أظهرت دراسة حديثة صادرة عن بيت المشورة للاستشارات المالية، أن إجمالي قيمة الأصول المالية الكلية للتمويل الإسلامي على مستوى العالم يصل إلى مستوى 2.43 تريليون دولار وفق بيانات العام 2017، منها 1.72 تريليون دولار أصول للبنوك والصيرفة الإسلامية.
وتتوقع الدراسة ارتفاع قيمة الأصول بواقع 56% إلى مستوى 3.8 تريليون دولار بحلول 2023، منها 2.44 تريليون دولار كأصول للمصارف الإسلامية.
ولفتت إلى أن التمويل الإسلامي العالمي يتركز بشكل كبير في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وتستحوذ أسواق التمويل الإسلامي الخليجية على حصة تبلغ 40.3% من أصول المؤسسات المالية الإسلامية حول العالم، فيما تستحوذ باقي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على حصة تبلغ 38.6% من إجمالي الأصول المالية الإسلامية.
سيطرة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على أنشطة التمويل الإسلامي
وتستأثر آسيا على حصة قدرها 18.7% من الأصول الإسلامية وأفريقيا 0.8%، بينما تسيطر أسواق أوروبا وأميركا وأستراليا على حصة تبلغ 1.7% من الإجمالي.
وفي المقابل يبلغ عدد عملاء المصارف الاسلامية 100 مليون عميل على مستوى العالم، ومع ذلك لا تزال حصة كبرى تبلغ 75.12% من قاعدة العملاء المحتملة للتمويل الإسلامي غير مستغلة، ولا يزال القطاع يتمتع بقدرة استيعابية كبرى حيث يمكنه أن يستوعب المزيد من المتعاملين.
وقالت الدراسة التي أعدها الباحث نافذ فايز أحمد الهرشوت، إن الصيرفة الإسلامية حققت نموا وتطورًا أكبر من المتوقع نتيجة لتطور أعمالها في عالم المال والأعمال ومنافستها للصيرفة التقليدية مما أدى لالنتشارهاعالميا، لتثبت ديناميكية وديمومة فعالة منذ الأزمة المالية العالمية التي اندلعت في العام 2008، نتيجة لوجود بذور الأزمات في النظام المالي العالمي القائم على الرأسمالية.
الصيرفة الإسلامية أقل عرضة للصدمات المالية وأكثر مرونة في إدارة المخاطر
وأشارت الدراسة إلى الصيرفة الإسلامية امتازت بالكفاءة وكانت أقل عرضة للصدمات المالية والأكثر مرونة في إدارة المخاطر، وأنهها تطورت عالميا ونافست في كثير من المجالات حتى أنها حققت معدلات نمو سنوى مركب أعلى من نظيراتها التجارية التقليدية، وكان هذا التطور كبيرًا وغير مسبوق للصناعة المصرفية الإسلامية سواء في أعداد المؤسسات العاملة أو مؤشرات الصناعة نفسها.
كما انتشرت الصيرفة الإسلامية جغرافيًا ودخلت نطاقات واسواقا جديدة لم تصل إليها من قبل في إفريقيا والولايات المتحدة الأميركية وأسواق أخرى في أوروبا مثل ألمانيا وروسيا.
وشهد التمويل المصرفي الإسلامي نموا متسارعا واعتبرت هذه الصناعة من أكثر القطاعات ديناميكية في النظام المالي العالمي.
قلة المنتجات المالية أبرز التحديات التي تواجه التمويل الإسلامي
وأوضحت الدراسة أن أبرز التحديات أمام قطاع التمويل الإسلامي تتمثل في قلة المنتجات المالية المبتكرة والمعوقات الشرعية وضعف الموارد البشرية وتقليدية العمل المصرفي ، إلى جانب تحديات أخرى خارجية، مثل العولمة وضعف التعاون بين البنوك والمتطلبات التكنولوجية داعية إلى أهمية تأسيس وتفعيل دوائر البحث والتطوير في الصناعة المالية الإسلامية وتشجيع البحث العلمي وابتكار وتطوير المنتجات والخدمات المصرفية الإسلامية، علاوة على أهمية تبني نموذج التطوير خماسي الأبعاد لتطوير عمل المصارف الإسلامية من خلال دعائم هذا النموذج المتمثلة في التمييز والتشريع والتنوير والتطوير والتحرير.
ودعت الدراسة البنوك الإسلامية حول العالم إلى تعزيز انتشارها الجغرافي جيداً مع الالتزام بالمنهج والسلوك الإسلامي الرشيد وتطوير الدوائر والأقسام وتكنولوجيا المعلومات لرفع القدرات التنافسية للبنوك الإسلامية وخروجها من بوتقة التقليدية، كما أن طبيعة العلاقة بين البنوك الاسلامية والمستثمرين تتطلب قدرًا من الصفات الأخلاقية كالأمانة والصدق والالتزام بالمواعيد وتغيير الصورة الذهنية عن الصيرفة الاسلامية.
وفي السياق ذاته تتزايد الحاجة إلى تعزيز الجوانب الشرعية من خلال إخضاع جميع معاملات المصارف الإسلامية للرقابة الشرعية لضمان سلامة التزامها بأحكام وقواعد الشريعة الإسلامية، إذ أن غياب أو عدم وجود معايير للرقابة الشرعية من شأنه تهديد المصارف الاسلامية في ظل نموها وانتشارها السريع على مستوى العالم، ما يستدعي استقلالية هيئات الرقابة الشرعية من خلال تمكين هيئة الرقابة الشرعية من ممارسة اختصاصها بتجرد وبحرية تامة مع ضرورة وجود تدقيق شرعي داخلي تحت إشراف الهيئة الشرعية ومسؤوليتها، إضافة إلى تقنين عمليات التدقيق الشرعي بشكل مفصل وواضح.
250 ألف موظف في المؤسسات المالية الإسلامية
ورصدت الدراسة ما أسمته بأزمة ضعف الموارد البشرية حيث بلغ عدد العاملين في المؤسسات المالية الإسلامية حول العالم 250 ألف موظف أكثر من نصفهم يعمل بمنطقة الشرق الأوسط، وأن 85% من هذه الكوادر ذات خلفيات مصرفية تجارية تقليدية لذلك ينبغي رفع درجة تأهيل العاملين وزيادة قدراتهم على إيجاد الفرص الاستثمارية وتنمية الموارد البشرية عبر وضع استراتيجيات عامة، وفي المقابل فإن الأسواق المالية تمثل ضرورة للمصارف الإسلامية كونها توفر فرص تمويلية واستثمارية.
كما أن الأدوات المالية التي توفرها هذه الأسواق بمثابة القنوات التمويلية التي يتم من خلالها استغلال الفوائض المالية وعلى الرغم من وجود أسواق، مثل سوق رأس المال الإسلامي في ماليزيا ومؤشر داو جونز للأسواق المالية الإسلامية، إلا أنها لم ترق بعد لصورة الأسواق الجامعة والمعتمدة لكثير من المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية حتى أن كثيراً من المؤسسات المالية الإسلامية لا زال يعتمد مؤشر اللايبور (سعر الفائدة على القروض بين البنوك في لندن) في عملية التسعير على الرغم من وجود مؤشر إسلامي.
–