يبدو أن الرسوم الجديدة التي فرضتها إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما علي البنوك الأجنبية العاملة علي أراضيها ستجعل تكلفة الخدمات المالية التي تقدمها هذه البنوك داخل الولايات المتحدة الأمريكية أعلي بكثير في حال تنفيذ هذه الرسوم.
ويتوقع بنك مورجان ستانلي الأمريكي أن تحصل الحكومة الأمريكية علي أكثر من 2.77 مليار دولار من الرسوم الجديدة من تعاملات أكبر ثمانية بنوك أوروبية فقط.
وذكرت صحيفة »فاينانشيال تايمز« أن ضريبة الـ%0.15 التي يفرضها أوباما علي أرصدة البنوك الأجنبية في الولايات المتحدة الأمريكية جاءت بعد أن فرض اليستير دارلنج، وزير مالية بريطانيا خلال الأسبوع الثاني من الشهر الحالي ضريبة %50 علي مكافآت العاملين في البنوك والتي أثارت انتقادات عنيفة بين البريطانيين وإن كانت ستوفر للحكومة البريطانية حوالي 10 مليارات دولار من البنوك الأجنبية، لاسيما الأمريكية.
وبعد يوم واحد من قرار وزير المالية البريطاني قررت حكومة فرنسا أيضاً فرض ضريبة مماثلة، علي العاملين في بنوكها، وإن كانت مثل هذه الضرائب ستمنح البنوك الأمريكية و الأوروبية الأخري مميزات تنافسية.
وهناك فروق واضحة بين ضريبة اليستير دارلنج وضريبة أوباما، حيث يتم حساب الضريبة البريطانية المرتفعة علي أساس المكافآت والتي ستضر كثيراً مدراء البنوك، ولكنها ستدخل البهجة علي البريطانيين والتي تطبقها حكومة حزب العمل الآن، استعداداً للانتخابات العامة المقررة في غضون عدة شهور.
أما الضريبة الأمريكية فتحسب علي أرصدة البنوك بعد خصم احتياطي رأس المال وودائع العملاء والمديونيات وغيرها وبحد أدني 50 مليار دولار رصيد في أي بنك.
وفي ظل الضريبة الجديدة فإن كبري البنوك الأجنبية ستدفع للحكومة الأمريكية فيما بين 500 مليون دولار و3 مليارات دولار تبعاً لأرصدتها بينما تدفع كبري البنوك البريطانية مع تطبيق ضريبة المكافآت الجديدة حوالي 500 مليون جنيه استرليني »812 مليون دولار« لكل بنك.
وهناك مخاوف من أن تؤدي هذه الضرائب إلي زعزعة القدرات التنافسية بين البنوك العالمية التي تصادف أن مقارها الرئيسية في بلاد مختلفة عن بلادها الأصلية.
ولما كانت الضريبة البريطانية تحسب علي المكافآت في البنوك سواء البريطانية أو الأجنبية العاملة علي الأراضي البريطانية فإنها ستضر أيضاً بالبنوك الأوروبية والأمريكية مثل جولد مان ساكس وJP مورجان وديوتش بنك وكذلك باركليز ورويال بنك أوف اسكوتلندا.
وتعتقد بعض البنوك الاستثمارية الأجنبية العاملة في أمريكا أنها من الأفضل أن تقلص أنشطتها المالية تحت رصيد 50 مليار دولار حتي تتفادي التعرض للضريبة الأمريكية.
ويري بنك »BBVA « الإسباني الذي عزز وجوده في الولايات المتحدة الأمريكية في الخريف الماضي باستحواذه علي مؤسسة جارانتي فاينانشيال أن الضريبة الجديدة ستعوق استراتيجية النمو الذي كان يخطط لها هذا العام كما أنه غير قادر الآن علي الانسحاب بعد أن تورط في هذه الاستثمارات منذ عدة شهور.
ومن بين البنوك غير الأمريكية والتي يقترب رصيدها من عتبة الـ 50 مليار دولار التي يستحق عليها دفع الرسوم الأمريكية بنك »BBVA « الذي تصل أرصدته 68 مليار دولار والضريبة الواجب سدادها 39 مليون دولار وبنك »BNP « باريبا برصيد 78 ملياراً وضريبته 58 مليوناً.
وتسعي البنوك غير الأمريكية الكبري إلي تركيز جهودها علي مقاومة ضريبة أوباما الجديدة بزعم أنها غير قانونية أو اجتذاب رجال الكونجرس الأمريكي إلي صفها لعدم تمرير مشروع الضريبة الجديدة أو تعديله علي الأقل.
ويؤكد المحللون في بنك مورجان ستانلي أن بنك باركليز سيتحمل حوالي 560 مليون دولار من جراء ضريبة أوباما بينما تصل قيمة هذه الضريبة إلي حوالي 551 مليون دولار لديوتش بنك وحوالي 590 مليون دولار لبنك »HSBC «.
أما أضخم مبلغ يدفعه بنك أمريكي مقابل الضريبة البريطانية الجديدة فهو بنك سيتي جروب الذي من المتوقع أن يدفع 2.2 مليار دولار وJP مورجان الذي سيدفع 2.1 مليار دولار وبنك أوف أمريكا ميريل لينش الذي ستصل حصته 1.9 مليار دولار.
ومع ذلك فإن الوقت مازال مبكراً جداً علي تحديد حصيلة الضرائب الجديدة علي البنوك العالمية غيرأنه بمجرد إصدار التشريع الجديد فإن المحللين سيحاولون تخفيف التأثير المحتمل للرسوم التي يتعين علي البنوك دفعها تبعاً للتعاملات المالية والأرصدة المتبقية في ظل الانتعاش الاقتصادي المتوقع هذا العام.