تركزت الجلسة الأولى من اليوم الثانى لمؤتمر «المال جى تى إم» التاسع للتمويل، على خطة الحكومة لتنمية الصناعة المصرية وسبل الخروج من الأزمة الحالية، وأكد منير فخرى عبدالنور، وزير الصناعة والتجارة، استكمال وزارته مشروعات ترفيق البنية التحتية للمناطق الصناعية لجذب المستثمرين والتى رصدت لها 3 مليارات جنيه، كما استحوذت خطة الحكومة لتنمية صناعة السيارات بالسوق المصرية على جانب كبير من المناقشات، ليؤكد الوزير أنه تتم دراسة سبل تنشيط هذه الصناعة مع المصنعين المحليين.
بدأت الجلسة الأولى بسؤال وجهه وائل زيادة، رئيس قسم الأبحاث فى المجموعة المالية هيرمس لـ”منير فخرى عبدالنور”، قائلا: تحدثت عن استثمارات قدرها 3 مليارات جنيه سيتم الدفع بها لاستكمال البنية التحتية فى 36 منطقة بالمدن الصناعية خلال 9 شهور ما الذى تم فى هذا الملف؟ وما الذى يعول عليه من هذه الاستثمارات؟
أجاب منير فخرى عبدالنور: أتقدم بالشكر لمنظمى هذا المؤتمر، وإلى الكلمة الافتتاحية التى تم التأكيد فيها على ضرورة التعاون بين القطاع الخاص والحكومة، الذى دونه لن تتمكن الحكومة من النجاح، مشددا على أن عدم النجاح فى تحقيق هذا التعاون سيكون «كارثيا» بالنسبة لمصر.
وأكد الوزير منير فخرى عبدالنور أن التعاون بين القطاع الخاص والحكومة ليس فقط فيما ترسمه الحكومة من خطط، ولكن أيضا فى إجراء حوار مستمر، تستمع فيه الحكومة للاقتراحات وللنقد الذى يوجه اليها.
وقال منير فخرى عبدالنور: الإجابة عن السؤال هى «نعم هناك عدد كبير من المناطق الصناعية لم تستكمل فيها البنية التحتية، فمنذ 10 أيام كنت أزور المنطقة الصناعية “كوم أبوراضى” فى بنى سويف، وشاهدت مشروع شركة «سامسونج» الرائدة فى مجال الصناعات الهندسية، التى تقيم قاعدة صناعية لكى تكون قاعدة لتصدير منتجاتها للدول الأوروبية والأفريقية، وهذا المشروع يستهدف استثمار مليار دولار خلال 3 سنوات، وقد تم بدء ضخ استثمارات بقيمة 170 مليون دولار لانتاج تليفزيونات».
العمالة بمصنع «سامسونج» فى بنى سويف قادمة من محافظات الصعيد المجاورة
أضاف أن العمالة بمصنع «سامسونج» قادمة من محافظات الصعيد المجاورة، كما أن المصنع يقام بالمنطقة الصناعية ببنى سويف والتى توجد بها مصانع عديدة صغيرة ومتوسطة، فى الوقت الذى تعانى فيه تلك المنطقة من انقطاع الكهرباء وضعف المياه وعدم وجود صرف صحى، رغم أنها تقع على بعد 70 كم تقريبا من 6 أكتوبر، وتساءل: «فما بالكم بوضع باقى المناطق الصناعية النائية فى أسيوط أو سوهاج أو قنا أو أسوان، التى بالقطع حالتها سيئة ولا تجذب المستثمرين؟».
وأكد منير فخرى عبدالنور الحاجة القصوى لاستكمال البنية الأساسية للمناطق الصناعية، خاصة أن استكمال البنية الأساسية شرط أساسى لإقامة الصناعات، كما أنه شرط أساسى للاهتمام بمناطق تم تجاهلها لعقود طويلة، وترتب على ذلك انخفاض متوسط الدخل بها.
وأوضح منير فخرى عبدالنور أنه تم فى الموازنة الاستثمارية الاستثنائية إدراج حزمة بـ22.3 مليار جنيه ستنفق خلال 6 شهور، كما تم رصد 3 مليارات جنيه لاستكمال البنية الأساسية فى هذه المناطق الصناعية.
جذب الاستثمارات شرط أساسى لنرتقى بمتوسط دخل الفرد
وتابع: أعتقد أنه اذا كنا نريد أن نرتقى بمتوسط دخل الفرد، فجذب الاستثمارات سواء عربية أو محلية شرط أساسى لتحقيق هذا الهدف وليس فقط لتوفير التمويل لمشروعات البنية التحتية، كما أن توفير المناخ التشريعى مهم للغاية أيضا لخلق مناخ استثمارى جاذب، ولكن هل بدأنا العمل لتحقيق هذا الهدف؟ لا لم نبدأ بعد ولكننا سنبدأ خلال الأسابيع المقبلة، حينما نحدد مسئولية «المطور الصناعى» المعنى بترفيق تلك المناطق الصناعية «وزارة الإسكان» تحت إشراف «هيئة التنمية الصناعية»، كل هذه أسئلة يجب أن نجيب عليها خلال الأيام المقبلة لكى يبدأ التنفيذ، وسنسارع بتنفيذه فى أقرب وقت ممكن.
قال وائل زيادة، رئيس قسم الأبحاث فى المجموعة المالية «هيرمس»، «نحن نتفهم الصعوبات التى يشهدها الاقتصاد المصرى لكن الخطة بحاجة الى شفافية، خاصة فيما يتعلق بالاتفاقيات التجارية التى وقعها الجانب المصرى وعلى رأسها «الكوميسا» و«الكويز» والاتفاقية التى تمت مع الجانب التركى، حيث إن هناك عجزا فى الميزان التجارى فى معظم الاتفاقيات، فهل من الممكن إعادة تلك الاتفاقيات بما يتناسب مع مصلحة الجانب المصرى بها، وما توجهات الوزارة خلال الفترة الحالية؟
منير فخرى عبدالنور يرد قائلا: أشكركم على هذا السؤال، ودعونا نبدأ من البداية بشرح أهمية هذه الاتفاقيات التجارية، حيث إن التجارب العالمية أثبتت أن الدول التى انفتحت على العالم تجاريا، وحررت تجارتها، نمت أكثر من تلك الدول التى انغلقت على نفسها.
وأوضح أن الاتفاقيات تتيح 3 فرص رئيسية، أولا: الانفتاح على العالم والمنافسة وبالتالى الارتقاء بمستوى الانتاج، ثانيا: التعرف على التوجهات الجديدة السائدة فى الأسواق المتقدمة، مما يساعد على جلب التكنولوجيا الحديثة، ثالثا وهذا هو الأهم انفتاح السوق وإتاحة الفرصة لدخول السوق دون حصص ودون تعريفة جمركية، مما سيترتب عليه الاستفادة من وفورات الانتاج الكبيرة، وبالتالى عندما تبدأ تحليل الفوائد الناتجة عن الاتفاقيات التجارية تجد فوائدها أكثر من ضررها، لكن هذا لا يعنى عدم حماية المنتج المحلى، بل يجب حمايته فى مواجهة التهريب والإغراق.
اقتربنا من صفر% جمارك وهو ما يمهد لبدء صناعة السيارات
وأشار منير فخرى عبدالنور وزير الصناعة الى أنه سيتحدث عن بعض الاتفاقيات مثل اتفاقية الشراكة مع الدول الأوروبية واقتربنا من صفر% جمارك، وهو ما يمهد لبدء صناعة السيارات وبالتحديد اعتبارا من عام 2019.
وأكد عبدالنور أنه يؤمن بأن صناعة السيارات مهمة للغاية، ليس لأنها تستخدم تكنولوجيا حديثة فقط، لكن لأنها معمقة للصناعة، وستساعد فى تنمية الصناعات المتوسطة المنتجة لمكونات السيارات نفسها، وهناك دول نجحت بواسطة هذه الصناعة مثل البرازيل والمغرب.
وقال «أمامنا فرصة حتى عام 2019 لتنمية هذه الصناعة وتمكينها من المنافسة أمام المنتج الأوروبى، ولدينا عدة ميزات تنافسية تعزز من الوصول لهذا الهدف مثل انخفاض تكلفة العامل المصرى مقارنة بالأوروبى، فضلا عن ميزة الاتفاقيات التجارية التى ستتيح إمكانية التسويق للخارج، مما سيجعل حجم السوق المستهدف ليس فقط 90 مليون مستهلك، ولكن قد يتعدى أكثر من مليار مستهلك من خلال دول “الكوميسا” ودول العالم العربى والدول التى لدينا اتفاقيات تجارية معها».
وكشف منير فخرى عبدالنور أن الوزارة بصدد رسم سياسة صناعية مع منتجى السيارات المصريين لتنمية صناعة السيارات فى مصر لمواجهة التحدى عام 2019.
وعلى صعيد الاتفاقية الموقعة بين مصر والجانب التركى أكد منير فخرى عبدالنور وزير الصناعة «أنه ليس هناك شك فى أن رئيس الوزراء التركى أخطأ فى رمز من رموزنا الدينية والوطنية وهو شيخ الأزهر، وهو ما لا نقبله، ولكن هذه نقرة وهناك نقرة أخرى وهى العلاقات الاقتصادية التى تربطنا مع الجانب التركى».
يوجد 418 مشروعا تركيا فى السوق المصرية يعمل بها 52 ألف عامل مصرى
واستطرد: يوجد 418 مشروعا تركيا فى السوق المصرية يعمل بها 52 ألف عامل مصرى، ويبلغ حجم التجارة الخارجية بين مصر وتركيا 5.5 مليار دولار، إلا أن الميزان التجارى لصالح تركيا بفارق 1.5 مليار دولار سنويا، وتبلغ الاستثمارات التركية فى مصر حوالى 2.2 مليار دولار والتى يجب الحفاظ عليها بل أيضا تشجيع ضخ استثمارات تركية جديدة.
وأكد «أنه ليس جميع المستثمرين الأتراك مؤيدين لسياسة الحكومة والدليل على ذلك زيادة الاستثمارات التركية بمدينة برج العرب بالإسكندرية، فضلا عن زيارة رئيس أكبر حزب معارض لرجب طيب أردوغان لمصر، والذى جاء مساندا وداعما للسوق المحلية، لذا دعونا نتعامل مع المعطيات بموضوعية وثقة بالنفس، فنحن قادرون على مواجهة التحديات».
وعاد وائل زيادة ليسأل وزير الصناعة «عندما تحدثت عن صناعة السيارات أكدت أنها صناعة معمقة وستؤدى الى خلق صناعات صغيرة ومتوسطة مكملة كما ستولد فرص عمل عديدة، وأضرب مثالا على ذلك بالهند الرائدة فى صناعة السيارات التى يصل حجم تلك الصناعة بها لما يقرب من 40 مليار دولار باستثمارات 60 مليار دولار تمثل 6 الى 7% من الناتج القومى الهندى وتوظف مليون عامل.
وتساءل وائل زيادة قائلا: اذا عكفت مصر على تنشيط صناعة السيارات فسيتم استيراد جميع مدخلات هذه الصناعة، مما قد يؤثر على الميزان التجارى، فما خطة الوزارة لاستبدال مدخلات هذه الصناعة؟ وهل لدينا طاقة لمثل هذه الصناعات، وما البدائل المتاحة لتوفير الطاقة؟ خاصة أن الحكومة السابقة أكدت أنه لا توجد طاقة فى مصر للمشروعات الصناعية القادمة.
ويرد منير فخرى عبدالنور: نعم، مصر تواجه أزمة طاقة كبيرة، ويجب أن تستورد طاقة لحل مشكلاتها الآنية، ولكن هذا لا يمنع من تنمية الموارد التى تزيد وتورد الطاقة المطلوبة، فنحن فى حاجة الى مزيد من الاكتشافات فى البترول والغاز، ولكن أيضا نحن بحاجة الى تنمية مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة مثل الطاقة الهوائية وهناك تحركات ملموسة تبذل فى هذا الاتجاه، كما أننا بحاجة الى تنمية الطاقة الشمسية.
نحن فى حاجة الى تنويع مصادر الطاقة
وأضاف: نحن فى حاجة الى تنويع مصادر الطاقة، وبالرغم من اعتراضات البعض سنلجأ للفحم كمصدر لتوليد الطاقة فى صناعات محددة وبالتحديد للأسمنت، حيث إن 85% من صناعة الأسمنت فى العالم تقوم على الفحم ومصانع الأسمنت عالميا تقدمت لدرجة أتاحت إمكانية تجنب الآثار السلبية البيئية من استخدام الفحم.
وأود الإشارة الى أن الطاقة الانتاجية المنتجة من الأسمنت ستوفر 450 مليون قدم مكعب من الغاز الطبيعى يوميا، وبالتالى يمكن توجيه هذه الطاقة لانتاج آخر.
وهنا قاطعه وائل زيادة قائلا: ماذا عن الشق الثانى من السؤال والذى كان يدور حول الصناعات الصغيرة والمتوسطة؟
منير فخرى عبدالنور: الصناعات الصغيرة هدف من أهداف السياسة الصناعية المصرية لأنها كثيفة العمالة، وهى المنتجة لمكونات الصناعات الكبيرة، واعتقد أننى كنت قد ذكرت فى الإجابة عن السؤال الأول أننا استكملنا ترفيق 36 منطقة، ونحن نقيم 22 مجمعا صناعيا فى 20 محافظة مختلفة، فعلى سبيل المثال افتتحنا منذ شهر مجمعا صناعيا بجوار شركة الإسكندرية للبتروكيماويات، وسنوفر داخل هذا المجمع صالات انتاج صغيرة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة متخصصة فى صناعات البلاستيك بالتحديد، لأنها تأخذ المادة الأولية من مخرجات بتروكيماويات شركة الإسكندرية، ويمكن هنا تخيل ما يمكن انتاجه من مواد تغلفة وتعبئة وأيضا مكونات سيارات.
وأكد الوزير أنه لن يفوتنا فى رسم السياسة الصناعية الاهتمام بالصناعات الصغيرة والمتوسطة والتى يعتمد عليها الهيكل الصناعى فى الدول الكبرى، مذكرا بأن 90% من هيكل ألمانيا الصناعى من الصناعات الصغيرة والمتوسطة، واستطاعت بسبب فضل الدولة ومساندتها هذه المشروعات، أن تنمو وتنطلق فى عملية التصدير من خلال استجلاب التكنولوجيا الحديثة، وما أقوله عن ألمانيا ينطبق على إيطاليا.
معدلات نمو الهند التى وصلت إلى 8% سنويا حدثت عندما انفتحت على العالم
وفيما يتعلق بالهند قال منير فخرى عبدالنور «معدلات نمو الهند التى وصلت الى 6، 7، 8% سنويا، حدثت عندما انفتحت الهند على العالم، وبدأت اتباع سياسات انفتاحية، مما يجعلها أبرز مثال على ربط الانفتاح الاقتصادى بمعدلات التنمية».
وعند هذه المرحلة قال وائل زيادة «أخيرا معالى الوزير: ما عدد المصانع المغلقة لأسباب مختلفة سواء لأحكام قضائية، وما الذى سيتم تشغيله منها خلال الفترة المقبلة»؟
الوزير: أشكرك على هذا السؤال خاصة أن المجتمع المصرى يتعامل مع الأرقام دون تدقيق وعدد المصانع المتوقفة أو المتعثرة قيل إنها تتعدى الـ3 آلاف و5 آلاف مصنع وهذه الأرقام غير صحيحة، حيث إن الرقم المدقق الوحيد، ولا أقول أنه الحقيقى هو 790 مصنعا، وهو الرقم الموجود فقط لدى وزارة الصناعة، حيث إن الوزارة نشرت فى وسائل الإعلام المختلفة دعوة للمصانع المتعثرة للإعلان عن نفسها فى يناير 2012 ثم فى يوليو 2013 ومجمل المصانع التى أعلنت عن تعثرها هو 790 مصنعا فقط حتى الآن، وتنحصر أسباب تعثر 84% منها فى المشكلات المالية وعدم القدرة على الاقتراض لتمويل رأس المال العامل، أما باقى أسباب التعثر فتتعلق بأسباب فنية أو أمنية.
وأوكد أن السبب الأخير والمتعلق بالجانب الأمنى انتهى حيث لا يوجد أى مصنع متوقف لسبب أمنى، ويدرس مركز تحديث الصناعة كل حالة حاليا على حدة، أما صعوبة اقتراض هذه المصانع فتعود الى سياسة البنوك نفسها خاصة أنه ليس كل مصنع متعثر جديرا بالحصول على قروض.
وفى إطار البرنامج الاستثمارى الاستثنائى هناك مبلغ 500 مليون جنيه للمساهمة فى إخراج هذه المصانع وحل مشكلاتها وستتم إتاحة هذا المبلغ لبنكين أو ثلاثة بنوك لإقراض المصانع المتعثرة بأسعار فائدة مخفضة، علما بأن الإقراض يجب أن يتم بعد التأكد من جدوى تشغيل تلك المصانع، لأنه ليس هناك أى فائدة من استمرار إقراض مصانع لن تستمر فى الانتاج لأنها قائمة على أسس غير اقتصادية، وهناك مصانع يجب مساندتها لأنها تستحق الاستمرار حفاظا على العاملين بها، وعلى الدور الذى تلعبه على خريطة الاقتصاد المصرى.