بدأت الولايات المتحدة، بقيادة الرئيس دونالد ترامب، اليوم الأربعاء، فرض رسوم جمركية مرتفعة على جميع واردات الصلب والألمنيوم، في خطوة تهدف إلى إعادة تشكيل التجارة العالمية لصالح الاقتصاد الأمريكي، لكنها أثارت ردود فعل سريعة من الشركاء التجاريين، خصوصًا من أوروبا.
تشمل هذه الرسوم زيادة بنسبة 25% على جميع واردات المعادن، وتمتد لتشمل مئات المنتجات المصنوعة من الصلب والألمنيوم، مثل المسامير وشفرات الجرافات وعلب المشروبات الغازية. وقد أثارت هذه السياسة مخاوف اقتصادية كبيرة، حيث يخشى المحللون من أن تؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد الأمريكي وتفاقم التوترات التجارية العالمية، وفقا لرويترز.
ردود فعل دولية غاضبة
جاء رد الفعل الأوروبي سريعًا، حيث أعلنت المفوضية الأوروبية أنها ستفرض رسومًا انتقامية على بضائع أمريكية بقيمة 28 مليار دولار بدءًا من الشهر المقبل. وأكدت رئيسة المفوضية، أورسولا فون دير لاين، أن الاتحاد الأوروبي مستعد للحوار مع واشنطن لكنه يعارض الإجراءات الحمائية التي تعوق التجارة العالمية.
من جهتها، أعربت الصين عن استعدادها لاتخاذ “جميع الإجراءات الضرورية” لحماية مصالحها التجارية، بينما حذرت اليابان من أن هذه الخطوة قد تؤثر على العلاقات الاقتصادية بين البلدين. أما كندا، أكبر مورد أجنبي للصلب والألمنيوم إلى الولايات المتحدة، فقد هددت بإجراءات انتقامية، في حين أبقت بريطانيا وأستراليا جميع الخيارات مفتوحة لحماية مصالحهما التجارية.
أثارت هذه الرسوم الجمركية اضطرابات كبيرة في الأسواق المالية الأمريكية والعالمية، حيث شهدت البورصات تقلبات حادة نتيجة للمخاوف من تصعيد الحرب التجارية. كما أظهر استطلاع اقتصادي حديث أن ثقة الشركات الصغيرة في الاقتصاد الأمريكي تراجعت للشهر الثالث على التوالي، مما يشير إلى تزايد المخاوف بشأن تأثير سياسات ترامب التجارية على النمو الاقتصادي.
وفي ظل هذه التوترات، تستعد كندا لاتخاذ إجراءات غير جمركية، مثل فرض قيود على صادرات النفط إلى الولايات المتحدة أو فرض رسوم على صادرات المعادن، إذا استمرت الرسوم الأمريكية الجديدة.
في المقابل، رحب منتجو الصلب في الولايات المتحدة بهذه الخطوة، معتبرين أنها تعيد فرض الحماية التي وفرها ترامب في عام 2018، والتي تم إضعافها لاحقًا بسبب الإعفاءات والقيود المفروضة على بعض الدول. وصرح رئيس رابطة مصنعي الصلب الأمريكي، فيليب بيل، بأن هذه الخطوة ستعزز الصناعة المحلية، وتوفر المزيد من الوظائف ذات الأجور المرتفعة، وتحد من ممارسات التجارة غير العادلة التي تضر بالمصانع الأمريكية.
التصعيد مع كندا وسط تغيرات سياسية
جاء هذا التصعيد التجاري مع كندا في وقت حساس، حيث يستعد رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو لتسليم السلطة إلى خليفته مارك كارني، الذي فاز مؤخرًا بزعامة الحزب الليبرالي. وتزامن ذلك مع تصريحات مثيرة للجدل من ترامب، الذي وصف كندا بأنها “الولاية الأمريكية الواحدة والخمسون”، في إشارة إلى مدى ارتباط الاقتصادين.
تأثير الرسوم الجمركية على سوق الألمنيوم
تعتبر كندا المورد الأول للألمنيوم إلى الولايات المتحدة، حيث تتمتع بميزة تنافسية بفضل مواردها الهائلة من الطاقة الكهرومائية التي تقلل تكاليف الإنتاج. وقد أدى هذا إلى توقف العديد من مصاهر الألمنيوم الأمريكية، التي كانت قد شهدت انتعاشًا مؤقتًا بعد رسوم ترامب السابقة.
أما الصين، التي تحتل المرتبة الثانية في توريد الألمنيوم إلى السوق الأمريكية، فقد واجهت بالفعل تعريفات جمركية عالية بسبب اتهامات بالإغراق والدعم الحكومي، إضافة إلى رسوم جديدة بنسبة 20% فرضها ترامب على الواردات الصينية كجزء من حملة أوسع ضد تهريب الفنتانيل.
تعكس هذه التحركات استمرار ترامب في تبني سياسات تجارية حمائية تهدف إلى تقليل العجز التجاري وتحفيز الإنتاج المحلي، لكنها في الوقت نفسه تهدد بإشعال حرب تجارية واسعة النطاق. ومع استمرار هذه السياسات، تبقى الأسواق والشركات والمستهلكون في حالة ترقب لتداعياتها على الاقتصاد الأمريكي والعالمي.