أمنية إبراهيم وعمر سالم وشريف عمر وأحمد اللاهونى
كشف مسح أجرته «المال» عن استمرار عدد من شركات القطاع الخاص فى الإعتماد على السوق السوداء لتدبير إحتياجاتها من العملة الصعبة بنسبة تتراوح بين «15 – %100»، رغم إعلان البنك المركزى المصرى عن اجتذاب القطاع المصرفى ما يزيد عن 7 مليارات دولار، منذ تطبيق منظومة تحرير سعر الصرف 3 نوفمبر الماضى.
واعترف طارق عامر، محافظ البنك المركزى فى تصريحات صحفية الأسبوع قبل الماضى، باستمرار التعاملات فى السوق السوداء، لكنه فسرها بأن التعويم ليس بعصا سحرية، وأن الأمر يتطلب المزيد من الوقت حتى تضبط السوق نفسها، فيما وصف شكاوى الصناع والمستثمرين من صعوبة الحصول على الدولار من البنوك بأنها «إدعاءات»، وأكد أنه لم يتم رفض أو تأجيل أى طلب لفتح اعتماد استيرادى منذ تحرير سعر الصرف، وأنه لا يوجد أى طلب معطل، وأن البنوك دبرت نحو 7.5 مليار جنيه للعمليات الاستيرادية.
فى السياق ذاته قال مسئول كبير ببنك حكومى، إن البنوك العامة الثلاثة «الأهلى ومصر والقاهرة» ليس لديها أى طلب استيراد معطل، ويتم تغطية طلبات التدبير أولاً بأول، سواء لعملائها من الشركات أو الجهات الحكومية.
من جانبه قال حمدى النجار، رئيس الشعبة العامة للمستوردين بإتحاد الغرف التجارية، إن البنوك لا تغطى طلبات فوق 100 ألف دولار، فى الآونة الأخيرة، وأن أغلب المستوردين قاموا خلال الأسبوعين الماضيين بتغطية احتياجاتهم من السوق السوداء.
وأشار إلى أن سعر الدولار ارتفع إلى 19.70 جنيه مؤخراً، نتيجة زيادة ضغط الطلب، واكتفاء البنوك بتغطية الطلبات الأقل من 100 ألف دولار.
وأضاف أن طوابير انتظار تدبير العملة الصعبة عادت للبنوك، وأن جزءاً من مستوردى السلع الوسيطة ومدخلات الإنتاج يواجهون صعوبات بالغة فى تغطية إحتياجاتهم من السوق الرسمى.
على صعيد الشركات، قال محمد شكرى، رئيس شركة مصر للمستحضرات الغذائية، إن شركته كانت تقوم بتدبير الدولار من البنوك منذ تعويم الجنيه حتى بداية يناير الجارى، إلا إنها بدأت تتجه مؤخراً لتدبيره عبر السوق الموازى.
وأضاف لـ «المـال»، أن الشركة بدأت منذ بداية يناير الجارى فى تدبير نحو %30 من السوق الموازى، و%70 بنوك، موضحاً أن أبرز البنوك التى تقوم بالتدبير للشركة هو البنك الأهلى المصرى.
وأوضح أن سبب لجوء الشركة للسوق الموازية، هو الالتزامات التى تقع على عاتقها وتأخر تدبير النقد المطلوب، ما يعطل أعمالها ويعرضها لغرامات تأخير.
كما أكد محمد المرشدى، رئيس مستثمرى العبور، والمالك لعدد من مصانع النسيج بالمنطقة الصناعية بالعبور، أنه إضطر لتدبير الدولار عبر السوق الموازية مؤخراً، ولكن بنسبة قليلة لا تتعدى %15 من الإحتياجات، والباقى يحصل عليه من البنوك.
من جهته، أكد المهندس حسن مبروك، نائب مدير عام «يونيفرسال للأجهزة الكهربائية» أن شركته تدبر نحو %80 من احتياجاتها الدولارية من السوق السوداء، والباقى من البنوك.
ولفت إلى أن تباطؤ البنوك فى تلبية اعتماد الشركة لمدة تتجاوز 70 يومًا هو السبب وراء اتجاهها للسوق الموازية لتغطية احتياجات مصانعها من الدولار لاستيراد مستلزمات الإنتاج، خوفًا من التوقف بسبب تأخر المصارف.
وأكد طارق عبد الشكور، المدير المالى لشركة إيجيبت تريد للصناعات الغذائية، إحدى شركات مجموعة كمال حجاج، اعتماد الشركة الكامل على السوق الموازية لتدبير الدولار، كاشفاً أنها قد دبرت نحو 100 ألف دولار منه خلال الأسبوعين الماضيين لاستيراد الذرة وورق التعبئة والتغليف، بأسعار وصلت إلى 19.75 جنيه للدولار الواحد.
وأشار إلى أن الشركة تودع المبالغ التى تقوم بتدبيرها من السوق الموازية بحساباتها الدولارية بالبنوك الحكومية التى تتعامل معها، لإتمام عمليات الإستيراد، وأكد أن الحديث عن تدبير البنوك للدولار اللازم للاستيراد لا يعبر عن الواقع.
وقال محمد الزيات، رئيس مجلس إدارة شركة فاروتك لأنظمة التحكم والاتصالات، إنها تحاول قدر المستطاع الاعتماد على البنوك فى تدبير الدولار، إلا أن الشركة تضطر أحيانا للجوء للسوق الموازية أيضاً، خاصة وأنها تستورد أكثرمن %70 من مدخلات الإنتاج.
فيما قال مصدر بشركة العبوات الطبية، إنه من الصعب الإعتماد على البنوك بنسبة %100 لتدبير الدولار، موضحاً أن شركته تضطر أحياناً للجوء لشراء العملة الصعبة من السوق الموازية بسعر يفوق السعر الرسمى، بعد التأكد مع عدم قدرة البنوك على التدبير، وذلك بسبب الحاجة لاتمام استيراد المواد الخام، وضمان عدم توقف العمل بالمصنع.
فى الوقت ذاته أكد عدد من الشركات اعتمادها الكلى على البنوك فى تدبير إحتياجاتها من العملة، وقال سمير نعمان، المدير التجارى لشركة حديد عز، إن شركته تقوم بتدبير كامل احتياجاتها عبر البنوك بنسبة %100، لان لجوئها للسوق السوداء، سيعرضها لخسائر كبيرة، موضحا أن الشركة تعتمد على زيادة حجم صادراتها لتعويض احتياجاتها من الدولار.
أكد الدكتور أسامة رستم، العضو المنتدب لشركة إيبكو، نائب رئيس غرفة صناعة الدواء، أن شركته لم تلجأ للسوق السوداء لتدبير إحتياجاتها من العملة الخضراء، منذ تحرير سعر الصرف، فى 3 نوفمبر من العام الماضى.
ولفت إلى أن البنوك المحلية وفرت إحتياجات شركته من العملة بنسبة %100، مقارنة %40 فى الفترة التى سبقت قرار التعويم.
وقال مصدر بشركة سبأ للأدوية والصناعات الكيماوية، أن البنوك هى المنفذ المتاح أمام الشركة لتدبير الدولار، منذ التعويم، موضحاً أنها تتعامل فى هذا الصدد مع بنك بلوم.
وأكد أيمن فتحى، مدير التخطيط بشركة دى بى كى للأدوية، اعتمادها على البنوك فى الحصول على الدولار اللازم لاستيراد المواد الخام، مشيراً إلى انها قد تتأخر أحياناً فى تدبيره، نتيجة الطلب المتزايد من الشركات الأخرى،
وشدد على أن شركته لا تفضل اللجوء للسوق السوداء، فى ظل ارتفاع سعرها مقارنة بالبنوك.
وأوضح مسئول كبير بأحد البنوك، إن السبب الرئيسى فى تأخر بعض المصارف فى تلبية كامل قيمة الطلب الإستيرادى، هو الاعتماد على حصيلتها اليومية من الدولار، وعدم وجود فرصة لدى البعض فى كشف المراكز المالية، وخاصة أن بعض البنوك قد استفذت بالفعل النسبة المتاحة بنحو %10 من القاعدة الرأسمالية قبل التعويم، وهو ما يكبلها فى الوقت الراهن، لإعتمادها الكلى على التنازلات اليومية.
وقال تامر يوسف، رئيس قطاع الخزانة بأحد البنوك، إن الوضع يختلف من عميل لأخر ومن بنك لأخر، وأن هناك بعض العملاء يحصلون على جزء مهم من إحتياجاتهم الدولارية عبر البنوك وفقاً للموارد المتاحة، ويقومون بتغطية باقى قيمة معاملاتهم التجارية نقداً.
وأوضح أن القطاع المصرفى لا يتوانى عن تدبير النقد الأجنبى، للشركات أو أصحاب المصانع، وقد تكون قلة التدفقات النقدية الأجنبية لدى بعض البنوك، ورغبتها فى توزيع النقد على أكبر عدد من المستفيدين، سبب فى عدم تغطية قيمة الطلب بالكامل.
وأكد يوسف، أنه مع التحسن المرتقب فى حجم التدفقات الأجنبية داخل القطاع الرسمى، بعد طرح السندات الدولية الدولارية، وارتفاع قيمة الإحتياطى، وتحسن التصنيف الإئتمانى لمصر، وعودة الأجانب، سيتم تغطية فجوة الطلب بالكامل.