حظر ترامب للدولار الرقمي يمنح الصين وأوروبا السيطرة على مستقبل العملات الرقمية

قرار ترامب يحمل تأثيرًا عالميًا، إذ يشير بوضوح إلى أن أوروبا تمتلك الآن المجال لوضع معايير الخصوصية والأمن السيبراني من خلال تطوير "اليورو الرقمي"

حظر ترامب للدولار الرقمي يمنح الصين وأوروبا السيطرة على مستقبل العملات الرقمية
عبد الحميد الطحاوي

عبد الحميد الطحاوي

6:20 م, الثلاثاء, 28 يناير 25

في خطوة مفاجئة، أصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمرًا تنفيذيًا بحظر “الدولار الرقمي”، مما ترك الساحة مفتوحة أمام الصين وأوروبا لتعزيز تقدم نماذج العملات الرقمية المركزية الخاصة بهما وتحويلها إلى معايير عالمية. ورغم أن الولايات المتحدة تُعد أكبر احتياطي نقدي عالمي، فإن قرارها بأن تصبح الدولة الوحيدة التي تفرض حظرًا رئاسيًا على هذا الأصل الرقمي يمثل إشارة واضحة على ترددها في الانخراط بسباق التكنولوجيا المالية، وفقا لرويترز.

حتى الأسبوع الماضي، كانت الولايات المتحدة واحدة من أكثر من 130 دولة تمثل 98% من الاقتصاد العالمي، تسعى لاستكشاف العملات الرقمية المركزية بهدف مواكبة التحولات التكنولوجية المتسارعة. يرى المؤيدون لهذه العملات أنها تتيح إمكانية إجراء المدفوعات عبر العملات بشكل فوري وعلى مدار الساعة، مما يُعتبر بديلًا طبيعيًا للنقد التقليدي الذي يبدو أنه في طريقه إلى الزوال. بالمقابل، يعارض البعض هذا الاتجاه، معتبرين أن الأنظمة الحالية قادرة على تحقيق هذه الأهداف دون الحاجة إلى عملات رقمية، في حين تركز الاحتجاجات العالمية على مخاوف من تحول هذه العملات إلى أداة للتجسس الحكومي، وهي اتهامات ينفيها البنك المركزي الأمريكي.

قرار ترامب يحمل تأثيرًا عالميًا، إذ يشير بوضوح إلى أن أوروبا تمتلك الآن المجال لوضع معايير الخصوصية والأمن السيبراني من خلال تطوير “اليورو الرقمي”. ومع غياب الولايات المتحدة عن هذا المجال، تصبح العملات الرقمية المدعومة بالدولار، مثل “العملات المستقرة”، البديل الرقمي الوحيد للدولار في المستقبل القريب. من ناحية أخرى، يعزز هذا القرار مكانة الصين، التي تسعى إلى تقديم نفسها للدول الأخرى كمزود رئيسي لهذه التكنولوجيا.

الخطوة التي اتخذها ترامب تأتي في وقت تشهد فيه العملات الرقمية المركزية انقسامًا جيوسياسيًا متزايدًا. ففي أكتوبر الماضي، انسحب بنك التسويات الدولية، الذي يشرف على تطوير هذه العملات عالميًا، بشكل مفاجئ من مشروع “mBridge”، الذي كان يطوره بالتعاون مع الصين وهونغ كونغ وعدد من الاقتصادات النامية. واستندت إدارة ترامب في حظر الدولار الرقمي إلى مخاوف تتعلق بالخصوصية والتهديدات المحتملة للسيادة والاستقرار المالي الأمريكي.

هذا القرار قد يؤدي إلى تفاقم جهود “إلغاء الدولرة”، وهو مصطلح يشير إلى تخلي الدول عن الاعتماد على الدولار كعملة احتياطية رئيسية. ورغم ذلك، يعتقد الخبراء أن الحظر الأمريكي لن يعيق الدول الأخرى عن المضي قدمًا في تطوير خططها. لكن هذه الخطوة ستثير تساؤلات حول كيفية تفاعل العملات الرقمية المركزية مع بعضها في المستقبل.

وفي ظل غياب دور الولايات المتحدة في هذا المجال، تعتمد مشاريع مثل “Agora” التابعة لبنك التسويات الدولية، والتي تقودها بنوك مركزية غربية من مجموعة السبع، على بدائل مثل “العملات المستقرة” لتعويض غياب الدولار الرقمي. ومع ذلك، يعتقد الخبراء أن هذا التحول قد يتطلب تغييرًا جذريًا في استراتيجيات هذه المشاريع.