تتجه شركات مراجعة الحسابات الي وضع قواعد متشددة علي الشركات المالية العملاقة برغم الأزمات المالية التي تعاني منها فعلا خلال الشهور القليلة الماضية فعلي سبيل المثال اضطرت شركة أمريكان انترنانشيونال جروب»AIG « للتأمين الي خفض قيمة الأدوات المالية المرتبطة بالرهن العقاري بعد أن وجدت شركة برايس وتر هاوس كوبرز LLP التي تراجع حساباتها »ثغرات مادية« في نظم حساباتها.
وقامت شركة »LLP « بإرغام شركة AIG الضخمة علي خفض قيمة عقود التأمين التي ابرمتها بحوالي 4.88 مليار دولار قبل خصم الضرائب وإن كانت AIG قد بذلت في نهاية العام الماضي جهودا مكثفة لتبلغ المستثمرين عن تعرض الشركة لخسائر بسبب أزمة الرهن العقاري علي هذه العقود التأمينية ورغم أن الخسائر ستكون أقل فإنها ستتجاوز المليار دولار عن شهري أكتوبر ونوفمبر فقط.
وكان من جراء خفض قيمة تلك العقود التأمينية أن المستثمرين قاموا ببيع كميات هائلة من أسهم AIG لدرجة أن سعر السهم انخفض بمقدار 5.94 دولار أو حوالي %12 ليصل سعره الحالي الي 44.74 دولار وهو أقل سعر لهذا السهم منذ خمس سنوات وأقل مما وصل اليه حتي خلال فضيحة الحسابات عن 2005.
وأدي هذا الخفض أيضا الي خسائر قدرها 15 مليار دولار في قيمة الأسهم وهي أكبر نسبة انخفاض تشهدها أسهم AIG منذ أزمة انهيار البورصة في 1987.
وخسرت أسهم AIG ثلث قيمتها في العام الماضي كما انهارت قيمتها أيضا بنسبة %23 خلال هذا العام.
وأعلنت شركة»فيتسن ريتنجز« لتقييم السندات مؤخرا أنها وضعت تقييما سالبا لأسهم AIG التي انكمشت قيمتها.
وكانت AIG قد بذلك كل ما في وسعها لإخفاء معالم مشاكل الحسابات والقواعد التنظيمية التي شهدتها سنوات رئاسة جرينبرج للشركة، ولكن التصريحات الأخيرة عن وجود»نقاط ضعف مادية« في الحسابات الداخلية المرتبطة بالمحفظة الائتمانية التي خفضت الشركة قيمتها أدت الي انهيار مصداقيتها لدي المستثمرين.
كما تعرضت خلال الشهر الجاري شركة CNA فاينانشيال كورب للتأمين لخسائر قدرها 61 مليون دولار بسبب خفض قيمة الأوراق المالية المرتبطة بالأزمة الحالية في الأسواق المالية وتعرضت أسهم هذه الشركة التي تشرف عليها شركة لويز كورب لخسائر في سعرها بنسبة %19 لأول مرة منذ ثلاث سنوات ليصل سعر السهم الي 26.07 دولار.
وجاء قرار شركة برايس وتر هاوس كوبرز LLP بخفض قيمة عقود التأمين عندما كان المراجعون يشرفون علي البيانات المالية لمئات الشركات عن نهاية العام والتي ترتبط أوراقها المالية بالرهن العقاري بعد أن أعلنت هذه الشركات عن خفض هذه الأوراق المالية بمقدار 100 مليار دولار ويخشي المستثمرون من حدوث المزيد من هذه التخفيضات في المستقبل.
ويقول مارك شيفرز الرئيس التنفيذي لشركة أوديت اناليتيكس للبحوث التي تنبع الأخطاء في تقارير الشركات المالية إنه من المثير اكتشاف»ثغرات مادية« مماثلة عند الشركات التي ستدخل فيما بعد لعبة خفض القيمة حيث كان اكتشاف هذه الثغرات المادية في أدوات الرقابة الداخلية المستخدمة لتقييم عقود التأمين في شركة AIG هو الأول من نوعه في مجال الشركات التأمينية الكبري منذ ظهور الأزمة المالية في أغسطس الماضي ومن المتوقع ظهور حالات مماثلة لأن المراجعين يقومون بفحص شامل لنتائج نهاية العام بدقة أكثر من فحصهم للنتائج ربع السنوية التي تقدمها الشركات في تقاريرها.
وكانت AIG تبدو معقدة وغامضة أكثر من اللازم أمام المستثمرين لدرجة أنهم لا يستطيعون تحليلها بشكل كامل مما جعلهم يعتمدون فقط علي كلمة الشركة وإعلانها أن نظم الحسابات فيها قوية وسليمة لاسيما أن الشركات المالية الأخري مثل فريدي ماك وفاني ماي لم تسترد سمعتها بعد كشف العيوب في نظم محاسبتها.
وتؤكد AIG بعد كشف المراجعين للثغرات المادية في نظم حساباتها أنها تواصل عملية تقدير وسائل الرقابية المرتبطة بتقييم محافظها المالية، وإن كانت تري أنها لديها الآن الأدوات الرقابية التعويضية اللازمة لها مع التدابير الضرورية لكي تحدد بشكل مناسب قيمة عادلة لمحافظها من أجل الإعلان عن نتائجها المالية لنهاية العام.
وكانت AIG عند تقييم عمليات تخفيض قيمة الائتمان ـ وهي العقود التي تحقق تأمينا ضد خفض قيمة بعض الأوراق المالية تستفيد من افتراض أن هناك فروقا في قيمة هذه العمليات والأوراق المالية التي تقدم لها التأمين، ولكن شركة المراجعة وجدت ثغرات في طريقة تقييم AIG لهذه العمليات.
وأكدت AIG أنها لا تعتمد علي مكاسب من هذه الفروق لأن ظروف السوق متعثرة للغاية.
ووقعت AIG في هذا الموقف المحرج لأنها أعلنت قيمة هذه الممتلكات أثناء تقديم أحدث المعلومات للمستثمرين في نهاية العام الماضي ولكن هذه المعلومات كانت تغطي أول شهريين فقط من الربع الأخير وهذا يعني ظهور تخفيضات أخري في القيمة عندما يندرج شهر ديسمبر في معلومات AIG ، وعندما تنكمش قيم هذه الأوراق المالية أكثر وأكثر، حيث لن تعلن AIG عن تقريرها السنوي إلا في نهاية فبراير الحالي، ولكن AIG تدافع عن عدم استخدام النتائج المالية لنهاية العام بسبب ظروف السوق الصعبة في الوقت الراهن.
وتتفق إجراءات شركة المحاسبة مع طلبات المراجعين التي تستهدف إرغام الشركات علي استعمال القيم السوقية للأوراق المالية التي يمتلكونها، حتي اذا كان هناك بعض التعاملات مازالت جارية، وإن كان بعض المحللين يرون أن هذا أدي الي الإسراع بخفض القيم في الشهور الأخيرة.
ولكن هذه الإجراءات والطلبات تتعارض مع رؤساء الشركات الذين يرون أنه من الأفضل النظر الي قيم الأوراق المالية علي المدي الطويل بدلا من الأسعار المتدنية الناجمة عن أسواق توقفت عن العمل في أحوال عديدة.
وتقول جانيت تافاكولي رئيسة شركة تافاكولي ستراكتشرد فاينانس للبحوث في شيكاغو»ليست كل الشركات تحصل علي درجات عالية من شركات المراجعة أو حتي من برايس وتر هاوس كوبرز التي وجدت عيبا ماديا واحدا فقط لدي نظام حسابات AIG لأنه مجرد خطوة مطلقة في الاتجاه الصحيح«.. ولكنها تري أن تصريحات AIG ليست كافية بالنسبة لطريقة استنتاجها قيم تلك الأوراق المالية شديدة التعقيد.