لعبت وزارة التخطيط والتعاون الدولى دوراً رئيسياً فى اتفاقات التمويل الأجنبى التى عقدتها حكومة الرئيس المعزول محمد مرسى على مدار السنة المالية الماضية 2012-2013، وبرز دور الوزارة فى اتفاقات التمويل التى عقدتها حكومة هشام قنديل مع دول الاتحاد الأوروبى، إلى جانب اتفاقات الودائع والمنح الموقعة مع قطر وتركيا، وشاركت الوزارة فى إعداد خطة الإصلاح الاقتصادى التى كانت حكومة قنديل تنوى تنفيذها.
كما ساهمت فى إعداد موازنة العام المالى الحالى بالاشتراك مع وزارة المالية، إلى جانب وضع الخطط الاستثمارية لجميع الهيئات الاقتصادية والخدمية الحكومية، فضلا عن الدور الذى لعبته «التخطيط والتعاون الدولى» فى جولات المفاوضات مع صندوق النقد الدولى لاقتراض 4.8 مليار دولار على مدار عام من حكم الرئيس المعزول.
وحتى عزل الرئيس السابق محمد مرسى، قبل نحو شهرين، ظلت وزارة التخطيط بجانب التعاون الدولى فى كيان واحد، إلى أن تم فصلها إلى وزارتين فى حكومة الدكتور حازم الببلاوى الحالية، ليعود الدكتور أشرف العربى وزيراً للتخطيط فقط، بعد أن ظل وزيرا للتخطيط والتعاون الدولى على مدار ما يقرب من 10 شهور فى حكومة الرئيس المعزول، قبل أن تتم إقالته فى مايو الماضى وحل محله القيادى الإخوانى عمرو دراج الذى لم يمكث فى منصبه أكثر من شهرين.
«المال» حاورت الدكتور أشرف العربى وزير التخطيط ليكشف عن أبعاد الخطة الاقتصادية للحكومة الانتقالية الحالية، وكيف ستواجه التحديات المرتبطة بتفاقم عجز الموازنة العامة ونضوب الاستثمارات الأجنبية الوافدة إلى السوق، كما يكشف العربى عن طبيعة إدارة الشأن الاقتصادى خلال عهد الرئيس المعزول محمد مرسى باعتباره كان طرفا رئيسيا بالمجموعة الاقتصادية فى حكومته.
«المال»: المجموعة الاقتصادية بمجلس الوزراء أعلنت عن خطة لتحفيز الاقتصاد بضخ 22.3 مليار جنيه إضافية فى الاستثمارات العامة، وأرجع وزير التعاون الدولى الدكتور زياد بهاء الدين ذلك إلى الانكماش المتوقع فى حجم الاستثمارات الخاصة الوافدة إلى السوق خلال العام المالى الحالى، فهل خطة التحفيز مرهونة بتراجع الاستثمارات الخاصة عما هو مستهدف أم هى حزمة إضافية سيتم ضخها فى كل الأحوال؟
هناك أكثر من سيناريو للتنبؤ بوضع الاقتصاد بنهاية السنة المالية الحالية
وزير التخطيط: الخطة بمجملها عبارة عن تمويل إضافى سيتم ضخه فى كل الأحوال، هناك أكثر من سيناريو للتنبؤ بوضع الاقتصاد بنهاية السنة المالية الحالية، والمجموعة الاقتصادية بالحكومة اعتمدت فى توقعاتها على سيناريو، يأخذ فى حسبانه مزيداً من التراجع فى الاستثمارات الخاصة المستهدفة، وعلى هذا الأساس قررنا ضخ حزمة التمويلات الإضافية لضمان تحقيق معدل النمو المستهدف بواقع 3.5% لتصبح الاستثمارات العامة المستهدف تنفيذها فى حدود 142.3 مليار جنيه بدلا من 120 ملياراً، كمان كان معتمدا فى موازنة العام المالى الحالى، بجانب 170 مليار جنيه استثمارات مستهدف تنفيذها عبر القطاع الخاص.
«المال»: المؤشرات المعلنة عن الاستثمارات المنفذة خلال أول 9 شهور من العام المالى المنتهى 2012-2013 تشير إلى تباطؤ الاستثمارات الحكومية وتراجعها لأدنى مستوى منذ عدة سنوات، ولم تتجاوز تلك الاستثمارات 23.5 مليار جنيه بنسبة تقل عن 29% من جملة الاستثمارات، ما يجعل استهداف تنفيذ 142.3 مليار جنيه استثمارات حكومية مبالغاً فيه؟
وزير التخطيط: بالفعل كانت الاستثمارات الحكومية المستهدف تنفيذها على مدار العام المالى المنتهى 2012-2013 بطيئة جدا وكانت الأقل منذ سنوات، ولا أريد أن اخوض فى أسباب هذا التباطؤ، من المعروف أن الربع الاول من السنة المالية يشهد أقل معدل لتنفيذ الاستثمارات الحكومية، لترتفع تدريجيا فى الربعين الثانى والثالث وتصل لأعلى معدل لها فى الربع الأخير، الحكومة الانتقالية الحالية تركز بشدة على آليات متابعة تنفيذ خطة التنشيط الاقتصادى يوماً بيوم وخطة التحفيز الاقتصادى مخصص لها إطار متابعة محدد لضمان تنفيذها فى التوقيتات المخطط لها فى إطار منظومة جديدة للمتابعة وتقييم الاداء.
الاستثمارات الحكومية المستهدفة للعام المالى الحالى ليس مبالغا فيها
الاستثمارات الحكومية المستهدفة للعام المالى الحالى ليس مبالغا فيها إذا ما اخذنا فى الاعتبار الوفورات المالية الموجودة لدى الخزانة العامة حالياً من المساعدات العربية التى وصلت بالفعل وتقدر بنحو 7 مليارات دولار، والهدف من زيادة الاستثمارات الحكومية هو تشجيع القطاع الخاص على ضخ استثمارات جديدة، وإيصال رسالة مفادها أن الحكومة مستمرة فى ضخ أموال وفى قطاعات اقتصادية محددة، والمختلف فى برنامج التحفيز الاقتصادى الجديد أنه مخصص لعدد معلوم من المشروعات ذات البعد الاجتماعى.
«المال»: وزارة التخطيط شاركت فى إعداد برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى كانت حكومة هشام قنديل تنوى تطبيقه بالتزامن مع مفاوضات الاقتراض من صندوق النقد الدولى، وقدرت الوزارة الاحتياجات التمويلية للاقتصاد المصرى خلال العام المالى الحالى بنحو 25 مليار دولار، وفى ظل افتراض تطبيق الإجراءات الإصلاحية، فهل تقديرات الفجوة التمويلية لا تزال كما هي؟
وزير التخطيط: تقدير الفجوة التمويلية للعامين الماليين تم عبر البنك المركزى ووزارة المالية بالتنسيق مع وزارة التخطيط، لم يتم إجراء تحديث على تلك التقديرات، لدينا عجز بالموازنة العامة بلغ حدود 14% من الناتج المحلى فى السنة المالية المنتهية، واتوقع أن يتجاوز العجز الحقيقى 240 مليار جنيه، وهو رفم مخيف ستكون له انعكاساته على الفجوة التمويلية، وأتصور أنها ستزيد على التقدير السابق، ولكن ما أريد أن أوضحه هنا أن الموازنة العامة فى وضع مريح جداً من حيث السيولة المتاحة بعد ما وصل من مساعدات عربية.
«المال»: كيف تفسر استهداف معدل نمو 3.5%، وزيادة الاستثمارات العامة المنفذة بما يعنى زيادة الإنفاق، وفى الوقت نفسه استهداف نسبة عجز بالموازنة إلى الناتج المحلى الإجمالى بواقع 9.1% خلال العام المالى الحالى بالتزامن مع تنفيذ موازنة توسعية لا تقشف فيها؟
أتوقع أن تزيد نسبة العجز المستهدفة فى موازنة العام المالى الحالى
وزير التخطيط: يسأل فى ذلك وزير المالية، نستهدف عجز الموازنة الحالية كما هو وفق مسودة الموازنة التى أعدتها الحكومة السابقة، ولم يتم تعديل تلك المستهدفات حتى الآن فى ضوء الحساب الختامى لموازنة العام المالى المنتهى، وأتوقع أن تزيد نسبة العجز المستهدفة فى موازنة العام المالى الحالى، وكما قلت فإن معظم مستهدفات الموازنة الحالية تتم مراجعتها الآن عبر المجموعة الاقتصادية بالحكومة.
«المال»: إلى ماذا انتهت الموازنة العامة للدولة للعام المالى الحالى وفق التعديل الأخير الذى أدخله مجلس الشورى قبل حله؟
وزير التخطيط: فى الفترة الأخيرة وقبل نهاية السنة المالية الماضية بشهرين، أدخلت الحكومة تعديلا على الاستثمارات الحكومية المستهدفة عبر خصم 8.6 مليار جنيه من الاستثمارات الممولة من الخزانة العامة وأقر مجلس الشورى المنحل استهداف استثمارات حكومية فى حدود 63.7 مليار جنيه منها 34.4 مليار تمول من الخزانة العامة والباقى من مصادر أخرى غير محددة ومن أدخل هذا التعديل لم يكن يعرف من أين سيتم توفير تلك المبالغ.
فى تقديرى كان هذا التعديل خطأ ويعبر عن فكر غير تنموى، ما تفعله الحكومة الان يعكس فكرا توسعيا مختلفا ويعبر عن تفاهم وتنسيق كامل بين أعضاء المجموعة الاقتصادية، الحكومة السابقة خصمت مبلغ 8.6 مليار جنيه من الاستثمارات الحكومية للمواءمة السياسية فقط، وكانت تعتقد أنها ستوفر تلك المخصصات عبر الصكوك لكن الحقيقة التى كان يعلمها كل من عمل على هذا المشروع أن الصكوك لن تدر عوائد تصل إلى هذا الحجم حتى إذا ما تم تمرير القانون الذى ينظم عملها فى العام المالى الحالى.
«المال»: عجز الموازنة المستهدف تم وضعه على أساس تطبيق حزمة واسعة من الإجراءات الاقتصادية الإصلاحية، منها زيادة الضرائب وخفض دعم الطاقة، كيف يمكن استهداف خفض نسبة العجز دون تطبيق زيادات ضريبية؟ وهل سيتم العدول عن بعض الاجراءات الضريبية التى اقرتها الحكومة السابقة؟
لدينا وفورات كبيرة ستدخل إلى الإيرادات العامة من خلال المساعدات العربية
وزير التخطيط: لدينا وفورات كبيرة ستدخل إلى الإيرادات العامة من خلال المساعدات العربية، كما أن خطة التحفيز الاقتصادى التى أقرتها الحكومة نتوقع أن تحقق وفورات للموازنة بنسب مختلفة تساهم فى خفض نسبة العجز، فعلى سبيل المثال فإن الانتهاء من توصيل الغاز الطبيعى لنحو 800 ألف منزل وفق الخطة سيوفر على الموازنة ما يقرب من 1.1 مليار جنيه من دعم اسطوانات البوتاجاز، وأريد أن أقول هنا إن الحكومة الحالية لن تسمح على الإطلاق بتفاقم عجز الموازنة وتلك مسئولية نتعهد بها، كما أن المجموعة الاقتصادية أعلنت بوضوح عدم وجود نية لفرض أى ضرائب جديدة، كما أنه من الممكن التراجع عن بعض التعديلات الضريبية التى أقرها النظام السابق.
«المال»: الحكومة أعلنت عن مشاركة الدول العربية فى تنفيذ برنامج تنشيط الاقتصاد، فهل تمت اتفاقات محددة فى هذا الشأن؟
وزير التخطيط: هناك اجتماعات مستمرة نعقدها مع وفود من الامارات والسعودية، وكل من الدولتين مهتمة بتمويل جانب من برنامج التحفيز الاقتصادى أو تمويله بالكامل، نجتمع مع تلك الوفود بشكل شبه أسبوعى، الإمارات على سبيل المثال أبدت اهتمامها بتمويل مشروعات خاصة بصوامع الأقماح، وخلال الأيام المقبلة سنكثف اللقاءات مع وفود من الكويت لإتمام الاتفاقيات الخاصة بالمساعدات والمنح التى أعلنت عنها دولة الكويت، بجانب شحنات البترول التى بدأت إرسالها إلى مصر بالفعل.
«المال»: الجانب الكويتى كان يعانى عدة مشكلات مرتبطة بمستقبل الاستثمارات الكويتية داخل السوق المحلية، أبرز تلك المشكلات مشكلة «أرض العياط» بين الشركة المصرية الكويتية، التى حصلت على حق استغلال 29 ألف فدان من الأراضى، والحكومة من جانب آخر التى تطلب فارق أسعار وغرامات على الشركة فى مقابل تغيير غرض استغلال الأراضى من زراعى إلى عمرانى، فهل تم حل تلك الأزمة؟
أتصور حسم مشكلة «أرض العياط» قريبا
وزير التخطيط: لجنة فض المنازعات بوزارة الاستثمار هى التى تتولى هذا الملف، الخلاف كان نتيجة عدم الاتفاق على تحديد المبلغ الذى تسدده الشركة لصالح الحكومة مقابل تغيير نشاط الأراضى التى حصلت عليها من زراعى إلى عمرانى، وأتصور حسم هذه القضية قريبا فى ضوء التقارب الحالى بين الحكومتين المصرية والكويتية.