Find Out More

Is your organization one of the Best Places to work in Egypt

workL

فى مدينة العـقاد (326) المرأة فى القرآن (1)

سبق كتاب «المرأة فى القرآن»، الصادر سنة 1959، كتابات متعددة للعقاد دارت حول المرأة فى الفكر والحياة، وفى الفلسفة والمجتمعات، بدا بعضها فى خلاصة اليومية (1911)، وفى الإنسان الثانى. أو المرأة (1912)، وفى الشذور الذى أضيف إلى خلاصة اليومية (1915)، وما جاء بها من إشادة بقاسم أمين الواجب على

فى مدينة العـقاد (326) المرأة فى القرآن (1)
جريدة المال

المال - خاص

10:33 ص, الثلاثاء, 18 أكتوبر 16

سبق كتاب «المرأة فى القرآن»، الصادر سنة 1959، كتابات متعددة للعقاد دارت حول المرأة فى الفكر والحياة، وفى الفلسفة والمجتمعات، بدا بعضها فى خلاصة اليومية (1911)، وفى الإنسان الثانى. أو المرأة (1912)، وفى الشذور الذى أضيف إلى خلاصة اليومية (1915)، وما جاء بها من إشادة بقاسم أمين الواجب على حواء أن تزجى إليه الشكر والعرفان، لأنه أعتق المرأة المصرية وأطلقها من سجنها، وانه لا يزال الفخر فى تحرير المرأة لقاسم أمين الذى اقتفى أثرة من من نهضوا بعده.

وكتب عنها فى «مجمع الأحياء» (1916) الذى أفرد فيه مساحة للمرأة لتتحدث فى مناظرة مع الرجل عن قضية علاقات الأزواج بالزوجات وحقوق الإناث. وكتب عنها فى مقالات شتى نشرت فى مجموعات «الفصول» (1922)، و«مطالعات فى الكتب والحياة» (1924)، و«مراجعات فى الأداب والفنون» (1926)، ولم تخل مجموعة من هذه المجموعات من حديث عن المرأة فى جانب من جوانبها أو قضية من قضاياها، وما كتبه فى مجموعة «المطالعات» عن رأيه ورأى المعرى فى المرأة (المجلد /1 مدينة العقاد (ص325 330)، وكتب عنها العديد من المقالات فى المجلدات الأربعة لليوميات.

وأصدر سنة 1945 كتابة «هذه الشجرة» وتضمن دراسة شامله عن المرأة، وقد أعيد طبعة عدة مرات، وأعيد نشره سنة 1968 مع «الإنسان الثانى»- بعنوان «هذه الشجرة والإنسان الثانى»، وكتب فصًلا فى «الفلسفة القرآنية» (1947) عن موقف القرآن الكريم من المرأة، كما كتب عن «المرأة فى الإسلام» بكتاب «عبقرية محمد» (1940)، ونحن نعرف بالإضافة إلى هذه الكتابات التى ترجمت عن اهتمامه بالمرأة، بعض تجاربه الشخصية معها لم تكن موفقه، أو تركت لديه ندوبًا كقصته التى طلب من الفنان صلاح طاهر أن يصورها فى لوحة وضعها وراء مخدعه «لتورتة» قد تكاثرت عليها حشرات، لتذكره دومًا بأن مثل هذا لا يُبكى عليه.

وقد يحمل هذا على الاعتقاد بأن هذا لابد قد أَثَّر على موقفه من حواء، فهذا رد فعل إنسانى طبيعى.

المرأة فى القرآن

فيما عدا ما ورد بعبقرية محمد، والفلسفة القرآنية، والمرجع فيها مكانة المرأة فى القرآن، فإن كتاباته الأخرى عنها دارت حول الفكر والفلسفة والمقومات النفسية.

بيد أن كتاب «المرأة فى القرآن» لا يعكس آراءه الشخصية، أو النظريات الفكرية والفلسفية وإنما رؤية وموقف القرآن الكريم، وقد رأينا ما يدلل على ذلك فيما كتبه عن المرأة فى الإسلام فى الفلسفة القرآنية، ومن قبلها فى عبقرية محمد، وقد تناولناه سلفًا.

وقد يكون ظاهر كتاب «المرأة فى القرآن» لمن يتعجل أو لا يتعمق، أنه ليس مناصرة للمرأة وتحريرها أو الدفاع عنها، إلاَّ أن هذه النظرة المتعجلة أو الظاهرية سرعان ما تنحسر لدى استكمال القراءة والتأمل، ليتضح- وكما أبديت بمقال نشر فى مجلة حواء فى 28/2/2015 أن الكتاب التزم أولاً بالتعبير عن موقف القرآن الحكيم من المرأة، لا عن رؤية شخصية، وأنه ينحل فى النهاية إلى دفاع عن المرأة فى أجمل وأقوى صورة.

فقيمة الكتاب الأهم فى نظرى، أنه يرفع عن الإسلام شبهة أنه عائق يحول دون حقوق المرأة، أو أنه يضعها فى منزلةٍ دنيا أو أدنى من الرجل، أو ينكر عليها صفاتها ويصادر عليها.

الواقع أن الكتاب دفع بقوة هذه الشبهة، دفعًا يزيح ما وقر فى ذهن بعض المتعصبين- أن مكانة المرأة فى الإسلام أدنى من مكانة الرجل، وفتح به الأستاذ العقاد أبواب النظر والتأمل للوصول إلى الرأى الصحيح، وهو ينصف المرأة فى نهاية المطاف.

قصة غواية آدم والكاتب المنصف الأواب

تعرضت من أكثر من عام، لقصة غواية آدم فى الجنة، التى اعتاد الناس نقلا عن الإسرائيليات نسبتها إلى حواء، وأنها وحدها هى التى استمعت إلى الشيطان، وأنها التى أغوت آدم أن يأكلا من الشجرة التى نهاهما الله أن يقرباها.

ومردود هذه القصة- فيما أوردت بمقال نشر بمجلة حواء فى 31/6/2015 والتى تسللت من الإسرائيليات إلى بعض الروايات، ولم يرد فيها حديث نبوى صحيح أو حسن، إنما يرجع إلى ما ورد فى سفر التكوين بالعهد القديم الذى عرض للقصة مرتين، فأما ما ورد بالإصحاح الثانى فلا شىء فيه عن هذه الغواية المنسوبة لحواء، بل جاء به أن النهى كان لآدم «وأوصى الرب الإله آدم قائلاً عن جميع شجر الجنة تأكل أكلا. وأما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها. لأنك يوم تأكل منها موتًا تموت» (التكوين 2: 15 – 18)، ولكن قصة الغواية وردت بالإصحاح الثالث من سفر التكوين (3: 1 24)، وإليها ترجع الإشارة الموجزة التى وردت بالعهد الجديد بالإصحاح الحادى عشر من كتاب كورنثوس الثانى والإصحاح الثانى من تيموثاوس.

ولكن رواية القرآن الحكيم أنصفت حواء وبرأتها من تهمة غواية آدم، وقد وردت الرواية فى ثلاث سور: البقرة والأعراف وطه، ولا أثر فى أى منها لهذه التهمة، بل جاءت على النقيض تحمل صك براءة حواء من هذه المظنة.

فورد بسورة البقرة «وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ * فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِى الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ» (البقرة الآيتان 35، 36) ونصها واضح فى أنه قد أزلهما الشيطان وأن الزلل كان قسيمًا مشتركًا بينهما.

وورد بسورة الأعراف «وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلاَ مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ * فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ * وَقَاسَمَهُمَا إِنِّى لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ * فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ» (الأعراف 19ـ 22) ونص الآيات واضح فى أن وسوسة الشيطان كانت لهما لآدم وحواء معًا.

وورد بسورة طه «فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فلاَ يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى * إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيهَا وَلاَ تَعْرَى * وَأَنَّكَ لاَ تَظْمَأُ فِيهَا وَلاَ تَضْحَى * فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لاَ يَبْلَى * فَأَكَلاَ مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى» وفى تفصيل رواية الآيات بسورة طه، أن الشيطان وسوس لآدم، فأكلا من الشجرة.
ولا ظل فى السور الثلاث للغواية المنسوبة لحواء.

وقد رجعت إلى ما كتبه الأستاذ العقاد عن هذه القصة فى كتابه «هذه الشجرة» الذى صدر سنة 1945 قبل أربع عشرة سنة من كتاب «المرأة فى القرآن» فوجدت أنه لم يورد من القرآن، إلاَّ ما ورد بسورتى البقرة والأعراف، وفاته فيما يبدو ما ورد بسورة طه. واستطرد من رواية سفر التكوين، دون فحص كاف آنذاك، إلى تحليل ما جُبِلَتْ عليه طبيعة حواء من «غواية»، ومع أنه لم يبن تحليله على رواية العهد القديم، ولكن على التحليل البيولوجى النفسى، إلاَّ أنه يحسب للأستاذ العقاد أنه بدقته وحرصه وأمانته، قد عاد إلى استكمال هذا النقص فى كتابه «المرأة فى القرآن» (1959)، فأضاف ما ورد بسورة طه إلى سورتى البقرة والأعراف، وأكد أنه ليس فى السور الثلاث إشارة إلى ابتداء حواء بالإغراء، وأضاف أن «مروية» العهد القديم تسللت ضمن الإسرائيليات إلى كتابات بعض الأقدمين.

نحن إذن أمام مفكر وعالم موسوعى، غايته الحقيقية التى ينشدها لا سواها، وأنه لدى اكتشافه ما فاته من سورة طه، ومعاودة أعمال النظر والتأمل، لم يجد أى غضاضه فى أن يسجل ما اكتمل به فحصه وتدقيقه، وأن يضمنه كتابه «المرأة فى القرآن».. وهو وإن كان قد استطرد فيه إلى «الغواية»، فإنه نسبها إلى الطبع من واقع ما فطرت عليه حواء، لا إلى قصة الغواية فى الجنة.

جريدة المال

المال - خاص

10:33 ص, الثلاثاء, 18 أكتوبر 16