هن المجتمع البحرى، عودة الخطوط الملاحية للعبور بقناة السويس، بعد هجرة لأكثر من 13 شهرًا، اعتادت شركات الشحن العالمية خلالها على السير عبر طريق رأس الرجاء الصالح، كمسار بديل، تجنبًا للتداعيات والهجمات والتوترات الجيوسياسية لمنطقة البحر الأحمر، بـ 4 عوامل أساسية.
ومنذ ديسمبر 2023، بدأت الخطوط العالمية، تعديل مسارها للدوران من رأس الرجاء الصالح بدلًا من منطقة البحر الأحمر التى تعد أقصر الطرق التجارية بين أوروبا وآسيا عبر المرور من قناة السويس، بهدف تجنب هجمات مسلحة نفذتها جماعة الحوثى اليمنية ضد السفن العابرة، ردًا على التصعيد العسكرى الإسرائيلى على قطاع غزة.
وكان من تداعيات الحرب الإسرائيلية على غزة انخفاض فى إيرادات قناة السويس، التى تعد ضمن أحد أهم مصادر مصر الرئيسية من النقد الأجنبى، بأكثر من %60 خلال العام المالى 2023 – 2024.
ونجحت الوساطة المصرية القطرية الأمريكية منتصف يناير الماضى، فى التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار فى قطاع غزة بين جيش الاحتلال الإسرائيلى وحركة حماس، الأمر الذى تعول عليه هيئة قناة السويس لتحقيق مستهدفاتها من الإيرادات التى تقدر بحوالى 10 مليارات دولار كل عام.
وتضم قائمة دوافع عودة شركات الشحن لمنطقة البحر الأحمر، الاستقرار الأمنى بشكل كامل فى المنطقة، وفعالية الحوافز والتخفيضات المقدمة من جانب هيئة قناة السويس للسفن العابرة من المجرى الملاحى، إضافة إلى كفاءة وجودة الخدمات البحرية المتوفرة لصالح العائمات، وأخيرًا عودة رسوم شركات التأمين العالمية لمعدلاتها الطبيعية.
المنطقة آمنة
فى البداية طالب عادل اللمعى رئيس غرفة ملاحة بورسعيد هيئة قناة السويس والمنظمة البحرية، بالتنسيق مع شركات التأمين البحرى لإعلان أن المنطقة آمنة للعبور وإعادة تقييم الأوضاع فى ظل عودة الهدوء النسبى جنوب البحر الأحمر مما يعزز من قرارات الخطوط الملاحية الكبرى بالعودة للعبور من القناة، بجانب منح شركات الشحن حوافز ومزايا خلال الستة أشهر المقبلة.
اللمعى: القناة جاهزة لاستقبال كافة الخطوط وتحقيق أمان وسلامة المرور
ولفت اللمعى إلى أن الظروف مهيأة لعودة الملاحة البحرية إلى البحر الأحمر، خاصة وأن قناة السويس جاهزة لاستقبال كافة الخدمات الملاحية وتحقيق أمان وسلامة المرور للسفن بعد الانتهاء من مشروع تطوير القطاع الجنوبى.
فى سياق متصل، قال مصدر مسؤول بالخط الملاحى UME أن عودة الخطوط الملاحية بشكل كامل مرهونًا بزيادة الاستقرار فى المنطقة والتأكد من استمرار اتفاق وقف إطلاق النار فى غزة.
وأكد على كلامه مسؤول سابق بهيئة قناة السويس ، طالبًا عدم الكشف عن اسمه، متوقعًا انتظام الملاحة فى القناة منتصف العام الجارى.
يشار إلى أن إم إس سى ميديترينيان شيبنغ MSC Mediterranean Shipping أكبر شركة لشحن الحاويات فى العالم، أعلنت أواخر الشهر الماضى أنها لم تحدد بعد موقفها النهائى للعبور من قناة السويس، كون الأوضاع فى منطقة البحر الأحمر لم تتضح بعد.
السعدانى: توقعات بانتعاشة منتصف هذا العام مدعومة بزيادة التجارة العالمية
وتوقع خليل السعدنى، مدير اللوجستيات بأحد الخطوط الملاحية الكبرى، عودة الملاحة الكاملة بالبحر الأحمر وقناة السويس مع الاستقرار الأمنى وفعالية الحوافز المقدمة من قبل إدارة هيئة قناة السويس بجانب تعزيز كفاءة الخدمات المقدمة للسفن.
وأشار السعدانى إلى أن التوقعات تشير إلى انتعاش القناة بحلول النصف الثانى من 2025، مدعومة بزيادة حركة التجارة العالمية وتفضيل المسار الأقل تكلفة والأكثر استدامة.
مصدر بـ «وان»: نتواصل مع سنغافورة لنقل الانطباعات الإيجابية
وقال مصدر بالخط الملاحى اليابانى “وان” فى تصريح لـ”المال”، إن إدارة الخط فى مصر تتواصل مع الإدارة المركزية فى سنغافورة لنقل الانطباعات الايجابية عن بدء عودة الاستقرار فى منطقة البحر الأحمر تمهيدًا لعودة سفن الخط للعبور مرة أخرى من المجرى المصرى.
وأشار إلى أنه حتى الآن لم يصدر أية قرارات تتعلق بالعودة إذ يستغرق تغيير جداول الملاحة مدة لا تقل عن 3 شهور.
وكشف مصدر مسؤول بتحالف جيمينى الذى يضم خطى ميرسك الدانماركى وهاباج لويد الألمانى، عن أن التحالف يهدف إلى دعم وزيادة حركة التجارة بين الشرق والغرب من خلال عمليات أسرع وأكثر استدامة وفى حالة عودة الاستقرار للمنطقة وعودة السفن للعبور من قناة السويس فسوف تزيد رحلات التحالف.
وأكد المصدر أن محطة الحاويات ميرسك بشرق بورسعيد تدعم أسطولها من المعدات والأوناش لتصبح مركًاز لوجستيًا رئيسيًا مما يعزز مساهمتها أيضًا فى التحالف الجديد إذ تفتح تلك الشبكة آفاقًا جديدة للتجارة والتوسع الاقتصادى فى الشرق الأوسط.
جاب الله: العودة تستغرق 3 شهور لتعديل المسارات والخريطة
خدمات جديدة
من جهته أشار اللواء محمد عبد القادر جاب الله، رئيس شركة بورسعيد للحاويات والبضائع السابق، إلى أن عودة الخطوط الملاحية الكبرى لقناة السويس يستغرق مدة لا تقل عن 3 شهور لتعديل مسارات حركة وخريطة التجارة.
وكانت هيئة قناة السويس، أعلنت جاهزيتها لعودة حركة التجارة لطبيعتها وكذلك معدلات عبور السفن والتى ستحدث بالتدريج.
قدور: عمليات الاندماج فى عدة تحالفات تصعب القرار فى الوقت الحالي
وقال المهندس وائل قدور، عضو مجلس إدارة مجلس هيئة قناة السويس الأسبق، أنه من الصعب عودة الخطوط الملاحية حاليًا خاصة بعد عمليات الاندماج فى عدة تحالفات بدأتها خلال فبراير الجارى وعلى رأسها ميرسك، وما صاحبه من جداول رحلات منتظمة لذلك ستأخذ وقتًا حتى تعاود العبور مرة أخرى بقناة السويس.
وأضاف “قدور” أن عودة شركات الملاحة مرهونًا باستقرار البحر الأحمر الدائم وخفض شركات التأمين الرسوم الزائدة التى فرضتها على السفن نتيجة التوترات متوقعًا عودتها تدريجيًا خلال النصف الثانى من العام الجارى.
وقال عضو مجلس إدارة هيئة القناة الأسبق، إنه يمكن لقناة السويس أن تقدم خدمات جديدة ذات فاعلية فى جذب السفن ومنها التوسع فى عمليات إصلاح سفن وتموين السفن بالوقود صديق البيئة خلال الوقت الحالى، بجانب تحمل جزء من تكاليف التأمين للسفن من خلال إقرار تخفيضات بنسب معينة.
الجزار: رؤية المعدلات الطبيعية التى كانت قبل الحرب تحتاج سنة كاملة
من جانبه قال إسلام الجزار مراقب عمليات قناة السويس بإحدى شركات الملاحة، أنه مازالت قافلة العبور الواحدة لا تزيد عن 20 سفينة متوقعًا مع توقف هجمات الحوثيين ارتفاع عدد السفن العابرة تدريجيًا بالرغم من مخاوف الخطوط الملاحية من العودة إلى السير فى البحر الأحمر.
ويرى أن تلك الخطوط اعتادت العبور من رأس الرجاء الصالح لمدة قاربت 15 شهرًا ولابد من منحهم ميزة تنافسية وخفض رسوم العبور.
ولفت إلى أن قرار العودة قد يستغرق سنة كاملة حتى تعود حركة الملاحة بقناة السويس للمعدلات الطبيعية التى كانت عليها قبل نشوب حرب غزة إذ أن العبور الآن قاصرًا على الشركات التركية والروسية والصينية بجانب بعض الخطوط التى تعبر القناة إلى البحر المتوسط والعودة إلى ميناء جدة بعيدًا عن أخطار المرور من باب المندب.
وأكد الجزار أن توسعة القطاع الجنوبى يزيد من معدل الأمان للسفن القادمة من جنوب البحر الأحمر والعابرة لقناة السويس، لأن التيارات المائية وشدة الرياح من ناحية جنوب قناة السويس غالبًا ما تكون مرتفعة وبالتالى نجحت التوسعة فى زيادة المياه بالقطاع الجنوبى مما رفع معامل الأمان أما الإزدواجية من الكيلو 122 حتى 132 كيلو مترًا ساهمت فى زيادة الطول الكلى للمجرى المائى، مما يرفع تصنيفها بين الطرق الملاحية فى العالم.
ورصدت “المال” مؤشرات إيجابية فى حركة العبور بقناة السويس خلال شهر يناير الماضى إذ تم عبور 1046 سفينة بزيادة 40 سفينة مقارنة بالشهر السابق له ديسمبر 2024 والذى حقق عبور 1006 سفن.
كما مرت بقناة السويس ناقلة البترول CHRYSALIS ضمن قافلة الجنوب فى رحلتها القادمة من ميناء سيكا بالهند، متجهة إلى ميناء سيدى كرير بالإسكندرية وهى الأولى منذ تعرض الناقلة لهجوم فى منطقة البحر الأحمر فى شهر يوليو الماضى.