يضع رجل الأعمال “غوتام أداني” الهند أمام اختبار مالي حاسم، حيث قد تُجبر الحكومة على حث المصارف المحلية لدعم إمبراطوريته في البنية التحتية، عقب توجيه اتهامات جنائية له من قبل الولايات المتحدة. لكن هذا الدعم، إذا تحقق، سيكلف الهند ثمناً باهظاً.
وأداني، هو أحد أكبر المقترضين في خامس أكبر اقتصاد عالمي، يواجه تحديات كبيرة بعد أن زعمت السلطات الأمريكية أنه قام برشوة مسؤولين حكوميين في الهند من خلال شركة “أداني غرين إنرجي”، وهي واحدة من شركاته الـ11 المدرجة في مومباي، بما فيها الشركة الأم “أداني إنتربرايزس”، وفقا لما ورد في تقرير وكالة رويترز.
وقد نفت مجموعة أداني هذه الاتهامات ووصفتها بأنها “لا أساس لها”. مع ذلك، فإن احتواء التداعيات المالية لهذه الأزمة يبدو معقداً بسبب السيطرة المحكمة التي يمارسها أداني على جميع أعماله. وعلى الرغم من أن ديون المجموعة تضاعفت إلى 31 مليار دولار خلال السنوات الخمس الماضية، إلا أن احتياطاتها النقدية نمت بشكل أسرع، ووصلت إلى ما يعادل 21% من إجمالي ديونها حتى سبتمبر الماضي، مما يمنحها القدرة على سداد الفوائد والديون المستحقة لمدة تصل إلى 28 شهراً وفقاً لتقديراتها.
تتزايد شكوك المقرضين الدوليين تجاه المجموعة، حيث أغلقت الأسواق المالية العالمية، التي قدمت 23% من ديون أداني الحالية، أبوابها أمامه. وفي الأسبوع الماضي، ألغت “أداني غرين إنرجي” بيع سندات بقيمة 600 مليون دولار. وبالإضافة إلى ذلك، يمثل المقرضون الأجانب، مثل “باركليز” و”الإمارات دبي الوطني” و”ميزوهو”، حوالي 27% من القروض القائمة، ومن المحتمل أن يخفضوا حدود التمويل أو يطالبوا باسترداد القروض، أو يرفضوا تجديد التسهيلات الائتمانية.
على المستوى المحلي، قد تكون المؤسسات المصرفية الحكومية مثل “بنك الدولة الهندي” (SBI) أكثر استعداداً لدعم أداني مقارنة بالبنوك الخاصة مثل “بنك HDFC” و”بنك ICICI”، ولكن حتى البنوك الحكومية قد تتجنب تجاوز حدودها القصوى للتعرض. وفي الوقت نفسه، ستواجه مجموعة أداني ارتفاعاً في تكاليف الاقتراض، حيث أدى خفض التصنيفات الائتمانية إلى زيادة معدل الفائدة المتوقع إلى 10%، ما يعني تكلفة إضافية تبلغ حوالي 612 مليون دولار سنوياً، وهي تكلفة يمكن للمجموعة تحملها بفضل خططها المالية المحكمة.
رغم هذه التحديات، تتمتع المجموعة بقدرة تشغيلية قوية، حيث حققت أرباحاً تشغيلية (EBITDA) بلغت 10 مليارات دولار خلال العام الماضي، وهو ما يمكنها من الاستمرار في تنفيذ استثماراتها في مشاريع البنية التحتية مثل المطارات والخدمات اللوجستية والطاقة المتجددة. وإذا دعت الحاجة، يمكن أن تقلص أداني وتيرة نموها في مجالات أخرى مثل التعدين التجاري والمواد.
لكن الخطر الأكبر يتمثل في احتمال قيام حكومات أخرى، سواء داخل الهند أو خارجها، بمراجعة عقودها مع مجموعة أداني، ما قد يؤدي إلى تأخير أو تعطيل المشاريع. ورغم عدم ظهور مؤشرات على ذلك حتى الآن، فإن هناك إشارات إلى استمرار التدقيق، مثل إعلان وكالة أميركية تجري حالياً دراسة جدوى لمشروع ميناء تدعمه المجموعة في سريلانكا.
في ظل هذا المأزق، يترقب البعض موقف الحكومة الأميركية القادمة بقيادة الرئيس المنتخب دونالد ترامب، وسط آمال بأن تتجنب السعي لترحيل غوتام أداني. وعلى الجانب الآخر، قد يسعى أداني لتسوية تتيح له استعادة الوصول إلى الأسواق المالية العالمية.