أثيرت مؤخراً تساؤلات حول كيفية تصنيف صناديق الاستثمار للشركات القابضة التي تضم أنشطة متعددة تحت مظلة قطاع معين. وجاءت هذه التساؤلات علي خلفية توجه عدة شركات نحو إضافة أنشطة جديدة، مثل شركة راية القابضة للتكنولوجيا والاتصالات، التي أضافت نشاطي النقل النهري والبحري، كما استحوذت علي شركة صناعات دوائية، وذلك فضلاً عن اعتزام شركة العربية لحليج الأقطان التحول إلي شركة قابضة للاستثمار العقاري.
|
نبيل فرحات |
كما أثيرت تساؤلات حول تأثير إضافة الشركات نشاطاً جديداً، علي جاذبيتها للصناديق الاستثمارية، خاصة عند ضم الصندوق شركات متعددة تعمل في نفس هذا النشاط الجديد، علاوة علي التصنيف الأمثل للشركات التي تضم أنشطة متعددة للغاية، مما يدفع البورصة إلي تصنيفها تبعاً لقطاع الخدمات المالية، مثل شركة القابضة المصرية الكويتية.
وانقسم مديرو الأصول والصناديق الاستثمارية حول أسلوب تصنيف الشركات القابضة في المحفظة الاستثمارية للصناديق إلي فريقين، يري الفريق الأول أن تصنيف الشركة يتم تبعاً للنشاط الأكثر مساهمة في إيراداتها التشغيلية، مثل تصنيف »أوراسكوم للإنشاء والصناعة« تحت مظلة التشييد والبناء، استناداً إلي استحواذ قطاع المقاولات علي الحصة الأكبر من إيراداتها، رغم أنها أحد أكبر منتجي الأسمدة في الوقت نفسه.
بينما يري الفريق الثاني من مديري الأصول، أن درجة تنوع الأنشطة التي تعمل بها الشركة القابضة، حددت أسلوب تصنيفها، حيث إنه في حال تركزها في أنشطة قليلة بين نشاطين و4 أنشطة يمكن حينها إدراجها في القطاع الذي يستحوذ علي الحصة الأكبر من إيراداتها، إلا أنه عند تعدد الأنشطة بشكل كبير علي غرار الشركة القابضة المصرية الكويتية، العاملة في البترول والغاز والبتروكيماويات والأسمدة والطاقة الكهربائية والزجاج، فمن الأفضل تصنيفها تحت قطاع »الشركات المتنوعة«.
ورهن مديرو الأصول توزيع الشركات القابضة داخل المحفظة، وفقاً للنشاط الذي يستحوذ علي الوزن النسبي الأكبر من إيراداتها، في حالة تخطي القطاع الذي تنتسب إليه الشركة حاجز الـ%25 من رأسمال الصندوق، بحيث يتم توزيع الشركة علي عدد أكبر من القطاعات، وفقاً لحصة كل منها من إيراداتها، ضاربين مثالاً بشركة أوراسكوم للإنشاء والصناعة، التي تعمل بقطاعي الأسمدة والمقاولات، حيث يتم إدراج الشركة بقطاع الإنشاءات، وفي حال اقتراب استثمارات الصندوق من تخطي حاجز %25 من إجمالي المحفظة الاستثمارية في هذا القطاع، يتم تخفيف وزن أوراسكوم للإنشاء والصناعة في قطاع الإنشاءات وتحميل حصة منه بقطاع الأسمدة.
كما يحدد مديرو الاستثمار 3 عوامل تؤثر في مدي الجاذبية الاستثمارية للشركات القابضة، في حالة إضافة نشاط جديد، يتمثل الأول في معدل الربحية المتوقعة من هذا النشاط الجديد، مقارنة بربحية الأنشطة المختلفة العاملة فيها الشركة من جانب، ومعدل الربحية بالشركات الأخري العاملة في هذا النشاط، بالإضافة إلي مدي تأثيره علي ربحية الشركات المنافسة لتغيير نسب الاستثمار فيها، خاصة عند تعدد شركات هذا القطاع، ويتمثل العنصر الثالث في الهيكل الإداري القائم علي إدارة هذا النشاط الجديد لتحديد درجة النجاح بناءً علي احترافية الإدارة.
ويؤثر إضافة أنشطة جديدة إلي الشركات القابضة علي حجم السيولة التي تتلقاها أسهمها من جانب صناديق الاستثمار، كما قد ينعكس علي توزيع سيولة الصناديق علي أسهم باقي الشركات، التي تعمل في هذا القطاع الجديد والقطاعات الأخري أيضاً.
أوضح نبيل فرحات، العضو المنتدب لإدارة الصناديق بشركة القاهرة المالية القابضة للاستثمارات، أن مديري الاستثمار يقومون بتصنيف الشركات القابضة في الصناديق، وفقاً للنشاط الذي يحتل الحصة الأكبر من إيراداتها، وضرب مثالاً بشركة أوراسكوم للإنشاء والصناعة »OCI «، التي تنقسم إيراداتها بصورة رئيسية بين قطاعي المقاولات، الذي يستحوذ علي أكثر من %60 من إيراداتها، والأسمدة التي تساهم بالحصة المتبقية، لذا يتم تصنيفها في الصناديق الاستثمارية ضمن قطاع المقاولات.
وتابع: إنه في حالة زيادة حصة قطاع الأسمدة في نشاط »OCI « لأعلي من حصة نشاط المقاولات، يتم تغيير تصنيف الشركة إلي الأسمدة، مما يساهم في اقتناصها حصة من سيولة الصندوق المخصصة للاستثمار في قطاع الأسمدة، في ظل الحرص علي عدم تخطي حصة القطاع الواحد حاجز الـ%25 من حجم الصندوق، حفاظاً علي التنوع وتقليل حدة المخاطر.
وأشار »فرحات« إلي أنه في حال تجاوز حصة القطاع التابعة له الشركة القابضة حاجز الـ%25 من رأسمال الصندوق، يقوم مدير الصندوق بناءً علي علم المكتتبين أو حملة الوثائق بتوزيع الشركة القابضة بين القطاعات العاملة فيها، وفقاً لحجم مساهمة كل قطاع في إيراداتها، إلا أن تصنيف الشركة القابضة يظل تحت قطاع واحد فقط، في حال عدم ضمه لشركات متنوعة ذات فرص استثمارية جيدة، مما يعني انخفاض فرص وصول حصة القطاع إلي %25 ومن حجم الصندوق.
كما لفت العضو المنتدب لإدارة الأصول بشركة القاهرة المالية القابضة، إلي أنه عند إضافة شركة قابضة لنشاط جديد، فإنه يؤثر بالطبع علي مدي جاذبية هذا النشاط علي الشركة وحصتها علي الصندوق، ومن الممكن أن يعيد هذا النشاط الجديد هيكلة القطاع داخل الصندوق، من خلال اقتناصه حصة إضافية علي حساب الشركات الأخري العاملة في نفس القطاع، وهو ما يتم تحديده من خلال قسم البحوث.
وضرب »فرحات« مثالاً باختراق شركة ما قطاع الأسمدة، مما يدفع قسم البحوث إلي دراسة التدفقات النقدية الناتجة عن هذا النشاط الجديد للشركة، وتأثيره علي إيرادات شركات الأسمدة الأخري، مثل »المالية والصناعية« و»أبوقيرة للأسمدة«، ليتم حينها دراسة مدي إمكانية تقليل حصة هذه الشركات أو ثباتها من السيولة المتوافرة بالصندوق، وأضاف أنه في حالة انخفاض الجدوي الاستثمارية للنشاط الجديد، يلجأ مدير الصندوق إلي تخفيض حصة الشركة القابضة من رأسمال الصندوق.
كما أشار إلي أن الشركة القابضة المصرية الكويتية، علي سبيل المثال، يتم تصنيفها تحت قطاع الخدمات المالية في استثمارات الصناديق علي غرار شركة القلعة للاستشارات المالية، باعتبارها تقوم بنشاط الاستثمار المباشر، عبر المساهمة في مجموعة من الشركات بقطاعات متنوعة، ثم التخارج منها بعد فترة زمنية. وأوضح أن هاتين الشركتين تدخلان تحت مظلة واحدة مع بنوك الاستثمار المدرجة، مثل المجموعة المالية »هرميس« و»بايونيرز«.
في سياق متصل، قال عمر رضوان، الرئيس التنفيذي لشركة إتش سي لإدارة الأصول، إن الشريحة الكبري من مديري الصناديق تتبع تصنيف البورصة للشركات القابضة داخل المحفظة الاستثمارية للصندوق، مثل »القابضة المصرية الكويتية« أو »راية« أو »أوراسكوم للإنشاء والصناعة« ـ التي يتم إدراجها تحت قطاع التشييد ومواد البناء ـ رغم استحواذ قطاع الأسمدة علي حصة جيدة من استثماراتها، بالإضافة إلي المساهمة بصورة فعالة في إيراداتها.
وأشار إلي أنه بجانب ما يلعبه تصنيف البورصة من دور مهم في تحديد هوية الشركات القابضة داخل الصناديق، فإن حجم مساهمة النشاط الرئيسي في إجمالي الإيرادات، يعد أحد العناصر المستند إليها في التصنيف، وأوضح إمكانية اختلاف التصنيف من شركة إدارة أصول إلي أخري حسب الاستراتيجية الاستثمارية، علي غرار اختلاف بورصات متعددة في تبعية شركة متعددة الأنشطة إلي قطاع بعينه.
وتابع »رضوان«: إنه يتم تفادي هذا التضارب من خلال إدراج الشركات التي تعمل بأكثر من قطاع تحت قطاع واحد، مثل »القطاع الصناعي«. الذي قد يضم الشركات التي تعمل بأكثر من قطاع صناعي مثل شركات السيارات والصناعات المعدنية.
وأوضح الرئيس التنفيذي لشركة إتش سي لإدارة الأصول، أنه عند إضافة إحدي الشركات القابضة لنشاط مختلف عن نشاطها الرئيسي، مثل إضافة شركة راية نشاطي النقل النهري والبحري، بالإضافة إلي صناعة الدواء. فإن معدل ربحية هذا القطاع يحدد درجة جاذبية هذه الشركة لمدير الصندوق، فعند تفوق معدلات ربحية النشاط الجديد لأنشطة الشركة الرئيسية، فإن ذلك يعد بمثابة عنصر جذب جيد لزيادة حصة الشركة من حجم الصندوق.
ولفت إلي أنه عند انخفاض ربحية هذا النشاط الإضافي، سيلجأ مدير الصندوق غالباً إلي الاستثمار في شركة تتخصص في النشاط الرئيسي للشركة القابضة. وأشار إلي أنه في حال عدم جدوي الأنشطةالجديدة لشركة راية، علي سبيل المثال، سيتم الاتجاه إلي البحث عن فرص استثمارية في شركات متخصصة في نشاط تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتوزيع، بهدف تنويع المحفظة الاستثمارية.
واقتحمت شركة راية نشاط النقل النهري، من خلال مساهمتها في تأسيس شركة ريجيونال انفستمنت المتخصصة في النقل النهري، بنسبة %5 بالتعاون مع الشركة الوطنية القابضة للنقل النهري، التابعة لمجموعة القلعة التي تمتلك الحصة المتبقية، البالغة %95، ومن المرجح أن يصل رأسمال الشركة الجديدة إلي 100 مليون دولار. كما تحالفت الشركتان مسبقاً في تدشين شركة »أسطول« في أبريل الماضي، للعمل في مجال النقل البري، وتمتلك »راية« حصة قدرها %45 من الشركة.
كما قررت شركة راية مطلع الشهر الحالي، الاستحواذ علي %30 بشركة العاشر من رمضان للصناعات الدوائية والمستحضرات التشخيصية »راميدا«، من خلال شراء 120 ألف سهم بقيمة تصل إلي 1789.93 جنيه للسهم كحد أقصي.
واعتبر »رضوان« أن إدراج الصناديق للشركة القابضة المصرية الكويتية تحت قطاع الخدمات المالية يعد الأنسب، نظراً لاستثمارها في العديد من القطاعات، مثل البترول والغاز الطبيعي والبتروكيماويات والزجاج والأسمدة، لأنه لا يمكن نسب الشركة إلي صناعة معينة من بين هذه الصناعات، في ظل توزيع إيراداتها بين هذه القطاعات.
واتفق مع الرأي السابق، حازم كامل، رئيس قطاع الأصول بشركة النعيم، مؤكداً أن الإيرادات التشغيلية لكل نشاط تحدد هوية الشركات القابضة داخل المحفظة الاستثمارية لمدير الصندوق، علي غرار تصنيف »OCI « ضمن قطاع التشييد ومواد البناء، وهو ما ينطبق أيضاً علي شركة راية، التي يساهم فيها نشاط التوزيع بالحصة الأكبر من إيراداتها.
واكتفي »كامل« بقوله إن إضافة نشاط جديد لأي شركة يعيد نظرة مدير الاستثمار إليها، بناءً علي ربحية هذا النشاط، خاصة في ظل توافر عدد من الشركات الأخري في نفس القطاع داخل المحفظة الاستثماري، مثل قطاع العقارات، الذي يضم العديد من الشركات، مثل: »طلعت مصطفي« و»بالم هيلز« و»سوديك« و»مصر الجديدة« و»مدينة نصر«، مما يدفع مدير الصندوق إلي جدوي إضافة النشاط العقاري بشكل جيد، مقارنة بهامش ربحيته بالشركات العاملة في القطاع، علي غرار تقسيم شركة العربية لحليج الأقطان إلي قطاعين، الأول صناعة الحليج والثاني الاستثمار العقاري.
من جانب آخر، رأت رانا العدوي، العضو المنتدب لشركة اكيومن لإدارة صناديق الاستثمار، أن تصنيف الشركات القابضة في الصناديق الاستثمارية يخضع لتصنيف درجة تعدد الأنشطة التي تضمها الشركة تحت مظلتها، وقالت إن تركز شركة OCI في قطاعين فقط، يسمح لمدير الاستثمار بتوزيع الشركة بين قطاعي الأسمدة والتشييد والبناء، وفقاً لحجم مساهمة كل قطاع في الإيرادات، وهو ما يحدد أيضاً نصيب الشركات الأخري العاملة في القطاعين بالصندوق، بحيث لا يتجاوز نصيب القطاع حاجز الـ%25 من رأسماله، تحقيقاً لمعيار التنوع وتقليل حدة المخاطرة.
وأضافت: إن الشركات المتعددة الأنشطة لا يمكن توزيعها بهذا النحو، وضربت مثالاً بالشركة القابضة المصرية الكويتية، التي تتنوع أنشطتها من خلال تأسيس شركات في الطاقة والبتروكيماويات والأسمدة، لذا لابد من تأسيس قطاع للشركات القابضة ذات الأنشطة المتنوعة، وليس إدراجها تحت مظلة الخدمات المالية.
وأوضحت »العدوي« أن الأمر نفسه ينطبق علي شركة القلعة للاستشارات المالية، التي تقوم بنشاط الاستثمار المباشر، ويتم تصنيفها ضمن قطاع الخدمات المالية. واقترحت أن يتم تدشين قطاع خاص بنشاط الاستثمار المباشر، نظراً لاختلاق الطبيعة الاستثمارية لبنوك الاستثمار، التي تتبع قطاع الخدمات المالية أيضاً، رغم اختلاف أغلب أنشطتها عن القلعة، فيما عدا نشاط الاستثمار المباشر الذي تمارسه هذه البنوك عبر صناديق الملكية الخاصة.
واعتبرت العضو المنتدب لشركة إكيومن لإدارة صناديق الاستثمار، أنه عند تصنيف الشركات المتنوعة داخل هذا القطاع الجديد، فإنه لن تؤثر الأنشطة التي تضمها مثل الأسمدة بصورة مباشرة علي نصيب قطاع الأسمدة من حجم الصندوق، بل يستحوذ القطاع علي حصة جديدة ككيان قائم بذاته، وفقاً لاستراتيجية الاستثمار لكل صندوق.
وحددت 3 معايير لتحديد مدي تأثير إضافة شركة نشاط جديد علي جاذبيتها الاستثمارية للصناديق، وفي مقدمتها الإيرادات التشغيلية الناتجة عن هذا النشاط الجديد، فيما يتمثل العنصر الثاني في الهيكل الإداري بالشركة الجديدة، فعند جلب كوادر متخصصة في إدارة النشاط الجديد، يعكس ذلك طمأنينة في نجاح النشاط، علي العكس تماماً عند تولي فريق الإدارة بالشركة القابضة إدارة هذا النشاط الجديد.
وأشارت »العدوي« إلي أن العامل الثالث هو معدلات الربحية المتوقعة لهذا النشاط، مقارنة بربحية الشركات العاملة في القطاع نفسه، ففي هذه الحالة يتم التفضيل بين الشركة القابضة والشركات الأخري المتخصصة في النشاط الجديد، إلا أنها أضافت في الوقت ذاته أنه في حال توقع تحقيق هذه الشركات معدلات ربحية جيدة، فحينها سيحافظ مديرو الاستثمار علي حصصهم بالصندوق.