“سحب المياه، تسليح سقف وجدران النفق بالخرسانة، وفتح فوهة جديدة للنفق بعيدة عن مرأى العين”.. 3 طرق يسلكها فلسطينيون من أصحاب الأنفاق الحدودية، بين قطاع غزة، ومصر، للتصدي للحملة الأمنية التي يشنها الجيش المصري ضد تلك الأنفاق.
وبحسب تصريحات منفصلة لعدد من أصحاب هذه الأنفاق لمراسل الأناضول، والذين فضلوا كتابة الأحرف الأولى من أسمائهم لدواع أمنية، فإن هذه السُبل التي تعرض معظمها حياتهم للخطر وتكلفهم أموال طائلة أيضًا، تهدف إلى “إبقاء شريان حياة غزة ومصدرهم الوحيد للرزق ولجلب السلع المفقودة يعمل، لا سيما في ظل انعدام السُبل الأخرى”.
ويشن الجيش المصري حملة أمنية مكثفة تستهدف الأنفاق الحدودية مع غزة مُنذ نحو شهرين، من خلال إغراقها بالمياه، وإغلاقها بالركام، وضبط وملاحقة المهربين، ومصادرة الشاحنات المحمّلة بالسلع، مما أدى لتقليص المواد المهربة لغزة بنسبة تزيد عن 60% ، وفق تقديرات عدد من ملاك الأنفاق في تصريحات للأناضول في وقت سابق.
وكان أهالي المنطقة الحدودية على الجانب المصري كشفوا في حديثهم للأناضول، قبل أيام عن ارتفاع عدد الأنفاق التي تم تدميرها وإغلاقها منذ بداية هذه الحملة إلى نحو 230 نفقًا من بين إجمالي يقدر بــ 300 (أي أكثر من 75%) .
وتفرض إسرائيل حصارًا مشددا على قطاع غزة، منذ أكثر من 6 سنوات، وهو ما جعل أهالي القطاع البالغ عددهم 1.7 مليون نسمة يعتمدون على الأنفاق بشكل كبير في الحصول على المواد الأساسية وخاصة مواد البناء.
“م.ش” مالك أحد الأنفاق التي قام الجيش المصري بإغراقها بالمياه بحي السلام شرق رفح (جنوبي القطاع) يقول لمراسل الأناضول “يقوم الجيش المصري مُنذ نحو شهرين، بضخ المياه من بئر قام بحفره مقابل حي السلام، بشكلٍ شبه يومي ولساعات طويلة”.
ويلفت “م. ش” إلى أن هذا الأمر تسبب لنفقه بـ”أضرار مادية كبيرة”.
ويقول “وضعنا هذا أمام اختبار صعب ومواجهة مع الأمن المصري، الذي يصر على ما يبدو على تدمير تلك الأنفاق بشكلٍ كامل وإغلاقها”.
ويتابع “ابتدعنا طرقا للتخلص من كميات المياه الهائلة، وهي إقامة سدود تجمع المياه بمكان معين داخل النفق، وعدم السماح لها بغمره بالكامل، وهذا الأمر يشكل خطرا على حياة العمال، خشية انهيار التربة نتيجة تفككها”.
ويستطرد :”من ثم نقوم بإدخال انبوب مطاطي طويل موصول بمضخة مياه موجودة خارج النفق، ونضعه وسط بركة المياه المتجمعة داخل النفق، ونقوم بالتخلص من المياه عبر سحبها للخارج من الجانب الفلسطيني”.
ويشير “م. ش” إلى أن “هذه الطريقة شاقة جدًا وتشكل خطرا على حياة العمال، الذين يكابدون بأرواحهم من أجل لقمة العيش”.
وينوه إلى أن الجانب المصري “يعاود ضخ المياه من جديد بعد سحبها”، مضيفا “كأنه يعلم بأننا نتخلص من المياه”.
أما “ع.ن” الذي أُغلق نفقه بعدما كان يُستخدم في تهريب “الحصى” المستخدمة في البناء، قبل نحو أسبوعين، فيقول في حديثه لمراسل الأناضول إن الحل الوحيد الذي وجده ليعيد العمل لنفقه، هو “فتح فوهة (مخرج) جديد للنفق”.
ويوضح “بعد أن تغلق قوات الأمن النفق بالركام وتسكب بداخله المياه أيضًا، نقوم باستكمال حفره لداخل الأراضي المصرية، وفتح فوهة جديدة له بعيد عن مرأى العين”.
ويكشف “ع.ن” أن نفقه “امتد لنحو 100 متر زيادة داخل الأراضي المصرية، ليصبح طوله نحو 700 متر بعدما كان 600، نتيجة مواصلة العمال الحفر لإنشاء فوهة جديدة للنفق، بمنطقة أكثر أمانًا وبعيدة عن مرأى الأمن وأعوانه، بديلة للتي أغلقت بالركام”.
وهناك تجربة فريدة لـ “ف.ب” لمواجهة خطر الانهيارات وتدفق المياه داخل الأنفاق، وهي “تسليح سقف وجدران النفق بالخرسانة، بدلا من الخشب، حيث قام بتجهيز نحو 50 متر من نفقه بهذه الطريقة، مزودة بوسائل تهوية”، بحسب روايته للأناضول.
وقد جذبت هذه الطريقة، انتباه عدد من أصحاب الأنفاق الآخرين، حيث اطلعوا على تجربته بهدف “تقليدها”، وفق روايته.
ويضيف “توجه لي نحو 10 من مالكي أنفاق أخرى لاستخدام نفس الطريقة (..) هذه طريقة مجدية للتخلص من خطر الانهيارات الناتجة إما عن القصف أو التفجير أو المياه التي يضخها الجانب المصري أيضًا”.
وينوه “ف.ب” إلى أن الطريقة المذكورة “مكلفة جدًا، وبالتالي ليس بمقدور مُلاك الأنفاق سوى تجهيز ما لا يزيد عن 50 متر من الجانب الفلسطيني، وهي المنطقة التي تُسمي ببئر النفق والتي تخرج منها السلع، وتكمن فائدتها أيضًا بأنها مفر آمنّ للعمال وقت الخطر”.