شهد اليورو تراجعًا طفيفًا أمام الدولار الأمريكي اليوم الاثنين، في وقت لا تزال الأسواق العالمية تراقب عن كثب تأثير سلسلة اجتماعات البنوك المركزية الأخيرة وهذه الاجتماعات دفعت الدولار إلى أعلى مستوى له منذ عامين، مع توقعات لمسارات متباينة لخفض أسعار الفائدة عالميًا في عام 2025، وفق تقرير رويترز.
وارتفع مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأمريكية مقابل ست عملات رئيسية، بنسبة 0.1% ليصل إلى 107.9. جاء هذا الارتفاع بعد أن فاجأ الاحتياطي الفيدرالي الأسواق بإعلانه عن مسار محسوب لخفض الفائدة، ما أدى إلى ارتفاع عوائد سندات الخزانة والدولار، بينما ألقى بظلاله على اقتصادات أخرى، خاصة الأسواق الناشئة.
بيانات التضخم الأمريكية، التي صدرت يوم الجمعة، أظهرت ارتفاعًا طفيفًا في الأسعار خلال الشهر الماضي، مما خفف بعض المخاوف بشأن وتيرة خفض الفائدة العام المقبل. ومع ذلك، يظل التضخم الأساسي السنوي، الذي يستثني الغذاء والطاقة، أعلى من هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2%.
تأثيرات على الأسواق العالمية
عززت الأسواق معنوياتها بعد تجنب إغلاق حكومي في الولايات المتحدة، حيث أقر الكونغرس ميزانية جديدة في اللحظات الأخيرة. وأشار محللو “سايدبنك” في مذكرة لهم إلى أن “المزاج العام في الأسواق المالية إيجابي هذا الصباح بفضل تجنب الإغلاق الحكومي”.
مع هذا، لا تزال توقعات خفض الفائدة تُبقي مؤشر الدولار قريبًا من أعلى مستوياته التي سجلها يوم الجمعة عند 108.54. في حين يتوقع المتداولون خفضًا بمقدار 38 نقطة أساس في أسعار الفائدة العام المقبل، وهو أقل من الخفض المتوقع بمقدار 50 نقطة أساس الذي أشار إليه الاحتياطي الفيدرالي.
تراجع اليورو بنسبة 0.12% إلى 1.0418 دولار، بعد أن انخفض في وقت سابق بنسبة 0.23%، مسجلًا أدنى مستوياته منذ نوفمبر. العملة الأوروبية الموحدة فقدت حوالي 15% من قيمتها أمام الدولار خلال الأشهر الثلاثة الماضية، مما يعكس التباينات في سياسات البنوك المركزية.
صرحت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد أن منطقة اليورو “تقترب للغاية” من تحقيق هدف التضخم المتوسط الأجل للبنك، مضيفة أن البنك قد يواصل خفض الفائدة إذا استمر التضخم في التراجع نحو الهدف البالغ 2%. تشير الأسواق إلى توقعات بخفض أسعار الفائدة من البنك المركزي الأوروبي بمقدار 125 نقطة أساس في العام المقبل.
الين الياباني: ضعف مستمر وتحذيرات من التدخل
بقي الين الياباني عند 156 مقابل الدولار، مما يثير احتمالية تدخل السلطات اليابانية في السوق. وقد ساهمت تصريحات محافظ بنك اليابان كازو أويدا التي خفضت احتمالات رفع الفائدة في الضغط على العملة اليابانية، التي سجلت أدنى مستوياتها في خمسة أشهر.
تعرض الين لضغوط كبيرة بسبب قوة الدولار والفجوة الواسعة في أسعار الفائدة، ليهبط بأكثر من 10% هذا العام، مواصلًا تراجعه للعام الرابع على التوالي. وأشار محللون إلى أن انخفاض السيولة مع اقتراب نهاية العام يزيد من مخاطر التحركات السريعة التي قد تدفع السلطات إلى التدخل.
في ظل الأسبوع الأخير من العام الذي يتسم عادةً بانخفاض أحجام التداول، يبدو أن الأسواق تستعد لعام 2025 بتوقعات متباينة. العملات الأخرى، مثل الدولار الأسترالي والنيوزيلندي، شهدت استقرارًا نسبيًا عند مستويات منخفضة، حيث بلغ الدولار الأسترالي 0.6263 دولار، بينما سجل الدولار النيوزيلندي 0.5659 دولار.
التحدي الأبرز يبقى في قدرة الأسواق على التكيف مع السياسات النقدية المتباينة للبنوك المركزية الكبرى. ومع دخول الاحتياطي الفيدرالي والبنك المركزي الأوروبي وبنك اليابان عام 2025 بمواقف متباينة تجاه الفائدة، ستظل العملات الرئيسية تواجه تقلبات كبيرة في الأسواق العالمية.