لم تعد OpenAI اللاعب الوحيد المسيطر في سباق الذكاء الاصطناعي، إذ تواجه الشركة تحديات متزايدة من منافسين جدد يسعون لإزاحتها عن موقعها الريادي. في ظل تسارع الابتكارات وتطور قدرات النماذج المنافسة، يبدو أن الشركة التي كانت تُعتبر السبّاقة في هذا المجال لم تعد تحتكر التفوق التقني.
أطلقت OpenAI رسميًا نموذج GPT-4.5، وهو إصدار مطوّر تزعم الشركة أنه يتمتع بقدرات ذكاء عاطفي محسّنة وانخفاض في معدلات “الهلوسة” مقارنة بالإصدارات السابقة. يتوفر النموذج حاليًا لمستخدمي ChatGPT Pro مقابل 200 دولار شهريًا، إلا أن هذا الإصدار أثار جدلاً واسعًا حول ما إذا كانت OpenAI لا تزال قادرة على الحفاظ على ريادتها في المجال.
إطلاق GPT-4.5 جاء وسط منافسة شرسة من شركات مثل Anthropic، التي أطلقت نموذجها المتطور Claude 3.7 Sonnet، وDeepSeek الصينية، التي قدمت نموذج DeepSeek R1 بقدرات استدلال منطقية متقدمة. ويرى خبراء الصناعة أن هذه النماذج الجديدة قد تتفوق في بعض الجوانب على منتجات OpenAI، ما يجعل هيمنتها أقل ثباتًا مما كانت عليه في السابق.
ورغم التحسينات التي قدمها GPT-4.5، فإن تكلفة تشغيله مرتفعة للغاية، حيث تصل إلى 30 ضعفًا مقارنةً بـGPT-4o، مما أثار تساؤلات حول مدى كفاءته الاقتصادية. كما أن OpenAI بدت أكثر تحفظًا في ادعاءاتها، إذ صرح سام ألتمان، الرئيس التنفيذي للشركة، بأن GPT-4.5 ليس “نموذجًا رائدًا”، في خطوة تعكس إدراك الشركة للتحديات التي تواجهها.
وفقًا لتقارير Fortune، فإن النموذج الجديد تفوّق على GPT-4o في بعض الجوانب، لكنه لم يحقق تقدمًا ملموسًا في مجالات الاستدلال المنطقي، الترميز، وحل المشكلات متعددة اللغات. في المقابل، تعتمد Anthropic نهجًا أكثر تطورًا في الاستدلال، حيث يستطيع Claude 3.7 Sonnet تحديد ما إذا كان يجب عليه توليد إجابة فورية أو الدخول في عملية تفكير معقدة لصقل إجاباته، مما يمنحه مرونةً أكبر في التعامل مع أنواع مختلفة من الاستعلامات.
على وسائل التواصل الاجتماعي، جاءت ردود الفعل على GPT-4.5 فاترة، حيث وصف خبير الذكاء الاصطناعي غاري ماركوس النموذج الجديد بأنه ” لا شيء”، في إشارة إلى عدم تحقيقه قفزة نوعية تبرر الضجة الإعلامية حوله.
يُعرف نموذج GPT-4.5 داخليًا باسم “Orion”، وهو آخر إصدارات OpenAI التي تعتمد على نهج التدريب المسبق واسع النطاق. إلا أن الشركة تخطط الآن للانتقال إلى نماذج التفكير المعزز، التي تعتمد على التعلم التعزيزي لتعزيز القدرات المنطقية.
في المقابل، تستثمر جوجل وAnthropic بكثافة في نماذج ذكاء اصطناعي يمكنها تعديل مواردها الحسابية ديناميكيًا وفقًا لتعقيد المهمة، وهو النهج الذي قد يمنحها ميزة تنافسية كبيرة. كما أن شركات صينية مثل DeepSeek بدأت في تطوير نماذج تعتمد بشكل أكبر على التفكير المنطقي، مما يزيد من الضغط على OpenAI لمواكبة هذا التغيير.
في ظل هذا المشهد المتغير، تواجه OpenAI تحديًا حقيقيًا للحفاظ على موقعها الريادي. وأكد سام ألتمان أن الشركة ستعلن عن GPT-5 خلال الأشهر المقبلة، واعدًا بتقديم نموذج أكثر تطورًا يجمع بين القدرات التعبيرية لنماذج GPT الحالية والمنطق الاستدلالي العميق للنماذج القائمة على التفكير.
ومع ذلك، لم يعد المجال حكراً على OpenAI، إذ إن شركات مثل Anthropic وDeepSeek وميتا وجوجل تعمل بقوة على تطوير نماذجها الخاصة، مما يعني أن مستقبل الذكاء الاصطناعي سيكون أكثر تنافسية وأقل احتكارًا من أي وقت مضى.
لقد انتهى عصر الهيمنة المطلقة لـOpenAI، ومع تزايد المنافسة والابتكارات الجديدة، لم يعد بإمكان أي شركة ادعاء التفوق الحاسم في مجال الذكاء الاصطناعي. مع اقتراب إطلاق GPT-5، سيحدد السوق ما إذا كانت OpenAI قادرة على استعادة زخمها، أو ما إذا كانت ستصبح واحدة فقط من بين العديد من اللاعبين في هذا المجال سريع التطور.