام.
«المال»: هل عدم صدور حكم قضائى بحل جمعية الإخوان المسلمين المشهرة لدى وزارة التضامن الاجتماعى فى عهد الرئيس المعزول هو السبب فى تأخر صدور قرار الحل؟
قرار الوزير بحل أى جمعية لا علاقة له بأحكام القضاء
وزير التضامن الاجتماعى: قرار الوزير بحل أى جمعية لا علاقة له بأحكام القضاء، وسيتم حل الجمعية فى كل الأحوال دون انتظار حكم قضائى، وإجراءات الحل ستكون بشكل قانونى تماما، وسأقوم بإعداد مذكرة بمسببات الحل قبل صدور القرار، ما أريد أن أؤكده هو أن جمعية الإخوان المسلمين تختلف عن «الجماعة»، فالجماعة هى الأصل الذى يجب تفكيكه، وهى كيان غير شرعى من الأساس استنادا إلى حكم قضائى فى ثمانينيات القرن الماضى بحلها نهائيا، ولا قيمة لجمعية الإخوان المسلمين المشهرة لدى وزارة التضامن الاجتماعي.