Find Out More

Is your organization one of the Best Places to work in Egypt

workL

تركيا لا تزال رجل العالم المريض

ليس البون شاسعاً بين الرئيس التركى ونظيره الليبى السابق.. من حيث الانزعاج النفسى الذى يعبر عنه ذلك الشبق المرضى نحو توسيع الصلاحيات ما يدعو إلى تضخم الذات وتقلب المواقف واستعداء الآخرين أو التعالى عليهم.. ربما من فرط الإحساس بالعظمة (الاصطناعية) التى لا تؤهل لها بذات القدر.. لا السمات الشخصية ولا حج

تركيا لا تزال رجل العالم المريض
جريدة المال

المال - خاص

10:52 ص, الخميس, 1 ديسمبر 16

ليس البون شاسعاً بين الرئيس التركى ونظيره الليبى السابق.. من حيث الانزعاج النفسى الذى يعبر عنه ذلك الشبق المرضى نحو توسيع الصلاحيات ما يدعو إلى تضخم الذات وتقلب المواقف واستعداء الآخرين أو التعالى عليهم.. ربما من فرط الإحساس بالعظمة (الاصطناعية) التى لا تؤهل لها بذات القدر.. لا السمات الشخصية ولا حجم الدولة، بسيان، ما قد يمهد بنهاية مأساوية واحدة.. لكل من طاش به جموح الهوى معتقداً أنه محور الكون، ذلك على النحو المشهود منهما- على التتالى- فى السنوات الأخيرة.

إلى ذلك، يستخف «أردوغان» بقرار غير ملزم عن البرلمان الأوروبى 24 نوفمبر الماضى يدعو إلى تجميد مؤقت لمفاوضات عضوية أنقرة فى الاتحاد الذى يتهمها بأنها «تدوس يومياً قيم الاتحاد»، وليدمغ «أردوغان» القرار بـ«البطلان».. ملوحاً بالانضمام- كبديل- إلى «منظمة شنغهاى للتعاون»، ومهدداً بفتح حدود بلاده لإغراق أوروبا بالمهاجرين، ولينطبق عليه القول «إذا خاصم فجر».. ذلك على غرار تواصل تهديداته بالانتقام من دمشق.. إلى وصفه نظيره المصرى بـ«الانقلابى».. إلخ، من بعد تهاوى مشروعه العثمانى معاودة بلاده جسراً بين الغرب والشرق، ما أطاش صوابه مُطيحاً فى الداخل بمعظم معارضيه.. ضارباً بدول الجوار غرباً وشرقاً، ولتتراجع شعبيته- بحسب استطلاع للرأى- بنحو %16 عن آخر استطلاع أثناء الانتخابات الرئاسية 2014، الأمر الذى قد يوشى بإخفاقه فى الاستفتاء الذى ينتويه خلال الربيع القادم للموافقة على «توسيع صلاحياته».. ذلك إن بقى فى منصبه حتى ذلك التوقيت.. إذ باتت تركيا على شفا انفجار داهم.. سواء إثر تداعيات الانقلاب الفاشل عليه فى يوليو الماضى أو بسبب فشل محقق لمشروعه للإسلام السياسى، إلا أن أردوغان لا يزال يحشد ويحتضن قيادات المشروع الفكرية والفقهية ناهيك عن تبنى منظمات للعنف المسلح مشتقة عنه.. إلى جانب الحملات السيكولوجية الممنهجة سواء من تركيا أو قطر وغيرهما.. للعمل ضد أنظمة عربية.. ولكسر جيوشها الوطنية.. التى رغم خسّة أساليبها إلا أنها تحمل طابع «ارتجال الهواة».. ما لا يتناسب مع طموحات «أردوغان» لتحول بلاده إلى «قوة عالمية»، لا يجدى لتحقيقها من بعد الموقف الأكثر هجومية إزاء الغرب، مسعاه الأخير فى بناء تحالفات محتملة مع روسيا (وغيرها).. التى تتعارض مصالحها الوطنية أو إزاء دول عربية رئيسية، للتمادى مع تركيا إلى نهاية الشوط نحو أهداف مشروعها «غير الواقعية».

ومع ذلك، لا يتوقف «أردوغان» عن المقاومة من أجل مشروعه للعثمانية الجديدة.. إذ يحشد المشاعر القومية لمواطنيه.. وباقتراح قراءة جديدة للحرب العالمية الأولى التى لم تكن برأى البعض لأسباب أوروبية بقدر أنها كانت ترمى منذ مائة عام إلى تفتيت السلطة العثمانية، وبزعم أن فصولها لا تزال تتواصل حتى الآن نحو تدمير تركيا، وهكذا يوجه «أردوغان» شعبه نحو ذرى الماضى وللتعلق بمجد غابر… ما يدل على الخوف من خوض غمار وحل الحاضر، وليغدو ربط تركيا- الدولة.. بأردوغان- الشخص- عنوان حاضرها المرتبك ما بين الموقف ونقيضه، فهو ضد روسيا فى سوريا ثم معها، وهو يتوسل أوروبا وضدها، وهو جزء من النانو وضده.. إلخ، ذلك وسط حملة من القمع الداخلى وصلت حتى إلى الجيل الأول والثانى (جل- أوغلو..) من حزب العدالة والتنمية الحاكم، ولتنزلق تركيا من ثم إلى أجواء مضطربة من غير أن تعرف من هو العدو أو الصديق على وجه التحديد (إسرائيل- إيران- روسيا- أوروبا- أميركا)، وليسلم المجتمع التركى أمره إلى أردوغان الذى يبدو أنه يوجه دفة تركيا إلى كارثة مماثلة لتلك التى وقعت قبل قرن.. حين كانت رجل (العالم) المريض.

جريدة المال

المال - خاص

10:52 ص, الخميس, 1 ديسمبر 16