Find Out More

Is your organization one of the Best Places to work in Egypt

workL

الثقافة العربية أسبق من ثقافة اليونان والعبريين (7)

بقلم رجائى عطية   العبرية والعالمية من فضول القول، أن يقال عن ثقافة دينية «محصورة» فى حيز محدود قوامه العرق، أنها رسالة عالمية. بل ومن فقدان الحياء، أن يطلق على «العبرية» أنها نهضت بأمانة الرسالة العالمية فى تاريخ الإنسانية. بل ومن انعدام الحياء الادعاء بأن حضارات الشر

الثقافة العربية أسبق من ثقافة اليونان والعبريين (7)
رجائى عطية

رجائى عطية

12:18 م, الخميس, 31 مايو 18

بقلم رجائى عطية

 
العبرية والعالمية

من فضول القول، أن يقال عن ثقافة دينية «محصورة» فى حيز محدود قوامه العرق، أنها رسالة عالمية. بل ومن فقدان الحياء، أن يطلق على «العبرية» أنها نهضت بأمانة الرسالة العالمية فى تاريخ الإنسانية. بل ومن انعدام الحياء الادعاء بأن حضارات الشرق فى وادى النيل وفى وادى النهرين وفى شبه الجزيرة العربية، لم تحفل بمبادئ الأخلاق ولم تقرر شيئًا من قواعد العدل والفضيلة، وأنها حضارات لا تغضب للواجب والحق كما غضب لهما رب العبريين، «رب الصواعق والجنود» وفقًا لما يقول عهدهم القديم.
ولا موجب إزاء هذا اللغو، لتفصيل الكلام على آداب الحضارات قبل ظهور العبريين. فذلك أوضح وأثبت من الحاجة لأى تفصيل.

إن طاعة الإله فى عرف «العبريين» ليست مسألة فضيلة وأخلاق تُحمد من كل إنسان فاضل، بل هذه الطاعة علاقة بين رب «عبرى» يختص نفسه بشعب يختاره ويغار عليه، ويفضله على الأمم جميعًا !

والغريب أن يأتى هذا الاختيار والإيثار والتفضيل، برغم ما وُصف به العبريون فى سفر التثنية بقول الإله : «أنا عارف تمردكم ورقابكم الصلبة» ( التثنية 31 : 27 )
وفى سفر الخروج : «رأيت هذا الشعب وإذا هو شعب صلب الرقبة» (الخروج 32 : 9).

ويقول أنبياؤهم تارة : إنه شعب ثقيل الإثم، وتارة : إنه شعب لا يفهم، ووصفهم الأنبياء بالضلالة والنفاق والقسوة وقلة الوفاء.

ولكن هذا الشعب يرى مع كل ذلك ورغمه ـ أن الله يختاره لأنه شعبه وعصبته ـ وأنه كما جاء فى سفر التثنية : «ليس لأجل برك يعطيك الرب إلهك هذه الأرض الجيدة لتمتلكها لأنك شعب صلب الرقبة». ( التثنية 9 : 6 ).

وهذا الشعب يدين لهذا الإله ويختاره من بين الأرباب «لأن الرب إلهكم هو إله الآلهة ورب الأرباب، الإله العظيم الجبار المهيب». ( التثنية 10 : 17 ).

وينادى الإله هذا الشعب فيقول له كما جاء فى سفر الخروج : «لا تسجد لهن ولا تعبدهن لأنى أنا الرب إلهك إله غيور أفتقد ذنوب الآباء فى الأبناء، وفى الجيل الثالث والرابع من مبغضى..» ( الخروج 20 : 5 ).

ويتكرر النذير من الإله الغضوب غير مرة «لأن الرب إلاهك هو نار آكلة، إله غيّور» «.. فلا تسيروا وراء آلهة أخرى من آلهة الأمم التى حولكم لأن الرب إلهكم إله غيور».. ويجرى هذا النذير من الأسفار المنسوبة إلى موسى عليه السلام إلى الأسفار التى كتبها آخر الأنبياء من بنى إسرائيل.

ويقول التاريخ إن حلقات هذه العصبية العبرية لم تنفرج برغم توالى الضربات عليهم

من جراء تعنتهم بالأثرة والتمييز وإنكار الحقوق الإنسانية على كل من ليس عبريًّا من الأمم جميعًا.

كانت صفوته المختارة أبناء إبراهيم إلى آبائه وحفدته، فإذا هى تنحصر بعد ذلك فى أبناء إسحق من بنى إسرائيل.

وكان بعض أنبيائهم من حين إلى حين يفطنون- فيما يقول الأستاذ العقاد- لوبال هذه العصبية ويعترفون للأمم بشىء من الحق فى النعمة الإلهية، إنذارًا لقومهم بعاقبة التمادى فى مساوئهم ونزواتهم واتكالهم على اختيار الإله لهم دون سواهم بغير فضيلة فيهم ولا اجتهاد من جانبهم، ولكنها فلتات تعرض لأولئك الأنبياء كلما أزعجهم مصير قومهم وصَدَمَتهم فوارق المقابلة بينهم وبين الأمم التى تفضلهم وترجح عليهم، ثم تذهب الصيحة بغير صدى وتعقبها نوبة من نوبات العصبية أشد وأعنف من نوباتها الغابرة، وانتهت رسالات أنبيائهم وتلتها الدعوة المسيحية وهم على أشد ما كانوا تعصبًا للدم والسلالة وإنكارًا للحقوق الإنسانية على كل من عداهم من «الجوييم» المنبوذين فى اعتقادهم.

لقد استهل السيد المسيح عليه السلام رسالته بتوجيه الدعـوة إلـى مـن أسماهـم «خراف إسرائيل الضالة» ـ ولكنه ما لبث بعد ما لاقاه منهم من صدود ومكائد واتهامات، أن اتجه آخر الأمر بالدعوة العامة إلى المستمعين إليها من سائر الأمم.
وظلوا إلى عهد الرسولين بطرس وبولس ينكرون على العبرى أن يتناول طعامًا مع غير العبريين، ويشتطون غيظًا إذا ما قيل لهم إن دعوة الهداية تتجه إلى الأمم كما تتجه إلى بنى إسرائيل.
وجاء فى الإصحاح الحادى عشر من أعمال الرسل أنهم خاصموا بطرس يوم صعد إلى أورشليم لأنه دخل بيوتًا لغير المختونين وأكل مع أهلها.

● ● ●
ولا مراء فى أن هذه الثقافة الدينية ليس من شأنها أن توحى إلى أصحابها برسالة عالمية، بل على النقيض شأنها عندهم كشأن حقوق الإرث فى أقرباء الدم والعصبية.

كذلك لم يكن لهم فى مجال الثقافات الأدبية والفنية، أو الفلسفية والأخلاقية ـ لم يكن لهم فيها نصيب يفيدون به العالم.

كان هذا شأنهم فى أدوار البداوة، والمملكة، والشتات، ولما قامت لهم دولة لم تنهض لهم معها ثقافة أدبية. أما فى دور الشتات بعد دور البداوة، فلم يكن لهم مجتمع واحد تنسب إليه ثقافتهم، بل ظلوا فى دو الشتات عالةً على ثقافات الأمم.
مجمل القول، إن العبريين منذ بداوتهم إلى القرن العشرين، كانوا مستنفِدِين ولم يكونوا قط منتجين. وإن محصولهم فى الثقافة العالمية محصول المستغل الوسيط، وليس بمحصول المالك العامل الذى يعطى وينتج ما يعطيه.
[email protected]
www. ragai2009.com

رجائى عطية

رجائى عطية

12:18 م, الخميس, 31 مايو 18