الجيل الحالى الذى الذى يبلغ بين سن السابعة عشرة عاما وحتى الخامسة والعشرين، يدورون فى متاهة التخبط وعدم الاتزان، كلا الجنسين مظلوم فى محيطه، إما محاط بالفقر المدقع وقلة الموارد، أو من عائلة متوسطة بات واردا تآكل مواردها فى ظل انقلاب الحالة الاقتصادية وتقلبها وتغيرها بالكامل، هذا الجيل مرتبك مهرول، حائر، مأزوم، محاصر، محزون رأسه فى السماء يطلب الفرج وجسده يتخبط على الأرض، أبناء السابعة عشرة يطلبون النجاح فى مدرسة تسمح بالغش علنا..؟! والأولاد يريدون التخلص من موال مزمن اسمه «ذاكر» وكأن بهذه الكلمة انزاح عن كاهل «الأهل» مسئولية التعليم بأكمله ورموا به فى ملعب العيال.. ولكن فى ظل ما تصمم عليه الدولة من عدم تطور وتغيير المناهج التعليمية، بل تقليص ميزانيتها، والاستهانة بدعمها..على الأهل فى هذه الحالة الإمساك والتشبث بإدارة دفة التعليم للشباب.
حين يدرك الأهل الظروف التعليمية الراهنة ومدى تعثرها،ثم مدى الاستهانة بشكواك حين التوجه إلى مبنى اسمه وزارة التربية والتعليم، على أمل الاستجابة من المسئولين سيصيبك الإحباط الشديد، مكاتب مكتظة بصغار الموظفين مشغلين أغانى هابطة لا تربية ولا تعليم «بحبك يا صاحبى»، «وكده ما طمرش».
الآن تقع مسئولية التعليم على الأهل مباشرة أردتم أم أبيتم، على الناس المتنورين بالفطرة أن يؤمنوا بنظرية “اخدم نفسك بنفسك ” وممكن تخدم جيرانك كمان لأن بلد مثل اليابان مثلا لم يقم إلا بالعمل الجماعى، أعيدوا النظر فى كل المنظومة التعليمية، علموا أولادكم فى البيت ويمتحنوا، الشهادات، وبشكل ممنهج يبدأ الأهالى حث الأولاد على التعلق بالجوانب الثقافية أى إقامة مؤسسة تعليمية مستقلة موازية لإنقاذ النشء مما يدور فى دولة تتجه إلى الاستهانة بجيل بأكمله من المغيبين عن واقع حياة قادمة تحتاج للمعرفة وتنمية الخبرات المختلفة ليجد هذا الجيل موطنا لقدم فى خضم هذه التغيرات العميقة من باب الاستقلال الفكرى وتنحية وسواس التكفير الذى عشش سنين فى جيل مدرسى السلفية.
سيتكبد الأهل بداية اصطحاب العيال للأماكن الثقافية مسرح، ورشة عمل فنى، ندوة.. بعدها رجلهم حتاخد وممكن أيضا أن يكونوا اتخرجوا من الجامعة ويعيش فى مأساة البحث عن عمل دون أن يفكر الأهل فى دعم هؤلاء للأخذ بيدهم ثقافيا حيث التنوع الثقافى هو المرفأ ويرموا وراء الظهر حكاية إن المدرسة دار للتربية هذا واقع قد انتهى يا سادة بل هى دور لتخريب النفوس البريئة، أولاد ينجحون بالغش ويبدأون تجربتهم الأولى مع المخدرات التى تباع أمام مدارس بلا تعليم.
الخطوة التالية وهى الأصعب بالنسبة لمجتمع ألف الاعتماد على الأهل على هؤلاء الشباب أن يستقلوا بعيدا عن دلع السكن والأكل والشرب فى كنف الأهل أسوة بشباب النازحين من القرى إلى الجامعات فى «ستينيات القرن الماضى» وهو سر حب الشعب لعبد الناصر إذ أتاح التعليم للمعدمين وخاضوا تجربة البحث عن لقمة العيش بجانبه، ومنهم من وصلوا إلى الشهرة والنجاح وهم الآن فى مناصب يشار إليها بالبنان، وللأسف نطمس قصص كفاحهم فى وسائل الإعلام تقصيرا وتجهيلا فى أهمية القدوة للشباب بل تقصير الإعلام فى بث البرامج الثقافية لتوجيه الشباب ثقافيا.
قصة صغيرة ذات دلالة على أهمية استقلال الشباب فى الخارج وكيف ينظر المجتمع..جاءت إلى مصر شابة إيطالية من أصل مصرى لزيارة خالتها المصرية واستأذنت خالتها فى أن تدعو زميلا لها جاء فى نفس التوقيت للقاهرة ورحبت الخالة، وبعد انتهاء الزيارة علقت الخالة على أدبه وثقافته فعلقت الشابة: “لا هذا غير صحيح فهو غير مستقل ابن أمه ما زال يعيش فى كنفها تعمله الأسباجتى وتغسله هدومه ناقص تغير له البامبرز هذا الشاب فى إيطاليا كل أصحابنا بيتريقوا عليه المجتمعات السوية لا تقبل الاتكالية وانسى أن الحكومة بابا وماما واعتمد على قدراتك الخاصة.