Find Out More

Is your organization one of the Best Places to work in Egypt

workL

الإسلام والحضارة الإنسانية (3)

الدعوات الإسلامية والإسلام ووحدة الجماعة نشر هذا المقال فى سبتمبر سنة 1961، بمجلة الأزهر التى طفقت ترحب ترحيبًا متزايدًا بمقالات الأستاذ العقاد الإسلامية، وقد دار هذا المقال حول كتابين عن الإسلام عرضتهما فى عدد واحد صحيفة «التايمز» الأدبية فى 11 أغسطس سنة 1961، ويتضح لنا من مراجعة التوا

الإسلام والحضارة الإنسانية (3)
رجائى عطية

رجائى عطية

11:40 ص, الثلاثاء, 24 يناير 17

الدعوات الإسلامية والإسلام ووحدة الجماعة

نشر هذا المقال فى سبتمبر سنة 1961، بمجلة الأزهر التى طفقت ترحب ترحيبًا متزايدًا بمقالات الأستاذ العقاد الإسلامية، وقد دار هذا المقال حول كتابين عن الإسلام عرضتهما فى عدد واحد صحيفة «التايمز» الأدبية فى 11 أغسطس سنة 1961، ويتضح لنا من مراجعة التواريخ كيف كان الأستاذ العقاد مطلعًا أولاً بأول على ما ينشر عن الإسلام فى العالم، ومبادرًا أيضًا إلى الكتابة عمّا يجد أنه يستحق الكتابة، إما لتأييد الإسلام، أو المنافحة عنه.

والكتابان اللذان يشير إليهما الأستاذ العقاد، ولم يمض شهر على صدور عدد المجلة الإنجليزية الذى عرضهما، يحمل أحدهما عنوان «الدعوات الإسلامية» Moslem Devdtions تأليف السيدة «كونستانس بادويك»، والثانى بعنوان «الإسلام ووحدة الجماعة» –
Islam and the intepation of society، تأليف الدكتور «مونتجمرى وات» أشهر المؤلفين عن الإسلاميات بين المستشرقين الإنجليز آنذاك.

وينقسم كتاب الدعوات إلى ثلاثة أقسام:

– قسم الدعوات والصلوات المفروضة، وتضمن الآيات والتحيات والأدعية التى تتلى فى الصلوات.

– قسم يشتمل على دعوات توافق دعوات الصلاة ويضاف إليها من قبيلها على سبيل التوسع والتفسير.

– قسم تسبيحات مستقلة يتعبد بها المسلم منفردًا أو مع الجماعة، وأكثرها من دعوات الصوفية.

وتطلق المؤلفة على هذه الأقسام أسماء ترتضيها للدلالة على غرضها. وجملة ما اختارته مقبول عند جماعة المسلمين مع اختلاف المذاهب، إلاَّ المتمادين فى الشطط إلى القول بالحلول ووحدة الوجود على النحو الذى يرفضه أهل السنة بالإجماع.

ويقول ناقد الصحيفة الأدبية الإنجليزية، إن نشر هذه الدعوات بين المسيحيين، يغلب عليه اللطف المستحب الذى يقرب أسباب التفاهم بين الديانات، وأنها لم تقصر فى اختيار الدعوات الصوفية الخالصة وعلى نمطين من أنماط الدعوات الصوفية التى تظهر متصاحبة بين المسلمين، كما تظهر متصاحبة فى تقاليد أكبر الكنائس الغربية.

ويرى الأستاذ العقاد، أن عيب أمثال هذا الكتاب، أن مؤلفيها يحشرون فيها كل ما يتلقونه عن الإسلام إلى صعيد واحد، ولا يكتفون بالجانب الخالص بدعوى الحيدة واجتناب التحيز.

بينما ما ينشر فى الغرب من هذه الإسلاميات يحتمل فيما يقول الترتيب والأولوية من وجهة النظر الإسلامية. مع وجوب الالتفات لتنقية شوائب التصوف المدخول الذى تطرق من الديانات الشرقية الخالية ومنها دعوى الحلول ودعوى «الإلهية الكونية» المسماة عند أصحابها بوحدة الوجود.

فإذا سلم كتاب الدعوات الإسلامية من أوراد «أدعياء» الصوفية، ومن لوثة الحلول، ووحدة الوجود، فإن ما يبقى منها هو الدين الحق الذى يوافق عقل الإنسان وضميره.

ففى البرهمية- على سبيل المثال سبحات من التصوف الروحانى تعلو إلى الذروة، ولكنها تفارق التوحيد دائما كلما أوغلت فى أعماق العقيدة أو رجعت إلى التشبيه بالقوى الطبيعية، وكثيرًا ما ينتهى بها أسلوبها فى التنزيه إلى فناء كالعدم الذى يتساوى فيه الوجود المطلق و «اللاوجود».

ويوجد فى غير البرهمية- أوصاف للإله تهبط فى وصف الخالق إلى مشابهة المخلوقين، وتنسب إليه أفعالاً كالتى كانت تُنسب إلى أرباب الديانات الأولى، وهذه كلها شوائب فى شأن الإيمان بالربوبية يتنزه عنها الإسلام.

ولو أن كتب الدعوات الإسلامية خلت- فيما يورد الأستاذ العقاد- من الدعوات المدخولة لكان ذلك أولى وأجدر و استحقاقًا للنشر بين الأوروبيين من وجهة النظر الإسلامية.

* * *

أما الكتاب الآخر عن «الإسلام ووحدة الجماعة» فيذكر الأستاذ العقاد أنه كتب عنه منذ شهرين (آنذاك) فى مجلة منبر الإسلام، وخلاصته فى سطور أن الدعوة المحمدية كانت دعوة تجديد بين أناس غير متحفظين كشأن قريش التى كانت قد خالفت سنن البداوة العربية.

إلاّ أنه يعود للكتابة عن الكتاب الآن، للتعليق على تعليق الصحيفة الإنجليزية، فقد أنحى ناقدها على الكتاب بما ينحدر إلى الإهانة والتنديد، وهو ما يعزز شبهة الهوى المصبوغ بالتطرف الاجتماعى والتى لاحظ القراء أنها بدأت تظهر على الصحيفة فى السنوات الأخيرة، وهو ظهور اقترن أحيانًا بالإسرائيليات ونزعات الهدم والفوضى، فقد اعتبر ناقد الصحيفة أن كتابة المؤلف قد تحسب من قبيل المحاباة للإسلام، مع أنها فى نظر القارئ المنصف المحايد أقل من حق الإسلام فى الإشادة والتعظيم.

وأكبر مأخذ ادعاه ناقد الصحيفة على الدكتور مونتجمرى مؤلف الكتاب، أنه نسى فى زعمه (قابلية الدين) للمفارقات عندما كتب عن الإسلام والنظم السياسية والاجتماعية، وهنا يبين الأستاذ العقاد أن ما حسبه الناقد قعودًا عن مسايرة المذاهب الاجتماعية، هـو فى الحقيقة مكرمة من محامد ومكارم الإسلام، أنه ليس عقيدة (مجاراة) تجارى كل تقلب يظهر من تقلبات المذاهب الاجتماعية.

فالإسلام قد أقام للمجتمع نظامًا قويمًا لا يعنيه تبدل الأسماء بين الأنظمة، وإنما جوهر هذا النظام الذى حرَّم الاحتكار وحرَّم الكنز وحرَّم الربا وحرَّم استغلال العاملين، بل أنصفهم وأنصف العاجزين عن العمل، وفرض تداول الثروة حتى لا تكون دولة بين الأغنياء على حساب الفقراء والضعفاء، وألزم المجتمع بأعباء الضعفاء والمحرومين والمحتاجين. فهو نظام إسلامى مشروع، يحمل خصائصه العادلة المنصفة، وهو كذلك نظام إنسانى متجدد، يقبله المسلمون ويقبلون عليه عن اقتناع وفوائد نافعة لا تمليها مواقف الخضوع والانصياع لغير الحق والصواب.

رجائى عطية
Email: [email protected]
www.ragai2009.com

رجائى عطية

رجائى عطية

11:40 ص, الثلاثاء, 24 يناير 17