Find Out More

Is your organization one of the Best Places to work in Egypt

workL

الإسلام دعوة عالمية (3)

يتحدث الأستاذ العقاد هنا عن كتابٍ أعجبه انصافه وموضوعيته، صدر بالإنجليزية عن «ديانات الإنسان»- «The Religions of Man»، للدكتور «هستون سميث- Huston Smith»، وقال فى مقدمته أنه يود لو استطاع الناس أحيانًا أن ينظروا إلى جلائل الأمور ووقائعها بأعين غيرهم. فإنهم يصححون

الإسلام دعوة عالمية (3)
رجائى عطية

رجائى عطية

9:21 ص, الأثنين, 2 يناير 17


يتحدث الأستاذ العقاد هنا عن كتابٍ أعجبه انصافه وموضوعيته، صدر بالإنجليزية عن «ديانات الإنسان»- «The Religions of Man»، للدكتور «هستون سميث- Huston Smith»، وقال فى مقدمته أنه يود لو استطاع الناس أحيانًا أن ينظروا إلى جلائل الأمور ووقائعها بأعين غيرهم. فإنهم يصححون بذلك آراءهم وآراء غيرهم، ويرون الأمور من جوانبها المتعددة فلا يقفون منها عند جانب واحد.

وعلى هذه الخطة التى تمناها الكاتب، جرى فعلاً فى تأليف كتابه عن ديانات العالم : البرهمية، والبوذية، ومذهب كنفوشيوس، ومذهب الطاوية فى الصين، والإسلام، واليهودية، والمسيحية.

ويسجل الأستاذ العقاد للكاتب، أنه للحق حاول جهده أن ينظر إلى الإسلام ـ وهو غاية المقال هنا ـ نظرة كاتب لا ينحصر فى عقيدته ولا يتعصب على ما يخالفها، وأنه سار فى الكتاب على منهج المؤلفين العلميين الذى يخجلون من تشويه الحقائق وتبديل الوقائع مجاراةً للجهلاء فى تعصبهم الأعمى أو لذوى المطامع السياسية المنصرفين إلى مصالحهم.
● ● ●

وبدأ المؤلف كلامه عن الإسلام بتصحيح الآراء عن معنى اسمه، وخطأ تسمية الديانة بالمحمدية، فإن أصل كلمة الإسلام من «السلام»، والإنابة إليه، ومدلول الإسلام على هذا هو «سلام الروح».وأضاف أنه مع أن الإسلام ظهر فى زمن تُحسب فيه المعجزات بضاعة لازمة، فإن محمدًا أبى لدعوته أن يجعلها تجارة بهذه البضاعة، ونادى مرات بأنه يبشر وينذر ولا يتوسل للهداية بأية معجزة غير آيات الكتاب المبين. وأضاف أن أثر دعوته آية من آيات التاريخ لا يعرف لها مثيل.

وقد حكم النبى قومه فى المدينة، فى حياة مدنية مجتمعة، هو قاضيها وقائدها، ومعلمها وهاديها، فأدى ذلك كله ببراعة وكفاية، وواجه خطوبًا معقدة بمقدرة نادرة على التدبير والإرادة، وجمع بين العدل والرحمة.

ومضى المؤلف على أسلوبه فى شرح معلوماته عن الديانة الإسلامية، فى حيدة واضحة أورد بها دفاعًا حسنًا عن قضية المرأة فى الإسلام، وأخذ على قراء الغرب قصور معلوماتهم وانحصارهم فى القول بأن الإسلام أباح تعدد الزوجات والحجر على النساء، دون أن يكلفوا أنفسهم الدراسة والمقارنة، وصمت آخرين عن الإيضاح صمتًا يشبه الإختلاق الصريح مع النية السيئة. وقد أشفع الدكتور «سميث» ذلك بدراسة المسألة دراسة موضوعية، وأشار فيها إلى أن القرآن فتح للمرأة أبواب المساواة فى كافة الحقوق المدنية فى التعليم والانتخاب والعمل، وأتى الإسلام فى نظام الزواج بأكبر مساهمة له فى قضية المرأة، بأن أحاط عقد الزواج بقداسته وجعله- دون غيره- الرباط المشروع للعلاقة بين الجنسين. وأشار فى وضوح إلى أن مسألة التعدد، تختلف الأقوال فى حالات جوازه، وإن كان لا خلاف على أن الحالة الفضلى هى الاكتفاء بزوجة واحدة استنادًا إلى نص القرآن على وجوب العدل بين الزوجات وصعوبة تحقيقه حتى مع الحرص عليه.

الرد على شبهات القدرية

عرض المؤلف للشبهات التى ترمى الإسلام والمسلمين بالقدرية أو الاستسلام «للقسمة» و«المكتوب» و«المقدر» الذى يجعل المسلم فى نظر الغربيين كالحجر الملقى أو الآلة المسخرة لا يملك لنفسه نفعًا ولا ضرًّا، ولا يختار لها مصيرًا.

جاوز المؤلف حد «الصمت» الذى وصفه آنفًا بأنه يشبه الاختلاق الصريح مع سوء النية، فقال : «إن المسلم يؤمن أشد الإيمان بعظمة الله وقدرته وسلطانه فى خليقته، ولكنه يحمل تبعته ويحاسب نفسه على هدايته وضلاله، ويعلم من آيات كتابه الكثيرة أنه صاحب إرادة يتجه إليها الخطاب من الله : «فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا» (الزمر41)».

إلاَّ أن العثرة الكبرى أمام هذا المؤلف وأمام غيره من كتاب الغرب، سواء من جهلوا العربية أم من عرفوها بعض المعرفة، هى العجز عن الحكم على بلاغة القرآن وبلاغة اللغة العربية على عمومها فى شعرها ونثرها وفى كلامها المطول وكلامها الوجيز، فيوقعهم العجز عن إدراك هذه البلاغة فى الحيرة الناجمة عن عدم معرفة أسرار هذه البلاغة وما تورى به وتدل عليه.

ويختم المؤلف كتابه بنظرة شاملة إلى مستقبل الإسلام بين الأديان، فيقر بأنه الآن- كما كان فى السالف- أسرع الأديان إلى كسب الأتباع المصدقين، وأنه برغم قلة دعاته (ونضيف إليها تركيز الهجوم عليه) وكثرة الدعاة إلى المذاهب المسيحية، فإن نسبة الداخلين فى الإسلام بأفريقيا تساوى عشرة أمثال نسبة الداخلين فى المسيحية، هذا إلى ارتفاع أعداد المسلمين فى الصين التى ولد المؤلف وعاش فيها ـ يبلغ فى الواقع أضعاف التقديرات التى تعطى عن أعدادهم، مع الزيادة المطردة فى هذه الأعداد.

ويختم الأستاذ العقاد بأن عبء المسئولية عن مستقبل الإسلام فى عصرنا- يلحق فى جلاله وعظمته-بالعمل الجليل الذى قام به الأولون فى عصر الدعوة الأولى، وأن على المعاصرين فى القيام بهذه المهمة-أن يسمعوا الدنيا من حولهم بالفهم الصحيح للإسلام الذى تتفتح الآذان الآن للإحاطة به.

Email: [email protected]
www.ragai2009.com

رجائى عطية

رجائى عطية

9:21 ص, الأثنين, 2 يناير 17