فى سابقة تختلف عن كل تجارب التعامل مع مشروعات القوانين التى أعدتها حكومة “الرئيس محمد مرسى”، أدرجت وزارة الدفاع تعديلات جذرية على مشروع “قانون الأراضى الموحد”، الذى أعدته الحكومة وناقشته لجان الرى والزراعة بمجلس الشورى، قبل أكثر من شهر، تمهيداً لسن التشريع الجديد، الذى ينظم طرق طرح أراضى الدولة بنظام حق الانتفاع وسلطات جهات الولاية الحكومية على الأراضى.
وجاءت النسخة المعدلة للقانون بمعرفة وزراء الدفاع والتى حصلت «المال» على نسخة منها فى 5 أبواب و25 مادة، بعد حذف 15 مادة من نسخته الأولى.
حذفت تعديلات القانون كلمة «بيع» من أوجه التصرف فى الأراضى
وحذفت التعديلات من النسخة الأخيرة من القانون كلمة «بيع»، من أوجه التصرف فى الأراضى، كما منح مشروع القانون الجديد فى نسخته الأخيرة المجلس الأعلى لتخطيط وتنمية أراضى الدولة سلطات واسعة فى تحديد وتوزيع وطرق التصرف فى الأراضى، ليستحوذ هذا المجلس فى المشروع المعدل على سلطات مجلس الوزراء، ويباشر اختصاصاته عبر «أمانة فنية» لم يحدد القانون تشكيلتها.
وقلص المشروع المعدل من السلطات الممنوحة للجهات الحكومية مالكة الأراضى – جهات الولاية – فى التصرف فى المساحات التى تقع تحت ولايتها، ليتوقف ذلك على موافقة المجلس الأعلى لتخطيط وتنمية أراضى الدولة، وأبقت النسخة المعدلة للقانون على تشكيل مجالس إدارات جهات الولاية، كما هى بحيث تضم ممثلاً عن وزارة الدفاع، والجهة المختصة بالاستثمار، إلى جانب ممثل من الجهاز الوطنى لتخطيط استخدامات الأراضى.
ومنحت المادة الثامنة من مشروع “قانون الأراضى الموحد” بعد التعديلات، المجلس الأعلى لتخطيط وتنمية أراضى الدولة حق اقرار مخططات استخدامات الأراضى، التى يعدها الجهاز الوطنى، بالنسبة للأراضى الصحراوية، كما انتزعت من مجلس الوزراء سلطة اعتماد وبدء التصرف فى الأراضى من قبل جهات الولاية، لتتوقف إجراءات طرح أى أراض خاضعة لولاية هيئات حكومية على اعتماد المجلس الأعلى لتخطيط وتنمية أراضى الدولة، فضلاً عن نزع سلطة طرح الأراضى من وزارة الاستثمار، كما كانت فى المشروع المعد من قبل الحكومة، ليقتصر دور الهيئة العامة للاستثمار على التسويق للأراضى فقط، وبذلك يكون المجلس الوطنى الجهة المشرفة على أسس ومعايير التغيير فى قيمة الأراضى ومقاصد استخدامها.
منح القانون سلطة تحديد المواقع اللازمة للمشروعات القومية إلى المجلس الأعلى لتخطيط وتنمية أراضى الدولة
وفى مفاجأة من العيار الثقيل، منح مشروع القانون المعدل، سلطة تحديد المواقع اللازمة للمشروعات القومية ذات النفع العام – الطرق وخطوط السكك الحديدية والموانئ، والمطارات المدنية، وغيرها – والقرار اللازم لها إلى المجلس الأعلى لتخطيط وتنمية أراضى الدولة، بدلاً من رئيس الجمهورية، كما أحال القانون سلطة التصديق على اللوائح الخاصة بإدارة واستغلال وتنمية والتصرف فى الأراضى الخاصة لجهات الولاية إلى المجلس الأعلى، بدلاً من مجلس الوزراء، وكذا الأمر بالنسبة للأراضى الخاضعة للمحافظات.
وألغت أحكام القانون الجديد أى نص فى أى قانون آخر يتعارض معه، بعد أن كانت النسخة الأولى تنص على سريان قوانين «المجتمعات العمرانية» و«الأراضى الصحراوية»، والقانون الخاص بشأن التصرف فى أملاك الدولة الخاصة، كما قصرت النسخة المعدلة أى استثناء لطرح الأراضى بالمخالفة لقانون المزايدات والمناقصات 89 لسنة 1998 على موافقة المجلس الأعلى.
وفيما يخص الجهاز الوطنى لتخطيط استخدامات أراضى الدولة، عدلت النسخة الأخيرة تبعية المركز ليصبح تابعاً لرئيس مجلس الوزراء فقط، بدلاً من مجلس الوزراء، كما أضافت المادة الخاصة باختصاصات الجهاز اختصاصاً جديداً ينص على موافاة «المجلس الأعلى» بخرائط الاستخدامات المستقبلية، إلى جانب خرائط الاستخدامات الحالية لأراضى الدولة.
وأضاف مشروع “قانون الأراضى الموحد” اختصاصاً جديداً للجهاز الوطنى، يقضى بإعداد أى قرار بتخصيص أراض من أى جهة، بدلاً من الاقتصار على إعداد القرارات الصادرة من رئيس الجمهورية فقط، وأبقى القانون على مهام الجهاز الرئيسية والخاصة بحصر كل أراضى الدولة، وإعداد المستندات والسجلات الخاصة بها، ووضع قاعدة بيانات كاملة وخرائط تفصيلية عن الأراضى المملوكة للدولة ملكية خاصة توضح استخداماتها الحالية وجهات الولاية، على أن يتم تحديثها بشكل دورى، إلى جانب الاشتراك فى اختيار وتحديد المواقع اللازمة للمشروعات الرئيسية الجديدة بالدولة.
تقليص سلطة الجهاز الوطنى لاستخدامات الأراضى فيما يتعلق بالفصل فى النزاعات بين جهات الولاية المختلفة
وألغت التعديلات النهائية، حق الضبطية القضائية الممنوح للعاملين على مراقبة وتحديد أعمال التعدى على أراضى الدولة، كما تم تقليص سلطة الجهاز الوطنى لاستخدامات الأراضى، فيما يتعلق بالفصل فى النزاعات بين جهات الولاية المختلفة، ليقتصر دوره على ابداء الرأى فقط فى الخلاف بين الوزارات والهيئات العامة ووحدات الإدارة المحلية، حول أى أراض مخصصة لتلك الجهات خارج الحيز العمرانى.
وبالنسبة لأحكام تخصيص أراضى الدولة للجهات صاحبة الولاية بالباب الثانى من القانون، تم إلزام الجهات صاحبة الولاية بموافاة الجهاز الوطنى لتخطيط استخدامات أراض الدولة بخرائط تفصيلية، تشمل كل الأراضى الخاضعة لولايتها على مستوى الجمهورية والوضع الحالى لتلك الأراضى، دون الالتزام بتنسيق تلك الجهات مع الوزارات المعنية.
وألغى “قانون الأراضى الموحد” فى صورته النهائية الحد الأقصى المسموح به لملكية أراضى الاستصلاح الزراعى، التى كانت محددة بواقع 100 فدان للفرد و200 فدان للأسرة و5 آلاف فدان للجمعية و10 آلاف فدان للشركات.
ورغم أن “قانون الأراضى الموحد” نص على تشكيل جهاز لحماية الأراضى يتبع المحافظات، ويختص بالمراقبة والمرور على الأراضى التابعة للمحافظة، ألغت التعديلات الجديدة اللجنة القضائية التى نص عليها القانون فى نسخته الأولى، لتتولى الفصل فى النزاعات القائمة بين الوزارات والهيئات العامة ووحدات الإدارة المحلية أو بين هذه الجهات وبعضها وبين الأفراد.
النسخة النهائية من القانون تؤكد على عدم جواز تملك الأراضى سوى للمصريين فقط
وفيما يخص تمليك الأراضى لغير المصريين، أكدت النسخة النهائية من القانون عدم جواز تملك الأراضى سوى للمصريين فقط، بإضافة فقرة تشير إلى عدم جواز ذلك، سواء كانت الإفادة مباشرة أو غير مباشرة، من خلال الاشتراك والمساهمة فى الأشخاص الاعتبارية الخاصة، مستثنياً من ذلك ما يصدره رئيس الجمهورية من قرارات لأسباب يقدرها بعد موافقة مجلس الوزراء، لمعاملة من يتمتع بجنسيات إحدى الدول العربية المعاملة المقررة للمصريين فى هذا القانون، غير أن تلك المادة هى الوحيدة التى ما زالت فى طور المناقشة ولم يتم حسمها.
غلظ القانون أحكام العقوبات التى كان منصوصاً عليها بالنسبة للمتعدين على أراضى الدولة
وغلظ القانون أحكام العقوبات التى كان منصوصاً عليها بالنسبة للمتعدين على أراضى الدولة، بحيث يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر وغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه، ولا تزيد على 200 ألف، أو ضعف قيمة الأرض المتعدى عليها وقت تحرير المخالفة، وكذلك معاقبة من يقدم إقرارات أو يدلى ببيانات غير صحيحة يترتب عليها انتفاعه أو انتفاع غيره دون وجه حق بأرض من الأراضى الخاضعة لهذا القانون، بالحبس مدة لا تقل عن 3 أشهر وغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تزيد على 200 ألف.
ونص “قانون الأراضى الموحد” على أن تئول جميع الغرامات والأموال التى يتم تحصيلها بناء على العقوبات المنصوصة، إلى الخزانة العامة للدولة، على أن تخصص منها نسبة لا تزيد على 5% لإثابة المختصين بالمتابعة والمراقبة، بدلاً من أن تئول تلك الأموال إلى جهة الولاية.