أصدرت جيه إل إل، شركة الاستشارات والاستثمارات العقارية الرائدة عالميًّا، تقريرها الجديد حول استعراض أداء وتوقعات سوق العقارات بمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا لعام 2025. وقد أشار التقرير إلى أنه على الرغم من البداية الصعبة التي عاشها الاقتصاد المصري في عام 2024، من المتوقع أن تشهد مصر تسارعًا في نمو الناتج المحلي الإجمالي ليصل إلى 4% في عام 2025، مدفوعًا بانخفاض معدل التضخم، واستقرار سعر صرف العملة، وإصلاحات القطاع العام.
وتدعم هذه النظرة الاستشرافية الإيجابية توقعاتٌ تشير إلى تباطؤ معدل التضخم من 28.3% في عام 2024 إلى 17.8%، وزيادة الاستثمار الأجنبي المباشر، ولا سيما من دول مجلس التعاون الخليجي.
ووفقًا لتقديرات شركة جيه إل إل، سوف يؤدي هذا التدفق لرءوس الأموال والثقة الدولية إلى تعزيز الثقة في قطاع العقارات المصري، ويؤكد النظرة المتفائلة تجاه الإمكانات الاقتصادية للبلاد وسوقها العقارية.
وعلّق أيمن سامي، رئيس مكتب جيه إل إل مصر، على التقرير، قائلًا: “على الرغم من مرور قطاع العقارات في مصر باضطرابات اقتصادية وتشديد في السياسات، فإن توقعات عام 2025 إيجابية بشكل متزايد. كما أن انحسار وتراجع الضغوط التضخمية، مصحوبًا بزيادة الاستثمار الأجنبي المباشر واستقرار سعر صرف الجنيه المصري، كلها عوامل تدفع المستثمرين إلى الاهتمام مجدداً بالسوق. ومن المتوقع في عام 2025، أن يقود قطاعا الضيافة والوحدات السكنية في العاصمة القاهرة النمو، مدعومين بالتزام الحكومة بتعزيز بيئة الاستثمار”.
وفي ظل التحديات التي واجهتها منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، بما في ذلك ارتفاع التكاليف، وزيادة الأجور، والصراعات الجيوسياسية التي أثّرت على الخدمات اللوجستية وسلاسل التوريد، تباطأ نمو سوق مشاريع البناء في المنطقة خلال عام 2024، مسجلًا انخفاضًا بنسبة 20.2% ليصل إلى 90 مليار دولار أمريكي.
وفي مصر، تصدّر قطاع الوحدات السكنية، الذي تبلغ قيمته 2.4 مليار دولار أمريكي، عمليات ترسية المشاريع، وذلك وفقًا لشركة جيه إل إل.
وعلى الرغم من الضغوط الإضافية الناجمة عن مشاكل العمالة والتكنولوجيا، وزيادة الطلب على الاستثمار الأجنبي، والمنافسة في السوق، والاعتبارات التنظيمية المعقدة، حافظ سوق منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا على قوته، بوجود مشاريع مرتقبة بقيمة تبلغ 1.9 تريليون دولار أمريكي.
من جانبه صرح أحمد همت، رئيس قسم خدمات المشاريع والتطوير لدى مكتب جيه إل إل مصر، قائلًا: “تُظهر سوق الإنشاءات المصرية مرونةً ملحوظة في مواجهة التحديات العالمية. ورغم أن التوترات الجيوسياسية وعدم اليقين الاقتصادي قد أثرا بلا شك على القطاع، فإن المشاريع الوطنية الطموحة والاستثمارات الأجنبية المتزايدة تُمثل فرصًا واعدة للمطورين والمستثمرين. وستكون الشراكات الإستراتيجية والحلول المبتكرة عاملًا أساسيًا في مواجهة تحديات مثل ارتفاع تكاليف المواد وتعقيدات سلسلة التوريد”.
وبفضل تحسن الظروف الاقتصادية والسوقية، حافظ قطاع الوحدات السكنية في العاصمة القاهرة على مرونته طوال عام 2024، حيث تفوقت أسعار الإيجارات بهذا القطاعات في أدائها على غيرها من قطاعات السوق، محققةً طلبًا ونشاطًا أكبر.
وشهدت مدينتا السادس من أكتوبر والقاهرة الجديدة زيادةً كبيرةً في متوسط أسعار الإيجارات بنسبة بلغت حوالي 108% مقارنةً بالعام الماضي،
بينما شهدت الأسواق الثانوية ارتفاعًا في أسعار الإيجارات بنسبة بلغت 112% و116% في كلتا المدينتين على الترتيب، ويعزى ذلك في الأساس إلى ارتفاع معدل التضخم. وسيستمر الطلب القوي في تسجيل زيادة في أسعار الإيجارات والبيع خلال عام 2025، وإن كان بوتيرة أبطأ عن عام 2024.
وشهدت العاصمة القاهرة إنجاز نحو 24 ألف وحدة سكنية جديدة خلال العام الماضي، ليصل إجمالي المعروض في السوق من الوحدات السكنية إلى نحو 293 ألف وحدة. وفي عام 2025، من المتوقع أن يشهد القطاع مزيدًا من التوسع، بتسليم ما يقارب 32 ألف وحدة إضافية.
كما شهدت سوق الضيافة في القاهرة ازدهارًا ملحوظًا خلال عام 2024 بفضل الجهود الحكومية المبذولة لتعزيز المنظومة السياحية، حيث استقطبت أسعار البلاد المناسبة للميزانية عددًا قياسيًّا من الزوار بلغ 15.7 مليون زائر إلى العاصمة المصرية.
كما شهد القطاع انتعاشًا في نشاط المعروض، حيث حظيت مشاريع البناء بكامل الزخم، وأعلنت كبرى شركات تشغيل الفنادق، مثل هيلتون وأكور ومنتجعات وفنادق آي إتش جي (IHG)، عن خطط توسع في السوق المصرية.
وبينما شهدت القاهرة إنجاز فندق واحد فقط في عام 2024، فمن المتوقع دخول ما يقرب من 2000 غرفة إضافية إلى السوق، خلال العام الحالي، من خلال افتتاح فنادق جديدة.
وانخفضت معدلات الإشغال في العاصمة القاهرة بنسبة 5.40 نقطة مئوية في عام 2024، وشهد متوسط أسعار الغرف اليومية زيادة طفيفة بنسبة 0.52%.
ومن المتوقع أن يواصل قطاع الضيافة المزدهر في مصر مساره التصاعدي، مع زيادة المعروض لدعم هدفه المتمثل في استقبال 18 مليون زائر في عام 2025.
وحافظ سوق المساحات المكتبية في القاهرة على استقراره، مع انخفاض طفيف في معدلات الشواغر وانخفاض متوسط أسعار الإيجارات بنسبة 1.8% خلال الفترة من بداية العام حتى الربع الأخير من عام 2024.
ومن المقرر أن يشهد السوق في عام 2025 إنجاز ما يقارب خمسة أضعاف عدد الوحدات المنجزة في عام 2024. ومن بين هذه الوحدات، تحظى المساحات المكتبية عالية الجودة من الفئة “أ”، ولا سيما تلك الموجودة في مجمعات الأعمال ضمن مشاريع التطوير متعددة الاستخدامات، والتي توفر مزايا مهمة مثل مواقف السيارات الواسعة ووسائل الراحة فائقة الجودة، بأسعار مرتفعة نتيجة للمعروض المحدود مقارنةً بالطلب المتزايد. ويسهم الطلب المتزايد من الشركات في دفع نمو أداء السوق على المديين المتوسط والطويل، بينما سيعمل النمو في سوق التعهيد الخارجي على تحفيز النشاط الإضافي بقطاع المساحات المكتبية.
وعقب سنوات من الضغوط الانكماشية، انتعش قطاع منافذ التجزئة في القاهرة مع نهاية عام 2024. وظل متوسط أسعار الإيجارات خلال الربع الأخير متسقًا مع الربع السابق، حيث تفوقت الأسواق الثانوية في أدائها على مراكز التسوق الإقليمية والإقليمية الكبرى، بزيادة سنوية بلغت ١٤% و٦% على الترتيب.