تستعد شركة “بيكسل” الهندية لإطلاق أول شبكة خاصة للأقمار الصناعية في البلاد، في خطوة تشكل علامة فارقة في قطاع الفضاء الخاص الذي لا يزال في مراحله الأولى بالهند. ستطلق الشركة ثلاثة من أقمارها الصناعية الستة المزودة بتقنية التصوير الطيفي فائق الدقة على متن صاروخ من شركة “سبيس إكس” من ولاية كاليفورنيا. يُتوقع أن يتم وضع الأقمار الصناعية في مدار متزامن مع الشمس على ارتفاع يبلغ حوالي 550 كيلومترًا، بينما يُخطط لإطلاق الثلاثة الآخرين في الربع الثاني من العام الحالي، وفقا لوكالة رويترز.
هذه الخطوة تمثل إنجازًا كبيرًا ليس فقط لشركة “بيكسل” الناشئة، المدعومة من “جوجل”، بل أيضًا للصناعة الفضائية الهندية الخاصة. الشركة، التي تأسست قبل خمس سنوات، تهدف إلى استخدام تقنية التصوير الطيفي فائق الدقة، التي تتيح جمع بيانات مفصلة للغاية عبر مئات نطاقات الضوء، لخدمة قطاعات حيوية تشمل الزراعة، التعدين، مراقبة البيئة، والدفاع. التقنية الجديدة قادرة على تحسين إنتاجية المحاصيل، وتتبع الموارد، ومراقبة التسربات النفطية والحدود الوطنية بدقة تفوق التقنيات الحالية.
يتوقع أن تصل قيمة سوق تصوير الأقمار الصناعية إلى 19 مليار دولار بحلول عام 2029، مقارنة بقيمته الحالية التي تبلغ 4.3 مليار دولار. أشار أويس أحمد، المؤسس والمدير التنفيذي لشركة “بيكسل”، إلى أن تقنية التصوير الطيفي يمكن أن تستحوذ على ما بين 500 مليون إلى مليار دولار من هذه السوق، مع تحقيق إيرادات إضافية من تحليل البيانات. أحمد أكد أن شركته قد وقعت عقودًا مع حوالي 65 عميلًا، بما في ذلك شركات عالمية كبرى مثل “ريو تينتو” و”بريتيش بتروليوم”، بالإضافة إلى وزارة الزراعة الهندية، حيث بدأ بعض العملاء بالفعل في دفع مقابل بيانات الأقمار الصناعية التجريبية.
رغم الطموحات الكبيرة، تواجه “بيكسل” تحديات قوية في سوق الأقمار الصناعية العالمية، الذي تسيطر عليه الولايات المتحدة والصين. الولايات المتحدة تتصدر هذا المجال بفضل شركاتها الخاصة مثل “سبيس إكس” وعقودها الحكومية، في حين تواصل الصين تعزيز وجودها من خلال مبادرات مدعومة من الدولة وتوسعها السريع في الأقمار الصناعية ذات المدارات الأرضية المنخفضة. أما الهند، التي تمتلك قدرات فضائية متقدمة، فلا تزال تساهم بنسبة 2% فقط من السوق الفضائية التجارية العالمية. وتسعى الحكومة الهندية الآن لدعم الشركات الخاصة لزيادة هذه الحصة، بهدف تنمية القطاع الفضائي الهندي من 8 مليارات دولار إلى 44 مليار دولار بحلول عام 2030.
تأمل “بيكسل” في تجاوز هذه التحديات عبر كوكبة أقمارها الصناعية “فايرفلاي”، التي تتميز بدقة تصوير تصل إلى 5 أمتار وعرض تغطية يبلغ 40 كيلومترًا، مما يمنحها ميزة تنافسية على شركات مثل “كوفا سبيس” الفنلندية و”أوربيتال سايدكيك” الأميركية. إذا نجحت الشركة في تنفيذ خططها، فإنها قد تحقق نقلة نوعية للقطاع الفضائي الهندي، متجاوزة حتى القدرات الحالية لمنظمة أبحاث الفضاء الهندية “إيسرو” في مجال التصوير الطيفي.
تسعى “بيكسل” لتحقيق أول تواصل مع أقمارها الصناعية بعد حوالي ساعتين ونصف من الإطلاق، وتتوقع أن تصبح جاهزة لتوفير قدراتها التجارية الكاملة بحلول منتصف مارس. هذا الإطلاق لا يمثل فقط بداية شبكة الأقمار الصناعية الهندية الخاصة الأولى، بل أيضًا نقطة تحول لاقتصاد الفضاء الهندي نحو آفاق أوسع وفرص استثمارية أكبر في الأسواق العالمية.