وقعت دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية مصر العربية أمس، اتفاقية لدعم البرنامج التنموي المصري تقدم بموجبها دولة الإمارات مبلغ 9.4 مليار دولار لتنفيذ عدد من المشاريع لتطوير القطاعات والمرافق الخدمية، والارتقاء بالأوضاع المعيشية والحياتية والتنمية البشرية للشعب المصري.
شهد مراسم توقيع الاتفاقية التي جرت في فندق قصر الإمارات في أبوظبي، الفريق أول الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة والدكتور حازم الببلاوي رئيس مجلس الوزراء المصري.
ويشمل هذا الدعم منحة مالية قدرها مليار دولار، تمت إجراءات تحويلها إلى مصر في يوليو الماضي، إضافة إلى تخصيص أكثر من مليار دولار للمساهمة في توفير جزء من كميات الوقود والمحروقات التي تحتاجها مصر، بما يضمن سير عجلة الاقتصاد والصناعة والتجارة والمواصلات على نحو طبيعي، وبما يؤكد التزام دولة الامارات بالوقوف إلى جانب مصر وشعبها في هذه المرحلة الهامة لتجاوز التحديات الراهنة وتحقيق مصلحة مصر واستقرارها وحفظ أمنها، لتواصل طريقها نحو البناء والتنمية وتقوم بدورها الريادي والحضاري عربياً ودولياً، وتم تخصيص المبلغ المتبقي لتنفيذ حزمة من المشاريع التنموية التي تشمل مختلف القطاعات الحيوية.
ويأتي توقيع هذه الاتفاقية لوضع الإطار العام للمساعدات التي قدمتها وتقدمها دولة الإمارات العربية المتحدة إلى جمهورية مصر العربية.
وقام بالتوقيع من جانب الإمارات الدكتور سلطان أحمد الجابر وزير دولة ومن الجانب المصري الدكتور زياد أحمد بهاء الدين نائب رئيس الوزراء ووزير التعاون الدولي.
المبادرة لدعم الاقتصاد المصري وتعزيز الاستقرار الاجتماعي فيها
وتأتي هذه المبادرة الإماراتية لدعم الاقتصاد المصري وتعزيز الاستقرار الاجتماعي فيها، من خلال تنفيذ حزمة من المشاريع التنموية في مختلف القطاعات التي تمس حياة الشعب المصري وتشمل قطاعات الطاقة والرعاية الصحية والتعليم والغذاء والإسكان والنقل.
كما شهد توقيع الاتفاقية الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان، مستشار الأمن الوطني نائب رئيس المجلس التنفيذي والشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والمهندس شريف إسماعيل وزير البترول والثروة المعدنية المصري، وأسامة صالح وزير الاستثمار المصري، والدكتور هشام رامز محافظ البنك المركزي المصري والمهندس طارق الملا الرئيس التنفيذي للهيئة المصرية العامة للبترول، ومحمد بن نخيرة الظاهرى سفير الدولة لدى جمهورية مصر العربية، ومحمد مبارك المزروعي وكيل ديوان ولي عهد ابوظبي، وإيهاب حمودة السفير المصري المعين لدى الدولة، إضافة إلى عدد من كبار المسئولين في البلدين.
وتضم المشاريع التنموية المشمولة بهذه الاتفاقية بناء 25 صومعة لتخزين القمح والحبوب بسعة 15 ألف طن للصومعة الواحدة، حيث يسهم هذا المشروع في حماية المحاصيل والحد من إمكانية تعرضها للتلف بما يعزز الأمن الغذائي.
كما تشمل المشاريع بناء 79 وحدة للرعاية الصحية الأساسية (طب الأسرة) في مناطق لا تتوفر فيها حالياً هذه الخدمات وذلك لتوسيع نطاق تقديم الخدمات الصحية للشعب المصري، إضافة إلى إنشاء خطين لإنتاج أمصال اللقاحات بما يرفع الاكتفاء الذاتي ضمن هذا المجال الحيوي إلى نسبة 80%.
كما تشمل أيضاً إنشاء 50 ألف وحدة سكنية مع البنية التحتية والخدمات التابعة وذلك على مراحل بدأت بالفعل من خلال إطلاق العمل لتنفيذ 13 ألف وحدة سكنية في مدينة 6 أكتوبر، وسيتم أيضاً توفير خدمات الكهرباء من خلال مشاريع الطاقة المتجددة إلى مجموعة من القرى والمناطق والتجمعات السكنية غير المرتبطة بالشبكة الكهربائية للمساهمة في إنعاش الريف وتوفير الخدمات الأساسية للمناطق النائية، إضافة إلى استكمال شبكات الصرف الصحي في مجموعة من القرى بما يسهم في الحد من انتشار الأمراض وتأمين بيئة صحية للعيش.
سيتم بناء 100 مدرسة موزعة على مختلف مناطق الجمهورية
وفي قطاع التعليم، سيتم بناء 100 مدرسة موزعة على مختلف مناطق جمهورية مصر العربية وتشمل التعليم العام والمهني بما يسهم في خفض مستوى الأمية وتخفيف الضغط عن المدارس الحالية وإعداد أجيال متمكنة وقادرة على شغل مهن مستقبلية واعدة، كما تشمل المشروعات إنشاء 479 مزلقاناً (حواجز) على تقاطعات الطرق مع السكك الحديدية، وذلك للارتقاء بمستويات السلامة العامة والحد من تكرار الحوادث المؤسفة نتيجة فقدان هذه الحواجز، وتضم الأعمال والمشاريع المشمولة بالاتفاقية تقديم الدعم لمجموعة من مشاريع ومباني ومرافق كل من جامعة الأزهر والكنيسة الأورثوذكسية المصرية، كما سيتم توفير 600 باص للمساهمة في تأمين خدمات النقل العام.
وقال الدكتور حازم الببلاوي رئيس مجلس الوزراء المصري: باسم الشعب المصري، نتقدم بجزيل الشكر إلى دولة الإمارات العربية المتحدة قيادةً وحكومةً وشعباً، لوقوفها الى جانب مصر ودعم تطلعات وآمال شعبها، حيث إن العلاقات المميزة بين بلدينا وشعبينا الشقيقين تعود إلى ما يزيد على أربعة عقود، وهي مستمرة بالنمو والازدهار في إطار من المودة والاحترام لما فيه مصلحة البلدين الشقيقين.
الببلاوي: التوقيع على هذه الاتفاقية لإضفاء صبغة رسمية على التعاون المشترك القائم فعلياً خلال الشهور الأخيرة
وأضاف: أود الإشارة هنا إلى أن التوقيع على هذه الاتفاقية هو لمجرد إضفاء صبغة رسمية على التعاون المشترك القائم فعلياً خلال الشهور الأخيرة، حيث كان العمل مستمراً بين اللجان والجهات المعنية من الجانبين، وتم بالفعل تنفيذ عدد من المشاريع على الأرض، وسيجري الإعلان عن بدء العمل بما تبقى منها تباعاً خلال الشهور المقبلة، ويعد انطلاق الأعمال قبل التوقيع على الاتفاقية دليلاً على الروابط الوثيقة التي تربط شعب مصر بأشقائه في دولة الإمارات، كما أود هنا التأكيد على استمرار الحكومة المصرية بالعمل على تأمين الخدمات الضرورية للشعب، وسنكون بإذن الله، وبعون أشقائنا، قادرين على الوفاء بالتزاماتنا.
وقال الدكتور زياد أحمد بهاء الدين، نائب رئيس الوزراء ووزير التعاون الدولي: بذلنا جهوداً مكثفة على مدى الشهرين الأخيرين من خلال العمل مع الأشقاء في دولة الإمارات العربية المتحدة، الذين ركزوا على التوصل إلى قائمة بالمشاريع الضرورية التي سيسهم تنفيذها في تحسين أوضاع أكبر شرائح ممكنة من الشعب وبأسرع وقت ممكن، وأود الإشادة هنا بالمهنية العالية التي لمسناها من الجانب الإماراتي، الذي لم يدخر جهداً لتقديم الدعم المطلوب، ونشكر أشقائنا في دولة الإمارات العربية المتحدة على وقوفهم معنا، ونؤكد استمرار سعي الحكومة المصرية بالعمل على الارتقاء بمستوى الخدمات وتنفيذ المزيد من المشاريع الإنمائية في مختلف مناطق الجمهورية.
من جانبه، قال الدكتور سلطان أحمد الجابر وزير دولة: بناءً على توجيهات القيادة الحكيمة لدولة الإمارات العربية المتحدة، تمت دراسة مختلف سبل الدعم الذي يمكن تقديمه لتحقيق نتائج فورية يستفيد منها المجتمع المصري بكافة شرائحه، وذلك بهدف إنعاش الاقتصاد المصري والدفع قدماً نحو تحقيق التنمية المستدامة، وهذا ليس بغريب على العلاقات الأخوية المتينة والمستمرة بين البلدين والشعبين الشقيقين ولما يزيد على أربعين عاماً وذلك منذ أن أرسى أركانها ودعائمها المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، والتي تقوم على مبادئ الثقة والشفافية والمودة والمحبة والاحترام المتبادل، والتي تتواصل اليوم في ظل توجيهات ومتابعة قيادتنا الحكيمة.
الاتفاقية تهدف لتقديم كافة أوجه الدعم إلى الشعب المصري لمساعدته في اجتياز المرحلة الانتقالية التي يمر بها حالياً
وأكد أن توقيع الاتفاقية يعكس التزام دولة الإمارات العربية المتحدة، بتقديم كافة أوجه الدعم إلى الشعب المصري لمساعدته في اجتياز المرحلة الانتقالية التي يمر بها حالياً وتحقيق الاستقرار والأمن والاطمئنان، وذلك انطلاقا من إيمان دولة الإمارات بأهمية عودة مصر للقيام بدورها المحوري في العالم العربي.
وأضاف: كنا نعمل خلال الفترة الماضية من خلال مسارين متوازيين، فإلى جانب تحديد المشاريع وكيفية تنفيذها، كنا نسعى إلى تحديد الجدوى الاستراتيجية والاقتصادية وفوائد هذه المشاريع على الاقتصاد والمجتمع المصري على المدى البعيد، حيث يشمل برنامج الدعم إجراء دراسة استراتيجية لإنعاش الاقتصادن وأود هنا أن أشكر كافة المشاركين في جهودنا المشتركة من الجانبين الإماراتي والمصري لما لمسناه من حرص على جدية العمل والتركيز على الإنجاز بأقصى سرعة ممكنة.
وتم بالفعل تنفيذ مجموعة من مشاريع الدعم مثل إنهاء تطوير منطقة منشية ناصر الذي يتضمن قرابة 8000 وحدة سكنية مع جميع ما يلزمها من مرافق ومباني خدمية، كما يشمل على مركز طبى، وثلاثة مساجد بسعة 300 مصلي، ومسجد سعة 800 مصلي، ودار مناسبات، ووحدتين صحيتين، وثلاثة دور حضانة، ومكتب بريد، ومبنى سجل مدنى ورقم قومي ومجمع محلات بسعة 78 محلاً، و10 أسواق تضم 133 محلاً، ومبنيين تعليميين تم تسليمهما لجهات الاختصاص، ومدرسة تعليم أساسى سعة 55 فصلاً بكامل الأثاث والتجهيزات والمعامل، ومدرسة تعليم ثانوى صناعى سعة 30 فصلاً بالأثاث والتجهيزات والمعامل والورش.
ويشمل المشروع أيضاً عدداً من مشاريع البنى التحتية كشبكة للصرف الصحي، وشبكات كهرباء لتزويد الطاقة الكهربائية ومحطة مياه، وشبكات طرق حديثة مزودة بأعمدة الإنارة لضمان انسيابية حركة التنقل للسكان، ويشمل مشروع منشية ناصر أيضاً مستشفى الشيخ زايد الذي تم افتتاحه مؤخراً.
تم بدء العمل في تشييد 13 ألف وحدة سكنية
كما تم بدء العمل في تشييد 13 ألف وحدة سكنية هي جزء من مشروع إنشاء 50 ألف وحدة سكنية، وذلك على مراحل حيث تم بدء العمل لإنشاء 13 ألف وحدة سكنية في مدينة 6 أكتوبر تستوعب ما يناهز 80 ألف نسمة، لتسهم بذلك في حل أزمة السكن، فضلاً عن تنشيط قطاع العقارات من خلال تشغيل الشركات والمقاولين، ويُقدَّر عدد العمال التابعين للشركات العاملة في هذه المرحلة من مدينة 6 أكتوبر بنحو 10 آلاف عامل، إضافة إلى تشغيل عمال من شركات تزويد مواد البناء من حديد وأسمنت وأخشاب وسيراميك وغيرها، حيث يصل إجمالي عدد أفراد الأسر المستفيدة من فرص العمل المرتبطة بأنشطة تشييد المشروع إلى ما يزيد على 120 ألف شخص.
يذكر أن دولة الإمارات العربية المتحدة، وإلى جانب مشاريع الدعم المشمولة بهذه الاتفاقية، قدمت في يوليو الماضي قرضاً بقيمة 2 مليار دولار بصورة وديعة بدون فائدة لدى المصرف المركزي المصري، وذلك في إطار العلاقات الأخوية والتاريخية التي تجمع دولة الإمارات العربية المتحدة بجمهورية مصر العربية، والتي تتميز بالمحبة وبالتعاون الوثيق وتعزيز الشراكات الثنائية في جميع المجالات، بما يسهم في تحقيق تطلعات وآمال البلدين والشعبين الشقيقين.