تستهدف الحكومة المصرية زيادة معدل النمو الاقتصادى بعد 5 سنوات إلى 7% على أن يرتفع هذا المعدل إلى ما بين 10 و%12 بحلول العام المالى 2019-2020، وفقًا للدكتور أشرف العربى وزير التخطيط والمتابعة والإصلاح الإدارى، وذلك ضمن خطة استراتيجية تمتد حتى عام 2030.
وأوضح العربى فى حوار مع «المال» أنه رغم التوقعات المتفائلة للنمو إلا أن الاقتصاد المصرى ما زال فى حاجة لدعم مالى على المستوى قصير الأجل سواء من الدول العربية الشقيقة أو من منظمات التمويل الدولية.
ورغم الحاجة للدعم المالى إلا أن وزير التخطيط استبعد أن تقوم الحكومة الحالية باتخاذ قرار الاقتراض من صندوق النقد الدولى، مشيرًا إلى أن هذا القرار يحتاج إلى حكومة يتم تشكيلها من مجلس نواب منتخب.
«المال»: أعلنت الحكومة أنها ستعمل على مجموعة من المحاور لهيكلة الاقتصاد المصرى قبل انعقاد القمة الاقتصادية تتضمن تهيئة مناخ الاستثمار من خلال سن حزمة تعديلات تشريعية ووضع خريطة استثمارية جديدة إلى جانب حسم الخلافات مع المستثمرين، ما الخطوات التى انتهت منها فى تلك المحاور حتى الآن؟
وزير التخطيط: الحكومة فضلت السير فى عدة اتجاهات بالتوازى لتهيئة بيئة الاستثمار لضمان نجاح المؤتمر الاقتصادى، تمثل الأول فى اعتمادها حزمة تشريعات تشمل قوانين الاستثمار والثروة التعدينية والتعريفة المميزة للكهرباء والتمويل متناهى الصغر، بينما قانونى الخدمة المدنية والكهرباء الجديد على وشك الإصدار.
وعملت الحكومة أيضًا على تسريع وتيرة تسوية المنازعات مع المستثمرين عبر تشكيل لجنتين إحداهما برئاسة رئيس الوزراء والأخرى يرأسها وزير العدل، ويجرى حاليًا النظر فى بعض المشكلات تمهيدًا لتسويتها بالتزامن مع المؤتمر، إضافة إلى تجهيز ملفات مستثمرين أخرى للبحث عقب القمة الاقتصادية، وسيكون هناك جلسات داخل المؤتمر يتحدث فيها المستثمرون عن كيفية حل مشاكلهم.
وفيما يتعلق بالفرص الاستثمارية حددت بنوك الاستثمار بالفعل 30 مشروعًا منها 7 مشروعات بالشراكة بين القطاعين العام والخاص، ستتولى ترويجها عبر استخدام اللغة التى يفهمها جيدًا المستثمرون حول العالم؛ بهدف تقليل الفجوة بين الفكر الحكومى ونظيره الخاص.
تطرح الحكومة خريطة استثمارية بالمؤتمر تنقسم لخطة متوسطة الأجل وأخرى حتى 2030
وفى ضوء هذين الملفين، تطرح الحكومة خريطة استثمارية بالمؤتمر تنقسم إلى خطة متوسطة الأجل وأخرى حتى 2030 تغطى 10 قطاعات بحيث يتضمن كل قطاع مجموعة من الفرص الاستثمارية تحقق الأهداف التنموية للقطاع، وقد استعانت الحكومة بنحو 14 بنكًا استثماريًا لإعداد قائمة مختصرة بالمشروعات التى قدمتها الهيئات والأجهزة الحكومية المختلفة.
«المال»: هل ستوقع الحكومة عقود مشروعات ضمن فعاليات القمة؟
وزير التخطيط: هناك عدة مشروعات قطعت الحكومة شوطًا جيدًا فيها، ومن المرتقب توقيع عقود ومذكرات تفاهم بشأنها مع عدد من مستثمرين خلال المؤتمر، ونجحت عدة وزارات مثل الطاقة والإسكان والنقل فى عقد اجتماعات جماعية وثنائية مع المستثمرين خلال الشهور الماضية لاستكشاف توجهاتهم وتطلعاتهم بغرض تحديد المشروعات الأكثر احتياجًا، والتى ستحظى بإقبال من جانب المؤسسات الاستثمارية.
وينبغى أن يستوعب الجميع بأن المؤتمر الاقتصادى بداية لجذب استثمارات تحقق خطط النمو المستهدفة، وستتيح القمة استعراض بيئة الاستثمار الجديدة التى تتمتع بها مصر والإصلاحات التشريعية والهيكيلة بالموازنة، وآثار خفض دعم الطاقة على الاقتصاد، فضلًا عن التأكيد على السياسات الجديدة لتوزيع ثمار النمو لتحقيق العدالة الاجتماعية بين طبقات المجتمع المصرى.
«المال»: بعد أن حقق الاقتصاد المصرى معدل نمو بلغ 5.6% خلال النصف الأول من العام المالى الجارى هل هناك نية لتعديل مؤشرات النمو للعام المالى الحالى ككل؟
وزير التخطيط: المؤشرات القائمة لنمو الناتج المحلى الإجمالى حتى الآن هى 3.8%، ولكن فى ظل المؤشرات الجديدة من المتوقع أن يصل إلى 4% بنهاية العام المالى 2014-2015، ويعكس معدل النمو المحقق بنسبة 5.6% النظرة المتفائلة للقطاع الخاص والاستثمارات التى ضختها الحكومة فى مشروع المليون فدان وقناة السويس والقرى الفقيرة، خاصة فى ظل ضخ حزمة تحفيز خلال العام الماضى بدأت تؤتى ثمارهات الآن.
ولكن لا يمكن أن نغفل أن فترة الأساس المقارن بها خلال العام الماضى ساهمت فى وصول مؤشرات النمو إلى هذا المستوى المرتفع، نظرًا لأن الاقتصاد المصرى عانى خلال النصف الأول من 2013-2014 من معدلات نمو منخفضة نتيجة حظر التجوال والاضطرابات السياسية والاعتصامات التى شهدتها البلاد خلال هذه الفترة.
النقطة الأهم التى تشغل الحكومة الآن هى استدامة النمو وأسلوب توزيعه
والنقطة الأهم التى تشغل الحكومة الآن هى استدامة النمو وأسلوب توزيعه لتحقيق الاستفادة لشرائح المجتمع المختلفة.
«المال»: ما حجم الاستثمارات الكلية المنفذة خلال النصف الأول من العام المالى الجارى 2014-2015؟
وزير التخطيط: ما يمكن قوله هو أن معدلات التنفيذ تفوق العام الماضى، نتيجة تلقى طلبات بتنفيذ مشروعات إضافية من جانب الأجهزة الحكومية، ما أدى إلى إعادة تخصيص الاستثمارات حتى تتوزع على المشروعات التى حصلت على موافقات حكومية لتنفيذها.
«المال»: أعلنتم من قبل عن وجود خطة لجذب استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 60 مليار دولار إلى جانب تحقيق وفورات بنفس القيمة خلال الـ4 سنوات المقبلة إلى أى مدى ستتمكن الحكومة من الوصول إلى تلك المستهدفات؟
وزير التخطيط: هدف الخطة هو خلق توازن بين خفض عجز الموازنة وحجم الاستثمارات المنفذة بغرض تفادى الأثار الانكماشية لخفض النفقات، ونرى أن السوق المصرية قادرة على الوصول إلى معدل استثمارات أجنبية مباشرة تقدر بـ15 مليار دولار تدريجيًا سنويًا خلال السنوات الأربع القادمة، تبدأ بجذب 10 مليارات دولار خلال العام المالى الحالى 2014-2015.
أما على مستوى الاستثمارات الكلية بشكل عام فهناك تحسن نسبى فى تدفقها حيث بلغت 13% من إجمالى الناتج المحلى خلال النصف الأول من العام المالى الحالى بما يعادل 152.1 مليار جنيه، وتستهدف الحكومة أن يرتفع هذا المعدل إلى 15% بحلول العام المالى المقبل 2015-2016 بما يساهم فى زيادة معدل النمو بشكل عام إلى 5%، ثم الوصول بمساهمة الاستثمارات إلى 20% خلال العامين 2016-2017 و2017-2018، إلى أن نصل إلى مستويات 25% فى الأعوام المالية التالية.
«المال»: كيف ستوظف الحكومة وفورات دعم المنتجات البترولية المستهدف أن تصل إلى 30 مليار جنيه، خلال العام المالى الجارى بناءً على الأسعار الحالية وفقًا لتقديرات وزير البترول شريف إسماعيل؟
برامج العدالة الاجتماعية ستستحوذ على النصيب الأكبر من وفورات دعم المنتجات البترولية
وزير التخطيط: برامج العدالة الاجتماعية ستستحوذ على النصيب الأكبر من هذه الوفورات مثل برامج التكافل أو التأمين الصحى بغرض توسيع دائرة التغطية التأمينية على صحة المواطنين، فضلًا عن إمكانية استخدام جانب من الوفورات فى خفض عجز الموازنة، ومن المستبعد توظيفها فى أية استثمارات إضافية.
«المال»: تداولت أنباء عن نية الحكومة بتقليل الفترة الزمنية المستهدفة لإلغاء دعم الطاقة؟
وزير التخطيط: لم يبحث مجلس الوزراء أى موضوعات فى هذا الصدد (حتى الآن) فالحكومة ملتزمة بالبرنامج التدريجى لإلغاء دعم الطاقة نهائيًا بحلول عام 2019، خاصة أن وزارة البترول ما زالت فى مرحلة استكمال جمع البيانات لتفعيل الكروت الذكية لصرف المنتجات البترولية فى أنحاء الجمهورية فى أواخر أبريل سعيًا لتحديد الفئات المستحقة واستبعاد الفئات غير المستحقة بعد فترة من تطبيق المنظومة..ولكن بشكل عام ليس لدينا أى بديل سوى استكمال خطة الاستصلاح.
وتعى الحكومة جيدًا أنه لا يمكن إجراء أية تعديلات اقتصادية بشكلٍ مفاجئ نظرًا لأن الهدف الرئيسى الآن هو التأكيد على أن البيئة الاستثمارية مستقرة من أجل كسب ثقة المؤسسات الإقليمية والدولية، حتى تستطيع جذب منح أو فروض ميسرة أو تدفقات مالية عبر السياحة.
وفى هذا السياق لا بد أن نؤكد أن الاقتصاد المصرى ما زال فى حاجة لاستمرار الدعم على المستوى قصير الأجل من الدول الشقيقة أو من منظمات التمويل الدولية والإقليمية سواء جاء الدعم فى شكل منح أو قروض ميسرة، فحتى لو تم التوقيع على مشروعات خلال المؤتمر لكى تبدأ تنفذ على الأرض تحتاج لفترة زمنية طويلة من أجل الانتهاء منها، فمثلا لو محطة كهرباء تحتاج إلى 3 سنوات على الأقل.. ولو مدينة سكنية تأخذ فترة كى تؤتى ثمارها.. فالمؤكد نحتاج لتدفقات من النقد الأجنبى سواء كانت فى صورة استثمارات مباشرة أو مساعدات أو تحسن فى مؤشرات السياحة.
«المال»: هل هناك وعود بمنح جديدة لمصر؟
أعتقد أن دول الخليج ستواصل دعمها لمصر خلال الفترة المقبلة
وزير التخطيط: لم يطرح شيء فى هذا الصدد الآن، وأعتقد أن دول الخليج العربى ستواصل دعمها لمصر خلال الفترة المقبلة.. بعد أن قدمت دعمًا هائلًا الفترة الماضية، ولكن المهم لدينا الاستثمارات والتشغيل ونعمل فى كل الاتجاهات.
وكان وزير الاستثمار أشرف سالمان قد قال الأسبوع الماضى على هامش مشاركته فى مؤتمر «هيرمس» الحادى عشر بدبى: إن مصر حصلت على 23 مليار دولار من دول الخليج خلال 18 شهرًا فى صورة مساعدات بترولية وودائع فى البنك المركزى المصرى.
وانخفض احتياطى النقد الأجنبى لمصر بعد ثورة 25 يناير التى أطاحت بالرئيس السابق حسنى مبارك نتيجة لانهيار القطاع السياحى، وتراجع تدفقات الاستثمار الأجنبى.
وكان مسئول حكومى قال لـ«المال» فى وقت سابق: إن المساعدات الإماراتية ارتفعت لنحو 15 مليار دولار منذ ثورة 30 يونيو التى أطاحت بالرئيس الأسبق محمد مرسى.
وخلال الشهور القليلة الماضية زار الرئيس عبدالفتاح السيسى كلا من الإمارات والكويت والسعودية؛ لبحث التعاون المشترك سواء اقتصاديا أو سياسيا.
«المال»: الحكومة أعلنت منذ بداية العام المالى الحالى عن البدء فى تنفيذ أعمال البنية التحتية لمشروع المليون فدان بتكلفة 30 مليار جنيه، فما الموقف الفعلى لأعمال التنفيذ فى الوقت الحالي؟
وزير التخطيط: 90% من أعمال البنية التحتية لمشروع المليون فدان تتركز فى حفر آبار المياه الجوفية وشراء المعدات وقطعت الحكومة شوطًا جيدًا فى هذا الجانب، ولكننا نتحدث عن تكلفة أكبر تدور حول 150 مليار جنيه لإقامة مجتمعات عمرانية حول المساحات المستصلحة لجذب السكان، بما يتطلب تنفيذ مشروعات نقل وخدمات لوجيستية وتصنيع زراعى حتى نتفادى أخطاء الحكومة فى الماضى.
وهناك تباين فى سرعة تنفيذ المشروع من منطقة لأخرى حسب الطبيعة الجغرافية لكل منطقة فعلى سبيل المثال تسير عملية الاستصلاح فى غرب المنيا بوتيرة سريعة.
وأعلنت الحكومة أنها ستخصص نحو 184 ألف فدان لصالح شركة إماراتية لإقامة مصنع لإنتاج السكر.
«المال»: ما آخر تطورات مشروع المركز اللوجيستى فى دمياط؟
وزارة التموين تستعد لطرح مشروع المركز اللوجيستى فى دمياط بالمؤتمر
وزير التخطيط: انتهت وزارة التموين من إعداد الدراسات التفصيلية للمشروع وتستعد لطرحه بالمؤتمر الاقتصادى بعد أن تم مناقشة خطوطة العريضة مع الحكومة خلال الفترة الماضية.
وتجدر الإشارة إلى أن مشروع المركز اللوجيستى يستهدف جذب استثمارات بقيمة 15 مليار جنيه ويسعى لتحويل مصر لمركز عالمى لتداول وتخزين الحبوب.
«المال»: الحكومة كان لديها خطة لسداد مستحقات شركات البترول بنهاية العام المالى الجارى 2014-2015، ثم عدلت هذا البرنامج لأغسطس، وفقًا لتصريحات وزير الاستثمار، ولكن وزارة البترول توقعت أن يتم سداد كامل المديونيات منتصف العام المقبل، لماذا يوجد تضارب فى الجدول الزمنى لسداد مستحقات الشركاء الأجانب؟
وزير التخطيط: البرنامج الزمنى لسداد مستحقات شركات البترول الأجنبية فى مصر مرتبط بشكل أساسى بحجم التدفقات الأجنبية للسوق المحلية.
وتبلغ مستحقات شركات البترول حاليا 3.1 مليار دولار وفقا لتقديرات وزارة البترول.
وتجدر الإشارة إلى أن مصر تستورد بما قيمته نحو 365 مليار جنيه سنويًا من منتجات البترول والغاز الطبيعى، ويمكن سداد مديونيات الحكومة لشركات البترول بضخ استثمارات جديدة فى مجال البحث والتنقيب وزيادة الإنتاج والاحتياطيات من البترول والغاز.
«المال»: بعد أن بدأت الحكومة تطبيق برنامج للإصلاح الاقتصادى هل هناك إمكانية اللجوء للاقتراض من صندوق النقد الدولى خلال الفترة الحالية، خاصة بعد إعلان وزير الاستثمار عن إمكانية الاقتراض من الصندوق بعد القمة الاقتصادية؟
وزير التخطيط: حريصون على وجود علاقات قوية مع كل المنظمات التمويلية.. وبدأنا نصلح الخلل الاقتصادى.
الحكومة جادة فى تنفيذ برنامج «إصلاح وطنى» حقيقى
وأكرر أن الحكومة جادة فى تنفيذ برنامج «إصلاح وطنى» حقيقى، والإصلاحات التى اتخذتها الحكومة مؤخرًا تفوق سقف مطالب صندوق النقد الدولى.
ونفذت حكومة المهندس إبراهيم محلب إصلاحات “صعبة” تتضمن لأول مرة زيادة أسعار الطاقة والكهرباء، ومؤخرًا قامت بزيادة الضرائب المفروضة على السجائر.
ولكن فى النهاية قرار الاقتراض من صندوق النقد الدولى يحتاج إلى حكومة تم اختيارها من مجلس نواب منتخب، وليس حكومة انتقالية.
«المال»: تسبب حكم المحكمة الدستورية العليا الذى قضى بعدم دستورية المادة الثالثة من قانون الدوائر الانتخابية، فى تأجيل إتمام المرحلة الأخيرة من خارطة الطريق السياسية التى وضعتها مصر يوليو 2013 إلى أى مدى سيؤثر ذلك على القمة الاقتصادية وجذب الاستثمارات الأجنبية؟
وزير التخطيط: نحن دولة تحترم أحكام القضاء.. والرئاسة كلفت الحكومة بسرعة الانتهاء من تعديل القانون خلال شهر، وبالتالى لن تتأخر الانتخابات البرلمانية عن البرنامج المحدد لها من قبل، وسنستكمل خريطة الطريق المحددة وبالتالى لا يوجد أى تأثير.