ألقى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خطابًا أمام جلسة مشتركة للكونجرس، في أول خطاب رئيسي له منذ عودته إلى البيت الأبيض، وسط أجواء سياسية مشحونة واضطرابات اقتصادية. في خطاب استمر 100 دقيقة، وهو الأطول من نوعه في تاريخ الولايات المتحدة، قدَّم ترامب رؤيته للمرحلة المقبلة، متطرقًا إلى قضايا الاقتصاد، والأمن القومي، والسياسة الخارجية، لكنه أثار انقسامات واضحة داخل القاعة، حيث قاطع عددٌ من الديمقراطيين خطابه، بينما خرج آخرون احتجاجًا.
تركيز محدود على السياسة الخارجية رغم التوترات المتصاعدة
على الرغم من تصاعد التوترات الدولية، جاء تركيز ترامب على السياسة الخارجية محدودًا، حيث تناولها في الدقائق الأخيرة من خطابه.
ورغم الجهود الدبلوماسية المحمومة التي تبذلها إدارته في أوروبا والشرق الأوسط لإنهاء الصراعات في أوكرانيا وغزة، لم يمنح ترامب هذه الملفات سوى اهتمام عابر، وفقًا لـ”رويترز”.
أكد ترامب أن الحرب في أوكرانيا “حرب استنزاف دموية يجب إيقافها”، لكنه لم يقدم تفاصيل واضحة حول كيفية تحقيق ذلك.
كما أعلن تلقّيه خطابًا من الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يؤكد استعداده لتوقيع اتفاق حول المعادن الحيوية بين البلدين، بعد أيام فقط من مواجهة حادة بينهما في المكتب البيضاوي.
على صعيد آخر، كشف ترامب عن احتجاز مُنفذ تفجير وقع خلال انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان عام 2021، مشيرًا إلى أن المعتقل هو محمد شريف الله، أحد القياديين في تنظيم “داعش” بأفغانستان وباكستان، دون تقديم مزيد من التفاصيل.
تصعيد اقتصادي وضرائب جديدة تثير المخاوف
في خطوة قد تزيد التوترات التجارية العالمية، أكد ترامب عزمه فرض تعريفات جمركية إضافية على المكسيك وكندا والصين اعتبارًا من 2 أبريل.
هذا الإعلان جاء في وقت شهدت فيه الأسواق المالية انخفاضات حادة بسبب قرارات ترامب الاقتصادية الأخيرة، حيث انخفض مؤشر ناسداك بأكثر من 9% منذ منتصف ديسمبر.
ورغم هذه التحديات، تعهّد ترامب بتنفيذ تخفيضات ضريبية ضخمة بقيمة 4.5 تريليون دولار، إضافة إلى تعزيز الأمن الحدودي وتمويل عمليات الترحيل الجماعي للمهاجرين غير الشرعيين.
إلا أن مراقبين يُحذرون من أن هذه الإجراءات قد تزيد العجز الفيدرالي، الذي بلغ بالفعل 36 تريليون دولار، وفقًا لتقديرات لجنة الميزانية الفيدرالية.
صدام مع الديمقراطيين داخل الكونغرس
لم يخلُ خطاب ترامب من التصعيد السياسي، حيث سَخِر مرارًا من الديمقراطيين، واصفًا إياهم بـ”المعارضة الضعيفة”. هذا النهج أدى إلى تصعيد داخل القاعة، حيث قام بعض النواب الديمقراطيين بمغادرة الجلسة، فيما تم طرد النائب آل غرين من تكساس، بعد اعتراضه على شرعية رئاسة ترامب، مما أثار توترًا كبيرًا بين أعضاء الكونجرس.
ولم يكن هذا الاحتجاج الوحيد، حيث ارتدت مجموعة من النائبات الديمقراطيات ملابس وردية اللون؛ في إشارة إلى رفض سياسات ترامب، تمامًا كما ارتدين اللون الأبيض خلال خطابه عام 2019، في ذكرى مرور 100 عام على حصول المرأة على حق التصويت.
مستقبل اقتصادي غامض وسط تضخم متزايد
على الرغم من وعود ترامب بخفض تكاليف المعيشة، فإنه لم يقدم خطة واضحة لمعالجة التضخم المتزايد، مكتفيًا بتحميل إدارة جو بايدن المسئولية عن ارتفاع أسعار السلع الأساسية مثل البيض، دون تقديم حلول ملموسة.
ومع استمرار التوترات التجارية وارتفاع الرسوم الجمركية، تشير استطلاعات الرأي الأخيرة إلى أن ثلث الأمريكيين فقط يؤيدون سياسات ترامب الاقتصادية، مما قد يشكل تحديًا كبيرًا له في الأشهر المقبلة.
ختام الخطاب: وعود بلا تفاصيل
ختم ترامب خطابه بتكرار شعارات حملته الانتخابية، مؤكدًا أن “أمريكا عادت”، ومتعهدًا بإعادة التوازن للميزانية، وإنهاء الحروب الخارجية، وتعزيز الأمن القومي، لكن دون توضيح كيف سيحقق هذه الأهداف.
وبينما لقي خطابه دعمًا كبيرًا من الجمهوريين، يبقى السؤال الأهم: هل ستنجح سياساته في تحسين الاقتصاد والاستقرار العالمي، أم ستؤدي إلى مزيد من الانقسامات والتحديات؟