تراجع حصة المدخرات الأجنبية إلى 23.3% بنهاية ديسمبر
قادت تحويلات المصريين بالخارج خلال العام الماضي، بجانب ارتفاع إيرادات السياحة والصادرات، محفظة العملات الأجنبية بالبنوك للارتفاع نهاية ديسمبر الماضي، لتحقق نموًا بنسبة 9.5% على أساس سنوي.
تشير بيانات البنك المركزي إلى أن نسب النمو فى الودائع بالعملات الأجنبية ارتفعت من 4.4% و3.3% و5.9%، في مايو، ويونيو، ويوليو 2018، إلى 9.7% فى أغسطس من ذات العام، ثم سجلت 9.5%، و10.4%، و9.4%، و9.5%، فى 4 أشهر الأخيرة من العام على التوالي.
يأتى ذلك بالتوازى مع الزيادة فى الودائع بالعملة المحلية نتيجة سياسة البنك المركزى الرامية إلى امتصاص السيولة والحفاظ على معدلات التضخم عبر التشديد النقدى، لذلك انخفضت نسبة الودائع بالعملات الأجنبية إلى إجمالى الودائع من 23.94% نهاية يوليو الماضى إلى 23.3% نهاية ديسمبر السابق عليه.
كانت ودائع العملات الأجنبية لدى البنوك أخذت فى الارتفاع بنسب تزيد عن 100% بداية من نوفمبر 2016، نتيجة تحرير سعر صرف العملة المحلية، وارتفاع الدولار أمام الجنيه بنسب غير مسبوقة، حتى وصل أعلى معدل نمو تأثرًا بتعويم الجنيه فى يونيو 2017، وسجل 114.4%، قبل أن تعود لمعدلات النمو الطبيعية فى نوفمبر 2017 مع استبعاد أثر التعويم.
قال مصرفيون وخبراء إن زيادة الودائع بالعملات الأجنبية خلال الفترة قد يرجع إلى عدة أسباب أهمها استمرار الزيادة فى تحويلات المصريين بالخارج، التى تحقق نموًا غير مسبوقًا واتجاه بعض العملاء للاحتفاظ بالتحويلات فى صورة العملات الأجنبية وعدم تحويلها للجنيه، وارتفاع إيرادات السياحة والصادرات عقب تعويم العملة المحلية.
عبدالعال: زيادة المدخرات بالجنيه ينفي الدولرة
أشار المصرفيون إلى أن تحويلات المصريين بالخارج يتم تحويل جزء منها بالعملة المحلية لتلبية احتياجات العملاء، بينما يفضل العملاء الاحتفاظ بجزء بالعملة الأجنبية فى إطار تنمية مدخراتهم وبالتالى زيادة ودائع القطاع العائلى، موضحين أن ارتفاع نمو الودائع بالعملات الأجنبية للقطاعين الخاص والعام، يرجع إلى زيادة عمليات التصدير وإيرادات السياحة.
استبعدوا أن تكون الزيادة فى ودائع العملات الأجنبية نتيجة وجود اتجاه للدولرة فى ظل سيطرة البنك المركزى على سوق الصرف ووجود سعر موحد وإدارة للسوق من خلال العرض والطلب، لافتين إلى أن ارتفاع ودائع العملة المحلية بجانب زيادة الودائع الدولارية يعكس عدم وجود دولرة فى السوق المحلية.
أظهرت بيانات البنك المركزى أن إجمالى الودائع بالعملات الأجنبية بالبنوك سجلت 743.558 مليار جنيه، ما يعادل 41.5 مليار دولار نهاية ديسمبر الماضى، مقابل 679.009 مليار جنيه ما يعادل 38.3 مليار دولار نهاية ديسمبر 2017.
رجوعًا إلى تفاصيل الزيادة فى الودائع بالعملات الأجنبية، نجد أن نسبة نمو ودائع القطاع الخاص بالعملات الأجنبية سجلت 10.45% على أساس سنوى، مقابل 9.2% للقطاع العائلى و7.9% للقطاع العام.
يسيطر القطاع العائلى على النسبة الأكبر من إجمالى الودائع بالعملات الأجنبية وتبلغ حصته نحو 67.7% نهاية ديسمبر 2018، وهو نفس المستوى المسجل فى النصف الثانى من العام تقريبًا، بينما يبلغ وزن العملات الأجنبية إلى العملات المحلية 23.3% نهاية ديسمبر مقابل، 23.9% بنهاية يوليو من نفس العام.
يشار إلى أن ودائع القطاع العام بالعملة المحلية ارتفعت بنسبة 30% نهاية ديسمبر 2018 على أساس سنوى، بينما بلغت نسبة النمو لدى القطاع الخاص 13.8% والقطاع العائلى 15.3%، وفقًا للبيانات المتاحة على موقع البنك المركزى.
سماحة: السياحة وتحويلات المصريين سبب رئيسي لزيادة الودائع الأجنبية
خلال العام الماضى شهدت إيرادات قطاع السياحة ارتفاعًا بواقع 50%، لتصل إلى 11.4 مليار دولار مقابل 7.6 مليار دولار فى العام السابق عليه، كما أعلن البنك المركزى أن تحويلات المصريين العاملين بالخارج ارتفعت إلى 25.5 مليار دولار نهاية 2018 بنمو 3.1%، على أساس سنوى بينما ارتفعت الصادرات خلال ذات الفترة 24.8 مليار دولار، بنمو سنوى 10%، منها 14.5 مليار دولار فى 6 أشهر الأخيرة.
قال محمد عبد العال، الخبير المصرفى وعضو مجلس إدارة بنك قناة السويس، إن الارتفاع فى تحويلات المصريين بالخارج خلال هذه الفترة يسهم فى زيادة ودائع العملاء بالنقد الأجنبى، عقب الزيادة الضخمة فى تحويلات المصريين ودخولها من خلال القطاع المصرفى عقب قرار تعويم العملة المحلية.
أوضح أن ارتفاع الدولار نهاية العام الماضى أسهم فى زيادة تحويلات المصريين بالعملات الأجنبية، مقابل تحويلاتهم بالعملة المحلية.
توقع أن ترتفع الفترة المقبلة ودائع العملة المحلية بنسب نمو كبيرة مقابل انخفاض نسب نمو الودائع بالعملات الأجنبية فى ظل تراجع الدولار والمكاسب التى حققها الجنيه خلال الشهرين الماضيين، لافتًا إلى أن اتجاهات الأفراد والمصريين بالخارج نحو الدولار وإدخاره تتغير وفقًا لتغير سعر الصرف لذلك فإن الوضع سيشهد تغيرًا كبيرًا الشهور المقبلة.
على مستوى القطاع الخاص والعام، أوضح عبد العال، أن ارتفاع ودائع هذين القطاعين بالعملات الأجنبية تخضع لأكثر من تفسير، من بينها ارتفاع حصيلة الصادرات ولجوء الشركات لإيداع هذه الأموال، حتى يتم استخدامها فى وقت آخر لتمويل عمليات استيراد أو فتح اعتمادات مستندية، ويكون هناك ركود نسبى نتيجة الركود العالمى تلجأ الشركات خلاله لعدم استغلال ودائعها فى استثمارات أو عمليات جديدة، ما يؤدى لزيادة نسب نمو الودائع بالعملات الأجنبية.
شدد عبد العال على أن ارتفاع نمو الودائع بالعملات الأجنبية لا يعنى أن القطاعات المختلفة تتجه للدولرة خاصة أنه لم يحدث أى هبوط فى نمو العملات المحلية خلال ذات الفترة، كما أن سعر الدولار واحد فى السوق المحلية، ولا يوجد هوامش يمكن أن يستغلها المضاربون لتحقيق مكاسب.
توقع أن ترتفع ودائع العملات المحلية خلال الفترة المقبلة مع الهبوط المستمر لسعر الدولار، وارتفاع حجم السيولة الدولارية، بسبب إيرادات الدولة من القطاعات الرئيسية، ما يحفز العملاء على التنازل عن الدولار.
ناجي: البعض يحتفظ بالعملة الخضراء للتنويع
قال وليد ناجى، رئيس قطاع التجزئة المصرفية ببنك الكويت الوطنى، إن إدخار الدولار يرجع حسب سيكولوجية العملاء واحتياجهم للدولار، فعلى مستوى الشركات قد يكون الادخار لتلبية احتياجات مستقبلية، بينما بعض الأفراد يفضل الاحتفاظ بالدولار كجزء من مدخراته وتنويع مصادر الادخار بين الجنيه والدولار.
فى ذات السياق قال علاء سماحة، الخبير المصرفى ورئيس البنك الزراعى السابق، إن تحويلات المصريين بالخارج والسياحة والصادرات هى السبب الرئيسى وراء زيادة نسب نمو ودائع العملاء بالعملات الأجنبية، لافتًا إلى أن زيادة سعر الدولار نهاية العام الماضى يدفع بعض العملاء للاحتفاظ بمدخراتهم.
أشار إلى أنه حال زيادة نمو الودائع بالعملات الأجنبية، مقابل تراجع نظيرتها بالعملة المحلية فإن ذلك قد يعنى اتجاه العملاء لزيادة الادخار فى الدولار على حساب العملة المحلية، ما يدخل فى إطار الدولرة.
سيد بدر وفاطمة إمام