معروفة منطقة الماكس بأنها منطقة صيد والصيادين فى الإسكندرية، سكنها أبناؤها جيلا بعد جيل. واليوم هناك محاولة دؤوبة لدفع هؤلاء الصيادين الى خارج المنطقة، من أجل بيع أراضيها وتحويلها الى حىً من الأحياء الغالية، تماما كما يحاولون مع منطقة وكالة البحر والسبتية فى القاهرة.
فيمتنع المسئولون عن منح رخص للقوارب الجديدة فيضطر الصيادون الى استخدام قواربهم القديمة الى أن تصبح غير آهلة للخروج الى البحر؛ وبعد أن كانوا يشترون شباك مصنوعة من مادة قوية منع عنهم تلك الشباك، وأجبروا على شراء شباك أخرى أقل كفاءة وجودة لا يستطيعون استخدامها أكثر من عام، ويضطرون الى شراءها مرة أخرى كل عام من الخارج بأسعار أعلى. تماما كما حدث مع الزراعة حيث أجبر المزارع على الاستغناء عن تقاويه التى يعيد استخدامها كل عام، وشراء أخرى كل عام من شركات اجنبية بأسعار عالمية.
إن ما يحدث فى الماكس هو خطة محكمة للاستيلاء على الأرض من السكان الذين عاشوا فيها وعملوا فيها عشرات السنين، وتحويلها الى منتجعات سياحية أو بيعها بأسعار زهيدة لأفراد أو شركات؛ وترحيل أبناءها الى مناطق أخرى بعيدة عن مصدر رزقهم.
ولكن لهذه التخطيط أكثر من وجه سلبى بل كارثى: فهو يسعى إلى إجلاء سكان يعملون منذ عشرات السنين فى هذا المكان المطل على البحر، وأصبح مصدر رزقهم، فهم صيادون، ولن يكونوا أى شئ آخر. ويعيد تشكيل المكان ليناسب رجال الأعمال والمال. وثانيا هو يقضى على صناعة كبيرة ومربحة ونحن فى أشد الحاجة اليها، فى الوقت الذى نعمل فيه جاهدين لكى نحيى مرة أخرى صناعاتنا المحلية حتى نستطيع الاستغناء عن الاستيراد من الخارج والمحافظة على عملتنا الصعبة، وعلى صناعاتنا المحلية.
إن ما يحدث فى الماكس هو ما أطلقت عليه الكاتبة الاقتصادية نعومى كلاين «عقيدة الصدمة» فى كتابها من نفس الأسم، والذى تشرح فيه كيف تقوم الشركات متعددة الجنسيات سواء بإختلاق أزمات فى مناطق بعينها أو استغلال كارثة طبيعية أو بشرية لكى تضع يدها على المنطقة وتطرد منها سكانها الأصليين الفقراء. نفس الشئ حدث فى جنوب شرق أسيا بعد التسونامى وفى نيو اورليانز فى الولايات المتحدة بعد الفياضانات. وفى الماكس قد تحدث كارثة ما تصبح المبرر لإجلاء الصيادين منها نهائيا ووضع اليد عليها لتحويلها إلى منطقة استثمارية لصالح كبار رجال الأعمال؛
لن يسأل أحد الى أين سيذهب هؤلاء الفقراء وأصحاب الأرض، ولن يسأل أحد ما مصير الصناعات التى يعملون بها، وسنظل نتحدث فى الإعلانات عن ضرورة شراء المنتج المصرى، وأن نتبرع لخير البلاد، والحقيقة هى لخير حفنة من أبناءها فقط.