رشح مصرفيون قطاعات البنية الأساسية والكهرباء والبتروكيماويات والغاز والنقل لقيادة المشهد التمويلي خلال عام 2010 مدعومة بالتصنيف الائتماني الجيد الذي تتمتع به، إلي جانب الاتجاه الحكومي الحالي لدفع معدل النشاط في مجالات عمل القطاعات المحددة، بالاضافة إلي بروتوكول الشراكة بين القطاعين العام والخاص »BBB « الداعم لاقبال الشركات الخاصة علي تنفيذ مشروعات ضمن هذه المجالات، التي ستحتاج إلي قروض تمويلية ضخمة خلال الفترة المقبلة.
وتوقع الخبراء حدوث انتعاش محسوب لعمليات التمويل في العام الحالي خلافاً لـ2009 الذي شهد- بحسب تأكيدهم- حالة من التباطؤ، توقفت منذ منتصف العام الماضي، وهو ما يرشحه للصعود الحذر خلال 2010.
وقالوا ان بعض القطاعات مثل السياحة، مرشحة لصدارة المشهد التمويلي في 2010 بسبب الانتعاش المتوقع لعملياتها المختلفة.
واختلف الخبراء حول القطاعات المرشحة للتراجع، وأكد البعض أن القطاع العقاري الذي جذب انظار البنوك خلال العام الماضي ربما يسجل تراجعاً في العام الحالي، لأن نشاط عملياته قد يدفع ارصدة حجوزات الوحدات السكنية للارتفاع، وبالتالي اعتماد الشركات عليها في تمويل مشروعاتها المستقبلية، وتخفيف عمليات اقتراضها من الجهاز المصرفي، كما رصد الخبراء مشروعات الأسمنت التي جري تمويل معظمها، وأكدوا أن صعودها لمقدمة مشهد الاقراض مرهون باتمام طرح رخص جديدة تحدثت وزارة الصناعة عنها قبل شهور، وكذلك مشروعات الحديد، التي ترتبط بضخ رخص جديدة إلي السوق.
من جانبه توقع أحمد المصري، رئيس قطاع التمويل والاستثمار بالبنك الأهلي جذب قطاعات البنية الأساسية، مثل مشروعات المياه والصرف الصحي والكهرباء والنقل والمواصلات والطرق، ومشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص »BBB « للحصة الأكبر من المحافظ التمويلية للبنوك التي تم رصدها لعام 2010.
وأضاف »المصري« ان مشروعات البتروكيماويات ستكون أحد النجوم التمويلية التي تسعي اليها البنوك العام الحالي، بسبب خطة الدولة المتعلقة بتنمية استثماراتها، فضلا عن نها مشروعات لها تصنيف ائتماني جيد، لافتا إلي ان الطيران وأعمال البنية الاساسية للمطارات سيكون لها دور في جذب السيولة البنكية.
عبر رئيس قطاع التمويل بالبنك الأهلي عن اعتقاده بامكانية تراجع القطاع العقاري والمشروعات المرتبطه به عن المشهد التمويلي، بسبب النشاط المتوقع لعمليات بيع الوحدات السكنية، وهو ما يوفر سيولة جيدة لهذه لشركات عبر دفعات حجز الوحدات السكنية مما يؤهلها لاستكمال مشروعاتها دون الحاجة إلي السيولة البنكية، ولفت إلي أن مشروعات الأسمنت والحديد تنشط طلباتها التمويلية مع طرح رخص تدشين مصانع جديدة، ودون هذه الرخص تتراجع احتياجاتها التمويلية لأنها مشروعات تقوم علي سيولة عالية تمكنها من التنفيذ.
أكد »المصري« تعافي سوق التمويل واتجاها إلي مستوي افضل خلال العام الحالي، لافتاً إلي ان جزءاً من ذلك مرتبط بالانتعاش الاقتصادي المتوقع لهذا العام، إلي جانب توافر السيولة البنكية، وسعي بنوك اجنبية لضخ مزيد من السيولة داخل السوق.
وقال طارق الزناتي، مدير الائتمان ببنك أبو ظبي الوطني، ان مشروعات البنية الأساسية سيكون لها النصيب الأكبر من ائتمان 2010، إلي جانب الأسمدة والبتروكيماويات، لافتا إلي ان المشروعات الصغيرة اقتنصت حصصا أكبر من محافظ البنوك، بسبب الاهتمام الحكومي، كذلك قطاعات الأدوية والصناعات الغذائية والتي لا تتأثر كثيراً بالأزمات المالية.
وتوقع »الزناتي« حدوث الانتعاش التمويلي في النصف الثاني من العام المقبل وقال انه سيكون أكثر دلالة في تحديد اتجاه المرحلة المقبلة لسوق التمويل، لكنه أشار إلي ان 2010 سيكون أفضل علي أي حال من سابقه.
وأكد أحمد عبدالمجيد، مدير عام مساعد بإدارة الائتمان ببنك الاستثمار العربي، أن أبرز القطاعات الواعدة المرشحة للاستحواذ علي نسبة كبيرة من سوق التمويل في عام 2010 هي قطاعات مواد البناء والإنشاءات، العقارات، المقاولات، والغاز، البترول، الاتصالات، ومشروعات البنية التحتية والأساسية وأهمها مشروعات المياه والكهرباء والصرف الصحي والطرق والكباري.
وأوضح مدير عام مساعد الائتمان أن قطاع العقارات واعد بكل مشتقاته سواء الحديد والأسمنت والمقاولات وشركات الاستثمار العقاري رغم حالة الركود النسبي التي شهدتها السوق العقارية بداية العام الحالي نتيجة الأزمة العالمية وتراجع مبيعات وحدات الإسكان الفاخر التي كانت تركز عليها الشركات بشكل كبير في الأعوام السابقة.
وأضاف »عبد المجيد« أن الشركات العقارية بدأت تتجه للإسكان المتوسط ومحدود الدخل بعد الأزمة المالية العالمية، والذي يتمتع بإقبال شديد، لافتاً إلي أن »الضريبة العقارية« لن تؤثر علي مبيعات العقارات، خاصة أن غالبية الشركات تركز في الوقت الحالي علي بناء وحدات تتراوح مساحتها بين 80 و90 متراً حيث لاتتعدي قيمتها 500 ألف جنية وهي وحدات غير خاضعة للضريبة العقارية.
وعلي نحو اَخر أشار مدير عام مساعد الائتمان إلي أن قطاعات الغاز والبترول والاتصالات متميزة وجاذبة للبنوك، خاصة في السنوات الأخيرة مع تحقيقها معدلات نمو جيدة.
وقال »عبدالمجيد« إن هناك قطاعات كانت تستحوذ علي حصة كبيرة من التمويل البنكي في الوقت السابق، ولكن تراجعت معدلات إقراضها بشكل كبير ويأتي علي رأسها قطاعي السياحة والغزل والنسيج إضافة إلي بعض الأنشطة الصناعية كصناعات المواد الغذائية وغيرها، وأعرب عن أمله في عودة قطاع السياحة لسابق عهده نظراً لدوره المهم ومساهمته في عمليات التنمية لافتاً إلي أن حالة الركود النسبي التي يعاني منها قطاع السياحة نتيجة تداعيات الأزمة المالية العالمية أدت إلي تراجع الدخل من النقد الأجنبي بشكل كبير، وأثرت إلي حدٍ ما علي الاحتياطي النقدي الأجنبي، وتوقع استحواذ التمويل الحكومي الـ»public finance « علي مشروعات البنية التحتية والأساسية خاصة مشروعات الطرق والكهرباء والصرف الصحي.
ومن جهته اتفق معه في الرأي عطية المرشدي، مدير إدارة الاستثمار ببنك »الشركة المصرفية العربية الدولية«، مشيراً إلي أن جميع وحدات القطاع المصرفي تقوم بإجراء دراسات وأبحاث علي السوق للتعرف علي القطاعات الواعدة وتحديد القطاعات الجاذبة التي ينوي البنك التركيز علي تمويلها، متوقعاً أن تكون قطاعات الحديد والأسمنت والغاز والبترول هي الأكثر جاذبية للائتمان في عام 2010، لكنه أعرب عن مخاوفه من أن تؤثر الضريبة العقارية سلباً علي حركة الإنشاءات والقطاع العقاري بشكلٍ عام.
ووصف مدير إدارة الاستثمار قطاع البترول والغاز بأنه نجم دائم في سماء القطاع المصرفي لأنه الأكثر جاذبية في السنوات الأخيرة بالتزامن مع النشاط الملحوظ الذي شهدته الهيئة العامة للبترول، والخطوات الواسعة التي اتخذتها في طريق التنمية.