بفرح تستقبل السيدة المصرية، (ص.ع) ظهور اسمها على منصة الاستعلام عن المستحقين لأحد أبرز برامج الحماية الاجتماعية بمصر بعد انتظار دام عدة أشهر، ورغم أن المبلغ الشهري لا يتجاوز 700 جنيه مصري (14 دولارا) تقول السيدة بنبرة يغمرها الارتياح «حلوين.. يسندوا».
الأمل الذي تمسكت بأهدابه تلك السيدة في العقد السابع من عمرها بالانضمام إلى برنامج «تكافل وكرامة» بمصر، يتكرر مع ملايين الفقراء والفئات الأكثر احتياجا في ظل ارتفاع الأسعار والأزمات الاقتصادية الخانقة والنزاعات المسلحة في عدة دول عربية، من بينها الأردن والعراق ولبنان وفلسطين.
وبحسب أحاديث منفصلة أجرتها «المال»، مع مسؤولين بتلك الدول، فإن برامج الحماية الاجتماعية لها «أهمية كبيرة» في دعم ملايين لاسيما من الفئات الأكثر احتياجا بمليارات من العملة المحلية سنويا، بينما تعتبرها مسؤولة بارزة بالبنك الدولي أحد أبرز الداعمين لبرامج الحماية «شريان حياة يجب أن يكون أكثر قوة وشمولاً للجميع؛ نظرا لاستمرار معاناة شعوب بلدان المنطقة من أزمات متعددة ومتداخلة».
وفي حديثين منفصلين لـ«المال»، يعتقد خبير اقتصادي عربي معني، أن تلك البرامج «حد أدنى من النجاة من مخاطر المنطقة»، ورغم تمسك خبيرة عربية بالعمل الاجتماعي لعقود، بأهمية بناء اقتصاديات عربية قوية تقلل نسب الفقر وتزيد معدلات النمو للاستغناء عن تلك البرامج، إلا أنها لا ترى فرصة وشيكة لذلك وتقر حتمية استمراريتها لعدم وجود «بديل عنها» بالمستقبل القريب.
«شريان حياة»
«أنظمة الحماية الاجتماعية تعد شريان حياة للفئات الأشد فقراً والأكثر احتياجاً، وتساعد على حماية الناس من الصدمات بالحاضر، وبناء القدرة على الصمود، وتعزيز رأس المال البشري في المستقبل»، وفق ما ترى المديرة الإقليمية للتنمية البشرية بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالبنك الدولي، الدكتورة فادية سعادة، في حديث لـ«المال».
البنك الدولي لـ«المال»: 4.8 مليارات دولار لنحو 46 مليون مستفيد منها في 9 بلدان
ووفق سعادة، «لدى البنك الدولي حالياً محفظة برامج حماية اجتماعية نشطة في 9 بلدان؛ بما في ذلك مصر والمغرب والعراق واليمن وتونس والأردن ولبنان والضفة الغربية وغزة وجيبوتي، ويبلغ مجموعها نحو 4.8 مليارات دولار، ويستفيد منها نحو 46 مليون شخص»، لافتة إلى «تقديم البنك خدمات عديدة لتلك البلدان وغيرها بينها المشورة الفنية لدعم الشمول الاقتصادي للفئات الفقيرة والأكثر احتياجاً، وإنشاء نظم تقديم الخدمات».
وتحمل برامج الحماية الاجتماعية «أهمية في ظل المخاطر الحالية» التي تحيط بتلك الدول الخمس التي تعاني من تأثيرات الحروب والتغيرات الجيو سياسية الموجودة بالمنطقة، وتجتمع في أزمات اقتصادية ونسب فقر وتضخم ترتفع، بينما تختص مصر بخلاف هذه التداعيات بفقد قناة السويس أحد أبرز مصادر العملة الصعبة لديها نحو 6 مليارات دولار خلال هذا العام»، وفق حديث الدكتور خالد الشافعي، رئيس مركز العاصمة للدراسات والأبحاث الاقتصادية بمصر، (غير حكومي)، لـ«المال».
ويعتقد أن «برامج الحماية الاجتماعية حد أدنى من النجاة من المخاطر التي تعيشها تلك الدول وبحاجة لمزيد من مليارات الدعم من المؤسسات الدولية بشكل غير مسبوق يتناسب مع حجم الأزمات الكبيرة».
مسؤولون عرب يؤكدون لـ«المال» أهمية برامج الحماية الاجتماعية
أولا: الواقع
وتستهدف برامج الحماية الموجودة في مصر والأردن والعراق ولبنان وفلسطين، الفئات الأكثر احتياجا، وفق رصد وتصريحات مسؤولين بتلك الدول لـ«المال».
1 – مصر
بين عدد سكان مصر يتجاوز 107 ملايين، ونسب فقر بين %29.7 في العام المالى 2019 – 202 و%32.5 وفق تقرير للبنك الدولي في مايو 2024، يعمل برنامج «تكافل وكرامة» للحماية الاجتماعية في مصر، الذي يدعمه البنك الدولي منذ مارس 2015، مستهدفا أسرا لديها أطفال في مراحل تعليمية، وكبار السن الذين تجاوزوا 65 عامًا، والأشخاص الذين ليس لديهم مصدر دخل ثابت، وأصحاب الهمم، وستكون فئات ذلك البرنامج ضمن تشريع متحمل يتجه البرلمان المصري لإقراره تحت اسم قانون الضمان الاجتماعي.
ويرى مساعد وزيرة التضامن الاجتماعي للإعلام والمتحدث باسم الوزارة، الدكتور محمد العقبي، في حديث لـ«المال»، أن «الدولة المصرية أولت اهتمامًا واسعا ببرامج الحماية الاجتماعية، وعلى رأسها برنامج تكافل وكرامة والذي تم فيه التركيز على تعزيز كفاءة الاستهداف لضمان توجيه الدعم لمستحقيه وصولا للفئات المهمشة والاستثمار في رأس المال البشري وتحفيز الأسر المستفيدة على الانتظام في الحصول على خدمات الصحة والتعليم لأبنائهم، بالإضافة إلى الميكنة الكاملة لمنظومة تسجيل وتقييم الأسر انتهاء بصرف الدعم النقدي بأعلى معدلات الحوكمة الممكنة التي شملت كل ما لزم من عمليات التلقي والرد على شكاوى المواطنين».
وفي هذا الإطار، قامت الوزارة المصرية، بـ«بتقديم الدعم النقدي لعدد 4.6 مليون أسرة مصرية بإجمالي 17 مليون فرد بتمويل من الموازنة العامة للدولة يصل إلى 41 مليار جنيه مصري في العام المالي 2024-2025، بالمقارنة بعدد 1.7 مليون أسرة مستفيدة فقط في عام 2014 بموازنة 3.4 مليار جنيه مصري للعام المالي 2014 – 2015»، يضيف العقبي.
ويستطرد العقبي، قائلا: «كان من أهم أولويات برنامج تكافل وكرامة بناء الشراكات وربط قواعد البيانات مع أجهزة الدولة ذات الصلة لتقديم أكبر قدر من الدعم للأسر والأفراد الأفقر والأكثر احتياجا مثل الدعم التمويني والإعفاء من المصروفات التعليمية وخدمات التأمين الصحي وغيرها عبر مبادرات منها حياة كريمة (انطلقت عام 2019)، وإيد واحدة (التي أطلقت في يوليو 2024، لخدمة 1.5 مليون من الأسر الأكثر احتياجًا)، ومبادرة بداية جديدة (أطلقت في سبتمبر 2024 لتحسين جودة الحياة)».
وراعت وزارة التضامن الاجتماعي المصرية، وفق الدكتور محمد العقبي، «عدم تضارب سياسات الحماية في هذا الإطار وضمان عدم استبعاد الأسر المستفيدة من برنامج تكافل وكرامة حال اشتراكها واستفادته من أي من برامج التمكين الاقتصادي التي تقدمها الوزارة أو أي من أجهزة الدولة ذات الصلة لضمان تخارجها من تلقي الدعم النقدي إلى الإنتاج والاستقلال المادي، عبر أنشطة كان منها مشروعات الأصول الإنتاجية وبرامج التشغيل والتوظيف والإدخار والإقراض الصغير ومتناهي الصغر وغيرها».
2 – الأردن
من الأردن، التي تسجل 11 مليونا و630 ألف نسمة، ونسبة فقر رسمية تصل إلى %24، يقول ناجح الصوالحة، مدير الإعلام في صندوق المعونة الوطنية، لـ«المال» إن برامج الحماية الاجتماعية، تختص بتقديم المعونة الشهرية والدعم النقدي الموحد والدعم النقدي والمعونات الطارئة والتأهيل الجسماني والمعونات الإضافية ومعونات الشتاء.
وكشف أن الصندوق بمساعدة الشركاء الدوليين استطاع تقديم المساعدات إلى 235 ألف أسرة التي تقارب حوالي 1.4 مليون فرد بنهاية الربع الثالث من 2024، عبر موازنة للصندوق تبلغ هذا العام 265 مليون دينار (373.6 مليون دولار).
وأكد الصوالحة، أن «الأردن له عطاء ريادي عبر 38 عاما واهتمام ملكي مستمر وكبير بدعم سياسات برامج الحماية الاجتماعية للأسر الفقيرة وأن تكون أولوية في برنامج الحكومة على أن ترفق بمشاريع للتمكين الاقتصادي وزيادة كفاءة وتوسيع نطاق الحماية للحالات المحتاجة مع تطبيق أفضل الأنظمة وفق التوجيهات الملكية».
ووفق الصوالحة، وسع برنامج الدعم النقدي الموحد نطاق الحماية الاجتماعية من خلال شـمول شريحة من الفقراء العاملين وفقا لمعادلة رقمية متعددة الإبعاد، تمثل أفضل الممارسات العالمية لتحديد الفئات الأشد فقرا إلى الأقل وبما يمكن الزوجة والأرملة من تقديم الطلب واستلام المخصصات، وتقديم الشكاوى.
3 – العراق
بينما يبلغ عدد المشمولين ضمن الحماية الاجتماعية في العراق 7 ملايين و600 ألف شخص ويتم صرف 470 مليارً شهريا لتمويل رواتب الحماية الاجتماعية، وفق حديث رئيس هيئة الحماية الاجتماعية العراقية أحمد خلف لوكالة الأنباء العراقية الرسمية في أغسطس 2024، لافتا إلى أن عدد المستفيدين من ذوي الإعاقة هو 410 آلاف مستفيد وعدد المستفيدين من راتب المعين المتفرغ هو 366 ألفا وعدد المشمولين بمظلة الحماية الاجتماعية منذ تشكيل الحكومة (في أكتوبر 2022) وحتى الآن بلغ 961 ألف أسرة.
ويستهدف برنامج الحماية الاجتماعية في العراق «الفئات الهشة من الأرامل والمطلقات والعاجزين بدنياً آخذين بالاعتبار شمول الفرد الفقير وأسرته»، وفق حديث مستشار رئيس الوزراء العراقي للسياسة المالية، الدكتور مظهر محمد صالح، لـ«المال»، مشيرا إلى أن معدلات الفقر بين عدد سكان يتجاوز 45 مليون نسمة لا تتجاوز %17 حاليا.
ووفق صالح، «تتمتع الأسر الفقيرة لغاية 4 أشخاص بمخصص دخل يضعهم على خط الفقر الذي يعني توفير 3 دولارات للفرد في اليوم الواحد تدفع بشكل مساعدة نقدية شهرية يضاف لهم التعليم والصحة المجانية وسلة غذائية مضاعفة في الكمية».
كما يوفر برنامج الحماية الاجتماعية في العراق، «تدريبا فعالا للعاطلين عن العمل ممن هم في سن العمل على مختلف المهن والمهارات في مراكز تدريب متخصصة مع مساعدات شهرية طوال مدة التدريب، فضلاً عن تمكينهم من الحصول على قروض مصرفية ميسرة جدا لبدء الأعمال لديهم وهو أمر أدى إلى انخفاض البطالة من 16.5 % إلى %14.4 خلال العام الحالي». بحسب المسؤول العراقي
ويضيف مستشار رئيس الوزراء العراقي للسياسة المالية: «فوق هذا وذاك، فإن هناك تشريعا أكثر حوكمة للضمان الاجتماعي جرى إعداده بالتعاون مع هيئات الأمم المتحدة لشمول العاملين في القطاع الخاص بصندوق التقاعد».
4 – لبنان
وفي مايو 2024، كشفت دراسة للبنك الدولي، عن ارتفاع معدل الفقر في لبنان أكثر من 3 أضعاف من %12 في 2012 إلى %44 في 2022، بينما قال وزير المهجرين اللبناني، عصام شرف الدين في تصريحات متلفزة أكتوبر الماضي أن عدد سكان لبنان 4.5 ملايين، بينهم 1.5 مليون نزحوا بسبب الحرب
ورغم تحديات عديدة أبرزها الحرب «لم يتخلف لبنان عن تعزيز برامج الحماية الاجتماعية لمواطني بلاده»، وفق تأكيد مصدر مسؤول في وزارة الشؤون الإجتماعية اللبنانية تحدث لـ«المال» ، موضحا أن هناك برنامجين تعمل عليهما الوزارة الأول: برنامج أمان ويستهدف الأسر اللبنانية الأكثر فقراً، والثاني: برنامج البدل النقدي للأشخاص ذوي الإعاقة.
وأضاف المصدر ذاته: «خلال فترة الحرب وقبل إبرام الهدنة لم تتضرر برامج الحماية الاجتماعية بالوزارة بل تم تقديم المساعدات بشكل فعال وشفاف وأسرع للفئات الأكثر احتياجا، أو المتضررة، بخلاف مساعدات طارئة (للنازحين) عبر هذه البرامج».
وشهدت الوزارة تقديم مساعدات مالية في شهر نوفمبر2024، بلغت 24 مليونا و981 ألفا و570 دولارا، شملت تقديم 18 مليونا و872 ألفا و860 دولارا لعدد 166 ألفا و772 أسرة لبنانية ضمن برنامج أمان، و12 ألفا و649 مستفيدا ببرنامج بدل ذوي الإعاقة، بخلاف 5 ملايين و568 ألفا و230 دولار تم تقديمهم إلى 56 ألفا و410 أسرة لبنانية كمساعدات طارئة للنازحين اللبنانين، يضيف المصدر المسؤول، كاشفا أن ما تم تقديمه على مدار عام 2023 من مساعدات، بلغ 76 مليون و334 ألفا و714 دولارا.
وتستمر الوزارة، وفق المصدر المسؤول على تطوير برامج الحماية الاجتماعية، لتطول كل الشرائح التي تحتاج دعما اجتماعيا بالبلاد، لافتة إلى أنها لديها هدف في برنامج دعم ذوي الإعاقة أن تكون المساعدات شاملة وتضم كل الأعمار.
ورغم أن ذلك المستهدف يعتمد على زيادة التمويل الدولي الذي يأتي لبرامج الوزارة، إلا أنها استطاعت ولأول مرة أن تأمن من ميزانيتها الرسمية الحالية بهذا العام، 450 مليار ليرة لبنانيّة (ما يعادل 5 ملايين دولار تقريباً) تمويلا لبرنامج ذوي الإعاقة موفرا تحويلاً نقدياً لمرة واحدة، بقيمة ما يعادل 100 دولار لكل الأشخاص ذوي الإعاقة الذين يحملون بطاقة إعاقة شخصيّة غير منتهية الصلاحيّة، «ما يترجم التزام الدولة اللبنانية بتأمين الحماية الاجتماعية لمواطنيها»، ضمن تطبيق الاستراتيجية الوطنية للحماية الوطني التي أطلقت بداية 2024»، يوضح المصدر المسؤول بوزارة الشؤون الاجتماعية اللبنانية لـ«المال».
ويعتقد المصدر ذاته، أنه «من المهم أن يستمر البنك الدولي والمؤسسات الدولية في مسار دعم برامج الحماية الاجتماعية في لبنان، لضمان استمراريتها ودعم كل الشرائح والتوسع فيها وتطويرها بشكل يتناسب مع الواقع».
برامج تدعم 17 مليونا في مصر و1.4 مليون بالأردن 7.6 مليون في العراق وأكثر من 220 ألف أسرة بلبنان
5 – فلسطين
من المتوقع أن يرتفع معدل الفقر في فلسطين إلى 74.3 %في عام 2024، ليشمل 4.1 مليون من المواطنين، بمن فيهم 2.61 مليون شخص جديد ينضمون إلى مصاف الفقراء، وفق تقييم جديد أطلقه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والإسكوا، في أواخر أكتوبر 2024، بينما يسجل عدد سكان دولة فلسطين رسميا 5.6 مليون منهم 1.8 مليون في أراضي 1948.
لم تتوقف في فلسطين رغم الحرب
وإزاء عام الحرب وإحصائيات الفقر، قالت وزيرة التنمية الاجتماعية الفلسطينية الدكتورة سماح حمد، في حديث لـ«المال»، إن الوزارة تقدم 18 خدمة في مجال الحماية الاجتماعية متمثلة بالمساعدات النقدية الدورية والطارئة والخدمات الاجتماعية للفئات الفقيرة والمهمشة بشكل مباشر في مؤسسات تابعة لها ومن خلال طواقمها، أو من خلال شراكة مع ما يزيد عن 42 مؤسسة من القطاع الأهلي والخاص وبالتنسيق والتعاون مع البنك الدولي والاتحاد الأوروبي، الأونروا (UNRWA)، برنامج الأغذية العالمي (WFP)، ومنظمة أوكسفام ، اليونيسيف، منظمة العمل الدولية وغيرهم، عبر اعتماد آلية الدفع الإلكتروني عبر المحافظ الإلكترونية ، في ظل التطور التقني وتحديات يعيشها المجتمع الفلسطيني خاصة في غزة لعدم توفر السيولة النقدية.
وفي 2024، قامت وزارة التنمية الاجتماعية، وفق المسؤولة الفلسطينية، بصرف مخصصات نقدية للأسر الفقيرة لحوالي 30 ألف أسرة فقيرة (150 ألف فرد) في الضفة الغربية خلال 2024، بمبلغ إجمالي 72 مليون شيكل (ما يعادل 19.5 مليون دولار)، وتنفيذ برنامج WFP لحوالي 36154 أسرة (148565 فردا) بقيمة 50 شيكل لكل فرد.
وبالتنسيق مع الشركاء والمؤسسات الدولية، واصلت الوزارة جهودها الإغاثية في غزة وقدمت طرودا غذائية لأكثر من 100 ألف أسرة بشكل شهري، مع تحويل حوالي 233 مليون شيكل كمساعدات نقدية لما يقارب 210 آلاف من الأسر المتضررة من الحرب بالقطاع، وفق تأكيد المسؤولة الفلسطيني الدكتورة سماح حمد، لافتة إلى وصول عدد الأسر المحرومة و المهمشة بالقطاع إلى 350 ألف أسرة بما يعادل 1.8 مليون فرد بينهم أكثر من مليون يعانون أزمة الجوع، وما لا يقل عن 557 ألف امرأة تواجهن انعداما في الأمن الغذائي، وأكثر من 507 ألف شخص فقدوا أعمالهم.
وأكدت الوزيرة الفلسطينية، الحاجة إلى تعزيز الدعم الدولي وزيادة التمويل لبرامج الحماية الاجتماعية وتوسيع الاستجابة الإنسانية في غزة ودعم جهود إعادة الإعمار وضمان وصول المساعدات الإنسانية دون قيود، وإنشاء صندوق طوارئ: يهدف الى تقديم الدعم السريع خلال الأزمات المفاجئة مثل الحروب والكوارث الطبيعية، كاشفة عن إطلاق مبادرة خلال عامي 2025، و2026، لتوسيع السجل الاجتماعي ورقمنته %100 بإدراج الفئات الضعيفة والمهمشة عليه وتوسيعه ليشكل ما لا يقل عن 500 ألف فرد وعائلة (من 87 ألف حاليا قبل الحرب بغزة).
ثانيا: المستقبل
ومنحازة لاستمرارية تلك البرامج، قالت المسؤولة الدولية، الدكتورة فادية سعادة، عن مستقبل الحماية الاجتماعية، في حديث لـ«المال»: «نظراً لاستمرار معاناة شعوب بلدان المنطقة من أزمات متعددة ومتداخلة، سيكون من الضروري توفير أنظمة الحماية الاجتماعية أكثر قوة وشمولاً للجميع».
وعن سبل الارتقاء بنظم الحماية الاجتماعية، ترى سعادة أنها «تدور حول 5 عناصر تترابط فيما بينها؛ وهي القدرة على التكيف، والتكامل، والمساواة والإنصاف، والترقية الاجتماعي والاستدامة»، موضحة أنه «يجب أن تكون الحماية الاجتماعية أكثر قدرة على التكيف من أجل توقع مختلف أشكال الصدمات والمخاطر والاستجابة لها بشكل أفضل».
وشددت على «ضمان حصول المستفيدين من التحويلات النقدية على التأمين الصحي أيضاً، ووصول البرامج إلى جميع المحتاجين إليها لتعزيز المساواة والإنصاف، وإنشاء مسارات جديدة للخروج من براثن الفقر من خلال الشمول الاقتصادي والموازنة بين الاعتبارات المتعلقة باستدامة المالية العامة، وتلك المتعلقة بالحفاظ على النسيج الاجتماعي».
لا بديل حاليا
الأمين العام السابق للاتحاد النسائي العربي، العاملة بحقل العمل الاجتماعي لعقود، الدكتورة هدى بدران، قالت قالت لـ«المال» إن هناك مدرستين، اقتصاديتين الأولى معنية بدعم تحديات النمو بمنح الفقراء حماية، والثانية تعمل ألا تصل لتلك الفجوة التي تؤدي لهذه الحماية.
وتتساءل الدكتورة بدران الحاصلة على دكتوراه في الرعاية والعلوم الاجتماعية: «هل الحصول على حماية أدى لتراجع مستوى الفقر ومجابهة الأسعار التي ترتفع؟»، قبل أن تجيب قائلة: «برامج الحماية التي تتواجد عربيا مفيدة ولكن ليست وحدها يجب أن تكون هناك سياسة اقتصادية منضبطة بزيادة الإنتاج ورفع الضرائب على الشرائح الأعلى، وأن تكون الحماية مرتبطة بدعم الاقتصاد، فمثلا الضمان الاجتماعي في أوروبا يوجه لدعم الشراء من مصانع معنية لجعل هناك قيمة مضافة».
خبيرة بالعمل الاجتماعي: لا بديل عنها قريباً
الدكتور هدى بدران، لا تنظر للحماية الاجتماعية عربيا، بمنظور إما تستمر أو توقف، مضيفة: «هذا الأمور تأخذ وقتها لتغييرها ولا بديل عنها في المستقبل القريب، ولو الدول العربية نسقت ودعمت بعضها البعض اقتصاديا واستثماريا بشكل أكبر وأوسع لن تحتاج شعوبها لبرامج حماية اجتماعية مستقبلا وسنرى إزدهارا».
دعوة لزيادة التمويل الدولي
وبرأي الدكتور خالد الشافعي، رئيس مركز العاصمة للدراسات والأبحاث الاقتصادية بمصر، فإن «المجتمع الدولي مطالب بدعم غير مسبوق لبرامج الحماية الاجتماعية خاصة في تلك الدول الخمس مصر والأردن والعراق ولبنان وفلسطين لتحقق نتائجها المرجوة في ظل احتمال استمرار المخاطر».