تسببت الحرب «الروسية-الأوكرانية» التى اندلعت بداية العام الحالى فى إحداث حالة من الاختناق لحركة التجارة الدولية، بالتزامن مع زيادة الطلب العالمى على النقل، وارتفاع أسعار نوالين الشحن، حسبما أكد تقرير مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) فى يونيو 2022.
وفى ظل تلك المتغيرات العالمية، قررت هيئة قناة السويس، تقليل بعض نسب التخفيضات المقدمة للخطوط الملاحية العابرة بالمجرى الملاحى لقناة السويس، وذلك بسبب 3 عوامل أساسية، بنسبة %5 تماشيًا مع حركة التجارة العالمية، لاسيما مع تغير خريطة نقل الغاز.
وأدت العقوبات الذاتية التى تفرضها الشركات الأوروبية على النفط الخام الروسى إلى تحويل التدفقات إلى آسيا، وبالتالى انتعشت صادرات النفط الخام الروسية المنقولة بحرًّا من موانئها الغربية إلى الدول الآسيوية مارة بقناة السويس.
وأكدت تلك الانتعاشة إحصاءات هيئة قناة السويس، التى كشفت عن أن حركة نقل البترول ومشتقاته خلال شهر مايو 2022 سجلت عبور 533 ناقلة مقارنة بنفس الشهر عام 2021، والذى سجل عبور 418 ناقلة، بينما بلغت حمولات البترول الخام ومشتقاته خلال مايو 2022 25 مليون طن مقارنة بعبور كميات سجلت 17 مليون طن.
ووفقًا لـ«الأونكتاد» فإن ارتفاع تكاليف الطاقة أدى إلى زيادة أسعار الوقود البحري، ومن ثم صعود تكاليف الشحن بشكل عام.
وفى السياق ذاته رصدت «المال» الحوافز التى أقرتها هيئة قناة السويس المتعلقة، ناقلات البترول الخام القادمة من وإلى موانئ الخليج الأمريكى ومنطقة الكاريبى – ومتجهة أو قادمة من موانئ غرب الهند، بنسب تتراوح %35 إلى %75 تخفيضات ناقلات الغاز البترولى المسال بين الخليج الأمريكى والهند قدره %20 من رسوم العبور.
عبدالتواب حجاج: نسب التخفيضات تُحدد بناءً على حساب تكاليف الرحلة
وقال الدكتور عبدالتواب حجاج، المستشار الاقتصادى لرئيس هيئة قناة السويس السابق، إن منح تخفيضات للخطوط الملاحية يستهدف جذب السفن التى تسلك طرقًا بديلة غير الممر الملاحى المصري، وعلى رأسها رأس الرجاء الصالح، موضحًا أن نسب التخفيضات تحدد بناء على حساب تكاليف تشغيل رحلة عبور السفينة بقناة السويس، مقارنة مع غيرها من القنوات البديلة، التى تستغرق وقتًا طويلًا دون سداد رسوم عبور.
وأضاف أن هناك عوامل كثيرة يتم دراستها قبل الإعلان عن تلك التخفيضات، أهمها أسعار الوقود واقتصاديات الرحلة، ووفر الرحلة من عبور القناة، بجانب المتغيرات الدولية، وخاصة الحرب الأوكرانية وجائحة كورونا التى رفعت أسعار النوالين.
وأضاف أن هيئة قناة السويس عادة تعتمد على سياسات مرنة للتسويق، لاستقطاب أكبر عدد من السفن للعبور من القناة، وجذب عملاء جدد من خلال عدة أدوات أهمها الخصومات التى تمنحها للخطوط الطويلة كل حالة حدة.
خبير النقل البحري: «البترول» العنصر الرئيسي الذى يُبنى عليه قرار تحديد التسهيلات الممنوحة للناقلات
واتفق الدكتور أحمد الشامي، خبير النقل البحري، مع سابقه فى أن أسعار البترول هى العنصر الأساسى فى قرار الهيئة الخاص بالتخفيضات، سواء تثبيتها أو تقليلها أو زيادتها، موضحًا أن تكاليف العبور تتم بناء على أسعار الوقود، وكلما ارتفعت أسعاره كلما كان الاختيار الأوفر، هو عبور القناة، وبالتالى تقل نسبة التخفيضات.
كشفت بيانات رسمية حديثة، ارتفاع عائدات هيئة قناة السويس المصرية، خلال الفترة الأخيرة إلى مستويات قياسية، حيث سجلت العائدات نحو 11.6 مليار جنيه فى شهر أبريل الماضي، بينما كانت 8.7 مليار جنيه فى الشهر المناظر له عام 2021، بزيادة بلغت 2.9 مليار جنيه، مسجلة ارتفاعًا بنسبة %33.
ووفق البيانات الصادرة عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء فى مصر، تطورت عائدات قناة السويس بشكل كبير منذ العام الماضي، إذ بلغت قيمة العائدات الإجمالية خلال الفترة من أبريل 2021 وحتى أبريل الماضى نحو 115.7 مليار جنيه.
مدير مكتب وكيل الخليج بالإسكندرية: التجارة الدولية تتعرض لضغوط وفى حاجة لمزيد من التيسيرات
يرى شريف البنداري، مدير مكتب توكيل الخليج بالإسكندرية، أن التخفيضات التى تمنحها هيئة قناة السويس للخطوط الملاحية، تُعَدّ سياسة ناجحة، مشيرًا إلى أن الفترة المقبلة تحتاج مزيدًا من الحوافز، بسبب تعرض حجم التجارة الدولية إلى مزيد من الضغوط بسبب تداعيات الحرب الروسية والتضخم، بجانب بعض الإجراءات الداخلية مثل الاعتمادات المستندية التى أثرت سلبًا على عمليات الشحن.
وفى السياق ذاته، حذرت شركة «شل» من الاضطرابات التمهيدية للغاز الطبيعى المسال بسبب غلق منشأة Prelude FLNG للغاز المسال بأستراليا، وضعف التدفقات للغاز الروسي، فى حين تعمل دولة قطر على توسيع طاقتها الإنتاجية من خلال مشروع حقل الشمال بتكلفة 30 مليار دولار، يهدف المشروع إلى زيادة الطاقة الإنتاجية للبلاد من الغاز الطبيعى المسال من 77 مليون طن سنويًّا إلى 110 ملايين طن.
قررت هيئة قناة السويس تجدد منح الحوافز المقدمة لناقلات الغاز الطبيعى المسال العاملـة بين الخليج الأمريكى ومناطق الخليج العربى والهند، بنسب تتراوح بين 55 و%70.
وأكدت مصادر مطلعة أن %70 من أسطول ناقلات الغاز الطبيعى المسال العابرة من قناة السويس تعتمد على استخدام حرق الغاز الطبيعى المتبخر«BOG» كوقود لها، مقابل %30 تعتمد على الوقود منخفض الكبريت «VLSFO» فى عملية التشغيل.
وقال أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، فى تصريحات سابقة، إن الحرب الروسية الأوكرانية تؤثر على قناة السويس بالإيجاب حتى الآن، بسبب عبور سفن الغاز القادمة من الخليج إلى أوروبا، بدلًا من الغاز الروسى لكونه الطريق الآمن والأقصر.
خبير نقل البحري: «البترول» العنصر الرئيسي الذى يُبنى عليه قرار تحديد التسهيلات الممنوحة للناقلات