هبة محمد
بدأ عدد من البنوك الإسلامية خطواتها نحو لعب دور مهم في إدارة القروض المشتركة طبقاً لمبادئ الشريعة، حيث تم تسويقها في السوق خلال الفترة الماضية، وكان أبرز هذه القروض التمويل الممنوح لحديد المصريين الذي يرتبه بنكا عودة ومصر فرع المعاملات الإسلامية بقيمة 900 مليون جنيه، وهو ما يعني أن البنوك الإسلامية تستعد لاحتلال مكانة متميزة بين البنوك التقليدية التي كانت تنفرد بإدارة القروض ذات القيمة الكبيرة.
وأكد عدد من المصرفيين أن البنوك الإسلامية قادرة علي القيام بهذا الدور، إلا أن هناك عدد من الضوابط يجب أن تتوافر فيها لكي تحقق نجاحاً ملموساً في هذا المجال، حيث إنها تعتبر حديثة العهد بإدارة القروض المشتركة الـ»Syndication « التي كان يستحوذ علي إدارتها المصارف التجارية، مشيرين إلي أن أهم هذه المعايير يتمثل في ضرورة اختيار الكوادر الفنية المتخصصة، نظراً لأنها محدودة في السوق المصرفية، ولذا يجب علي المصارف الإسلامية إما أن تستقطب عدداً من هذه الكوادر وإما أن تتجه لتكثيف التدريب اللازم لهم لتتوافق خبراتهم مع طبيعة العمل الإسلامي الصحيح.
وأشاروا إلي ضرورة إتاحة قاعدة رأسمالية قوية تستند عليها البنوك للتوسع في إدارة التمويلات المشتركة، فضلاً عن قيام المصارف الإسلامية بعمل اتفاقيات تعاون مع فروع المعاملات الإسلامية، مما يساعد علي زيادة الحصة التمويلية المقدمة.
ولفتوا إلي أن وجود البنوك الإسلامية في هذه المكانة لن يؤثر سلباً علي دور نظيرتها التقليدية في ترتيب التمويلات المشتركة، نظراً لأن البنوك التجارية تتميز بعددها الكبير ليصل إلي 35 بنكاً مقارنةً بـ 4 أخري للإسلامية، كما أن البنوك التقليدية لها خبرة واسعة في مجال الإدارة اكتسبتها علي مدار السنوات الماضية.
وجدير بالذكر أن بنكا عودة ومصر فرع المعاملات الإسلامية يقومان بترتيب وإدارة قرض لمشروع حديد المصريين لإنتاج حديد التسليح والذي يعد الأول للتمويل بصيغة العقود الإسلامية في السوق المصرية، وتتراوح مدته بين 7 و9 سنوات، منها عامان فترة سماح للإنشاءات، وسداد الأقساط خلال المدة المتبقية، وتبلغ تكلفة المشروع نحو 1.3 مليار جنيه.
كما يدرس كونسورتيوم تقوده بنوك الوطني للتنمية وعودة ومصر والشركة المصرفية العربية ترتيب تمويل مشترك مطابق لاحكام الشريعة الاسلامية لشركة النوران للسكر بقيمة 1.2 مليار جنيه وتصل القيمة التمويلية إلي 1.9 مليار جنيه، وتتراوح مدة القرض بين 8 و 10سنوات.
وكان وليد حسونة، رئيس قطاع التمويل الإسلامي في بنك عودة قد أكد لـ »المال«، في وقت سابق أن المصارف الإسلامية وفروع المعاملات التابعة للبنوك التقليدية يمكنها المنافسة علي إدارة القروض المشتركة، وفقاً للقاعدة الرأسمالية لها، مما يمكنها من المنافسة لتمويل حتي 6 مليارات جنيه للعميل الواحد، الأمر الذي يجعلها قادرة علي اقتناص عدد من التمويلات الكبيرة المطروحة في السوق.
في حين أشار محمد حامد إبراهيم، مدير الائتمان المركزي في بنك مصر إلي أن البنوك الإسلامية تستطيع أن تؤدي تلك الخدمة بشكل جيد، نظراً لأنها موجودة داخل السوق المصرفية منذ فترة وعلي دراية بجميع متطلباته واحتياجات العميل، بالإضافة إلي أنها تطابق البنوك التقليدية في وجود الخطوط العريضة المتشابهة عن طريق دراسة العميل ومدي جدارته الائتمانية وقدرته علي السداد من خلال وجود عدد من الإدارات، منها إدارة المخاطر وإدارة الائتمان والبحوث وغيرهما.
ولفت إلي أن أهم العوامل التي جعلت البنوك الإسلامية تتصدر المشهد في إدارة التمويلات المشتركة تتمثل في نمو الطلب التمويلي الإسلامي خلال هذه الفترة، مؤكداً ضرورة أن تتبع هذه البنوك عدداً من المعايير لتحقق الهدف المرجو من إدارة الـ+Syndication منها توفير الكوادر المصرفية التي تتميز بقدرتها علي التعامل مع جميع متطلبات العمل الإسلامي من إدارة تمويلات وإصدار صكوك.
وأضاف أن هذه البنوك قد تتجه إلي جذب عدد من الكفاءات الموجودة في السوق أو أن تقوم بتقديم التدريب اللازم لعدد من كوادرها حتي تكون مؤهلة لتقديم هذا النوع من التمويل، مشيراً إلي أن قد تحدث المنافسة علي هذه الكوادر في حال تواضع عددها مما يخلق طلباً كبيراً عليها.
وأوضح أن الكوادر المؤهلة متوافرة في السوق المصرفية، إلا أنها غير كافية وتحتاج إلي التركيز عليها بتقديم جميع التدريبات المتواكبة مع متطلبات السوق.
ولفت إلي أن هذه البنوك من المفترض أن تكون قد أعدت جميع الكوادر خلال الفترة الماضية للبدء في هذا التمويل، مشيراً إلي أنه في حال عدم الاستعداد فعليها البدء في ذلك خلال المرحلة المقبلة لأن السوق الإسلامي تشهد وجود عدد متواضع من العمليات التمويلية.
وقال إن تأهيل هؤلاء المصرفيين يساهم في حرصهم علي تطبيق مبادئ إدارة القروض بشكل صحيح ومتابعة أداء المؤسسات بشكل يحد من تعثرها، لافتاً إلي أن البنوك الإسلامية تقوم بتنفيذ ذلك في العمليات التمويلية الأخري، إلا أن إدارة القروض المشتركة تختلف عن تمويل القروض الأخري من حيث القيمة التمويلية وحجم العمليات المطلوبة.
وأكد أهمية وجود قاعدة رأسمالية جيدة لتتناسب مع المحفظة الائتمانية المقدمة، لافتاً إلي أن القاعدة الرأسمالية الكبيرة قد لا تتعلق بوجود حجم تمويليي كبير، إلا أنها تساهم في وجود عدد من بنوك توزع عليها المخاطر، خاصةً في ظل عدم الاستقرار وتأثير ذلك علي النشاط الاقتصادي، كما أنه قد تكون محفظة أحد البنوك قد تجاوزت الحد الائتماني لأحد القطاعات، وبالتالي فإن وجود قاعدة كبيرة يسمح بالتوسع فيها.
وأشار إلي أن دعم القاعدة الرأسمالية يختلف تبعاً لرؤية البنك ومساهميه، فقد يقومون بضخ أموال في رأس المال في حال عدم كفاية الأرباح المحتجزة، لافتاً إلي أن ذلك يعتمد علي وجود الفرصة البديلة ومدي ربحية ضخ تلك الأموال.
واستبعد أن تستحوذ البنوك الإسلامية علي النسبة الأكبر من التمويلات في مقابل البنوك التقليدية نظراً لأن الطلب التمويلي يختلف تبعاً لرغبة العميل واحتياجاته.
ويري طارق دويدار، رئيس الاستحواذات والاندماجات بشركة أبو ظبي الإسلامية للاستثمار، مدير قطاع التمويل والاستثمار في البنك الأهلي سابقاً، أن هناك إمكانية لأن تقوم البنوك الإسلامية بإدارة وترتيب القروض المشتركة، خاصةً مع بدء تنامي الطلب التمويلي الإسلامي من جانب عدد من العملاء.
واشترط ضرورة أن تنتقي البنوك الإسلامية نخبة من المصرفيين المؤهلين علي إعداد مذكرة الشروط وضوابط هذه التمويلات، حتي يساهم ذلك في نجاح اقتناصها المكانة المطلوبة لها بين المصارف، لافتاً إلي أن بعض البنوك التقليدية وعلي رأسها البنوك العامة والتي استحوذت علي مكانة متميزة في إدارة القروض المشتركة خلال السنوات القليلة الماضية لم تكن سوي مشاركة بحصص في هذه التمويلات خلال سنوات سابقة، إلا أنها تحولت إلي بنوك مديرة ومرتبة للقروض مع جذب أعداد من كوادر إدارة القروض الكبيرة.
ولفت دويدار إلي أن تواضع أعداد الكفاءات المصرفية في مجال إدارة القروض لن يجعل البنوك الإسلامية تتنافس بشدة مع نظيرتها التقليدية لأنه حتي الآن لا يوجد شكل نهائي واضح للتمويل الإسلامي، مما قد يدفع النسبة الأكبر من هذه الكوادر إلي عدم تفضيل العمل في المصارف الإسلامية حتي يتم الانتهاء من استكمال البيئة التشريعية سواء في طريقة الرقابة علي هذه البنوك من خلال هيئة رقابة شرعية بالمركزي أو إجراء تعديلات في قانون البنوك لتعديل شكل التعامل معها.
وأضاف أن البنوك الإسلامية الموجودة في السوق والتي يصل عددها إلي نحو أربعة بنوك تستطيع إدارة وتغطية تمويل مشترك حتي 2 مليار جنيه، إلا أنه في حال زيادة هذه القيمة سيؤدي ذلك إلي وجود صعوبة أمام انفراد هذه البنوك بالقروض التي تتجاوز قيمتها 2 مليار جنيه، مما يجعل هناك ضرورة لمشاركة فروع المعاملات.
وأكد دويدار أهمية أن تتمتع البنوك الإسلامية بقاعدة رأسمالية كبيرة تمكنها من ممارسة دور مدير القرض، كما أنه يجب عليها التعاون مع فروع المعاملات التابعة للبنوك التقليدية مما يساهم في تكوين تكتلات مصرفية قوية لها القدرة علي إدارة وتغطية تلك القروض.
وعن حجم القاعدة الرأسمالية التي يفترض أن تتجه البنوك الإسلامية إلي دعمها لزيادة التمويل للعميل الواحد في ظل أن قانون البنك المركزي لا يتيح للبنوك تمويل العميل بما لا يزيد علي %20 من القاعدة الرأسمالية للمصارف، أشار دويدار إلي أن القاعدة الرأسمالية الحالية لهذه البنوك وفروع المعاملات تسمح بالتوسع، إلا أنه لا يمكن تحديد حجم محدد للقاعدة الرأسمالية لا يمكن أن تنخفض عنه نظراً لأن ذلك يختلف تبعاً للحجم التمويلي للـ Deal المطلوب، فكلما زادت القيمة المطلوبة دفع ذلك البنوك الإسلامية لرفع رأسمالها لمقابلة تلك العمليات.
ولفت إلي أن زيادة رأس المال قد يأتي من خلال ضخ أموال إضافية من خلال احتجاز جزء من الأرباح أو بنسبة %100 منها، لافتاً إلي أن هناك عدداً كبيراً من البنوك قد ترجئ مثل هذه الخطوة لحين وضوح الرؤية السياسية والتعرف علي المناخ الاقتصادي.
واستبعد أن تسحب البنوك الإسلامية البساط من تحت أقدام مثيلتها التقليدية نظراً لتواضع حجم الإسلامية مقارنةً بالتجارية، بالإضافة إلي أن هناك عدداً من البنوك الإسلامية الموجودة في البلاد الخليجية جنباً إلي جنب مع التقليدية، ولم تشكل أي منهم خطراً علي الأخري، فضلاً عن أنه من السابق لأوانه الحديث عن ذلك لأنه لم يكتمل الإطار الشرعي للبنوك الإسلامية.
وأضاف أن المنافسة بين التقليدية والإسلامية قد تحدث ولكن بشكل تدريجي، مع تأسيس البيئة التشريعية للأخيرة، لافتاً إلي أنه لا يمكن تحديد فترة زمنية محددة نظراً لأنه سيعتمد علي طبيعة فكر رئيس الجمهورية المقبل، ففي حال اختيار رئيس ذي مرجعية دينية إسلامية سيختلف الأمر عن فوز مرشح ليبرالي.
فيما أكد علاء بندق، مدير إدارة المعاملات الإسلامية ببنك الشركة المصرفية العربية الدولية، أن البنوك الإسلامية تستطيع القيام بدور مدير القرض خلال الفترة المقبلة، لذلك عليها أن تراعي اختيار الكفاءات المصرفية التي تتميز بخبرة واسعة في ذلك المجال.
وشدد علي ضرورة أن تخضع تلك الخبرات المصرفية لدورات تدريبية حتي تكون مؤهلة للعمل في هذا المجال نظراً لأن كوادر إدارة وترتيب القروض الإسلامية المشتركة عددها محدود في مصر عكس الموجودة في البنوك التقليدية التي عملت في ذلك المجال منذ سنوات طويلة، لافتاً إلي أن ذلك لا يعني خلو القطاع الإسلامي من الكوادر الماهرة في إدارة الـ Syndication ، إلا أن القيام بإدارة التمويل يعتبر حدثاً جديداً علي تلك المصارف.
وشدد علي أهمية أن تشارك البنوك الإسلامية مع فروع المعاملات لتكوين تكتلات تستطيع تغطية التسهيلات الائتمانية المطلوبة، مشيراً إلي أن عمل البنوك الإسلامية لا يخضع لعنصر المنافسة عكس التقليدية التي تتنافس لجذب العملاء من بعضها، لأن هدف الإسلامية يتضح في خدمة الاقتصاد من خلال تطبيق آليات الاقتصاد الاسلامي.
وعن ضرورة زيادة القاعدة الرأسمالية لتلك البنوك، أشار بندق إلي أن رفع رأس المال يعتبر أمراً حتمياً في ظل اتجاه البنك المركزي لتطبيق مقررات بازل 2 و3، مرجحاً أن تأتي هذه الزيادة من المجموعة الأم التي تمتلك حصة كبيرة في البنك الإسلامي.
ولفت إلي أنه لا يمكن تحديد وقت زمني لكي تستحوذ البنوك الإسلامية علي نسبة كبيرة من التمويلات المشتركة، مشيراً إلي أنه من المتوقع أن ترتفع الحصة السوقية لتتراوح ما بين 10 و%15 خلال العامين المقبلين في حال تحسن الأوضاع علي الصعيدين السياسي والاقتصادي في مقابل 4 إلي %5 حالياً.
وقال إنه رغم زيادة الطلب المحتملة علي التمويل الإسلامي فإنه من المستبعد أن تحتل البنوك الإسلامية مكان نظيرتها التجارية في إدارة القروض المشتركة، نظراً لعاملين رئيسيين يتمثلان في تفضيل عدد من العملاء الحصول علي القروض التقليدية والتعامل معها، كما أن لديها باعاً كبيراً في إدارة وترتيب القروض مما يساعد علي أن تكملا بعضهما لتنمية الاقتصاد.
واتفق مع الآراء السابقة محمد البلتاجي، رئيس مجلس إدارة الجمعية المصرية للتمويل الإسلامي في أن المصارف الإسلامية يمكنها تصدر مكانة متميزة لإدارة وترتيب القروض خلال الفترة المقبلة تبعاً لرغبة كثير من العملاء للحصول علي تمويلات متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية وتطبيقاً لمبادئ الاقتصاد الإسلامي.
وأكد أن أهم الضوابط لدعم دور البنوك الإسلامية في إدارة القروض تتمثل في أن تقوم بزيادة رأسمالها سواء من خلال الأرباح المحتجزة أو عن طريق المجموعة الأم، مرجحاً أن تكون الزيادة من خلال المجموعة الأم.
ولفت إلي أن ضعف البيئة التشريعية للبنوك الإسلامية لن يعرقل نمو دورها في إدارة التمويلات المشتركة خلال الفترة المقبلة، نظراً لأنها تعتبر حديثة العهد بهذا الدور كما أن هذه البيئة سيتم تحديد إطارها بشكل تدريجي، مشيراً إلي أن هذه البنوك تعتبر مستعدة للقيام بهذا الدور من الناحية الشرعية في إعداد العقود، بالإضافة إلي وجود صيغ إسلامية تتيح البدء في هذه المشروعات.
وشدد البلتاجي علي أهمية تشكيل تحالفات مع البنوك لنجاح عملية الإدارة سواء من خلال فروع المعاملات أو عبر ودائع البنوك التقليدية، لأنه من الجائز أن يتم استثمار أموال البنوك التقليدية في التمويلات الإسلامية، إلا أن ذلك لا ينطبق علي البنوك الإسلامية، خاصة أن جميع أموالها توظف في نواح مطابقة للشريعة.
بدأ عدد من البنوك الإسلامية خطواتها نحو لعب دور مهم في إدارة القروض المشتركة طبقاً لمبادئ الشريعة، حيث تم تسويقها في السوق خلال الفترة الماضية، وكان أبرز هذه القروض التمويل الممنوح لحديد المصريين الذي يرتبه بنكا عودة ومصر فرع المعاملات الإسلامية بقيمة 900 مليون جنيه، وهو ما يعني أن البنوك الإسلامية تستعد لاحتلال مكانة متميزة بين البنوك التقليدية التي كانت تنفرد بإدارة القروض ذات القيمة الكبيرة.
وأكد عدد من المصرفيين أن البنوك الإسلامية قادرة علي القيام بهذا الدور، إلا أن هناك عدد من الضوابط يجب أن تتوافر فيها لكي تحقق نجاحاً ملموساً في هذا المجال، حيث إنها تعتبر حديثة العهد بإدارة القروض المشتركة الـ»Syndication « التي كان يستحوذ علي إدارتها المصارف التجارية، مشيرين إلي أن أهم هذه المعايير يتمثل في ضرورة اختيار الكوادر الفنية المتخصصة، نظراً لأنها محدودة في السوق المصرفية، ولذا يجب علي المصارف الإسلامية إما أن تستقطب عدداً من هذه الكوادر وإما أن تتجه لتكثيف التدريب اللازم لهم لتتوافق خبراتهم مع طبيعة العمل الإسلامي الصحيح.
وأشاروا إلي ضرورة إتاحة قاعدة رأسمالية قوية تستند عليها البنوك للتوسع في إدارة التمويلات المشتركة، فضلاً عن قيام المصارف الإسلامية بعمل اتفاقيات تعاون مع فروع المعاملات الإسلامية، مما يساعد علي زيادة الحصة التمويلية المقدمة.
ولفتوا إلي أن وجود البنوك الإسلامية في هذه المكانة لن يؤثر سلباً علي دور نظيرتها التقليدية في ترتيب التمويلات المشتركة، نظراً لأن البنوك التجارية تتميز بعددها الكبير ليصل إلي 35 بنكاً مقارنةً بـ 4 أخري للإسلامية، كما أن البنوك التقليدية لها خبرة واسعة في مجال الإدارة اكتسبتها علي مدار السنوات الماضية.
وجدير بالذكر أن بنكا عودة ومصر فرع المعاملات الإسلامية يقومان بترتيب وإدارة قرض لمشروع حديد المصريين لإنتاج حديد التسليح والذي يعد الأول للتمويل بصيغة العقود الإسلامية في السوق المصرية، وتتراوح مدته بين 7 و9 سنوات، منها عامان فترة سماح للإنشاءات، وسداد الأقساط خلال المدة المتبقية، وتبلغ تكلفة المشروع نحو 1.3 مليار جنيه.
كما يدرس كونسورتيوم تقوده بنوك الوطني للتنمية وعودة ومصر والشركة المصرفية العربية ترتيب تمويل مشترك مطابق لاحكام الشريعة الاسلامية لشركة النوران للسكر بقيمة 1.2 مليار جنيه وتصل القيمة التمويلية إلي 1.9 مليار جنيه، وتتراوح مدة القرض بين 8 و 10سنوات.
وكان وليد حسونة، رئيس قطاع التمويل الإسلامي في بنك عودة قد أكد لـ »المال«، في وقت سابق أن المصارف الإسلامية وفروع المعاملات التابعة للبنوك التقليدية يمكنها المنافسة علي إدارة القروض المشتركة، وفقاً للقاعدة الرأسمالية لها، مما يمكنها من المنافسة لتمويل حتي 6 مليارات جنيه للعميل الواحد، الأمر الذي يجعلها قادرة علي اقتناص عدد من التمويلات الكبيرة المطروحة في السوق.
في حين أشار محمد حامد إبراهيم، مدير الائتمان المركزي في بنك مصر إلي أن البنوك الإسلامية تستطيع أن تؤدي تلك الخدمة بشكل جيد، نظراً لأنها موجودة داخل السوق المصرفية منذ فترة وعلي دراية بجميع متطلباته واحتياجات العميل، بالإضافة إلي أنها تطابق البنوك التقليدية في وجود الخطوط العريضة المتشابهة عن طريق دراسة العميل ومدي جدارته الائتمانية وقدرته علي السداد من خلال وجود عدد من الإدارات، منها إدارة المخاطر وإدارة الائتمان والبحوث وغيرهما.
ولفت إلي أن أهم العوامل التي جعلت البنوك الإسلامية تتصدر المشهد في إدارة التمويلات المشتركة تتمثل في نمو الطلب التمويلي الإسلامي خلال هذه الفترة، مؤكداً ضرورة أن تتبع هذه البنوك عدداً من المعايير لتحقق الهدف المرجو من إدارة الـ+Syndication منها توفير الكوادر المصرفية التي تتميز بقدرتها علي التعامل مع جميع متطلبات العمل الإسلامي من إدارة تمويلات وإصدار صكوك.
وأضاف أن هذه البنوك قد تتجه إلي جذب عدد من الكفاءات الموجودة في السوق أو أن تقوم بتقديم التدريب اللازم لعدد من كوادرها حتي تكون مؤهلة لتقديم هذا النوع من التمويل، مشيراً إلي أن قد تحدث المنافسة علي هذه الكوادر في حال تواضع عددها مما يخلق طلباً كبيراً عليها.
وأوضح أن الكوادر المؤهلة متوافرة في السوق المصرفية، إلا أنها غير كافية وتحتاج إلي التركيز عليها بتقديم جميع التدريبات المتواكبة مع متطلبات السوق.
ولفت إلي أن هذه البنوك من المفترض أن تكون قد أعدت جميع الكوادر خلال الفترة الماضية للبدء في هذا التمويل، مشيراً إلي أنه في حال عدم الاستعداد فعليها البدء في ذلك خلال المرحلة المقبلة لأن السوق الإسلامي تشهد وجود عدد متواضع من العمليات التمويلية.
وقال إن تأهيل هؤلاء المصرفيين يساهم في حرصهم علي تطبيق مبادئ إدارة القروض بشكل صحيح ومتابعة أداء المؤسسات بشكل يحد من تعثرها، لافتاً إلي أن البنوك الإسلامية تقوم بتنفيذ ذلك في العمليات التمويلية الأخري، إلا أن إدارة القروض المشتركة تختلف عن تمويل القروض الأخري من حيث القيمة التمويلية وحجم العمليات المطلوبة.
وأكد أهمية وجود قاعدة رأسمالية جيدة لتتناسب مع المحفظة الائتمانية المقدمة، لافتاً إلي أن القاعدة الرأسمالية الكبيرة قد لا تتعلق بوجود حجم تمويليي كبير، إلا أنها تساهم في وجود عدد من بنوك توزع عليها المخاطر، خاصةً في ظل عدم الاستقرار وتأثير ذلك علي النشاط الاقتصادي، كما أنه قد تكون محفظة أحد البنوك قد تجاوزت الحد الائتماني لأحد القطاعات، وبالتالي فإن وجود قاعدة كبيرة يسمح بالتوسع فيها.
وأشار إلي أن دعم القاعدة الرأسمالية يختلف تبعاً لرؤية البنك ومساهميه، فقد يقومون بضخ أموال في رأس المال في حال عدم كفاية الأرباح المحتجزة، لافتاً إلي أن ذلك يعتمد علي وجود الفرصة البديلة ومدي ربحية ضخ تلك الأموال.
واستبعد أن تستحوذ البنوك الإسلامية علي النسبة الأكبر من التمويلات في مقابل البنوك التقليدية نظراً لأن الطلب التمويلي يختلف تبعاً لرغبة العميل واحتياجاته.
ويري طارق دويدار، رئيس الاستحواذات والاندماجات بشركة أبو ظبي الإسلامية للاستثمار، مدير قطاع التمويل والاستثمار في البنك الأهلي سابقاً، أن هناك إمكانية لأن تقوم البنوك الإسلامية بإدارة وترتيب القروض المشتركة، خاصةً مع بدء تنامي الطلب التمويلي الإسلامي من جانب عدد من العملاء.
واشترط ضرورة أن تنتقي البنوك الإسلامية نخبة من المصرفيين المؤهلين علي إعداد مذكرة الشروط وضوابط هذه التمويلات، حتي يساهم ذلك في نجاح اقتناصها المكانة المطلوبة لها بين المصارف، لافتاً إلي أن بعض البنوك التقليدية وعلي رأسها البنوك العامة والتي استحوذت علي مكانة متميزة في إدارة القروض المشتركة خلال السنوات القليلة الماضية لم تكن سوي مشاركة بحصص في هذه التمويلات خلال سنوات سابقة، إلا أنها تحولت إلي بنوك مديرة ومرتبة للقروض مع جذب أعداد من كوادر إدارة القروض الكبيرة.
ولفت دويدار إلي أن تواضع أعداد الكفاءات المصرفية في مجال إدارة القروض لن يجعل البنوك الإسلامية تتنافس بشدة مع نظيرتها التقليدية لأنه حتي الآن لا يوجد شكل نهائي واضح للتمويل الإسلامي، مما قد يدفع النسبة الأكبر من هذه الكوادر إلي عدم تفضيل العمل في المصارف الإسلامية حتي يتم الانتهاء من استكمال البيئة التشريعية سواء في طريقة الرقابة علي هذه البنوك من خلال هيئة رقابة شرعية بالمركزي أو إجراء تعديلات في قانون البنوك لتعديل شكل التعامل معها.
وأضاف أن البنوك الإسلامية الموجودة في السوق والتي يصل عددها إلي نحو أربعة بنوك تستطيع إدارة وتغطية تمويل مشترك حتي 2 مليار جنيه، إلا أنه في حال زيادة هذه القيمة سيؤدي ذلك إلي وجود صعوبة أمام انفراد هذه البنوك بالقروض التي تتجاوز قيمتها 2 مليار جنيه، مما يجعل هناك ضرورة لمشاركة فروع المعاملات.
وأكد دويدار أهمية أن تتمتع البنوك الإسلامية بقاعدة رأسمالية كبيرة تمكنها من ممارسة دور مدير القرض، كما أنه يجب عليها التعاون مع فروع المعاملات التابعة للبنوك التقليدية مما يساهم في تكوين تكتلات مصرفية قوية لها القدرة علي إدارة وتغطية تلك القروض.
وعن حجم القاعدة الرأسمالية التي يفترض أن تتجه البنوك الإسلامية إلي دعمها لزيادة التمويل للعميل الواحد في ظل أن قانون البنك المركزي لا يتيح للبنوك تمويل العميل بما لا يزيد علي %20 من القاعدة الرأسمالية للمصارف، أشار دويدار إلي أن القاعدة الرأسمالية الحالية لهذه البنوك وفروع المعاملات تسمح بالتوسع، إلا أنه لا يمكن تحديد حجم محدد للقاعدة الرأسمالية لا يمكن أن تنخفض عنه نظراً لأن ذلك يختلف تبعاً للحجم التمويلي للـ Deal المطلوب، فكلما زادت القيمة المطلوبة دفع ذلك البنوك الإسلامية لرفع رأسمالها لمقابلة تلك العمليات.
ولفت إلي أن زيادة رأس المال قد يأتي من خلال ضخ أموال إضافية من خلال احتجاز جزء من الأرباح أو بنسبة %100 منها، لافتاً إلي أن هناك عدداً كبيراً من البنوك قد ترجئ مثل هذه الخطوة لحين وضوح الرؤية السياسية والتعرف علي المناخ الاقتصادي.
واستبعد أن تسحب البنوك الإسلامية البساط من تحت أقدام مثيلتها التقليدية نظراً لتواضع حجم الإسلامية مقارنةً بالتجارية، بالإضافة إلي أن هناك عدداً من البنوك الإسلامية الموجودة في البلاد الخليجية جنباً إلي جنب مع التقليدية، ولم تشكل أي منهم خطراً علي الأخري، فضلاً عن أنه من السابق لأوانه الحديث عن ذلك لأنه لم يكتمل الإطار الشرعي للبنوك الإسلامية.
وأضاف أن المنافسة بين التقليدية والإسلامية قد تحدث ولكن بشكل تدريجي، مع تأسيس البيئة التشريعية للأخيرة، لافتاً إلي أنه لا يمكن تحديد فترة زمنية محددة نظراً لأنه سيعتمد علي طبيعة فكر رئيس الجمهورية المقبل، ففي حال اختيار رئيس ذي مرجعية دينية إسلامية سيختلف الأمر عن فوز مرشح ليبرالي.
فيما أكد علاء بندق، مدير إدارة المعاملات الإسلامية ببنك الشركة المصرفية العربية الدولية، أن البنوك الإسلامية تستطيع القيام بدور مدير القرض خلال الفترة المقبلة، لذلك عليها أن تراعي اختيار الكفاءات المصرفية التي تتميز بخبرة واسعة في ذلك المجال.
وشدد علي ضرورة أن تخضع تلك الخبرات المصرفية لدورات تدريبية حتي تكون مؤهلة للعمل في هذا المجال نظراً لأن كوادر إدارة وترتيب القروض الإسلامية المشتركة عددها محدود في مصر عكس الموجودة في البنوك التقليدية التي عملت في ذلك المجال منذ سنوات طويلة، لافتاً إلي أن ذلك لا يعني خلو القطاع الإسلامي من الكوادر الماهرة في إدارة الـ Syndication ، إلا أن القيام بإدارة التمويل يعتبر حدثاً جديداً علي تلك المصارف.
وشدد علي أهمية أن تشارك البنوك الإسلامية مع فروع المعاملات لتكوين تكتلات تستطيع تغطية التسهيلات الائتمانية المطلوبة، مشيراً إلي أن عمل البنوك الإسلامية لا يخضع لعنصر المنافسة عكس التقليدية التي تتنافس لجذب العملاء من بعضها، لأن هدف الإسلامية يتضح في خدمة الاقتصاد من خلال تطبيق آليات الاقتصاد الاسلامي.
وعن ضرورة زيادة القاعدة الرأسمالية لتلك البنوك، أشار بندق إلي أن رفع رأس المال يعتبر أمراً حتمياً في ظل اتجاه البنك المركزي لتطبيق مقررات بازل 2 و3، مرجحاً أن تأتي هذه الزيادة من المجموعة الأم التي تمتلك حصة كبيرة في البنك الإسلامي.
ولفت إلي أنه لا يمكن تحديد وقت زمني لكي تستحوذ البنوك الإسلامية علي نسبة كبيرة من التمويلات المشتركة، مشيراً إلي أنه من المتوقع أن ترتفع الحصة السوقية لتتراوح ما بين 10 و%15 خلال العامين المقبلين في حال تحسن الأوضاع علي الصعيدين السياسي والاقتصادي في مقابل 4 إلي %5 حالياً.
وقال إنه رغم زيادة الطلب المحتملة علي التمويل الإسلامي فإنه من المستبعد أن تحتل البنوك الإسلامية مكان نظيرتها التجارية في إدارة القروض المشتركة، نظراً لعاملين رئيسيين يتمثلان في تفضيل عدد من العملاء الحصول علي القروض التقليدية والتعامل معها، كما أن لديها باعاً كبيراً في إدارة وترتيب القروض مما يساعد علي أن تكملا بعضهما لتنمية الاقتصاد.
واتفق مع الآراء السابقة محمد البلتاجي، رئيس مجلس إدارة الجمعية المصرية للتمويل الإسلامي في أن المصارف الإسلامية يمكنها تصدر مكانة متميزة لإدارة وترتيب القروض خلال الفترة المقبلة تبعاً لرغبة كثير من العملاء للحصول علي تمويلات متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية وتطبيقاً لمبادئ الاقتصاد الإسلامي.
وأكد أن أهم الضوابط لدعم دور البنوك الإسلامية في إدارة القروض تتمثل في أن تقوم بزيادة رأسمالها سواء من خلال الأرباح المحتجزة أو عن طريق المجموعة الأم، مرجحاً أن تكون الزيادة من خلال المجموعة الأم.
ولفت إلي أن ضعف البيئة التشريعية للبنوك الإسلامية لن يعرقل نمو دورها في إدارة التمويلات المشتركة خلال الفترة المقبلة، نظراً لأنها تعتبر حديثة العهد بهذا الدور كما أن هذه البيئة سيتم تحديد إطارها بشكل تدريجي، مشيراً إلي أن هذه البنوك تعتبر مستعدة للقيام بهذا الدور من الناحية الشرعية في إعداد العقود، بالإضافة إلي وجود صيغ إسلامية تتيح البدء في هذه المشروعات.
وشدد البلتاجي علي أهمية تشكيل تحالفات مع البنوك لنجاح عملية الإدارة سواء من خلال فروع المعاملات أو عبر ودائع البنوك التقليدية، لأنه من الجائز أن يتم استثمار أموال البنوك التقليدية في التمويلات الإسلامية، إلا أن ذلك لا ينطبق علي البنوك الإسلامية، خاصة أن جميع أموالها توظف في نواح مطابقة للشريعة.