شهدت الأسواق المالية العالمية اضطرابات حادة مع افتتاح تداولات الأسبوع، حيث سجلت الأسهم الأمريكية أدنى مستوياتها منذ تولي دونالد ترامب منصبه، وذلك عقب قراره بفرض رسوم جمركية على كل من كندا والمكسيك والصين.
جاءت هذه الخطوة في إطار توجهات ترامب الحمائية، وسط تهديداته بتوسيع نطاق الرسوم الجمركية لتشمل الاتحاد الأوروبي، مما دفع الأسواق الأوروبية والآسيوية إلى تسجيل خسائر كبيرة، في ظل مخاوف متزايدة من اندلاع حرب تجارية واسعة النطاق، وفقا لوكالة رويترز.
وافتتح مؤشر S&P 500 على تراجع بنسبة 1.7%، متأثرًا بالخسائر الحادة التي شهدتها البورصات الآسيوية والأوروبية في الجلسات السابقة.
وصرح ترامب أن هذه الرسوم، التي تدخل حيز التنفيذ غدًا الثلاثاء، قد تؤدي إلى “آلام اقتصادية قصيرة الأجل” للأمريكيين، لكنه أصر على أنها ضرورية لحماية الاقتصاد الأمريكي، متهماً دول العالم بـ”استغلال الولايات المتحدة تجاريًا لعقود طويلة”.
وفي ظل تصاعد الأزمة، ألمح ترامب إلى أن الاتحاد الأوروبي قد يكون الهدف التالي للرسوم الجمركية، مشيرًا إلى أن الدول الأوروبية تفرض قيودًا على المنتجات الأمريكية بينما تتمتع بصادرات غير مقيدة إلى السوق الأمريكية.
وقوبلت هذه التهديدات بردود فعل قوية من زعماء الاتحاد الأوروبي، حيث أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن أوروبا سترد بحزم إذا تعرضت مصالحها التجارية للخطر، فيما شدد المستشار الألماني أولاف شولتز على ضرورة التوصل إلى تسوية تجارية بدلاً من التصعيد.
وعلى صعيد آخر، سجلت الأسواق المالية تراجعًا حادًا استجابةً لمخاوف الركود الاقتصادي المحتمل. فقد انخفضت مؤشرات نيكي الياباني بنسبة تقارب 3%، بينما تراجع مؤشر ASX الأسترالي بنسبة 1.8%، وهو ما يعكس حساسية الأسواق تجاه التطورات في العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين.
وفي أوروبا، سجل مؤشر DAX الألماني انخفاضًا بنسبة 1.8%، بينما تراجع كل من CAC الفرنسي وFTSE البريطاني بنسب مماثلة. كما تعرضت العملات المرتبطة بالتجارة الأمريكية، مثل الدولار الكندي والبيزو المكسيكي، لضغوط بيعية حادة أمام الدولار الأمريكي، الذي ارتفع مدعوماً بتدفقات الملاذ الآمن.
من جهتها، أعلنت كندا والمكسيك عن فرض رسوم جمركية انتقامية، فيما أكدت الحكومة المكسيكية أنها ستكشف عن تفاصيل الإجراءات المضادة خلال الأيام المقبلة.
أما الصين، فقد أعربت عن رفضها للرسوم الأمريكية، مهددة باللجوء إلى منظمة التجارة العالمية واتخاذ تدابير مضادة لحماية مصالحها التجارية، لكنها في الوقت نفسه لم تغلق الباب أمام الحوار.
في قطاع الصناعات، كانت شركات السيارات الأكثر تأثرًا بالقرارات الأمريكية، حيث تراجعت أسهم فورد وجنرال موتورز بنسب تراوحت بين 4% و5%، فيما خسرت أسهم عمالقة السيارات الأوروبيين، مثل فولكسفاغن وبي إم دبليو وبورشه، نحو 5-6% في تعاملات الاثنين.
وقدرت تقارير استثمارية أن تأثير الرسوم الجمركية قد يمتد ليشمل نحو 8 مليارات يورو من إيرادات فولكسفاغن، فيما قد تواجه ستيلانتيس تأثيرًا بقيمة 16 مليار يورو نتيجة للقيود التجارية الجديدة.
وفي ظل هذه التطورات، لا تزال المخاوف قائمة من دخول الاقتصاد العالمي في حالة ركود تضخمي، مع ارتفاع التكاليف وضعف النمو وزيادة معدلات البطالة، وهو سيناريو قد يعيد تشكيل المشهد الاقتصادي العالمي في الأشهر المقبلة.