يترقب الجميع إعلان الحكومة عن التفاصيل الكاملة لخطة تأسيس الشركة القابضة للموانئ التى سينضم لها 7 موانئ مصرية، بعد أن أُعلن ذلك المقترح فى الأسابيع الماضية بهدف القدرة على طرح جزء من الأصول فى البورصة، ليكون متاحا أمام المستثمرين المصريين والأجانب شراء جزء من الأسهم المطروحة.
وطالب عدد من خبراء قطاع النقل واللوجستيات ومسئولين سابقين، تنفيذ 4 نصائح عند بدء تنفيذ الإجراءات التنفيذية لخطة تأسيس القابضة وتحويل الموانئ الـ 7 إلى شركات مساهمة مصرية، حتى تكتمل الفائدة من الخطة وتحقق الأهداف المعلنة.
وتتمثل فى ضرورة إجراء تقييم الأصول وفقا لعدد من الآليات التى تضمن قيمتها الحقيقة ومراعاة الفترة الزمنية لوضع العملة المصرية وقوتها أمام الدولار، فضلا عن الحفاظ على العمالة الحالية بالموانئ، إلى جانب إعلان الإجراءات المقرر تنفيذها أولا بأول حتى تطمئن الكيانات العاملة حاليا على استثماراتها، والأخيرة وضع سياسة تضمن عدم احتكار الأنشطة الرابحة بعد تحويل الموانئ إلى شركات.
بداية، أكد اللواء أحمد حواش رئيس هيئة ميناء دمياط لـ«المال»، أن الحكومة تسعى لتنشيط الموانئ الأمر الذى يحقق فوائد على اقتصاد الدولة بشكل عام، مؤكدا أن تحول الموانئ لشركات لن يكون له تأثير على المشروعات التى أُسندت فعليا للقطاع الخاص سواء الأرصفة والمحطات بقصد الإدارة والتشغيل، ومنها على سبيل المثال تعاقد تحالف يوروجيت بميناء دمياط الذى سيتولى إدارة محطة دمياط الثانية.
ولفت إلى أن استثمارات الميناء لم تتأثر بظروف الأزمة العالمية الحالية الناتجة عن الحرب الروسية الأوكرانية، متابعا أنه رغم الأزمة إلا أن التحالفات والشركات بمختلف جنسياتها مازالت تضخ استثمارات وتجرى توسعات لأعمالها بالسوق المحلية وذلك أكبر دليل على قوة الاقتصاد.
وتابع أن ميناء دمياط يستقبل بصفة مستمرة عروض من الشركات لديها رغبة فى الاستثمار بكافة الأنشطة سواء تداول الحاويات أو البضائع العامة.
وأعلن رئيس الحكومة المصرية مصطفى مدبولى فى مؤتمر صحفى عقد مطلع مايو الماضى، أنَّه سيتم دمج أكبر 7 موانئ تحت مظلة كيان واحد تمهيدًا للطرح فى سوق المال، وسيكون الطرح بشكل رئيسى للمصريين، مع إتاحة نسبة للمستثمرين الأجانب.
وبعدها بأيام أعلن كامل الوزير، وزير النقل، فى تصريحات تلفزيونية، أن الموانئ هى «الإسكندرية، ودمياط، وشرق وغرب بورسعيد، والأدبية، والسخنة، وسفاجا»، وستتحول من هيئات إلى كيانات تحت مظلة شركة قابضة، مؤكدًا عدم وجود نوايا للبيع، ولكن الأمر يقتصر على الإدارة والتشغيل بالتعاون مع القطاع الخاص، ومن حق المستثمر – بعد طرحها فى البورصة – أن يكون له مقعد فى مجلس إدارة الشركة.
من جانبه، قال اللواء على الحايس نائب رئيس هيئة ميناء الإسكندرية الأسبق، أن احتياجات مصر من العملة الصعبة تضاعفت لذا فإن جذب وضخ استثمارات عبر الصناديق السيادية لبعض الدول العربية والأجنبية فى السوق المحلية، لن تتأتى سوى بطرح بعض الأصول أمام الشركات والصناديق الخارجية بنسب متفاوتة.
وأشار إلى أن إجراءات تحويل الميناء لشركة مساهمة مصرية معقدة وشائكة بسبب تعدد الأنشطة التى يتم مزاولتها داخل أسوار الميناء، فضلا عن حجم الأصول الكبيرة الخاضعة لولاية الميناء سواء كانت أراضى فراغ، او قاطرات، أو ساحات، أو مساهمات للميناء نفسه فى شركات تعمل فى أنشطة النقل البحرى بوجه عام.
ولفتت «الحايس» إلى أن الاتجاه لبيع أسهم من الموانئ للكيانات الخاصة أيا كان نوعها، سيمكنها من إبداء رأيها فى خطة عمل الميناء بشكل عام وهذا الاتجاه سيكون له ايجابيات وسلبيات فى نفس الوقت، لكن فى النهاية يجب تحديد مصير العمالة والحفاظ عليها والتى لا تقل فى ميناء الاسكندرية عن 4 آلاف عامل، وأيضا إتاحة فرص استثمارية أمام باقى الشركات الخاصة للعمل فى أنشطة النقل البحرى المختلفة وعدم احتكار الشركات الـ 7 للأنشطة الرابحة.
ومن جهته، قال الدكتور محمد على مستشار وزير النقل الأسبق اللوجستيات والمستشار الحالى الأكاديمية البحرية، أن اتجاه الحكومة تحويل الميناء لشركة يعني استمرار الميناء كوحدة حكومية مع منح حرية أكبر فى التشغيل للقطاع الخاص سواء المحلى أو العالمى.
وأضاف أن دافع هذا الاتجاه يتمثل فى توفير التمويل اللازم لتحديث الموانئ وإزالة العقبات المؤسسية التى تعوق التجديد، فضلا عن تخفيف العبء عن الموازنة العامة وتوسيع التجارة بشكل عام.
ونصح مستشار الأكاديمية البحرية، بتشكيل لجنة من الخبراء الوطنيين تمثل عناصر المحترفة فى الأنشطة سواء الفنية والمالية، لتقييم الأصول وفق حسابات اقتصادية دقيقة، لاسيما وأن العملة الوطنية فى الوقت الحالى منخفضة مقابل الدولار.
وأشار إلى أنه أعد دراسة حول خصخصة الموانئ بعد تحرير مصر لخدمات النقل البحرى وإشراك القطاع الخاص عام 1998، وكشفت الدراسة عن مجموعة من المحاذير بعد الإطلاع على تجارب بعض الدول، ومنها أن عدم الدقة فى تقييم الأصول والأسهم أدى لإهدار الثروة القومية لتلك الدول، لأنها استهدفت التضحية بالإيراد السنوى الذى يمكن زيادته مقابل الحصول على الإيراد دفعة واحدة.
وأوضح أن تولى القطاع الخاص ادارة الموانى، قد يؤدى إلى إهمال الخدمات العامة التى تحقق منافع اجتماعية، إذ أن الاستثمار فيها لا يدر عائدا يتناسب مع تكلفتها.
وطالب مستشار الاكاديمية البحرية الحكومة بالتركيز على تجربة موانئ سنغافورة فى تحقيق الميزات التنافسية وتطبيق سياسات ملائمة، وإذا كان هناك ضرورة فى طرح بعض الأسهم كاستجابة لبرامج الإصلاح فيجب قصرها على الموانئ الجديدة فقط.
وقال اللواء إيهاب البنان نائب رئيس هيئة قناة السويس الأسبق والرئيس الحالى لشركة كلاركسون بلاتوه، أن %70 من تجارة مصر وخاصة السلع الإستراتيجية تدخل عن طريق ميناء الإسكندرية الذى يعد واحدا من الموانئ السبع المزمع دمجها فى شركة موانئ مصر القابضة.
وأشار «البنان» إلى أن المشروعات التى طرحتها الدولة للقطاع الخاص تبقى يد الدولة «مغلولة» رغم أنها تملك الحصة الحاكمة، والمستثمر يتمتع نسبة %49 وغالبا يملك القرار الذى يحقق مصالحه فى النهاية، مطالبا أن تكون نسبة القطاع الخاص ضئيلة لتكون الدولة مسيطر فى النهاية.
ولفت إلى أن الموانئ تستقبل ثلثى احتياجات مصر من السلع الاستراتيجية خاصة دمياط والإسكندرية وغرب بورسعيد، ولا يمكن أن تصبح الإدارة بشكل كامل فى يد القطاع الخاص.
وأوضح نائب رئيس هيئة قناة السويس الأسبق، أن جميع الموانئ الرئيسية فى العالم تديرها الدولة، لكن هناك الكثير من الأرصفة التى يتولى القطاع الخاص إدارتها ومن ثم فإنه يجب تطبيق هذا الأمر دون غيره لتجويد الخدمات المقدمة.
ويرى أن الرؤية الاستراتيجية لسوق النقل البحرى فى مصر مبهمة وغير واضحة، خاصة وأن إقتصاديات هذا القطاع قائمة على الصادر والوارد المحلى وحاليا توجد عدة إجراءات تحد من الاستيراد، وأخرى تشكل صعوبة فى التصدير.
وأكد مصدر بالهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، أن المقترح المطروح حاليا سبق مناقشته فى السنوات الماضية لكن لم يدخل حيز التنفيذ، مؤكد أنه لن يتم الاستقرار حتى الآن على أى آليات تتعلق بتقييم الأصول.
ولفت المصدر إلى أن إجراءات تأسيس الشركة القابضة لموانى مصر يسبقها كثير من الخطوات، تبدأ بالتقييم المالى للمحطات والأراضى وغيرها، فضلا عن أن هناك مساهمين فى كيانات تابعة لهيئات الموانئ يجب الاتفاق معهم على الخطوات المستقبلية للعمل.
ونفى المصدر وجود أى مخاوف تتعلق بخرق أمن الميناء، لافتا إلى أن الأفضل أن يكون لدى الدولة كيان اقتصادى قادر على جذب استثمار اجنبى، مع بقاء إدارة المرفق الاستراتيجى.
على الحايس: ضرورة الحفاظ على العمالة وضمان عدم احتكار الكيانات الجديدة للأنشطة الرابحة