في لحظة تختزل المأساة، يظهر في إحدى الصور شخصان يتعانقان بشدة، يلتفان حول بعضهما البعض في محاولة لمواساة أنفسهما، بينما تشتعل النيران خلفهما في منزلين متجاورين. وفي صورة أخرى، يقف العلم الأمريكي المتسخ لكنه لا يزال يرفرف على سارية وسط أكوام من الأنقاض
شهدت مدينة لوس أنجلوس حرائق هائلة يوم الثلاثاء الماضي، هي الأعنف في تاريخها، اشتعلت بفعل الرياح العاتية المعروفة بـ”سانتا آنا”. تواجد مصورو وكالة “رويترز” ومصور فيديوهاتها في قلب الحدث، لالتقاط صور ومقاطع فيديو تعكس حجم الكارثة، واصفين إياها بأنها لا تشبه أي شيء شهدوه من قبل، وفقا لتقرير نشرته وكالة رويترز.
المصور المخضرم مايك بليك، الذي عاش في كاليفورنيا على مدى 24 عاماً، قال: “هذا أسوأ ما رأيته على الإطلاق. الرياح قوية لدرجة أنك لا تستطيع الوقوف، ولم تهطل علينا أي أمطار.” بليك وزملاؤه التقطوا صوراً للطريق السريع “باسيفيك كوست هايواي” الممتد إلى ماليبو، حيث تقف منازل الشاطئ الفاخرة التي تقدر بملايين الدولارات، ولكن مع غروب شمس الأربعاء، كان أغلب تلك المنازل قد اختفى تماماً. بعض اللهب لا يزال يلتهم ما تبقى من الهياكل، متوهجاً بلون برتقالي يماثل لون غروب الشمس فوق المحيط الهادئ.
المأساة تتخطى الأحياء الثرية
لم تقتصر الكارثة على الأحياء الراقية. ففي منطقة “باليزيدس”، التقط المصور رينغو شيو صورة لمنزل صغير متواضع وقد غمرته النيران بالكامل، حيث تطايرت الشرر إلى السماء المظلمة. في ذات الحي، تحدث المصور جونيور غارسيا إلى رجل يدعى كيرتس، عاد يوم الأربعاء ليجد أن منزله المتنقل لم يبق منه شيء.
علق غارسيا على المشهد قائلاً: “ما شعرت به كان عاطفة خاماً تماماً. الرجل كان عاجزاً تماماً.” لكنه أضاف أنه شهد لحظات تضامن، حيث اجتمع الناس من خلفيات مختلفة لمساعدة بعضهم البعض.
وصف المصور ديف سوانسون كيف بدت النار وكأنها تتبع مسارات عشوائية قائلاً: “تشتعل النيران في منزل، بينما المنزل المجاور يبقى سليماً. لا منطق واضح في ما يحدث.”
التقط سوانسون صورة لرجل ينزل العلم الأمريكي من فناء منزل قريبه في منطقة “ألتادينا”، ويطويه بعناية، بينما يشتعل المنزل خلفه بلون برتقالي جهنمي، والدخان يتصاعد نحو السماء.
بقايا الرماد تحكي الحكايات
مع انحسار النيران، بقيت أجزاء من المنازل شاهدة على المأساة. ففي بعض المواقع، لم يتبق سوى المدفأة والمدخنة، بينما تصدرت سلالم معلقة في الهواء مشهد الدمار. “التقطت صورة لدرج محترق يعلق في منتصف الهواء على ما تبقى من أساسات منزل”، قال المصور دانييل كول. “حتى المنازل التي كانت على الجانب الساحلي من الطريق لم تسلم من النيران.”
كانت الصور الأخيرة على الطريق السريع “باسيفيك كوست” مليئة بالمفارقات. فقد كان هذا المكان وجهة مفضلة للسكان والزوار للاستمتاع بنسيم البحر، لكنه اليوم يحمل ذكرى أليمة تغير تلك الصورة الجميلة إلى الأبد.
“الذكريات المرتبطة بهذا المكان لن تكون كما كانت”، علق غارسيا، متأملاً حجم الخسارة التي ستظل محفورة في ذاكرة الجميع.